هل ستزوّد واشنطن مقاتلي (المعارضة ) بصواريخ محمولة مضادة للطيران؟ كثرت التسريبات الإعلامية حول الأمر في الأيام الأخيرة، والمعلومات ما زالت تشير الى «إمكان وجود نيّة» لفعل ذلك. لماذا عاد الحديث عن تلك الأسلحة الآن وسط اقتراحات «خيالية» حول تعديلها قبل إرسالها؟

صباح أيوب

 بعد إسقاط مجموعات ارهابية أخيراً طائرة للجيش السوري، وبعد تسريبات إعلامية وصوراً بُثت من ميادين المعارك، عاد الحديث عن تسليح واشنطن مقاتلي المعارضة السورية بـ«منظومة أسلحة دفاع جوي محمولة» المعروفة بالتسمية المختصرة MANPADS.

 مسؤولون أميركيون وإقليميون أكّدوا قبل أسبوع لصحيفة «ذي وول ستريت جورنال» أنه سيجري تسليح المعارضة «المعتدلة» بـ «سلاح دفاعي أقوى» ضمن «خطة بديلة ستعتمدها «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إي) عند انهيار وقف اطلاق النار في سوريا»، من دون تحديد نوع ذلك السلاح. لكن، بعد يومين خرج متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ونفى لوكالة «سبوتتيك» الروسية أن يكون لدى واشنطن أي خطة بديلة سرّية، كالتي تحدّثت عنها مصادر «وول ستريت». ثم، نقلت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أول من أمس، عن مسؤولين أميركيين «تلميحهم» الى «إمكانية وجود نيّة» لدى واشنطن لتزويد المقاتلين المعارضين بالمضادات الدفاعية المحمولة تلك.

قضية الـ«مانپادس» تثير الجدل منذ سنتين داخل واشنطن وبينها وبين حلفائها، إذ إن الرئيس باراك أوباما ومسؤولين في إدارته كرروا سابقاً إنهم «يخشون أن تقع تلك الأسلحة بين أيدي المجموعات المتطرفة ما سيضع كل الطائرات الغربية حتى المدنية منها في مرمى نيرانهم»، لذا ترددوا في السماح بإرسالها للمقاتلين المعارضين. من جهة اخرى، أصّرت كل من السعودية وتركيا على تزويد المقاتلين بها خلال معظم جولات التنسيق مع واشنطن.

 «منظومة الدفاع المحمولة» تلك تتخذ أهمية كبيرة لكونها سهلة الحمل والنقل ويمكن أن تستخدم لإسقاط الطائرات، عنصر قوّة الجيش السوري وحليفه الروسي في المعارك. يقول بعض الخبراء العسكريين إن من شأن تلك المنظومة أن «تغيّر المعادلات الميدانية وتعدّل ميزان القوى لمصلحة من يقتنيها»، هؤلاء يذكّرون بأن «سي آي إي» زوّدت مقاتلي تنظيم «القاعدة» في أفغانستان بها لاستخدامها ضد الجيش السوفياتي في الثمانينيات «وحققوا بفضلها مكاسب كبيرة». وقد بقي عدد كبير من تلك الصواريخ بين أيدي المجموعات المتطرفة في أفغانستان وباكستان، وخصوصاً مع حركة «طالبان». وكانت قد استخدمت تلك المنظومة (التي خرجت الى العلن في الستينيات) من قبل مجموعات عديدة لإسقاط طائرات عسكرية ومدنية في بلدان مختلفة، وقد أُسقطت حوالى ٤٠ طائرة مدنية بواسطتها حتى يومنا.

لكن، لماذا كثرت التسريبات الرسمية الأخيرة حول نيّة واشنطن إرسال تلك المنظومة للمقاتلين «المعتدلين»؟ وما هو السيناريو الذي تحبكه الإدارة الأميركية و«سي آي إي» لتلك الخطوة إذا جرت في المستقبل؟ التسريبات الإعلامية تقول إن هناك احتمالاً بأن تكون واشنطن قد «عدّلت» تلك الأسلحة بشكل يسمح لها بالتحكّم في أهداف نيرانها. كيف؟ تقول بعض المصادر العسكرية لصحف ومواقع أميركية إن المهندسين العسكريين والمتخصصين في الأسلحة ربما تمكّنوا من «اختراع تقنيات تعرُّفٍ ما» تسمح لتلك الأسلحة بإطلاق النار على «الطيران المعادي فقط» دون سواه. لكنّ، متخصصين آخرين، نفوا إمكانية وجود تقنية كهذه، مؤكدين أن «ذلك السلاح لا يستطيع تمييز أهدافه وهو ينفذ فقط أوامر مستخدميه كيفما وجّهوه». تقرير «فورين بوليسي» الأخير ذكر مثلاً إمكانية «تجهيز الصواريخ بشرائح تعقّب تسمح بتعطيل عملها اذا وصلت الى مناطق خارجة عن سيطرة المعارضة» او حتى تزويدها بـ«ساعات تعطّل عملها بعد فترة معينة من الزمن» او «بشرائح الكترونية تتطلب كلمة سرّ لتشغيلها على ألّا يعطى الرمز السرّي سوى لقادة المعارضة الذين تثق بهم واشنطن». معظم المحللين العسكريين في تقرير «فورين بوليسي» وغيرها يصفون تلك الاقتراحات بـ«الخيالية» اذ «لم يجرِ بعد تطوير أي جهاز او تقنية من شأنها تحديد موقع تلك الصواريخ او تعطيل عملها». هؤلاء أكدوا أن على المهندسين اختراع نظام جديد بالكامل لتلك الصورايخ، فهي بتركيبتها الحالية «لا تسمح باعتماد اي من تلك التعديلات المذكورة على نظام عملها». فمثلاً، اقتراح «تحديد موقعها عبر نظام التحديد GPS» يتطلّب تمكين الصواريخ من الاتصال بثلاثة أقمار صناعية على الأقلّ لتحديد موقعها وتحميل المعلومات وهذا يستغرق حوالى ١٥ دقيقة فيما قدرة تحمّل بطارية الصاروخ لا تتعدى ٤٠ ثانية».

يُذكر أن الحديث عن اقتراحات للسيطرة على وجهة تلك المنظومة الدفاعية وضبط طرق استخدامها بدأ قبل عامين، عندما انتشرت معلومات عن إمكانية ربط الـ«مانپادس» بجهاز تحكّم (جي پي إس) GPS او حتى تزويده بجهاز ماسح للبصمات، بغية التأكد من هوية مستخدميه ووجهة استعماله. طبعاً أيّ من تلك «الاختراعات» والتعديلات لم تضَف إلى السلاح حتى الآن.

صواريخ صينية من السودان

تتضارب المعلومات حول طريقة اسقاط فصائل المعارضة الطائرات التابعة للجيش السوري. بعض تلك الفصائل تشير الى استخدام «مضادات دفاعية» والبعض الآخر يتحدّث عن اطلاق «صاروخ حراري أرض جو موجّه».

في معظم الصور التي انتشرت أخيراً للمسلحين في الميادين السورية يظهر سلاح مضاد للطائرات محمولاً على الكتف، كالسلاح الصيني من طراز «إف إن ٦» FN -6. وكانت صحيفة «ذي نيويورك تايمز» قد كشفت عام ٢٠١٣ عن صفقة سلاح بين قطر والسودان زوّدت المقاتلين المعارضين بأسلحة مضادة للطيران من صنع الصين، اشترتها قطر من السودان وأرسلتها الى المقاتلين المعارضين عبر تركيا.

  • فريق ماسة
  • 2016-04-22
  • 17441
  • من الأرشيف

تعديلات «جيمس بوندية» على الصواريخ: هل تزوّد واشنطن فصائلها بـ«مضاد للطائرات»؟

هل ستزوّد واشنطن مقاتلي (المعارضة ) بصواريخ محمولة مضادة للطيران؟ كثرت التسريبات الإعلامية حول الأمر في الأيام الأخيرة، والمعلومات ما زالت تشير الى «إمكان وجود نيّة» لفعل ذلك. لماذا عاد الحديث عن تلك الأسلحة الآن وسط اقتراحات «خيالية» حول تعديلها قبل إرسالها؟ صباح أيوب  بعد إسقاط مجموعات ارهابية أخيراً طائرة للجيش السوري، وبعد تسريبات إعلامية وصوراً بُثت من ميادين المعارك، عاد الحديث عن تسليح واشنطن مقاتلي المعارضة السورية بـ«منظومة أسلحة دفاع جوي محمولة» المعروفة بالتسمية المختصرة MANPADS.  مسؤولون أميركيون وإقليميون أكّدوا قبل أسبوع لصحيفة «ذي وول ستريت جورنال» أنه سيجري تسليح المعارضة «المعتدلة» بـ «سلاح دفاعي أقوى» ضمن «خطة بديلة ستعتمدها «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إي) عند انهيار وقف اطلاق النار في سوريا»، من دون تحديد نوع ذلك السلاح. لكن، بعد يومين خرج متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ونفى لوكالة «سبوتتيك» الروسية أن يكون لدى واشنطن أي خطة بديلة سرّية، كالتي تحدّثت عنها مصادر «وول ستريت». ثم، نقلت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أول من أمس، عن مسؤولين أميركيين «تلميحهم» الى «إمكانية وجود نيّة» لدى واشنطن لتزويد المقاتلين المعارضين بالمضادات الدفاعية المحمولة تلك. قضية الـ«مانپادس» تثير الجدل منذ سنتين داخل واشنطن وبينها وبين حلفائها، إذ إن الرئيس باراك أوباما ومسؤولين في إدارته كرروا سابقاً إنهم «يخشون أن تقع تلك الأسلحة بين أيدي المجموعات المتطرفة ما سيضع كل الطائرات الغربية حتى المدنية منها في مرمى نيرانهم»، لذا ترددوا في السماح بإرسالها للمقاتلين المعارضين. من جهة اخرى، أصّرت كل من السعودية وتركيا على تزويد المقاتلين بها خلال معظم جولات التنسيق مع واشنطن.  «منظومة الدفاع المحمولة» تلك تتخذ أهمية كبيرة لكونها سهلة الحمل والنقل ويمكن أن تستخدم لإسقاط الطائرات، عنصر قوّة الجيش السوري وحليفه الروسي في المعارك. يقول بعض الخبراء العسكريين إن من شأن تلك المنظومة أن «تغيّر المعادلات الميدانية وتعدّل ميزان القوى لمصلحة من يقتنيها»، هؤلاء يذكّرون بأن «سي آي إي» زوّدت مقاتلي تنظيم «القاعدة» في أفغانستان بها لاستخدامها ضد الجيش السوفياتي في الثمانينيات «وحققوا بفضلها مكاسب كبيرة». وقد بقي عدد كبير من تلك الصواريخ بين أيدي المجموعات المتطرفة في أفغانستان وباكستان، وخصوصاً مع حركة «طالبان». وكانت قد استخدمت تلك المنظومة (التي خرجت الى العلن في الستينيات) من قبل مجموعات عديدة لإسقاط طائرات عسكرية ومدنية في بلدان مختلفة، وقد أُسقطت حوالى ٤٠ طائرة مدنية بواسطتها حتى يومنا. لكن، لماذا كثرت التسريبات الرسمية الأخيرة حول نيّة واشنطن إرسال تلك المنظومة للمقاتلين «المعتدلين»؟ وما هو السيناريو الذي تحبكه الإدارة الأميركية و«سي آي إي» لتلك الخطوة إذا جرت في المستقبل؟ التسريبات الإعلامية تقول إن هناك احتمالاً بأن تكون واشنطن قد «عدّلت» تلك الأسلحة بشكل يسمح لها بالتحكّم في أهداف نيرانها. كيف؟ تقول بعض المصادر العسكرية لصحف ومواقع أميركية إن المهندسين العسكريين والمتخصصين في الأسلحة ربما تمكّنوا من «اختراع تقنيات تعرُّفٍ ما» تسمح لتلك الأسلحة بإطلاق النار على «الطيران المعادي فقط» دون سواه. لكنّ، متخصصين آخرين، نفوا إمكانية وجود تقنية كهذه، مؤكدين أن «ذلك السلاح لا يستطيع تمييز أهدافه وهو ينفذ فقط أوامر مستخدميه كيفما وجّهوه». تقرير «فورين بوليسي» الأخير ذكر مثلاً إمكانية «تجهيز الصواريخ بشرائح تعقّب تسمح بتعطيل عملها اذا وصلت الى مناطق خارجة عن سيطرة المعارضة» او حتى تزويدها بـ«ساعات تعطّل عملها بعد فترة معينة من الزمن» او «بشرائح الكترونية تتطلب كلمة سرّ لتشغيلها على ألّا يعطى الرمز السرّي سوى لقادة المعارضة الذين تثق بهم واشنطن». معظم المحللين العسكريين في تقرير «فورين بوليسي» وغيرها يصفون تلك الاقتراحات بـ«الخيالية» اذ «لم يجرِ بعد تطوير أي جهاز او تقنية من شأنها تحديد موقع تلك الصواريخ او تعطيل عملها». هؤلاء أكدوا أن على المهندسين اختراع نظام جديد بالكامل لتلك الصورايخ، فهي بتركيبتها الحالية «لا تسمح باعتماد اي من تلك التعديلات المذكورة على نظام عملها». فمثلاً، اقتراح «تحديد موقعها عبر نظام التحديد GPS» يتطلّب تمكين الصواريخ من الاتصال بثلاثة أقمار صناعية على الأقلّ لتحديد موقعها وتحميل المعلومات وهذا يستغرق حوالى ١٥ دقيقة فيما قدرة تحمّل بطارية الصاروخ لا تتعدى ٤٠ ثانية». يُذكر أن الحديث عن اقتراحات للسيطرة على وجهة تلك المنظومة الدفاعية وضبط طرق استخدامها بدأ قبل عامين، عندما انتشرت معلومات عن إمكانية ربط الـ«مانپادس» بجهاز تحكّم (جي پي إس) GPS او حتى تزويده بجهاز ماسح للبصمات، بغية التأكد من هوية مستخدميه ووجهة استعماله. طبعاً أيّ من تلك «الاختراعات» والتعديلات لم تضَف إلى السلاح حتى الآن. صواريخ صينية من السودان تتضارب المعلومات حول طريقة اسقاط فصائل المعارضة الطائرات التابعة للجيش السوري. بعض تلك الفصائل تشير الى استخدام «مضادات دفاعية» والبعض الآخر يتحدّث عن اطلاق «صاروخ حراري أرض جو موجّه». في معظم الصور التي انتشرت أخيراً للمسلحين في الميادين السورية يظهر سلاح مضاد للطائرات محمولاً على الكتف، كالسلاح الصيني من طراز «إف إن ٦» FN -6. وكانت صحيفة «ذي نيويورك تايمز» قد كشفت عام ٢٠١٣ عن صفقة سلاح بين قطر والسودان زوّدت المقاتلين المعارضين بأسلحة مضادة للطيران من صنع الصين، اشترتها قطر من السودان وأرسلتها الى المقاتلين المعارضين عبر تركيا.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة