دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تحتفل اليوم بعض أقطاب الفساد في الأردن، بصدور التقرير السنوي الحادي و العشرون عن الشفافية العالمية لعام 2015 "ادراك الفساد "Corruption Perception- ،والذي يتضمن تصنيف 168 دولة في العالم حسب درجة الفساد فيها في القطاع العام"ميزانية الدولة" و يعطي التقرير علامة من 100 لكل دولة، وتعني العلامة 100 انها نطيفة تماما و العلامة 0 انها فاسدة تماما، و تعني العلامة اقل من 50 وجود مشكلة فساد جدية،الاردن حصل بالنهاية على المرتبة 45 بعلامة 53%،وهذه النسبة غير مطمئنة بشكل كبير ،مع أنّ هناك تحسن بموقع الأردن بسلم الترتيتبات بالفترة الاخيرة .
الفاسدين الذين يحتفلوا اليوم بصدور هذا التقرير ،يعتقدون لا وبل يجزمون أنّ مثل هذه التقارير ستبعث بالطمأنينة لهم، وتعطيهم ضوء أخضر للافلات من يد العدالة ،والاستمرار بمسلسلات الفساد والافساد في الأردن ،اليوم ومع صدور مثل هذا التقارير ،يتسائل جميع المواطنين الأردنيين ،عن مصير ونهاية كل فاسد ومفسد في الأردن ،وهل ستكون هذه التقارير هي بمثابة حبل النجاة للفاسدين والمفسدين في الأردن، الأردنيين اليوم يتسائلون وبألم عن النتائج والتداعيات المستقبلية لمثل هذه التقارير ،فقضايا الفساد قتلت غالبية الأردنيين وهم أحياء.
الأردنييون اليوم وتزامنآ مع هذه التقارير الدولية ،يتسائلون بألمٍ عن مصير أبطال مسلسلات الفساد في الأردن ،والذين يتنعمون بأموال الأردنيين في نيويورك و بلندن و بباريس وبروما وبمنتجعات مضيق البسفور ؟،وو..ألخ ،هؤلاء الفاسدين الذين يمارسون طقوس شهواتهم القذرة على حساب مستقبل الأردنيين، فالأردنيون يتكلمون بألمٍ ويتسائلون عن مصير هؤلاء، يتسائلون عن ثرواتهم التي نُهِبت وبيعت، يتسائلون عن مستقبل ابنائهم وبناتهم الذين باتوا عالةً عليهم ، بعد أن جرّد الفاسدين والمفسدين الأردنيين من ثرواتهم ، ولم يعد الأردن قادراً على توفير أدنى متطلبات الحياة الفضلى للشعب الأردني .. "فقر – بطالة – تهميش – جوع – أقصاء"، تركةٌ ثقيلة، تركها الفاسدون للأردنيين.
ميراثٌ ثقيل من مديونية مرتفعة، يتحمل عبئها الآن مئات الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل أو يعملون بأجورٍ زهيدة جدّاً، يتحملُ أعبائها شعبٌ يرزح ليل نهار تحت ظلم التوجيع الممنهج الذي فرضتهُ سياسة الإفساد والفساد بهذا البلد، وهنا لا أعرفُ إلى أي مدى ستبقى تتعامى التقارير الدولية ومعها النظام الأردني عن رؤية حقيقة الأزمة التي يعيشها الشعب العربي الأردني بهذه المرحلة ؟!، فقر ،بطالة، فساد ،غياب لكل مفاهيم العدالة ، توريث مناصب ، تجويع وإفقار ممنهج و...ألخ ، فأزمات الأردن وشعبه اليوم، دخلت ببداية نفقٍ مظلم، ولا نعرف ما النهاية المأساوية التي سيوصلنا لها هذا النفق، فاليوم لم تعد تُجدي سياسة تكميم الأفواه بالأردن، ولا ممارسة الترهيب والتخويف الأمني، ولا سياسة فزاعة الغرف المظلمة والتعذيب في أقبية السجون ،أو سياسة ارضاء "س " وحرمان "ص" هذه السياسات بمجموعها لم تعد تُجدي، فاليوم تراكم هذه الأزمات بدأ يمسُ هوية الوطن الأردني، وبدأ يمسُ بُنية المجتمع وهيكلية المفاهيم الوطنية الثابتة ، ولهذا فإن الصمت على كلّ هذه الممارسات في هذه المرحلة، هو خطيئةٌ وخطيئة كبرى بحقّ الأردن وشعبه القابض على جمر الفساد والجوع والفقر الذي يُفرض عليه.
اليوم ،ومع صدور هذه التقارير الدولية التي يعتقد بعض الفاسدين في الأردن أنها ستعطيهم ضوء أخضر لتبرئتهم من قضايا الفساد التي قتلت معظم أركان الدولة الأردنية ،فاليوم وتزامنآ مع صدور هذه التقارير، يتساءل الكثيرُ من الأردنيين عن القادم من الأيام عن مستقبلهم وهم يستشرفون بألم طبيعة هذا المستقبل ، ويتسائلون : ياترى هل سيتحسن الوضع الأقتصادي والمعيشي ؟ وهل سيجد مئات الآلاف من الشباب الأردني الذين هرموا مبكراً فرص عمل، بعدما نهب الفاسدون ومن يحميهم ومن بصفّهم أموال ومُقدّرات الأردنيين؟ ، الأردنيون اليوم يتسائلون وبألمٍ عن مصير أبطال مسلسلات الفساد بالأردن .. والذين يتنعمون اليوم بأموال الأردنيين بنيويورك ولندن وروما وباريس، وبمنتجعات مضيق البسفور، ويمارسون طقوس شهواتهم القذرة على حِساب دِماء ومستقبل الأردنيين.
اليوم أزمات الأردن تتراكمُ أزمةً فوق أزمة ، وللأسف مازال النظام بكلّ أركانه يتعامى عن رؤية هذه الأزمات وهي تتراكم ، ومازال عاجزاً عن وضع رؤى للحلول، ومازال غارقاً بأزمات المنطقة التي حمّلت الأردن أكثر مما يحتمل، فداخلياً ما زال النظام يناورُ بسياسة وإكذوبة الأمن والأمان التي بناها الشعب، ومازال يحافظُ عليها ، ويسعى النظام لتجييرها لصالحه ، أمّا لِسان حال حكومة النظام، فيقول : إنّها الحكومة " الشريفة ، النزيهة ،الطاهرة ،العذراء،البكر التي لم ينكحها الفاسدون حسبما تدّعي"، ولا أعرفُ الى أي مدى سيبقى يناورُ النظام بهذه الحكومة "الفاشلة بكل المقاييس "، والتي صدّعت رؤوسنا وهي تكررُ هذه المقولات بالأعلى وترددُ نفس الأسطوانة المشروخة التي ترددها منذُ أكثر من ثلاث سنوات ، ولم نرى لهذه الحكومة أي منجز قابل للتطبيق على أرض الواقع، بل على العكس، فهذه الحكومة أثبتت الأيام أنها غير قادرةً على إدارة المرحلة.
اليوم هنالك مطلبٌ جماعي من كلّ أفراد الشعب العربي الأردني وبغض النظر عن التقارير الدولية، يتمثلُ بمحاكمة الفاسدين والمفسدين والمتورطين بقضايا عطاء المطار وأراضي معان وسكن كريم وشركات البوتاس والإتصالات وأمنية والفوسفات والكهرباء والأسمنت وميناء العقبة و أمانة عمّان والبلديات والملكية الأردنية، وبيع مبنى مديرية التنمية الاجتماعية، وصفقات دبي كابيتال، وعطاء مصفاة البترول، وشركة توليد الكهرباء وكهرباء اربد، وفضائح الأستثمار واراضي الديسي والجفر، وحصص الحكومة من الأسهم في كل من بنك الأسكان وبنك القاهرة - عمان ، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الإنماء الصناعي واراضي الاغوار، ومصنع رب البندورة في الأغوار، والألبان الأردنية والبتراء للنقل، والأجواخ الأردنية، والدباغة الأردنية والخزف الأردنية، والعربية الدولية للفنادق، والأردنية لتجهيز الدواجن ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الأردنية، والكازينو ومؤسسة سكة حديد العقبة ، وقضايا المخدرات، والرشى، والعطاءات الحكومية، والفساد الإدراي، والتنفيع، واستغلال الوظيفة العامّة، و ... ألخ.
فملفات الفساد أعلاه وغيرها الكثير هي من حطّمت مستقبل الشباب الأردني.. فقد بات الشبابُ الأردني اليوم يعيشُ حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه الأم، وذلك نتيجةً لارتباطه بمتغيرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكل ذلك بسبب سياسات الإفساد والفساد ، وما تزال أزمة البطالة تلاحقهُ في كل مكان وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن كي يتزوج أو على الأقلّ أن يؤمّن قوت يومه، وهذا على الأقلّ سببٌ كاف لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب.. في ظل عدم حدوث أي تغيير حقيقي في ظروفهم الاقتصادية وأحوالهم المعيشية، واتساع المسافة بينهم وبين خطط المسؤوليين الفاسدين.
لقد أفرزت قضايا الفساد والإفساد ظواهراً خطيرة في صفوف فئات عدّة من المجتمع الأردني، وهنا تبرز ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجههُ المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المعاش وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية في ظل انخفاض العامل الديني الذي يعملُ على تحصين المجتمع، ويحوّله إلى قوّة ممانعة ترفض الفشل ، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني، حالة الاحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجدُ بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية، بانتشار أفكار التطرف وانتشار آفة المخدرات بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر " عنف مجتمعي – عنف جامعي -ازدياد حالات الانتحار - الأزمات الأخلاقية و... ألخ، التي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني، وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكلّ ذلك يعود إلى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطّموا مستقبل الشباب الأردني.
ختاماً ، إنّ على بعض أقطاب النظام الأردني أن يعوا جيّداً ، إنّ أي حديث يتم اليوم هدفهُ المستقبلي هو السماح بعودة وتبرئة فاسدين وعودتهم للصف الأول بناء على تقارير دولية "لا نعلم مامدى صحتها ومصداقيتها "، هو حديثٌ مرفوض من غالبية الشعب العربي الأردني ، فالفاسد مكانه الوحيد أقبية السجون وأعواد المشانق، وعلى بعض أقطاب النظام الأردني أن يدركوا بشكلٍ كامل ، إن الدولة الأردنية، تعيشُ اليوم بكلّ مكوناتها بوضعٍ خطير جدّاً وبظواهر لايمكن أن يُسكت عنها، لأن السكوت عنها بهذه المرحلة، خطيئةٌ وجريمةٌ كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ، وعلى بعض أقطاب النظام الأردني أن يعلموا إن هذا الشعب العربي الأردني الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوقٍ تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه، سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالبُ بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه،لا تعنيه بالمطلق كل هذه التقارير الدولية ،لأنه يعيش بأرض الحدث ويعرف كل مايجري بالأردن سواء أكان فوق الطاولة أو تحت الطاولة ،ورغم كل هذا مازال الشعب العربي الأردني بمجموعه بخندق الدولة ونظامها ، ولكن للأسف نرى أن بعض دوائر صنع القرار للنظام الأردني، بدأت تسعى لتوسيع الهوّة والفجوة بينه وبين طيفٍ واسع من أبناء الشعب العربي الأردني ،وهذه ظاهرةٌ ومشكلة خطيرة، تستدعي وقفة تأمل مرحلية ومستقبلية من قبل النظام الأردني ،لأن الوقت ليس بصالح أحد ، ولكل بداية نهاية ؟؟ فاتعظوا يا أولي الألباب
المصدر :
الماسة السورية/ هشام الهبيشان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة