دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
هو القيصر الذي يلعب بالرؤوس. حين كان الحديث يعلو حول معركة تدمر على انها لن تكون مقبرة لدبابات النظام فحسب، بل وللنظام نفسه لان الجيش سيكون مكشوفا في البادية.
لا سقف هناك سوى السماء. القاذفات الساحرات عدن الى بلادهن، والدخول الى الاحياء يعني مصرع مئات بل آلاف الجنود الذين يخوضون اول اختبار «حقيقي» مع تنظيم داعش، وانفاقه، وتحصيناته، وقنابله البشرية...
معارضون بارزون اشاعوا بل وصرحوا، وهم من النافخين في القِرَب او من النافخين في المقابر، بأن ما بعد معركة تدمر غير ما قبلها. الجيش السوري الذي حقق اختراقات دراماتيكية في ريف دمشق، وريف حلب، وريف اللاذقية، وريف درعا حين كانت «السوخوي» تبعثر قوات المعارضة، سيدمر وقد بات وحيدا، على ارض تدمر التي قد يكون اسمها مشتقا من الدمار.
ما حدث اشاع الحيرة، والقلق، لدى عرابي المعارضة.ماذا في رأس فلاديمير بوتين؟
قيل اكثر من ذلك، ان الرئيس الروسي اقنع جون كيري بأن اجتثاث «داعش» لا يمكن ان يتحقق الا بدور محوري للجيش السوري الذي يفترض ابقاؤه خارج ردهة المفاوضات في جنيف...
جهات ديبلوماسية اوروبية تردد ان بوتين قال لمحادثه الاميركي اذا ما تفكك الجيش السوري، تتفكك كل جيوش المنطقة، وصولا الى الجيش الباكستاني. القيادة روسية، مثل الاستخبارات الروسية، لا تفرق بين تنظيم داعش وتنظيم القاعدة، وصولا الى حركة «طالبان» وبوكو حرام...
بعد اقل من اسبوع كانت «طالبان» تظهر للعالم انها لا تقل وحشية عن«داعش». مسيحيون يحتلفون بعيد الفصح، وبينهم نساء كثيرات واطفال كثيرون، يتعرضون لعملية انتحارية سقط بنتيجتها المئات من القتلى والجرجى.
هل كان هؤلاء الذين يتوّجون جباههم بزهرة الاقحوان، تعبيرا عن «الالم الالهي»، والذين يشاركون المسلمين شظف العيش، بل وشظف الحياة، كانوا يهددون الاسلام والمسلمين؟
قال الروس لجون كيري ما معناه «قد تجد هؤلاء الوحوش في جدران البيت الابيض». ليس مستبعدا البتة ان يخترقوا الجيش الباكستاني، وما يعنيه اميركيا، ليكون كالخنجر في ظهر الولايات المتحدة، وهي تعيد هيكلة وجودها الاستراتيجي في آسيا وعلى اساس ان مستقبل الاسواق، كما مستقبل الامبراطوريات، في ذلك الشرق الآسيوي المعقد...
كلهم يشكلون رزمة اوركسترالية واحدة على المستوى الايديولوجي، وحتى على المستوى الجيولوجي. مثلما قتل «داعش» المسيحيين في نينوى، يقتل المسيحيين في لاهور. ألا تدري الاستخبارات الباكستانية بذلك الطراز من ائمة المساجد الذين يحضون على نحر الصليبيين، كذلك ابناء الطوائف والمذاهب الاخرى على انهم ضيعة الشيطان؟
ثمة كتاب وزع في منطقة وزيرستان، ويقول ان للشيطان مخلوقاته ايضا. في احد الفصول الذي تم فيه تصنيف الاديان، والطوائف، والملل، لن تجد سوى فرقة واحدة ناجية، واتباعها معروفون للخاص والعام. اما مهمتهم، فهي انتظار يوم القيامة وقد خلت الارض من كل الفرق الضالة، بقطع الاعناق او بالتفجير او بالرمي من اسطح المباني. الضالون منذ آدم وحتى قيام الساعة. وكلكم ايها السادة...ضالون!
يعلّق غراهام فولر، وهو محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية وصاحب كتاب «عالم من دون اسلام» «لكي تعرف ما في رأس فلاديمير بوتين عليك بتفجيره» و«لكي تعرف ما في رأس باراك اوباما ما عليك الا ان تلاحظ كيف يتعامل مع الذبابة التي تحط على انفه».
فولر الذي يلاحظ ان شخصية القيصر هي مزيج من بطرس الاكبر وايفان الرهيب، وبينهما جوزف ستالين، يرى في داخله الامبراطورية السوفياتية. داخل اوباما قد تجد احيانا الام تيريزا واحيانا صورة جيمس مونرو الذي خشي على اميركا من اللوثة الاوروبية. الشرق الاوسط اكثر تعقيدا. انه مصنع، ومستودع، الآلهة...
هل علمنا، اذاً، لماذا صرف النظر عن حلب وادلب حيث كان يمكن ان يحترق "النظام"، سياسيا، بسبب تكدس المدنيين هناك، وحيث الوجود المتناثر لـ «داعش». تدمر مسألة اخرى. هي الضلع الثالث من المثلث الذي يضم الرقة ودير الزور. اذا اردتم، ايها الرفاق الاميركيون، الاجهاز على جحافل الخليفة ما عليكم الا ان تمدوا ايديكم الى الرئيس بشار الاسد...
بشار الجعفري، الديبلوماسي الدمشقي الهادىء، والمحنك، التقط اللحظة وخاطب واشنطن. واثق من اليوم الذي يأتي فيه جون كيري الى دمشق ليسأل...وما هي احتياجات الجيش السوري؟
المصدر :
نبيه البرجي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة