تبدو الحرب على سورية بردا وسلاما على اسرائيل .. كما تبدو اسرائيل في ذكرى النكبة تحتفل بنكبات جديدات حلت بنا وهي تمني النفس بالبقاء الأبدي الذي صار في ظلال الاسلاميين أقرب من أي وقت مضى ..

 

 ولكن المحارب لايجد في الحرب الا وسيلة جديدة لاكتساب مهارات قتالية جديدة يتلقاها مباشرة من العدو .. فلايوجد هناك من يعلمك فن القتال الا عدو محترف ويكرهك ويسعى لقتلك ..لأنك ستجد نفسك مضطرا للنجاة بأن تجترح وسائل وأسلحة لهزيمته .. وربما تكون من أهم وسائل الصراع هي أن تلجا الى نفس تكتيك عدوك وحركته ونقلته ..كما في لعبة الشطرنج فقد تنجح في احباط تحرك الخصم اذا حركت نفس القطع التي يحركها ..

 

الصراع المرير في العقود الثلاثة الماضية الذي نأى فيه الجميع بنفسه كان خالصا بين طرفين لم يبق غيرهما وكانت المعركة محصورة بين اسرائيل ومحور المقاومة (ايران وسورية وحزب الله) .. فقد غاب العرب عن الصراع بين كامب ديفيد والجهاد في أفغانستان وحرب العراق وايران .. وغاب الاسلاميون وانشغلوا في كل الصراعات على السلطة .. وبقي هذا الثلاثي الصافي وحده الشوكة في حلق اسرائيل ومشروع الغرب الاستيطاني في فلسطين ..

 

الصراع الصعب والمعقد مع محور المقاومة دفع الاسرائيليين الى استعمال نفس السلاح الذي استعمله هذا المحور الذي تمكن من ادارة الصراع مع العدو عبر الفكرة الدينية الجهادية التي حلت بالتدريج محل الفكرة القومية عندما غاب العرب وصارت حتى تسمية الصراع بالصراع العربي الاسرائيلي غير دقيقة ولاتعكس الحقيقة .. بل هو صراع بين قوتين كل واحدة منهما تمثل النفي والضد الوجودي للآخر دون اللجوء الى توريات المفاهيم ومظلات الايديولوجيا .. واحدة تمثل ارادة الغرب الحديث الصلف وهي اسرائيل .. وواحدة تمثل خلاصة التاريخ القديم والجغرافيا للمنطقة وهي خليط بين ثمالة قومية عربية وجذر اسلامي أصيل التقيا وشكلا خليط حلم عرف لاحقا باسم محور المقاومة الذي لاهو عربي صرف ولاهو فارسي صرف ولا هو لاهوتي صرف ولاهو علماني صرف ..

 

ووجدت اسرائيل نفسها أمام سلاح خطير جدا وهو سلاح العقيدة الدينية الذي تم تحييده باخضاع مركز الثقل الاسلامي لحكم وهابي ملكي نأى بالمسلمين عن الجهاد ضد اسرائيل .. سلاح العقيدة الدينية شكّل رأس الرمح في المحور الناهض الذي جرد عليها عبر حزب الله الذي اجتذب حركة حماس والجهاد الاسلامي ..

 

ولجأ شارون الى حل معقد عندما كانت شوراع وقوافل الجنود في تل ابيب تتفجر بالاستشهاديين الفلسطينيين فيما كان شمالها تحت رحمة "مجاهدي" حزب الله .. فأينما نظر شارون وجد جنودا لله ورايات له تخفق على حدود اسرائيل بدل رايات الأحزاب القومية والعروبية التي تمزقت أو أخذها العرب أنفسهم بعيدا الى شط العرب ومعاهدات السلام .. وهنا لجأ شارون الى الاستعانة بتنظيم "القاعدة" عبر راعيته السرية وهي السعودية كما تقول حركة الأحداث اليوم .. فقد خبأ السعوديون قرشهم الأبيض ليوم اسرائيل الأسود .. اذ قامت القاعدة في ذروة الاندفاعة الفلسطينية وانتفاضتها ودون سابق انذار بغزوتي نيويورك وواشنطن في وقت اشتدت فيه الهجمات الفلسطينية على الاسرائيليين حتى فرغت الضفة الغربية من المستوطنين الذين كان يمكن رؤيتهم في اروربة (عائدين وليس لاجئين) ينتظرون نهاية الانتفاضة أو نهاية هيمنة اسرائيل ..

 

وتمكن شارون من ايقاف الانتفاضة الفلسطينية ووضع مكابح لها عبر غزوتي نيويورك وواشنطن نهاية عام 2001 بانتحاريي القاعدة والتي قال شارون من خلالهما للعالم "بأن من يفجر شوارع اسرائيل الآن هو من يفجر شوارع نيويورك أيضا .. أي الاسلاميون .. وعليكم بالانضمام الى حربنا على الارهاب الاسلامي المتمثل بالاسلاميين الفلسطينيين لدينا وبارهاب القاعدة لديكم ".. وبالفعل كانت العمليات الاستشهادية بلغت ذروتها عام 2001 (41 عملية) و2002 (47 عملية) بالقياس الى عام 2000 (5 عمليات فقط) .. وهنا بدأ العد التنازلي الكبير حيث تحول مزاج العالم الى مزاج معاد للعمليات الاستشهادية لأنها تشابهت مع أحداث نيويورك وقد تراجعت بحدة وتيرة العمليات الاستشهادية الفلسطينية منذ تلك اللحظة التي لجمت فيها بحكم أنها صارت مشوشة وتخشى جدا التباس عملياتها وعدم التفريق بينها وبين القاعدة ..

وكان شارون يفكر في نقل الضربة الموفقة الى حزب الله في الشمال .. وبدأ شارون في عملية معقدة بعد تعاقده مع القاعدة (والسعودية) وهي ركوب الذئب .. فبدلا من مواجهة الذئب وانتظاره في الكمائن وخوض الصراع معه واطلاق النار عليه .. عليك اما بامتطائه .. أو عليك بتربية ذئب يحرسك ويقاتل الذئب الذي تخشاه .. وعندها تنام قرير العين فالذئاب تنهش بعضها الى أن تموت وتتركك بسلام ..

 

الفكرة كانت جنونية وخطرة .. فليس من السهل مصادقة الذئب.. ولكن شارون فعلها وقتل "ذئاب" حماس التي لن تقبل بالترويض والتي لايؤمن جانبها وترك حماس بلا ذئابها عندما تخلص من جميع قادة الصف الأول بمن فيهم الشيخ أحمد ياسين ..

الا أن شارون رحل (أو سقط في غيبوبة طويلة) قبل أن ينهي المهمة .. والحق يقال بأنه كما كان قد فتح ثغرة الدفرسوار في سيناء (وفق اتفاق سري بين كيسنجر والسادات كما تشير المذكرات) وأنقذ اسرائيل في حرب يوم الغفران 1973 فانه فتح ثغرة الدفرسوار في الجدار الجهادي الاسلامي الذي رعاه وبناه حلف المقاومة .. وساعده على ذلك كما ستثبت الأيام والمذكرات تحالفه السري وتعاقده مع السعودية ودول الخليج المحتل على اعادة أدلجة وتجهيز القاعدة وبرمجتها ايديولوجيا ضد حلف المقاومة .. وبالفعل فقد كانت الأموال الخليجية -الممنوعة عن الفلسطينيين - بدأت بالتدفق السخي على الحركات الاسلامية المحلية التي حقنت بالمال والفكر الوهابي حتى سيطرت عليها وسلمتها جاهزة لاسرائيل التي أطلقت الذئاب على الذئاب كما صرنا نعرف ونسمي هذه الحروب بالحروب الذكية .. أو حروب الجيل الرابع .. فكان الربيع العربي ..الذي نامت فيه اسرائيل قريرة العين على صدى التكبيرات التي كانت تخشاها يوما فصارت التكبيرات بردا وسلاما على قلبها .. فالحرب الذكية أطلقت الحرب الغبية بين الأغبياء ..

 

شارون اعتمد على الضد النوعي أي أنه تلاعب بمشاعر المسلمين ليمارسوا الضغينة والكراهية ضد بعضهم في مستويات غير مسبوقة وأنه يمكن لمستوى الكراهية بين أخوين أن يجعلهما قابيل وهابيل .. وسينسى قابيل اسرائيل وهو يقاتل هابيل من أجل أنثى هي السلطة !!! .. وبالفعل بدل ان يتوحد المسلمون لقتال الاميركيين الذين قتلوا العراقيين أصيبوا بلوثة جنون وجعلوا يفتكون ببعضهم .. حتى حماس تركت أرض الجهاد وذهبت تتجول بسلاحها ومجاهديها على عواصم الشرق وتحتفل بمهرجانات الذئاب المسعورة في استانبول والقاهرة .. وحتى ابن بن لادن ترك ثأر أبيه وانضم الى حفل الجنون والكراهية والجهاد ضد الشيعة ..

 

السؤال اليوم هو: بعد أن بدأت الموجة الاسلامية تتعثر وتتخبط في المستنقع السوري الذي تورطت فيه وبدأ انكشاف طبيعتها الاستخباراتية الاميريكية الصهيونية .. بعد هذا هل اعطانا شارون سلاحا خطيرا يمكن استعماله ضد المجموعات الدينية وضد اسرائيل في نفس الوقت .. وهو الحرب الذكية .. أو حروب الجيل الرابع؟؟ أقصد هل المجتمع الصهيوني محصن من التناقضات وطريقة اللعب عليها؟؟ الجواب طبعا .. لا

 

كل المجتمعات مليئة بالتناقضات ولو قيض للشعب الاميريكي أو السويدي أو السويسري مئات المحطات الفضائية التي تحرضه على كل صغيرة وكبيرة وتفصل في تناقضاته العرقية والاثنية والطبقية وترسل السلاح النوعي الى كل قوى الفوضى والمخدرات وعصابات التهريب وعقد مجلس الأمن جلسات لتبرير جرائمهم ثم أرسلت قناصين الى كل المظاهرات .. لو حدث هذا لتراشق السويديون بصواريخ جهنم وتراشق الأميريكون بالسلاح النووي وليس بقذائف الهاون .. فالبشر بشر يخضعون لنفس الاستجابات البشرية وان بدرجات مختلفة ومحرضات مختلفة .. فالألمان استجابوا للدعوة النازية وهم شعب متعلم ومتحضر لكن الشوفينية الالمانية والتوق للثأر من نتائج الحرب العالمية الاولى التي ظلمت ألمانيا والتي تم فيها توجيه اللوم للصيارفة اليهود الذين رفضوا دعم الحكومة وتمويل الجيش في الحرب أوصلت هتلر الى حكم الرايخ بخطاب ناري وماكينة اعلامية شرسة .. والسويديون يضبطون اليوم موجة الكراهية ضد المسلمين ويتحكمون بجرعاتها كيلا تنفلت والا نهضت نازية سويدية ضد المسلمين.. ودفع المسلمون والمهاجرون دفعا الى أفران الغاز .. وأنا أتحدث عن تجربة ونقاشات مع نخب سويدية وأكاديمية جامعية كانت تقول دون تردد ان المسلمين عبء بغيض على المجتمع السويدي .. وفي هذا الكلام بذور داعشية ترفض الاختلاف مع الآخر وتخشاه وتحتاج تحريضا لتتحول الى ظاهرة عنف ..

 

واسرائيل ليست استثناء .. بل هناك وضع اجتماعي هش جدا وتناقضات عميقة وقلق خفي من كل شيء ..وهم في النهاية بشر لايتمتعون بتفوق من اي نوع .. واسطورة العقل اليهودي العبقري الذي لايقهر ولايقع في الفخاخ لاأساس لها من الصحة لأن الباحث المصري الشهير عبدالوهاب المسيري الباحث في اليهوديات والاجتماعيات اليهودية لفت النظر الى ان التفوق العقلي الاسرائيلي خرافة عربية وضحية بروباغاندا اسرائيلية لأن اليهودي هو ابن ثقافته وهو ينتج ماتنتجه الثقافة التي يعيش فيها بدليل غياب أي عبقري عربي يهودي بسبب أن الثقافة العربية انقطعت عن العطاء والفعالية منذ زمن بعيد وتركت عملية الابداع لغيرها من الثقافات الغربية التي ظهر فيها مفكرون يهود كجزء من الثقافة الغربية ليس لأنهم عباقرة يهود .. وفي هذه الثقافة الغربية يبرز العنصر العربي ايضا فهناك مئات الباحثين المتفوقين العرب الذين لم يظهروا في بيئاتهم الشرقية "الغبية" ..

 

وفي خلال وجودي الطويل في الغرب التقيت بيهود واسرائيليين بسبب ظروف دراستي وعملي وعرفتهم عن قرب ورأيت ضعفهم البشري وغباء متطرفيهم وحيرة علمانييهم وعبقرية نخبهم .. وأذكر أن شابا وفتاة اسرائيليين قدما زائرين الى مكان عملي ولاحظت أنهما قلقان جدا ويسألان عن جدية اندلاع حرب وصوابية الانتقال والاستقرار في الغرب .. وكان في ذلك الوقت السيد حسن نصرالله يتحدث عن الرد وفق معادلة (المطار بالمطار والعاصمة بالعاصمة) ..

السؤال من جديد وفي ذكرى النكبة وقيام دولة داعش اليهودية في فلسطين (اسرائيل): هل يكفي التزود بالصواريخ والقاذفات والسلاح الاستراتيجي لخلخلة الوجود الاسرائيلي؟؟ أعتقد أنه بعد تجربة الربيع العربي المثيرة يمكن الحديث عن سلاح الخلخلة الاجتماعية والجيل الرابع من الحروب الذكية حيث يمكن رصد أضعف الحلقات الاجتماعية في الكيان الاسرائيلي ومحاولة عزلها عن مجتمعها .. بل ان الشريحة الدينية اليهودية هي أضعف الحلقات على الاطلاق رغم انها الشريحة التي تبرر "الحق الاخلاقي والالهي" في وجود اسرائيل .. لكنها من حيث البنية الفكرية والاسطورية تنتمي الى كل البيئات الدينية المؤمنة بالغيبيات والتواصل مع الله مثل أي متدين أو داعشي أو وهابي أو اخونجي مهووس بالحاكمية في مجتمعاتنا .. الفارق هو أن دواعشنا تم الاشتغال عليها من قبل الاستخبارات العربية والغربية .. وعملت الفضائيات العربية الخليجية على تحضير البيئات الحاضنة لها .. التي صنعت الربيع المشؤوم .. أما دواعشهم فلاتزال عذراء لم يمسسها جهاز مخابرات ..

 

أنا لاأتخيل أن العملية سهلة لأنها تحتاج الى اعداد ودراسة وجهد وربما كان الشخص الوحيد الذي ركز على هذه النقطة هو السيد حسن نصرالله في خطاباته حيث تمكن أولا من انتزاع الثقة من الجمهور الاسرائيلي بما يقول .. ثم بدأ بهدم اليقين اليهودي بجدوى أو امكانية البقاء في بيت العنكبوت .. لأن عبارة بيت العنكبوت كانت موجهة باتجاهين .. واحد نحو جمهورنا وآخر نحو الجمهور الاسرائيلي الذي أصابته هذه العبارة في الصميم وقلب اليقين لأنها جاءت معززة بدليل تقهقر الجيش الاسرائيلي (جيش العنكبوت) .. ولعل العبارة التي قالها يوما هي التي يجب الاشتغال عليها وجعلها حقيقة ويقينا وقناعة بين الاسرائيليين هي ماقاله السيد حسن نصرالله يوما في توصبف دقيق جدا لاسرائيل: (ان اسرائيل ليست دولة بل هي جيش أقيمت له دولة !!) .. أي أن الاسرائيلي يعيش في ثكنة كبيرة ليس من أجل اسرائيل بل من أجل المشروع الغربي الذي ان تخلى عن المشروع جعل اسرائيل في مهب الريح كعصف مأكول .. وهو يجب أن يعيش في قلق وجودي الى الأبد لايستحق القتال من أجله والبقاء فيه .. تماما كما تم تصوير الجيوش العربية في الاعلام النفطي على أنها عدوة لشعوبها وهي من ممتلكات الحاكم .. والحروب هي حروب الحاكم .. فصار هناك جيش صدام وجيش الأسد وكتائب القذافي .. لينتقل المسلح الى قتل جنود بلاده لأنهم في عقله صاروا ينتمون الى ممتلكات عدوه وليسوا من ممتلكات الوطن ..

 

ولاشك أن التركيز على هذه الفكرة ونشرها لتكون ثقافة لدى الجمهور الاسرائيلي هي مهمة اعلام المقاومة الذي يجب عليه ايجاد وسائل ذكية لايصال الفكرة ونشر القناعات لتفكيك البنية الاجتماعية الاسرائيلية لأن فكرة أن اسرائيل هي (جيش اقيمت له دولة) من المهم أن يدركها العرب والمسلمون لكن من الأهم أن يدركها الاسرائيليون ويبحثوا عنها في نقاشاتهم ..

ان مراحل عمر الدولة لدى ابن خلدون هي جذر مفهوم حروب الجيل الرابع .. فعندما تتراجع العصبية والولاء المتشدد تنهار الدولة وتتفسخ مكوناتها .. والتطور الطبيعي هو تطور مديد تبرز فيه مشاكل وتناقضات المجتمع فيتحلل وتسقط الدولة .. ومهمة حروب الجيل الرابع هي دفع التحلل في المجتمع بشكل صناعي عبر دفع التناقضات الكبرى لتحل محل العصبية الكبرى ..

والاسرائيلي يجب أن يدفع للتفكير عن أن وظيفته في الاستيطان هي أن يكون حارسا للمصالح الغربية وأن الغرب ليس محفظة نقود تدفع له من أموال الضرائب الا لأنه موظف لحساب الغرب بوظيفة ناطور وهو يدفع الثمن دما وقلقا .. وهنا ستجد شرائح ممتعضة في اسرائيل ماتتلقفه من هذا الكلام وتتداوله مثلما يتداول العرب مفاهيم اسرائيلية بسبب غضبهم من حكوماتهم وستتغلب هذه الأفكار على تخديره بفكرة أنه مهدد في أمنه الوجودي اذا لم يحارب العرب وينتصر دوما وهي الفكرة التي يتم تدريسها في المدارس لانتاج أجيال من القلقين الاسرائيليين الذين سيقاتلون الى النهاية لأنه ليس لديهم خيار آخر الا الموت .. لكن الموت عندما يتحول الى موت من أجل الغرب (حيث أن اسرائيل ناطور يدفع ثمنا لوجوده) قد يؤدي الى تراخي العصبية اليهودية .. وعلينا أن نتذكر أن ايغال عامير هو اليهودي المتطرف الذي قتل بالرصاص اليهودي اسحاق رابين بسبب اختلاف رؤيته للسلام وتسليم الارض المقدسة للفلسطينيين .. ايغال عامير هو يهودي .. ولكنه قتل يهوديا كما يقتل المسلمون المسلمين اليوم بسبب تحريض وخلاف على الرأي ..

 

لاأعرف عن أي نشاط على شبكات التواصل لاختراق المجتمع الاسرائيلي ربما بسبب الجهل باللغة العبرية ولكن أعرف شيئين .. الأول هو ان الاسرائيليين يتعلمون اللغة العربية في مدارسهم وهم نشيطون جدا في شبكات التواصل العربية وبعضهم مكلف بمهام نشر الاراء والثقافة التي تخلخل المجتمع العربي وقناعاته .. بعضهم مقنع باسم شيعي وبعضهم باسم سني وكلاهما يزيدان من مستويات الشتائم والكراهية .. وقد علمت من رجل مخابرات سوري أنه عثر على شبكة تواصل عربية يقودها اسرائيلي يقوم بالاتصال بمجموعة شباب عربي باسم عبد الحسين وبعد الظهر يعمل باسم زياد السني السوري المتطرف .. وهناك اسرائيليون يتواصلون بأسمائهم العبرية مع سذج عرب من باب الانفتاح والترفع عن السياسة للتواصل مع البشر .. ولكن الطرف الاسرائيلي يتواصل لغاية أخرى ..

 

الشيء الثاني الذي اعرفه ان هناك مجموعات تتبع حزب الله والجيش السوري الالكتروني تنشط في ذلك الاتجاه ولكن لست مطلعا على ماوصلت اليه من نتائج .. ولكن قد يفاجأ البعض اذا قلت انني في التسعينات التقيت ضابطا سوريا من اللاذقية كان يعمل في سلاح الاشارة وكان اختصاصه اللغة العبرية .. ولولا أن من قدمه لي كان شخصا لاأشك به لحسبته جاسوسا اسرائيليا .. فقد كان يتحدث العبرية بطلاقة ويستمع الى الاذاعة العبرية ويترجم لنا .. واذكر انه كان يعمل في احدى منشآت سلاح الاشارة في الغوطة الشرقية وكان يحدثني عن مشروعه الطموح لبناء وحدة على غرار المستعربين سماها (المستعبرين) أي الذين يندسون في أوساط يهودية وينشرون الشائعات .. وكان قد أحضر كثيرا من المراجع عن اليهود ومنها مراجع اسرائيلية تكفينا معرفتها أن نعرف كيف يفكر العقل اليهودي وماهي نقاط ضعفه ومفاصله الرئيسية .. وفي تلك الأيام كان العصر الذهبي للجزيرة القطرية .. وكان الضابط يسأل عن امكانية أن يتقدم أحد بمشروع لمحطة الجزيرة القطرية لاطلاق محطة ناطقة بالعبرية ..فهناك يهود اوروبيون معادون لاسرائيل يمكن الاستفادة منهم .. وهذه المحطة تعمل وفق هذا الخط بامكانات الجزيرة وتمويل العرب ؟؟؟ كان يعتقد أنه لايزال هناك عرب .. وأن الجزيرة محطة عربية .. فاذا بها محطة عبرية ناطقة بالعربية .. والاسرائيليون سبقوه الى المشروع والحلم ..

 

ولكن الذي حدث هو أن هذا المبنى التابع لسلاح الاشارة الالكتروني السوري قد عصفت به جماعات جيش الاسلام في الغوطة الشرقية واختفت كل محتوياته .. حتى ذلك الضابط الذكي لاأعرف مصيره حتى اليوم .. فربما هو أسير أو شهيد .. أو نقل الى اسرائيل مع كتبه ومشروعه كهدية من هدايا الثورة السورية وعربون صداقة قدمتها لاسرائيل كما فعلت بقتل طياري القاذفات الحديثة في حمص واغتيال مهندس الصواريخ السورية اللواء نبيل زغيب وعلماء الطاقة الذرية .. على الأقل هذا الحلم تركه هذا الضابط أمانة لنتابعه من بعده ..

 

  • فريق ماسة
  • 2016-05-19
  • 13979
  • من الأرشيف

هل تنطلق حروب الجيل الرابع ضد اسرائيل؟؟ متى يقتل اليهود اليهود ؟؟

تبدو الحرب على سورية بردا وسلاما على اسرائيل .. كما تبدو اسرائيل في ذكرى النكبة تحتفل بنكبات جديدات حلت بنا وهي تمني النفس بالبقاء الأبدي الذي صار في ظلال الاسلاميين أقرب من أي وقت مضى ..    ولكن المحارب لايجد في الحرب الا وسيلة جديدة لاكتساب مهارات قتالية جديدة يتلقاها مباشرة من العدو .. فلايوجد هناك من يعلمك فن القتال الا عدو محترف ويكرهك ويسعى لقتلك ..لأنك ستجد نفسك مضطرا للنجاة بأن تجترح وسائل وأسلحة لهزيمته .. وربما تكون من أهم وسائل الصراع هي أن تلجا الى نفس تكتيك عدوك وحركته ونقلته ..كما في لعبة الشطرنج فقد تنجح في احباط تحرك الخصم اذا حركت نفس القطع التي يحركها ..   الصراع المرير في العقود الثلاثة الماضية الذي نأى فيه الجميع بنفسه كان خالصا بين طرفين لم يبق غيرهما وكانت المعركة محصورة بين اسرائيل ومحور المقاومة (ايران وسورية وحزب الله) .. فقد غاب العرب عن الصراع بين كامب ديفيد والجهاد في أفغانستان وحرب العراق وايران .. وغاب الاسلاميون وانشغلوا في كل الصراعات على السلطة .. وبقي هذا الثلاثي الصافي وحده الشوكة في حلق اسرائيل ومشروع الغرب الاستيطاني في فلسطين ..   الصراع الصعب والمعقد مع محور المقاومة دفع الاسرائيليين الى استعمال نفس السلاح الذي استعمله هذا المحور الذي تمكن من ادارة الصراع مع العدو عبر الفكرة الدينية الجهادية التي حلت بالتدريج محل الفكرة القومية عندما غاب العرب وصارت حتى تسمية الصراع بالصراع العربي الاسرائيلي غير دقيقة ولاتعكس الحقيقة .. بل هو صراع بين قوتين كل واحدة منهما تمثل النفي والضد الوجودي للآخر دون اللجوء الى توريات المفاهيم ومظلات الايديولوجيا .. واحدة تمثل ارادة الغرب الحديث الصلف وهي اسرائيل .. وواحدة تمثل خلاصة التاريخ القديم والجغرافيا للمنطقة وهي خليط بين ثمالة قومية عربية وجذر اسلامي أصيل التقيا وشكلا خليط حلم عرف لاحقا باسم محور المقاومة الذي لاهو عربي صرف ولاهو فارسي صرف ولا هو لاهوتي صرف ولاهو علماني صرف ..   ووجدت اسرائيل نفسها أمام سلاح خطير جدا وهو سلاح العقيدة الدينية الذي تم تحييده باخضاع مركز الثقل الاسلامي لحكم وهابي ملكي نأى بالمسلمين عن الجهاد ضد اسرائيل .. سلاح العقيدة الدينية شكّل رأس الرمح في المحور الناهض الذي جرد عليها عبر حزب الله الذي اجتذب حركة حماس والجهاد الاسلامي ..   ولجأ شارون الى حل معقد عندما كانت شوراع وقوافل الجنود في تل ابيب تتفجر بالاستشهاديين الفلسطينيين فيما كان شمالها تحت رحمة "مجاهدي" حزب الله .. فأينما نظر شارون وجد جنودا لله ورايات له تخفق على حدود اسرائيل بدل رايات الأحزاب القومية والعروبية التي تمزقت أو أخذها العرب أنفسهم بعيدا الى شط العرب ومعاهدات السلام .. وهنا لجأ شارون الى الاستعانة بتنظيم "القاعدة" عبر راعيته السرية وهي السعودية كما تقول حركة الأحداث اليوم .. فقد خبأ السعوديون قرشهم الأبيض ليوم اسرائيل الأسود .. اذ قامت القاعدة في ذروة الاندفاعة الفلسطينية وانتفاضتها ودون سابق انذار بغزوتي نيويورك وواشنطن في وقت اشتدت فيه الهجمات الفلسطينية على الاسرائيليين حتى فرغت الضفة الغربية من المستوطنين الذين كان يمكن رؤيتهم في اروربة (عائدين وليس لاجئين) ينتظرون نهاية الانتفاضة أو نهاية هيمنة اسرائيل ..   وتمكن شارون من ايقاف الانتفاضة الفلسطينية ووضع مكابح لها عبر غزوتي نيويورك وواشنطن نهاية عام 2001 بانتحاريي القاعدة والتي قال شارون من خلالهما للعالم "بأن من يفجر شوارع اسرائيل الآن هو من يفجر شوارع نيويورك أيضا .. أي الاسلاميون .. وعليكم بالانضمام الى حربنا على الارهاب الاسلامي المتمثل بالاسلاميين الفلسطينيين لدينا وبارهاب القاعدة لديكم ".. وبالفعل كانت العمليات الاستشهادية بلغت ذروتها عام 2001 (41 عملية) و2002 (47 عملية) بالقياس الى عام 2000 (5 عمليات فقط) .. وهنا بدأ العد التنازلي الكبير حيث تحول مزاج العالم الى مزاج معاد للعمليات الاستشهادية لأنها تشابهت مع أحداث نيويورك وقد تراجعت بحدة وتيرة العمليات الاستشهادية الفلسطينية منذ تلك اللحظة التي لجمت فيها بحكم أنها صارت مشوشة وتخشى جدا التباس عملياتها وعدم التفريق بينها وبين القاعدة .. وكان شارون يفكر في نقل الضربة الموفقة الى حزب الله في الشمال .. وبدأ شارون في عملية معقدة بعد تعاقده مع القاعدة (والسعودية) وهي ركوب الذئب .. فبدلا من مواجهة الذئب وانتظاره في الكمائن وخوض الصراع معه واطلاق النار عليه .. عليك اما بامتطائه .. أو عليك بتربية ذئب يحرسك ويقاتل الذئب الذي تخشاه .. وعندها تنام قرير العين فالذئاب تنهش بعضها الى أن تموت وتتركك بسلام ..   الفكرة كانت جنونية وخطرة .. فليس من السهل مصادقة الذئب.. ولكن شارون فعلها وقتل "ذئاب" حماس التي لن تقبل بالترويض والتي لايؤمن جانبها وترك حماس بلا ذئابها عندما تخلص من جميع قادة الصف الأول بمن فيهم الشيخ أحمد ياسين .. الا أن شارون رحل (أو سقط في غيبوبة طويلة) قبل أن ينهي المهمة .. والحق يقال بأنه كما كان قد فتح ثغرة الدفرسوار في سيناء (وفق اتفاق سري بين كيسنجر والسادات كما تشير المذكرات) وأنقذ اسرائيل في حرب يوم الغفران 1973 فانه فتح ثغرة الدفرسوار في الجدار الجهادي الاسلامي الذي رعاه وبناه حلف المقاومة .. وساعده على ذلك كما ستثبت الأيام والمذكرات تحالفه السري وتعاقده مع السعودية ودول الخليج المحتل على اعادة أدلجة وتجهيز القاعدة وبرمجتها ايديولوجيا ضد حلف المقاومة .. وبالفعل فقد كانت الأموال الخليجية -الممنوعة عن الفلسطينيين - بدأت بالتدفق السخي على الحركات الاسلامية المحلية التي حقنت بالمال والفكر الوهابي حتى سيطرت عليها وسلمتها جاهزة لاسرائيل التي أطلقت الذئاب على الذئاب كما صرنا نعرف ونسمي هذه الحروب بالحروب الذكية .. أو حروب الجيل الرابع .. فكان الربيع العربي ..الذي نامت فيه اسرائيل قريرة العين على صدى التكبيرات التي كانت تخشاها يوما فصارت التكبيرات بردا وسلاما على قلبها .. فالحرب الذكية أطلقت الحرب الغبية بين الأغبياء ..   شارون اعتمد على الضد النوعي أي أنه تلاعب بمشاعر المسلمين ليمارسوا الضغينة والكراهية ضد بعضهم في مستويات غير مسبوقة وأنه يمكن لمستوى الكراهية بين أخوين أن يجعلهما قابيل وهابيل .. وسينسى قابيل اسرائيل وهو يقاتل هابيل من أجل أنثى هي السلطة !!! .. وبالفعل بدل ان يتوحد المسلمون لقتال الاميركيين الذين قتلوا العراقيين أصيبوا بلوثة جنون وجعلوا يفتكون ببعضهم .. حتى حماس تركت أرض الجهاد وذهبت تتجول بسلاحها ومجاهديها على عواصم الشرق وتحتفل بمهرجانات الذئاب المسعورة في استانبول والقاهرة .. وحتى ابن بن لادن ترك ثأر أبيه وانضم الى حفل الجنون والكراهية والجهاد ضد الشيعة ..   السؤال اليوم هو: بعد أن بدأت الموجة الاسلامية تتعثر وتتخبط في المستنقع السوري الذي تورطت فيه وبدأ انكشاف طبيعتها الاستخباراتية الاميريكية الصهيونية .. بعد هذا هل اعطانا شارون سلاحا خطيرا يمكن استعماله ضد المجموعات الدينية وضد اسرائيل في نفس الوقت .. وهو الحرب الذكية .. أو حروب الجيل الرابع؟؟ أقصد هل المجتمع الصهيوني محصن من التناقضات وطريقة اللعب عليها؟؟ الجواب طبعا .. لا   كل المجتمعات مليئة بالتناقضات ولو قيض للشعب الاميريكي أو السويدي أو السويسري مئات المحطات الفضائية التي تحرضه على كل صغيرة وكبيرة وتفصل في تناقضاته العرقية والاثنية والطبقية وترسل السلاح النوعي الى كل قوى الفوضى والمخدرات وعصابات التهريب وعقد مجلس الأمن جلسات لتبرير جرائمهم ثم أرسلت قناصين الى كل المظاهرات .. لو حدث هذا لتراشق السويديون بصواريخ جهنم وتراشق الأميريكون بالسلاح النووي وليس بقذائف الهاون .. فالبشر بشر يخضعون لنفس الاستجابات البشرية وان بدرجات مختلفة ومحرضات مختلفة .. فالألمان استجابوا للدعوة النازية وهم شعب متعلم ومتحضر لكن الشوفينية الالمانية والتوق للثأر من نتائج الحرب العالمية الاولى التي ظلمت ألمانيا والتي تم فيها توجيه اللوم للصيارفة اليهود الذين رفضوا دعم الحكومة وتمويل الجيش في الحرب أوصلت هتلر الى حكم الرايخ بخطاب ناري وماكينة اعلامية شرسة .. والسويديون يضبطون اليوم موجة الكراهية ضد المسلمين ويتحكمون بجرعاتها كيلا تنفلت والا نهضت نازية سويدية ضد المسلمين.. ودفع المسلمون والمهاجرون دفعا الى أفران الغاز .. وأنا أتحدث عن تجربة ونقاشات مع نخب سويدية وأكاديمية جامعية كانت تقول دون تردد ان المسلمين عبء بغيض على المجتمع السويدي .. وفي هذا الكلام بذور داعشية ترفض الاختلاف مع الآخر وتخشاه وتحتاج تحريضا لتتحول الى ظاهرة عنف ..   واسرائيل ليست استثناء .. بل هناك وضع اجتماعي هش جدا وتناقضات عميقة وقلق خفي من كل شيء ..وهم في النهاية بشر لايتمتعون بتفوق من اي نوع .. واسطورة العقل اليهودي العبقري الذي لايقهر ولايقع في الفخاخ لاأساس لها من الصحة لأن الباحث المصري الشهير عبدالوهاب المسيري الباحث في اليهوديات والاجتماعيات اليهودية لفت النظر الى ان التفوق العقلي الاسرائيلي خرافة عربية وضحية بروباغاندا اسرائيلية لأن اليهودي هو ابن ثقافته وهو ينتج ماتنتجه الثقافة التي يعيش فيها بدليل غياب أي عبقري عربي يهودي بسبب أن الثقافة العربية انقطعت عن العطاء والفعالية منذ زمن بعيد وتركت عملية الابداع لغيرها من الثقافات الغربية التي ظهر فيها مفكرون يهود كجزء من الثقافة الغربية ليس لأنهم عباقرة يهود .. وفي هذه الثقافة الغربية يبرز العنصر العربي ايضا فهناك مئات الباحثين المتفوقين العرب الذين لم يظهروا في بيئاتهم الشرقية "الغبية" ..   وفي خلال وجودي الطويل في الغرب التقيت بيهود واسرائيليين بسبب ظروف دراستي وعملي وعرفتهم عن قرب ورأيت ضعفهم البشري وغباء متطرفيهم وحيرة علمانييهم وعبقرية نخبهم .. وأذكر أن شابا وفتاة اسرائيليين قدما زائرين الى مكان عملي ولاحظت أنهما قلقان جدا ويسألان عن جدية اندلاع حرب وصوابية الانتقال والاستقرار في الغرب .. وكان في ذلك الوقت السيد حسن نصرالله يتحدث عن الرد وفق معادلة (المطار بالمطار والعاصمة بالعاصمة) .. السؤال من جديد وفي ذكرى النكبة وقيام دولة داعش اليهودية في فلسطين (اسرائيل): هل يكفي التزود بالصواريخ والقاذفات والسلاح الاستراتيجي لخلخلة الوجود الاسرائيلي؟؟ أعتقد أنه بعد تجربة الربيع العربي المثيرة يمكن الحديث عن سلاح الخلخلة الاجتماعية والجيل الرابع من الحروب الذكية حيث يمكن رصد أضعف الحلقات الاجتماعية في الكيان الاسرائيلي ومحاولة عزلها عن مجتمعها .. بل ان الشريحة الدينية اليهودية هي أضعف الحلقات على الاطلاق رغم انها الشريحة التي تبرر "الحق الاخلاقي والالهي" في وجود اسرائيل .. لكنها من حيث البنية الفكرية والاسطورية تنتمي الى كل البيئات الدينية المؤمنة بالغيبيات والتواصل مع الله مثل أي متدين أو داعشي أو وهابي أو اخونجي مهووس بالحاكمية في مجتمعاتنا .. الفارق هو أن دواعشنا تم الاشتغال عليها من قبل الاستخبارات العربية والغربية .. وعملت الفضائيات العربية الخليجية على تحضير البيئات الحاضنة لها .. التي صنعت الربيع المشؤوم .. أما دواعشهم فلاتزال عذراء لم يمسسها جهاز مخابرات ..   أنا لاأتخيل أن العملية سهلة لأنها تحتاج الى اعداد ودراسة وجهد وربما كان الشخص الوحيد الذي ركز على هذه النقطة هو السيد حسن نصرالله في خطاباته حيث تمكن أولا من انتزاع الثقة من الجمهور الاسرائيلي بما يقول .. ثم بدأ بهدم اليقين اليهودي بجدوى أو امكانية البقاء في بيت العنكبوت .. لأن عبارة بيت العنكبوت كانت موجهة باتجاهين .. واحد نحو جمهورنا وآخر نحو الجمهور الاسرائيلي الذي أصابته هذه العبارة في الصميم وقلب اليقين لأنها جاءت معززة بدليل تقهقر الجيش الاسرائيلي (جيش العنكبوت) .. ولعل العبارة التي قالها يوما هي التي يجب الاشتغال عليها وجعلها حقيقة ويقينا وقناعة بين الاسرائيليين هي ماقاله السيد حسن نصرالله يوما في توصبف دقيق جدا لاسرائيل: (ان اسرائيل ليست دولة بل هي جيش أقيمت له دولة !!) .. أي أن الاسرائيلي يعيش في ثكنة كبيرة ليس من أجل اسرائيل بل من أجل المشروع الغربي الذي ان تخلى عن المشروع جعل اسرائيل في مهب الريح كعصف مأكول .. وهو يجب أن يعيش في قلق وجودي الى الأبد لايستحق القتال من أجله والبقاء فيه .. تماما كما تم تصوير الجيوش العربية في الاعلام النفطي على أنها عدوة لشعوبها وهي من ممتلكات الحاكم .. والحروب هي حروب الحاكم .. فصار هناك جيش صدام وجيش الأسد وكتائب القذافي .. لينتقل المسلح الى قتل جنود بلاده لأنهم في عقله صاروا ينتمون الى ممتلكات عدوه وليسوا من ممتلكات الوطن ..   ولاشك أن التركيز على هذه الفكرة ونشرها لتكون ثقافة لدى الجمهور الاسرائيلي هي مهمة اعلام المقاومة الذي يجب عليه ايجاد وسائل ذكية لايصال الفكرة ونشر القناعات لتفكيك البنية الاجتماعية الاسرائيلية لأن فكرة أن اسرائيل هي (جيش اقيمت له دولة) من المهم أن يدركها العرب والمسلمون لكن من الأهم أن يدركها الاسرائيليون ويبحثوا عنها في نقاشاتهم .. ان مراحل عمر الدولة لدى ابن خلدون هي جذر مفهوم حروب الجيل الرابع .. فعندما تتراجع العصبية والولاء المتشدد تنهار الدولة وتتفسخ مكوناتها .. والتطور الطبيعي هو تطور مديد تبرز فيه مشاكل وتناقضات المجتمع فيتحلل وتسقط الدولة .. ومهمة حروب الجيل الرابع هي دفع التحلل في المجتمع بشكل صناعي عبر دفع التناقضات الكبرى لتحل محل العصبية الكبرى .. والاسرائيلي يجب أن يدفع للتفكير عن أن وظيفته في الاستيطان هي أن يكون حارسا للمصالح الغربية وأن الغرب ليس محفظة نقود تدفع له من أموال الضرائب الا لأنه موظف لحساب الغرب بوظيفة ناطور وهو يدفع الثمن دما وقلقا .. وهنا ستجد شرائح ممتعضة في اسرائيل ماتتلقفه من هذا الكلام وتتداوله مثلما يتداول العرب مفاهيم اسرائيلية بسبب غضبهم من حكوماتهم وستتغلب هذه الأفكار على تخديره بفكرة أنه مهدد في أمنه الوجودي اذا لم يحارب العرب وينتصر دوما وهي الفكرة التي يتم تدريسها في المدارس لانتاج أجيال من القلقين الاسرائيليين الذين سيقاتلون الى النهاية لأنه ليس لديهم خيار آخر الا الموت .. لكن الموت عندما يتحول الى موت من أجل الغرب (حيث أن اسرائيل ناطور يدفع ثمنا لوجوده) قد يؤدي الى تراخي العصبية اليهودية .. وعلينا أن نتذكر أن ايغال عامير هو اليهودي المتطرف الذي قتل بالرصاص اليهودي اسحاق رابين بسبب اختلاف رؤيته للسلام وتسليم الارض المقدسة للفلسطينيين .. ايغال عامير هو يهودي .. ولكنه قتل يهوديا كما يقتل المسلمون المسلمين اليوم بسبب تحريض وخلاف على الرأي ..   لاأعرف عن أي نشاط على شبكات التواصل لاختراق المجتمع الاسرائيلي ربما بسبب الجهل باللغة العبرية ولكن أعرف شيئين .. الأول هو ان الاسرائيليين يتعلمون اللغة العربية في مدارسهم وهم نشيطون جدا في شبكات التواصل العربية وبعضهم مكلف بمهام نشر الاراء والثقافة التي تخلخل المجتمع العربي وقناعاته .. بعضهم مقنع باسم شيعي وبعضهم باسم سني وكلاهما يزيدان من مستويات الشتائم والكراهية .. وقد علمت من رجل مخابرات سوري أنه عثر على شبكة تواصل عربية يقودها اسرائيلي يقوم بالاتصال بمجموعة شباب عربي باسم عبد الحسين وبعد الظهر يعمل باسم زياد السني السوري المتطرف .. وهناك اسرائيليون يتواصلون بأسمائهم العبرية مع سذج عرب من باب الانفتاح والترفع عن السياسة للتواصل مع البشر .. ولكن الطرف الاسرائيلي يتواصل لغاية أخرى ..   الشيء الثاني الذي اعرفه ان هناك مجموعات تتبع حزب الله والجيش السوري الالكتروني تنشط في ذلك الاتجاه ولكن لست مطلعا على ماوصلت اليه من نتائج .. ولكن قد يفاجأ البعض اذا قلت انني في التسعينات التقيت ضابطا سوريا من اللاذقية كان يعمل في سلاح الاشارة وكان اختصاصه اللغة العبرية .. ولولا أن من قدمه لي كان شخصا لاأشك به لحسبته جاسوسا اسرائيليا .. فقد كان يتحدث العبرية بطلاقة ويستمع الى الاذاعة العبرية ويترجم لنا .. واذكر انه كان يعمل في احدى منشآت سلاح الاشارة في الغوطة الشرقية وكان يحدثني عن مشروعه الطموح لبناء وحدة على غرار المستعربين سماها (المستعبرين) أي الذين يندسون في أوساط يهودية وينشرون الشائعات .. وكان قد أحضر كثيرا من المراجع عن اليهود ومنها مراجع اسرائيلية تكفينا معرفتها أن نعرف كيف يفكر العقل اليهودي وماهي نقاط ضعفه ومفاصله الرئيسية .. وفي تلك الأيام كان العصر الذهبي للجزيرة القطرية .. وكان الضابط يسأل عن امكانية أن يتقدم أحد بمشروع لمحطة الجزيرة القطرية لاطلاق محطة ناطقة بالعبرية ..فهناك يهود اوروبيون معادون لاسرائيل يمكن الاستفادة منهم .. وهذه المحطة تعمل وفق هذا الخط بامكانات الجزيرة وتمويل العرب ؟؟؟ كان يعتقد أنه لايزال هناك عرب .. وأن الجزيرة محطة عربية .. فاذا بها محطة عبرية ناطقة بالعربية .. والاسرائيليون سبقوه الى المشروع والحلم ..   ولكن الذي حدث هو أن هذا المبنى التابع لسلاح الاشارة الالكتروني السوري قد عصفت به جماعات جيش الاسلام في الغوطة الشرقية واختفت كل محتوياته .. حتى ذلك الضابط الذكي لاأعرف مصيره حتى اليوم .. فربما هو أسير أو شهيد .. أو نقل الى اسرائيل مع كتبه ومشروعه كهدية من هدايا الثورة السورية وعربون صداقة قدمتها لاسرائيل كما فعلت بقتل طياري القاذفات الحديثة في حمص واغتيال مهندس الصواريخ السورية اللواء نبيل زغيب وعلماء الطاقة الذرية .. على الأقل هذا الحلم تركه هذا الضابط أمانة لنتابعه من بعده ..  

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة