ان كان هناك شيء يوصف به فيصل القاسم فهو دون كيشوت الثورة السورية .. فهو لم يدرك بعد أنه لم يعد يعيش في زمن الثورة بل في زمن داعش .. ولذلك تشبه محاولاته المتكررة لاحياء الأيام الأولى والأشهر الأولى لما تسمى الثورة السورية تشبه أوهام الدون كيشوت في استرداد عصر الفروسية مع خادمه سانشو .. فانتهى يحارب طواحين الهواء

 

 .. دونكيشوتية القاسم صارت واضحة فهو لايزال يعتقد أنه يحرك العالم بحلقة من حلقات برنامجه الذي انتهى عصره ويتكرر في كل تفاصيله الى حد أنه يمكن لأي شخص تابعه سابقا أن يتوقع ماذا سيقول فيه وكيف سيتصرف هو وضيوفه وماهي العبارات التي يقولها ويرددها .. لاشيء جديد .. لاشيء مثير .. سأم وتكرار .. ونكات مستهلكة .. وشتائم استعملت آلاف المرات .. والضحك والحماس الذي كان يرافقه تحول الى تثاؤب .. وكثيرون صاروا ينامون أثناء البث لأن الناس وخاصة من المعجبين بالثورة وبالقاسم اصابهم الملل والاحباط وصاروا يعرفون أن مايقوله البرنامج مجرد اعادة لنفس الشيء .. وهناك جيل جديد صار يبحث عن مصدر آخر للاثارة .. وصار القاسم يكرر نفسه مثل أي كوميدي .. نفس الحركات والتعابير والانفعال .. ونفس الفكرة والموضوع وهو تشويه صورة الدولة السورية والتركيز المرضي المهووس على شخص الرئيس الأسد ومحور المقاومة وتهييج المشاعر بالكذب الصريح .. والتبشير الثوار بالنصر الذي لم يصل .. ولن يصل طبعا ..

 

من دونكيشوتيات القاسم أنه لم يفهم بعد أن ماكان يناسب الهجوم الاعلامي على السوريين منذ خمس سنوات لم يعد يناسب هذه المرحلة .. اللغة تغيرت والمزاج تغير في العالم كله تجاه الثورة والثوار .. وصار هناك ملل واضح وقرف واضح من هذه الثورة في كل مكان في العالم وأنها ربما لها أنصار في قصر سلمان وتميم ولكنها صارت مخيفة حتى بسكان قصر يلدز .. منذ خمس سنوات كان من الممكن أن تقول ماتريد وتنسب كل الشر الى الدولة السورية ونظامها  .. كان يمكن ان تقول بأن النظام يفجر الشوارع وأنه يقتل المدنيين الأبرياء والمتظاهرين السلميين .. وانه صنع جبهة النصرة وصنع داعش وووو .. لأن البداية كانت صاعقة ومفاجئة اعلاميا وكان هناك قدر من اللااستعداد للهجوم المدروس والتلفيق الحقير .. ولكن اليوم لم يعد أحد يجد في هذا الكلام دسما ولابروتينا .. ولانكهة ولامذاقا .. بل مثل هذا الكلام صار ذا مذاق حامض أو قلوي لايتردد من يتناوله أن يبصقه على الفور .. وهناك مزاج عام تشكل تدريجيا في العالم ضد ( الثورة السورية وضد الثوار ).. ولم يعد أحد في هذا العالم يصدق أن القضاء على النظام السوري سيفضي الى تدمير داعش واستئصال الارهاب الذي نشرته التنظيمات الاسلامية الوهابية كما استمات الثوار والسعوديون والاوروبيون لترويجه واقناع الناس به .. بل هناك خوف عميق تجذر في كل العالم حتى في البيوت الباردة لاوروبة بأن اسقاط النظام السوري خطر وجودي على أوروبة كلها ويجب عدم التعامل مع هذا الاحتمال الا على أنه خطوة حمقاء وخطرة وخالية من العقل ..

 

وطبعا الاصرار الثوري على استعمال نفس الذخيرة والبنادق القديمة لن يغير النتيجة .. بارود الثورة صار فاسدا ورطبا والخردق فيها لايثقب منديلا .. واعلاميوها اليوم صار أحدهم كمن يريد اصطياد الحوت بسنارة مصممة لاصطياد أسماك صغيرة .. وصارت بواريد الثوار مثل بواريد الخردق (الدك) التي لاتصطاد الا الطيور الصغيرة والفئران وهم كانوا خرجوا منذ خمس سنوات لاصطياد "الأسد" في عرينه ..

 

دون كيشوت الثورة أطلق من بارودة الخردق (الدك) بيانا اتهم فيه النظام السوري أنه وراء تفجيرات بروكسيل .. والدليل القطعي أنه نبش من صندوق الخردة عبارة قديمة محوّرة للمفتي العلامة الشيخ أحمد بدر الدين حسون .. صندوق دونكيشوت صار قديما ومثيرا للشفقة والرثاء والاشمئزاز .. وأعتقد أن هذا الرأي والتحريض لم يعد مستساغا في الغرب بل أنني استمعت شخصيا الى غربيين كانوا يريدون للأسد دون تردد مصير القذافي منذ سنوات ولكنهم اليوم يمارسون ضغطا على حكوماتهم لاستقبال الأسد كأحد الأبطال ..

 

والحقيقة أنني لا استغرب استمرار دون كيشوت القاسم بهذا الطريق لأنه صار بلا سفن تحمله خارج قطر كما أن الزمن نسيه عند تلك اللحظة التي صنعت شهرته وطموحاته في السير نحو العمل السياسي والتحول من الاعلام الى السياسة وهو يريد أن يمسك بها ويمسك الناس للبقاء فيها بهذا الاسلوب المتكرر والتهريج في الكراهية ..

 

بارودة الخردق تفرقع منذ فترة بشكل هستيري ويبدو أن الدافع قوي جدا وبعيد عن الروح الثورية .. فعندما قام دونكيشوت ببث حلقات سباب وتحريض مذهبي فاقع مخز أحسست أن هناك سببا قويا وراء هذا الهجوم المرتب بعناية والذي كان بلامبرر في توقيته .. وقال لي لاحقا أحد الثقاة أن دون كيشوت القاسم مصاب بالاحباط والهستريا وأن الحلقات كانت رسالة انتقام موجهة للدولة السورية لأنه حاول التواصل معها عبر وسيط ايراني مقرب من دوائر صنع القرار ووعد في رسالته أنه كان يريد وضع حد للهجوم الاعلامي على الدولة السورية ويتفاوض معها والتنسيق في كل خطوة تراجع .. وكان الرد أن الدولة لن تفاوض مدانا في القضاء السوري الا اذا جاء الى دمشق ونفذ الحكم القضائي الصادر بحقه .. وبعد ذلك ينظر في أمره .. وطبعا الحكم الصادر بحقه هو الاعدام .. وبعد تنفيذه الحكم يمكن الاستماع الى عرضه السخيف ..

 

الزمن يتحرك دوما للأمام ويترك الماضي لأهل الماضي .. لايتوقف ليستريح فهو ليس قافلة تتوقف في الواحات .. وليس قطارا تستوقفه المحطات .. وليس طائرة تبحث عن مطار تحط فيه .. بل هو كائن خرافي لايتعب من المسير ولايتوقف لثانية واحدة .. وهناك بعض الناس يترجلون من عربات الزمن في لحظات فاصلة ومحطات الحياة وينساهم الزمن على تلك المحطات الى الأبد ..

 

وهذا ماحدث مع فيصل القاسم .. الرجل الذي نسيه الزمن على محطة .. ولايزال يحشو بارودة الخردق ليصطاد الأسود ..

 

----------------------------------------

 

في الحلقة القادمة سنتحدث عن كتاب "الجمهورية" الذي سيؤلفه فيصل القاسم وهو أحد كتب الكوميديا ..

  • فريق ماسة
  • 2016-03-30
  • 12204
  • من الأرشيف

فرفش مع دون كيشوت القاسم .. الخردق الذي نسيه الزمن

ان كان هناك شيء يوصف به فيصل القاسم فهو دون كيشوت الثورة السورية .. فهو لم يدرك بعد أنه لم يعد يعيش في زمن الثورة بل في زمن داعش .. ولذلك تشبه محاولاته المتكررة لاحياء الأيام الأولى والأشهر الأولى لما تسمى الثورة السورية تشبه أوهام الدون كيشوت في استرداد عصر الفروسية مع خادمه سانشو .. فانتهى يحارب طواحين الهواء    .. دونكيشوتية القاسم صارت واضحة فهو لايزال يعتقد أنه يحرك العالم بحلقة من حلقات برنامجه الذي انتهى عصره ويتكرر في كل تفاصيله الى حد أنه يمكن لأي شخص تابعه سابقا أن يتوقع ماذا سيقول فيه وكيف سيتصرف هو وضيوفه وماهي العبارات التي يقولها ويرددها .. لاشيء جديد .. لاشيء مثير .. سأم وتكرار .. ونكات مستهلكة .. وشتائم استعملت آلاف المرات .. والضحك والحماس الذي كان يرافقه تحول الى تثاؤب .. وكثيرون صاروا ينامون أثناء البث لأن الناس وخاصة من المعجبين بالثورة وبالقاسم اصابهم الملل والاحباط وصاروا يعرفون أن مايقوله البرنامج مجرد اعادة لنفس الشيء .. وهناك جيل جديد صار يبحث عن مصدر آخر للاثارة .. وصار القاسم يكرر نفسه مثل أي كوميدي .. نفس الحركات والتعابير والانفعال .. ونفس الفكرة والموضوع وهو تشويه صورة الدولة السورية والتركيز المرضي المهووس على شخص الرئيس الأسد ومحور المقاومة وتهييج المشاعر بالكذب الصريح .. والتبشير الثوار بالنصر الذي لم يصل .. ولن يصل طبعا ..   من دونكيشوتيات القاسم أنه لم يفهم بعد أن ماكان يناسب الهجوم الاعلامي على السوريين منذ خمس سنوات لم يعد يناسب هذه المرحلة .. اللغة تغيرت والمزاج تغير في العالم كله تجاه الثورة والثوار .. وصار هناك ملل واضح وقرف واضح من هذه الثورة في كل مكان في العالم وأنها ربما لها أنصار في قصر سلمان وتميم ولكنها صارت مخيفة حتى بسكان قصر يلدز .. منذ خمس سنوات كان من الممكن أن تقول ماتريد وتنسب كل الشر الى الدولة السورية ونظامها  .. كان يمكن ان تقول بأن النظام يفجر الشوارع وأنه يقتل المدنيين الأبرياء والمتظاهرين السلميين .. وانه صنع جبهة النصرة وصنع داعش وووو .. لأن البداية كانت صاعقة ومفاجئة اعلاميا وكان هناك قدر من اللااستعداد للهجوم المدروس والتلفيق الحقير .. ولكن اليوم لم يعد أحد يجد في هذا الكلام دسما ولابروتينا .. ولانكهة ولامذاقا .. بل مثل هذا الكلام صار ذا مذاق حامض أو قلوي لايتردد من يتناوله أن يبصقه على الفور .. وهناك مزاج عام تشكل تدريجيا في العالم ضد ( الثورة السورية وضد الثوار ).. ولم يعد أحد في هذا العالم يصدق أن القضاء على النظام السوري سيفضي الى تدمير داعش واستئصال الارهاب الذي نشرته التنظيمات الاسلامية الوهابية كما استمات الثوار والسعوديون والاوروبيون لترويجه واقناع الناس به .. بل هناك خوف عميق تجذر في كل العالم حتى في البيوت الباردة لاوروبة بأن اسقاط النظام السوري خطر وجودي على أوروبة كلها ويجب عدم التعامل مع هذا الاحتمال الا على أنه خطوة حمقاء وخطرة وخالية من العقل ..   وطبعا الاصرار الثوري على استعمال نفس الذخيرة والبنادق القديمة لن يغير النتيجة .. بارود الثورة صار فاسدا ورطبا والخردق فيها لايثقب منديلا .. واعلاميوها اليوم صار أحدهم كمن يريد اصطياد الحوت بسنارة مصممة لاصطياد أسماك صغيرة .. وصارت بواريد الثوار مثل بواريد الخردق (الدك) التي لاتصطاد الا الطيور الصغيرة والفئران وهم كانوا خرجوا منذ خمس سنوات لاصطياد "الأسد" في عرينه ..   دون كيشوت الثورة أطلق من بارودة الخردق (الدك) بيانا اتهم فيه النظام السوري أنه وراء تفجيرات بروكسيل .. والدليل القطعي أنه نبش من صندوق الخردة عبارة قديمة محوّرة للمفتي العلامة الشيخ أحمد بدر الدين حسون .. صندوق دونكيشوت صار قديما ومثيرا للشفقة والرثاء والاشمئزاز .. وأعتقد أن هذا الرأي والتحريض لم يعد مستساغا في الغرب بل أنني استمعت شخصيا الى غربيين كانوا يريدون للأسد دون تردد مصير القذافي منذ سنوات ولكنهم اليوم يمارسون ضغطا على حكوماتهم لاستقبال الأسد كأحد الأبطال ..   والحقيقة أنني لا استغرب استمرار دون كيشوت القاسم بهذا الطريق لأنه صار بلا سفن تحمله خارج قطر كما أن الزمن نسيه عند تلك اللحظة التي صنعت شهرته وطموحاته في السير نحو العمل السياسي والتحول من الاعلام الى السياسة وهو يريد أن يمسك بها ويمسك الناس للبقاء فيها بهذا الاسلوب المتكرر والتهريج في الكراهية ..   بارودة الخردق تفرقع منذ فترة بشكل هستيري ويبدو أن الدافع قوي جدا وبعيد عن الروح الثورية .. فعندما قام دونكيشوت ببث حلقات سباب وتحريض مذهبي فاقع مخز أحسست أن هناك سببا قويا وراء هذا الهجوم المرتب بعناية والذي كان بلامبرر في توقيته .. وقال لي لاحقا أحد الثقاة أن دون كيشوت القاسم مصاب بالاحباط والهستريا وأن الحلقات كانت رسالة انتقام موجهة للدولة السورية لأنه حاول التواصل معها عبر وسيط ايراني مقرب من دوائر صنع القرار ووعد في رسالته أنه كان يريد وضع حد للهجوم الاعلامي على الدولة السورية ويتفاوض معها والتنسيق في كل خطوة تراجع .. وكان الرد أن الدولة لن تفاوض مدانا في القضاء السوري الا اذا جاء الى دمشق ونفذ الحكم القضائي الصادر بحقه .. وبعد ذلك ينظر في أمره .. وطبعا الحكم الصادر بحقه هو الاعدام .. وبعد تنفيذه الحكم يمكن الاستماع الى عرضه السخيف ..   الزمن يتحرك دوما للأمام ويترك الماضي لأهل الماضي .. لايتوقف ليستريح فهو ليس قافلة تتوقف في الواحات .. وليس قطارا تستوقفه المحطات .. وليس طائرة تبحث عن مطار تحط فيه .. بل هو كائن خرافي لايتعب من المسير ولايتوقف لثانية واحدة .. وهناك بعض الناس يترجلون من عربات الزمن في لحظات فاصلة ومحطات الحياة وينساهم الزمن على تلك المحطات الى الأبد ..   وهذا ماحدث مع فيصل القاسم .. الرجل الذي نسيه الزمن على محطة .. ولايزال يحشو بارودة الخردق ليصطاد الأسود ..   ----------------------------------------   في الحلقة القادمة سنتحدث عن كتاب "الجمهورية" الذي سيؤلفه فيصل القاسم وهو أحد كتب الكوميديا ..

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة