«جنيف 3» بعد أسبوع. جولة ثانية من خمسة أيام والحصيلة صفر، بحسب ديبلوماسي غربي مقرب من المفاوضات، تولى تقديم تقييم لأيام جنيف السورية الأولى.

 شبح «جنيف 2» يخيم على الأسبوع الأول من الجولة الثانية لحوار «جنيف 3». الجانب الحكومي السوري يتمسك بمذكرة العناصر الأساسية للحل السياسي في سوريا، كقاعدة للحوار، فيما لا يزال وفد الرياض يتمسك بحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، لكن ما يؤجل الانفجار هو أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لم يُحلْ رسمياً المذكرات الصادرة عن الطرفين إلى طاولة المفاوضات، ما ينقذ الجولة الحالية من الحوار السوري الذي لا يجري فعلياً إلا بين دي ميستورا نفسه والسوريين منفصلين. الحوار قائم، ولكن الحصيلة صفر.

 «المفاوضات الجدية لا تزال مؤجلة، والبحث لا يزال مستمراً للتفاهم على الإجراءات الشكلية من وفود ومفاوضين، وحول القضايا الإجرائية». التوصيف لا يزال شديد الاعتدال بالمقارنة مع حالة الدوران في المكان، وتكرار دي ميستورا طيلة الأسبوع لمحاوريه السوريين أسئلة استمارته الأساسية: كيف تنظر إلى المرحلة الانتقالية، وهل ينبغي إصلاح المؤسسات العسكرية؟، وغيرها من الأسئلة التي تبقي النقاش في حيز المبادئ العامة، وتعكس بنداً بعد بند بيان «جنيف 1» كخيار أول، وتؤجل البحث في خريطة الطريق التي وضعها الروس في فيينا، والتي من المفترض أن تشكل مدخلاً للحل، عبر إنشاء حكومة موسعة، فتعديلات دستورية، وانتخابات تشريعية.

وحده رمزي عز الدين، نائب الوسيط الأممي، اعتبر أن المفاوضات مسّت حيز القضايا الجوهرية، عندما طرق ورئيس الوفد الحكومي السوري بشار الجعفري باب بعض البنود التي تقدم بها، وآلياتها التطبيقية، ليعدّه نقلة في «جنيف 3».

حوار سوري - سوري، لكن لا محاورين مصنفين رسمياً ونهائياً حتى الآن، ولكن مجرد مجموعات ومنصات، واللقاءات خلال الأسبوع استطلاع طويل كي لا ينفجر الحوار وحفاظاً عليه، يذهب إلى حد عدم إعلام المحاورين بمضامين الحوار نفسه.

ومثلاً يقول ديبلوماسي في جنيف إنه «بعد أسبوع من الانتظار لا أحد من المعارضة أو الحكومة يعرف مَن سيتفاوض مع مَن، ومَن هو الوفد ومَن هي المجموعة الاستشارية التي لا تعني المفاوضين بشيء، بل دي ميستورا نفسه». إذ لا وفد سوى وفد الرياض، والآخرون من منصات القاهرة وموسكو ليسوا سوى «مجموعات» حسب التوصيف الإعلامي نفسه لدي ميستورا.

إن تحديد الوفود الضروري في أي مفاوضات لا يزال أيضاً يخضع للنقاش، ذلك أن «الانطباع الذي يشيعه دي ميستورا لدى من يلتقيهم هو أن الوفد الوحيد المفاوض ليس سوى وفد الرياض. أما الوفود الأخرى فهي مجرد وفود تشاورية»، لكن الوسيط الأممي لا يجرؤ على إعلان ذلك صراحة كي لا يغضب الروس الذين يضغطون بقوة لضم منصات موسكو والقاهرة، ومعارضة الداخل إلى المفاوضات، علماً أن القرار 2254 وبيان فيينا صريحان في نصهما على مرجعيات منصات القاهرة والرياض وموسكو، ولا يزال دي ميستورا يتحايل على تطبيقهما، تحت ضغوط أميركية وسعودية.

الأسلوب «الستافاني» أيضاً تغلب عليه ديبلوماسية بدائية. ويقول الديبلوماسي الغربي إن «طريقة دي ميستورا في التعامل مع مسألة مَن هو المفاوض، ومَن هو المستشار من بين المجموعات التي يلتقيها في قاعة رقم 15 في قصر الأمم المتحدة، تغلب عليها الازدواجية. إذ إن الرجل يخشى إغضاب الأميركيين، أو تنفير وفد الرياض الذي يتمسك بحصرية تمثيله لكل المعارضة، ويخاطب كل من التقاهم بما يريد أن يسمع. فعلى السائلين عن حقيقة صفتهم، وفداً أم مستشارون، يجيب الديبلوماسي الإيطالي بأن الجميع مستشارون حالياً لأن المرحلة برمتها استشارية، ولكن دي ميستورا كان قد أبلغ الوفد الحكومي السوري أن وفد الرياض هو الوفد، أما منصات موسكو والقاهرة، فهي مجموعة من شخصيات دُعيت بصفة شخصية لا أكثر. ومنذ مؤتمر الرياض قبل شهر ونصف الشهر، أبلغ دي ميستورا الهيئة التفاوضية أن وفدها وحده هو الوفد الذي سيفاوض الوفد الحكومي».

أما بشأن تحديد الأجندة فالحصيلة صفر أيضاً. «لا نزال على مسافة كبيرة من صلب الموضوع». يقول ديبلوماسي غربي إنه برغم أن 3 أوراق مختلفة قدمت من وفد الرياض، ووفد مجموعتي القاهرة وموسكو والوفد الحكومي، وتتضمن تصورات ورؤى لأجندة المفاوضات، إلا أنها لا تزال أحد أسرار الأمم المتحدة. الوسيط الأممي يتجنب تحويلها إلى وثائق، كما يرفض طرحها على النقاش، أو التداول فيها خلال الاجتماعات، كي لا تتحول إلى قاعدة رسمية يمكن لـ «جنيف 3» أن ينطلق على أساسها، أو يختلف عليها المتحاورون مبكراً. لكن النتيجة هي أنه لا حوار حتى الآن، ولا حتى تبادل لأفكار رسمياً، ولا تزال الوفود تتابع ما يطرحه الآخرون من خلال الإعلام، عندما يمكن التوصل إلى تسريب بعض المعلومات.

ويقول ديبلوماسي متابع إن نقاشاً دار بين الجعفري ودي ميستورا، الذي رد على محاوره «بأنه ليس ساعي بريد»، عندما طالبه بمعرفة إجابات المعارضة، على ما طرحه من عناصر أساسية لحل الأزمة السورية، يؤدي التفاهم عليها إلى إطلاق الحوار السوري من دون شروط مسبقة» إذا ما اتفقنا عليها كإطار للبحث يمكن عندها أن نذهب إلى الحوار.

وكان الوفد السوري قد قدم مذكرة تضمنت أفكاراً تنص على وحدة سوريا وسيادتها وعلمانية الدولة، ورفض التدخل الخارجي، وأولوية مكافحة الإرهاب. والحفاظ على مؤسسات الجيش والدولة، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وإعادة الإعمار، وإنشاء صندوق دولي للمساعدة على إعادة إعمار سوريا. ويبدو أن دي ميستورا، بحسب أحد الديبلوماسيين، قد اختار التحدث باسم وفد الرياض والتفاوض باسمه، خارجاً بذلك عن دوره كوسيط، إذ أبلغ دي ميستورا الجانب السوري أنه ينتظر تعديلاً في الأفكار المقدمة، لكي يمكنه أن ينقل إلى الطرف الآخر أفكاراً يمكنه القبول بها.

والأرجح أن الأفكار التي ناقشها مع وفد الرياض تستند هي أيضاً إلى أفكار لن تكون مقبولة من الجانب الحكومي السوري، لأنها تبدأ بطلب البحث من نقطة تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، واستلام مفاتيح دمشق في جنيف. وينقل عن دي ميستورا أنه يفضل عدم الذهاب إلى مأزق وتحسين الأفكار المطروحة.

ويقول ديبلوماسي غربي إن الجانب السوري لا يعرف رسمياً حتى الآن ما هي مقترحات المعارضة. والأرجح أن الوسيط الأممي يراهن على كسب الوقت لا أكثر، إذ إن الوثائق المقدمة تعبّر عن مواقف الأطراف، ومن المستبعد أن تتخلى عنها قبل أن تدخل في المفاوضات أو أن يذهب وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف إلى تعميق التفاهمات السورية الثلاثاء المقبل كي يتقدم دي ميستورا. إذ إنه من المستبعد أن ينجح في فرض تعديل على هذه الأجندات من خلال الاستمارات التي يطالب من يلتقيهم بالإجابة على أسئلتها، أملاً بالعثور على مشتركات يمكن البناء عليها. الديبلوماسي الغربي قال إن الحصيلة ليست صفراً تماماً، إذ إن الجانب السوري قد حصل على وعد من دي ميستورا، من وفد الرياض، على مذكرة العناصر الأساسية للحل السياسي الأسبوع المقبل.

  • فريق ماسة
  • 2016-03-18
  • 13334
  • من الأرشيف

حصيلة أسبوع «جنيف 3» السوري: صفر...بقلم محمد بلوط

«جنيف 3» بعد أسبوع. جولة ثانية من خمسة أيام والحصيلة صفر، بحسب ديبلوماسي غربي مقرب من المفاوضات، تولى تقديم تقييم لأيام جنيف السورية الأولى.  شبح «جنيف 2» يخيم على الأسبوع الأول من الجولة الثانية لحوار «جنيف 3». الجانب الحكومي السوري يتمسك بمذكرة العناصر الأساسية للحل السياسي في سوريا، كقاعدة للحوار، فيما لا يزال وفد الرياض يتمسك بحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، لكن ما يؤجل الانفجار هو أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لم يُحلْ رسمياً المذكرات الصادرة عن الطرفين إلى طاولة المفاوضات، ما ينقذ الجولة الحالية من الحوار السوري الذي لا يجري فعلياً إلا بين دي ميستورا نفسه والسوريين منفصلين. الحوار قائم، ولكن الحصيلة صفر.  «المفاوضات الجدية لا تزال مؤجلة، والبحث لا يزال مستمراً للتفاهم على الإجراءات الشكلية من وفود ومفاوضين، وحول القضايا الإجرائية». التوصيف لا يزال شديد الاعتدال بالمقارنة مع حالة الدوران في المكان، وتكرار دي ميستورا طيلة الأسبوع لمحاوريه السوريين أسئلة استمارته الأساسية: كيف تنظر إلى المرحلة الانتقالية، وهل ينبغي إصلاح المؤسسات العسكرية؟، وغيرها من الأسئلة التي تبقي النقاش في حيز المبادئ العامة، وتعكس بنداً بعد بند بيان «جنيف 1» كخيار أول، وتؤجل البحث في خريطة الطريق التي وضعها الروس في فيينا، والتي من المفترض أن تشكل مدخلاً للحل، عبر إنشاء حكومة موسعة، فتعديلات دستورية، وانتخابات تشريعية. وحده رمزي عز الدين، نائب الوسيط الأممي، اعتبر أن المفاوضات مسّت حيز القضايا الجوهرية، عندما طرق ورئيس الوفد الحكومي السوري بشار الجعفري باب بعض البنود التي تقدم بها، وآلياتها التطبيقية، ليعدّه نقلة في «جنيف 3». حوار سوري - سوري، لكن لا محاورين مصنفين رسمياً ونهائياً حتى الآن، ولكن مجرد مجموعات ومنصات، واللقاءات خلال الأسبوع استطلاع طويل كي لا ينفجر الحوار وحفاظاً عليه، يذهب إلى حد عدم إعلام المحاورين بمضامين الحوار نفسه. ومثلاً يقول ديبلوماسي في جنيف إنه «بعد أسبوع من الانتظار لا أحد من المعارضة أو الحكومة يعرف مَن سيتفاوض مع مَن، ومَن هو الوفد ومَن هي المجموعة الاستشارية التي لا تعني المفاوضين بشيء، بل دي ميستورا نفسه». إذ لا وفد سوى وفد الرياض، والآخرون من منصات القاهرة وموسكو ليسوا سوى «مجموعات» حسب التوصيف الإعلامي نفسه لدي ميستورا. إن تحديد الوفود الضروري في أي مفاوضات لا يزال أيضاً يخضع للنقاش، ذلك أن «الانطباع الذي يشيعه دي ميستورا لدى من يلتقيهم هو أن الوفد الوحيد المفاوض ليس سوى وفد الرياض. أما الوفود الأخرى فهي مجرد وفود تشاورية»، لكن الوسيط الأممي لا يجرؤ على إعلان ذلك صراحة كي لا يغضب الروس الذين يضغطون بقوة لضم منصات موسكو والقاهرة، ومعارضة الداخل إلى المفاوضات، علماً أن القرار 2254 وبيان فيينا صريحان في نصهما على مرجعيات منصات القاهرة والرياض وموسكو، ولا يزال دي ميستورا يتحايل على تطبيقهما، تحت ضغوط أميركية وسعودية. الأسلوب «الستافاني» أيضاً تغلب عليه ديبلوماسية بدائية. ويقول الديبلوماسي الغربي إن «طريقة دي ميستورا في التعامل مع مسألة مَن هو المفاوض، ومَن هو المستشار من بين المجموعات التي يلتقيها في قاعة رقم 15 في قصر الأمم المتحدة، تغلب عليها الازدواجية. إذ إن الرجل يخشى إغضاب الأميركيين، أو تنفير وفد الرياض الذي يتمسك بحصرية تمثيله لكل المعارضة، ويخاطب كل من التقاهم بما يريد أن يسمع. فعلى السائلين عن حقيقة صفتهم، وفداً أم مستشارون، يجيب الديبلوماسي الإيطالي بأن الجميع مستشارون حالياً لأن المرحلة برمتها استشارية، ولكن دي ميستورا كان قد أبلغ الوفد الحكومي السوري أن وفد الرياض هو الوفد، أما منصات موسكو والقاهرة، فهي مجموعة من شخصيات دُعيت بصفة شخصية لا أكثر. ومنذ مؤتمر الرياض قبل شهر ونصف الشهر، أبلغ دي ميستورا الهيئة التفاوضية أن وفدها وحده هو الوفد الذي سيفاوض الوفد الحكومي». أما بشأن تحديد الأجندة فالحصيلة صفر أيضاً. «لا نزال على مسافة كبيرة من صلب الموضوع». يقول ديبلوماسي غربي إنه برغم أن 3 أوراق مختلفة قدمت من وفد الرياض، ووفد مجموعتي القاهرة وموسكو والوفد الحكومي، وتتضمن تصورات ورؤى لأجندة المفاوضات، إلا أنها لا تزال أحد أسرار الأمم المتحدة. الوسيط الأممي يتجنب تحويلها إلى وثائق، كما يرفض طرحها على النقاش، أو التداول فيها خلال الاجتماعات، كي لا تتحول إلى قاعدة رسمية يمكن لـ «جنيف 3» أن ينطلق على أساسها، أو يختلف عليها المتحاورون مبكراً. لكن النتيجة هي أنه لا حوار حتى الآن، ولا حتى تبادل لأفكار رسمياً، ولا تزال الوفود تتابع ما يطرحه الآخرون من خلال الإعلام، عندما يمكن التوصل إلى تسريب بعض المعلومات. ويقول ديبلوماسي متابع إن نقاشاً دار بين الجعفري ودي ميستورا، الذي رد على محاوره «بأنه ليس ساعي بريد»، عندما طالبه بمعرفة إجابات المعارضة، على ما طرحه من عناصر أساسية لحل الأزمة السورية، يؤدي التفاهم عليها إلى إطلاق الحوار السوري من دون شروط مسبقة» إذا ما اتفقنا عليها كإطار للبحث يمكن عندها أن نذهب إلى الحوار. وكان الوفد السوري قد قدم مذكرة تضمنت أفكاراً تنص على وحدة سوريا وسيادتها وعلمانية الدولة، ورفض التدخل الخارجي، وأولوية مكافحة الإرهاب. والحفاظ على مؤسسات الجيش والدولة، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وإعادة الإعمار، وإنشاء صندوق دولي للمساعدة على إعادة إعمار سوريا. ويبدو أن دي ميستورا، بحسب أحد الديبلوماسيين، قد اختار التحدث باسم وفد الرياض والتفاوض باسمه، خارجاً بذلك عن دوره كوسيط، إذ أبلغ دي ميستورا الجانب السوري أنه ينتظر تعديلاً في الأفكار المقدمة، لكي يمكنه أن ينقل إلى الطرف الآخر أفكاراً يمكنه القبول بها. والأرجح أن الأفكار التي ناقشها مع وفد الرياض تستند هي أيضاً إلى أفكار لن تكون مقبولة من الجانب الحكومي السوري، لأنها تبدأ بطلب البحث من نقطة تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، واستلام مفاتيح دمشق في جنيف. وينقل عن دي ميستورا أنه يفضل عدم الذهاب إلى مأزق وتحسين الأفكار المطروحة. ويقول ديبلوماسي غربي إن الجانب السوري لا يعرف رسمياً حتى الآن ما هي مقترحات المعارضة. والأرجح أن الوسيط الأممي يراهن على كسب الوقت لا أكثر، إذ إن الوثائق المقدمة تعبّر عن مواقف الأطراف، ومن المستبعد أن تتخلى عنها قبل أن تدخل في المفاوضات أو أن يذهب وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف إلى تعميق التفاهمات السورية الثلاثاء المقبل كي يتقدم دي ميستورا. إذ إنه من المستبعد أن ينجح في فرض تعديل على هذه الأجندات من خلال الاستمارات التي يطالب من يلتقيهم بالإجابة على أسئلتها، أملاً بالعثور على مشتركات يمكن البناء عليها. الديبلوماسي الغربي قال إن الحصيلة ليست صفراً تماماً، إذ إن الجانب السوري قد حصل على وعد من دي ميستورا، من وفد الرياض، على مذكرة العناصر الأساسية للحل السياسي الأسبوع المقبل.

المصدر : الماسة السورية/السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة