دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
نجح الجيش السوري، أمس، في تقسيم الغوطة الشرقية بريف دمشق إلى قسمين منفصلين، من خلال بسط سيطرته على قرية بالا القديمة، بعد أسابيع طويلة من معارك الكر والفر حولها.
ويأتي هذا الانجاز في إطار خطة لطالما اتبعها الجيش السوري في العديد من المناطق الأخرى، تقوم على أساس تقطيع الأوصال وتقسيم مناطق سيطرة المسلحين إلى أجزاء صغيرة تسهل محاصرتها أو عملية اقتحامها.
في غضون ذلك، أقرّ الشيخ عبد المنعم زين الدين، وهو المتحدث الرسمي باسم «مبادرة واعتصموا» و «منسق عام بين الفصائل» كما يقدم نفسه إعلامياً، وأحد أبرز «الشرعيين المستقلين» ممن تربطهم علاقات واسعة مع مختلف التنظيمات الإسلامية وغير الإسلامية، بمسؤولية الفصائل المسلحة عن قصف مدينة حلب، وإيقاع ضحايا في صفوف المدنيين. وطالب في تدوينة له، على حسابه الرسمي على «تويتر»، أن «يتركز القصف على الريف الشمالي والجنوبي والمطار وطرق الإمداد»، مشدداً على «وجوب الابتعاد عن قصف مقاره المتمركزة بين المدنيين».
وفي اعتراف صريح بالمسؤولية عن سقوط قتلى من المدنيين، قال زين الدين: «إذا كان القصف خطة لاقتحام المدينة، فنحن بحاجة لانغماسيين أكثر من حاجتنا لـ(سلاح) ثقيل يهدم البنيان، وقد لا يصيب (العدو) ويصيب بدلاً عنه المدنيين» حسب قوله. وقال عضو في «وحدات حماية الشعب» الكردية إن مسلحين استأنفوا قصف حي الشيخ مقصود الذي يسيطر عليه الأكراد.
وتعني سيطرةُ الجيش السوري على قرية بالا القديمة (العتيقة) قطعَ طريق حرستا القنطرة – بزينة، وهو آخر خط من خطوط الإمداد بين قسمي الغوطة الشمالي والجنوبي، وذلك بعد أن كان الجيش قد قطع بقية الخطوط في عمليات سابقة، أهمها قطع الطريق المؤدي إلى زبدين ودير العصافير. وكان الجيش قد أحدث خرقاً استراتيجياً على جبهة الغوطة الشرقية أواخر العام الماضي عندما استعاد السيطرة على منطقة المرج ومطارَيها في عملية نوعية مفاجئة.
وتقع قرية بالا في القسم الجنوبي من الغوطة الشرقية، تحيط بها قرية بزينة من الشرق وحتيتة الجرش من الغرب وجسرين من الشمال وزبدين جنوباً، وهي تعتبر امتداداً طبيعياً لمزارع منطقة المرج المتمثلة ببلدتي بزينة وحرستا القنطرة. لكن أهميتها تأتي من كونها تقع على طريق الغوطة الرئيسي، الذي يشكل خط الإمداد الأخير للفصائل المتمركزة في القسم الجنوبي وعلى رأسها «جبهة النصرة»، كما يمنع فصائل شمال الغوطة من الاستفادة من منتجات الأراضي الزراعية في القسم الجنوبي.
ويتألف القسم الجنوبي الذي طوّقه الجيش أخيراً، من بلدات دير العصافير وزبدين وبزينة والركابية والدوير وحرستا القنطرة وبالا ونولة. وهو معقل أساسي من معاقل «جبهة النصرة» التي دخلت مؤخراً في تحالف مع «جيش الأمة» و «أحرار الشام» حمل اسم «جيش الفسطاط».
وتعيش الغوطة الشرقية على وقع الخلافات المتأججة بين «جيش الإسلام» من جهة و «فيلق الرحمن» و «جيش الفسطاط» من جهة ثانية. ويثير تدهور العلاقة بين «جيش الإسلام» و «فيلق الرحمن» بشكل خاص مخاوف غالبية النشطاء من أن يؤدي إلى تجدد حروب الإلغاء التي شهدت الغوطة نماذج عدة منها في السنوات الماضية، كان بطلها جميعاً «جيش الإسلام» الذي لم يعد خافياً أنه يسعى إلى فرض هيمنته المطلقة على الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي. وقد صعّد الطرفان وتيرة الاتهامات المتبادلة بينهما، إذ بينما يتهم «الفيلق» «جيش الإسلام» بارتكاب عمليات الاغتيال التي طالت عدداً من قيادات الغوطة ومشايخها، بدأ «جيش الإسلام» بدعاية إعلامية تربط بين «الفيلق» وبين تنظيم «داعش»، وهي طريقة يتبعها «جيش الإسلام» تمهيداً للتخلص من خصومه، كما فعل سابقاً مع «جيش الأمة».
وغير بعيد عن أجواء التمهيد للصراع المحتمل بين الطرفين، تواصلت عمليات الاستقطاب في الغوطة الشرقية وبعض مناطق الريف الدمشقي، حيث أعلن «اللواء الأول»، المتمركز في مدينة القابون، عن اندماجه الكامل مع «فيلق الرحمن» وذلك بعد أسابيع من اندماج «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» معه.
من جهة أخرى، واصل الجيش السوري عملياته العسكرية في محيط مدينة الضمير بالقلمون الشرقي، واستعاد، أمس، السيطرة على «كتيبة بدر» جنوب مطار الضمير إثر اشتباكات عنيفة مع تنظيم «داعش». أما في تدمر، وسط البلاد، فقد تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوري وعناصر «داعش» في محيط قرية آراك والمحطة الثالثة، وكذلك في محيط منطقتي السكري وقصر الحلابات جنوب شرق تدمر.
المصدر :
الماسة السورية/ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة