جاءت معركة الموصل التي تشنها القوات العراقية مدعومة بميليشيات البشمرغة الكردية، وغطاء وقصف جوي امريكي لتسرق الاضواء من نظيرتها في حلب، وتقدم العذر للولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين والعرب لعدم فعل أي شيء في مواجهة القصف الروسي وتقدم القوات السورية في المدينة، واحيائها الشرقية على وجه الخصوص.

ولا نبالغ اذا قلنا ان جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، كان يعلم بموعد شن الهجوم على مدينة الموصل، وكذلك رئيسه باراك أوباما، وكل ما قيل عن انعقاد مجلس الامن القومي الأمريكي لبحث خيارات عسكرية في مواجهة القصف الروسي، كان مجرد قنابل دخان، وذرا للرماد في العيون.

أمريكا اعدت مسرحية التكاذب في حلب بذكاء شديد، وسوقتها وفصولها الى الحلفاء العرب بطريقة بارعة، من خلال إطلاق تصريحات تقول تارة بتسليح المعارضة السورية بأسلحة حديثة متطورة مثل صواريخ مضادة للطيران، وتارة أخرى بالاقدام على قصف مواقع للجيش السوري في جبل الثردة في دير الزور، وثالثة بعقد اجتماع في لندن (الاحد) بحضور وزراء خارجية كل من بريطانيا وتركيا والسعودية والامارات ومصر والاردن لبحث الملف السوري.

روسيا وحلفاؤها يعلمون جيدا بحقيقة قنابل الدخان الامريكية هذه، مثلما يعلمون ان الرئيس أوباما الذي تبنى سياسة كسب الوقت طوال السنوات الخمس الماضية من عمر الازمة السورية، لا يمكن ان يقدم على مواجهة عسكرية مع الروس، القوة العظمى الصاعدة، خاصة قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الامريكية.

ومن هنا سيظل الوزير كيري يبحث عن أفكار جديدة لوقف اطلاق النار في حلب، بينما تتقدم قوات الجيش السوري فيها بسرعة ملحوظة وبدعم جوي روسي، وبمعنى آخر غسل وزير الخارجية الامريكية يديه من حلب وبدأ ينظر الى الجهة الأخرى، ومعه وزراء الخارجية العرب الذين هرعوا لحضور اجتماع لندن معتقدين ان الخيار العسكري الأمريكي البريطاني سيكون على قمة جدول الاعمال، وان التدخل العسكري الأمريكي بات وشيكا جدا.

ستيفان دي ميستورا لم يكن نبيا، ولا هو من قارئي الغيب، عندما طرح مبادرته التي تتضمن استعداده بمصاحبة مقاتلي المعارضة المسلحة المحاصرين في حلب الشرقية، ومن ضمنهم انصار جبهة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، الى مكان آمن، ولكن هذه المبادرة قوبلت بالسخرية، وطالبت المعارضة السورية السياسية بكل فصائلها بأنهاء مهمته وفصله كمبعوث دولي، لانه منحاز، ويتبنى طروحات السلطات السورية.

نعتقد في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان مبادرة دي ميستورا هي افضل الخيارات في ظل التخلي الأمريكي والتركي والاوروبي عن حلب، والانشغال بالحرب الجديدة في الموصل.

لم يراهن احد في المنطقة على أمريكا الا وخسر في نهاية المطاف، جزئيا او كليا، ومن يكسب في البداية يكون مكسبه مؤقتا ولا يتمتع بصفة الديمومة، وهناك شواهد وادلة كثيرة في هذا المضمار لا نريد تكرار سردها مرة أخرى.

  • فريق ماسة
  • 2016-10-17
  • 5548
  • من الأرشيف

الامريكان وحلفاؤهم العرب والأتراك غسلوا أيديهم من ازمة حلب..

جاءت معركة الموصل التي تشنها القوات العراقية مدعومة بميليشيات البشمرغة الكردية، وغطاء وقصف جوي امريكي لتسرق الاضواء من نظيرتها في حلب، وتقدم العذر للولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين والعرب لعدم فعل أي شيء في مواجهة القصف الروسي وتقدم القوات السورية في المدينة، واحيائها الشرقية على وجه الخصوص. ولا نبالغ اذا قلنا ان جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، كان يعلم بموعد شن الهجوم على مدينة الموصل، وكذلك رئيسه باراك أوباما، وكل ما قيل عن انعقاد مجلس الامن القومي الأمريكي لبحث خيارات عسكرية في مواجهة القصف الروسي، كان مجرد قنابل دخان، وذرا للرماد في العيون. أمريكا اعدت مسرحية التكاذب في حلب بذكاء شديد، وسوقتها وفصولها الى الحلفاء العرب بطريقة بارعة، من خلال إطلاق تصريحات تقول تارة بتسليح المعارضة السورية بأسلحة حديثة متطورة مثل صواريخ مضادة للطيران، وتارة أخرى بالاقدام على قصف مواقع للجيش السوري في جبل الثردة في دير الزور، وثالثة بعقد اجتماع في لندن (الاحد) بحضور وزراء خارجية كل من بريطانيا وتركيا والسعودية والامارات ومصر والاردن لبحث الملف السوري. روسيا وحلفاؤها يعلمون جيدا بحقيقة قنابل الدخان الامريكية هذه، مثلما يعلمون ان الرئيس أوباما الذي تبنى سياسة كسب الوقت طوال السنوات الخمس الماضية من عمر الازمة السورية، لا يمكن ان يقدم على مواجهة عسكرية مع الروس، القوة العظمى الصاعدة، خاصة قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الامريكية. ومن هنا سيظل الوزير كيري يبحث عن أفكار جديدة لوقف اطلاق النار في حلب، بينما تتقدم قوات الجيش السوري فيها بسرعة ملحوظة وبدعم جوي روسي، وبمعنى آخر غسل وزير الخارجية الامريكية يديه من حلب وبدأ ينظر الى الجهة الأخرى، ومعه وزراء الخارجية العرب الذين هرعوا لحضور اجتماع لندن معتقدين ان الخيار العسكري الأمريكي البريطاني سيكون على قمة جدول الاعمال، وان التدخل العسكري الأمريكي بات وشيكا جدا. ستيفان دي ميستورا لم يكن نبيا، ولا هو من قارئي الغيب، عندما طرح مبادرته التي تتضمن استعداده بمصاحبة مقاتلي المعارضة المسلحة المحاصرين في حلب الشرقية، ومن ضمنهم انصار جبهة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، الى مكان آمن، ولكن هذه المبادرة قوبلت بالسخرية، وطالبت المعارضة السورية السياسية بكل فصائلها بأنهاء مهمته وفصله كمبعوث دولي، لانه منحاز، ويتبنى طروحات السلطات السورية. نعتقد في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان مبادرة دي ميستورا هي افضل الخيارات في ظل التخلي الأمريكي والتركي والاوروبي عن حلب، والانشغال بالحرب الجديدة في الموصل. لم يراهن احد في المنطقة على أمريكا الا وخسر في نهاية المطاف، جزئيا او كليا، ومن يكسب في البداية يكون مكسبه مؤقتا ولا يتمتع بصفة الديمومة، وهناك شواهد وادلة كثيرة في هذا المضمار لا نريد تكرار سردها مرة أخرى.

المصدر : الماسة السورية/ رأي اليوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة