لاريب أن العمليات العسكرية الروسية في سورية تهدف إلى اقتلاع الإرهاب واجتثاث الإرهابيين أينما وُجدوا، فقد أكدت موسكو في وقت سابق أن قواتها"مستعدة للمشاركة في مكافحة الإرهاب في العراق إذا طلب منها التدخل"،

 

 ما يقطع الشك بأن هذه العمليات لا تدخل في نطاق "المناورات السياسية"، بل هي جزء أساسي من حماية الأمن القومي لروسيا ومصالحها الاقتصادية، رغم تمسُّكها بالحل السياسي للأزمة السورية، ودعمها المطلق له، لكن كلاً من المسألتين على حدى، حسب ما يؤكد خبير عسكري واستراتيجي.

 

ويبدي الخبير استغرابه "للتحليلات" التي تعتبر أن القوات الروسية دخلت في "حرب أفغانية" ثانية، جازماً بأنه لا يمكن تشبيه الواقع الميداني السوري الراهن بالتدخل الروسي في أفغانتستان في ثمانينيات القرن الفائت، ومشيراً إلى أن الاختلاف الجوهري بين الإثنين هو أن الجيش السوري يقاتل على أرضه، متحصّناً بدعم شعبي كبير، وأن دور القوات الروسية محصور في تنفيذ الغارات الجوية على مقارّ الإرهابيين، إضافة إلى التنسيق المعلوماتي والاستخباراتي، لاسيما أن موسكو أعلنت أن قواتها لن تتدخل في العمليات البرية.

 

ويعتبر الخبير ألا داعي للمشاركة البرية الروسية، فالقوات السورية اكتسبت خبرة عالية في مكافحة الإرهاب على نحو خمسة أعوام، بالإضافة إلى أنه تم إعداد بعض وحداتها للتعامل مع "الظاهرة" المذكورة، مؤكداً أن جُلّ ما يحتاجه الجيش السوري هو تجفيف منابع الإرهاب ليس إلا، وهذا الجيش كفيل باقتلاعه من أراضيه.

 

من هنا يبدو أنه كان يتم تركيز الضربات الجوية الروسية على معاقل المسلحين في شمال سورية ووسطها، ولاحقاً الجنوب، لأن الأول مفتوح على تركيا، والثاني والأخير مفتوحين على البادية المتصلة بالأردن والعراق، ثم المملكة السعودية، وهذه الدول تشكّل أغزر منابع دعم الإرهاب، على حد تعبير الخبير.

 

في السياق، تؤكد مصادر ميدانية سورية أن الأهداف الأساسية لسلاح الجو الروسي في المرحلة الراهنة والأولى من العمليات هي مراكز التحكم والقيادي للإرهابيين، ومخازن السلاح والذخيرة، يليها تدمير الدفاعات الجوية، والسلاح الثقيل الموجود في حوزتهم، بالإضافة إلى قطع طرق الإمداد.

 

لاشك أن نجاح القوات الروسية في تسديد ضرابتها للأهداف المذكورة سيمهّد لعملية برية يقوم بها الجيش السوري بالتنسيق مع حلفائه، قد تبدأ مناطق تماسه مع المسلحين، كحلب والرستن وتلبيسه في محافظة حمص، وسواها.

 

وتأكيداً على ذلك، يكشف قيادي كبير في قوات "صقور الصحراء" التي شكّلت رأس الحربة في عمليات اقتحام أبرز معاقل المجموعات في المسلحة في ريف اللاذقية الشمالي - الغربي، لاسيما منطقتي سلمى وربيعة، أن قواته عازمة على الانتقال إلى وسط البلاد لتطهيرها من البؤر الإرهابية، مؤكداً استعادة مدينة تدمر الأثرية مهما بلغت الأثمان، لما لها من رمزية تاريخية لسورية والحضارة الإنسانية.

 

وهكذا، بدأ محور المقاومة يجني ثمار الثبات في الموقف والصمود في الميدان، لاسيما أن الخط البياني للعمليات العسكرية في سورية يتصاعد أكثر مما كان متوقَّعاً، خصوصاً في ريفي اللاذقية الشمالي وحلب الشرقي ودرعا وسواها، ما أدى إلى البحث الجدّي لإيجاد حلول للأزمة الراهنة في المحافل الدولية، بدليل الذهاب إلى مؤتمر جنيف في الأيام المقبلة، وتخلّي بعض الدول الإقليمية الغربية عن شرط تنحي الرئيس بشار الاسد، حسب ما يؤكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف.

  • فريق ماسة
  • 2016-01-27
  • 15308
  • من الأرشيف

أين ستكون وجهة "صقور الصحراء" بعد سلمى وربيعة؟

 لاريب أن العمليات العسكرية الروسية في سورية تهدف إلى اقتلاع الإرهاب واجتثاث الإرهابيين أينما وُجدوا، فقد أكدت موسكو في وقت سابق أن قواتها"مستعدة للمشاركة في مكافحة الإرهاب في العراق إذا طلب منها التدخل"،    ما يقطع الشك بأن هذه العمليات لا تدخل في نطاق "المناورات السياسية"، بل هي جزء أساسي من حماية الأمن القومي لروسيا ومصالحها الاقتصادية، رغم تمسُّكها بالحل السياسي للأزمة السورية، ودعمها المطلق له، لكن كلاً من المسألتين على حدى، حسب ما يؤكد خبير عسكري واستراتيجي.   ويبدي الخبير استغرابه "للتحليلات" التي تعتبر أن القوات الروسية دخلت في "حرب أفغانية" ثانية، جازماً بأنه لا يمكن تشبيه الواقع الميداني السوري الراهن بالتدخل الروسي في أفغانتستان في ثمانينيات القرن الفائت، ومشيراً إلى أن الاختلاف الجوهري بين الإثنين هو أن الجيش السوري يقاتل على أرضه، متحصّناً بدعم شعبي كبير، وأن دور القوات الروسية محصور في تنفيذ الغارات الجوية على مقارّ الإرهابيين، إضافة إلى التنسيق المعلوماتي والاستخباراتي، لاسيما أن موسكو أعلنت أن قواتها لن تتدخل في العمليات البرية.   ويعتبر الخبير ألا داعي للمشاركة البرية الروسية، فالقوات السورية اكتسبت خبرة عالية في مكافحة الإرهاب على نحو خمسة أعوام، بالإضافة إلى أنه تم إعداد بعض وحداتها للتعامل مع "الظاهرة" المذكورة، مؤكداً أن جُلّ ما يحتاجه الجيش السوري هو تجفيف منابع الإرهاب ليس إلا، وهذا الجيش كفيل باقتلاعه من أراضيه.   من هنا يبدو أنه كان يتم تركيز الضربات الجوية الروسية على معاقل المسلحين في شمال سورية ووسطها، ولاحقاً الجنوب، لأن الأول مفتوح على تركيا، والثاني والأخير مفتوحين على البادية المتصلة بالأردن والعراق، ثم المملكة السعودية، وهذه الدول تشكّل أغزر منابع دعم الإرهاب، على حد تعبير الخبير.   في السياق، تؤكد مصادر ميدانية سورية أن الأهداف الأساسية لسلاح الجو الروسي في المرحلة الراهنة والأولى من العمليات هي مراكز التحكم والقيادي للإرهابيين، ومخازن السلاح والذخيرة، يليها تدمير الدفاعات الجوية، والسلاح الثقيل الموجود في حوزتهم، بالإضافة إلى قطع طرق الإمداد.   لاشك أن نجاح القوات الروسية في تسديد ضرابتها للأهداف المذكورة سيمهّد لعملية برية يقوم بها الجيش السوري بالتنسيق مع حلفائه، قد تبدأ مناطق تماسه مع المسلحين، كحلب والرستن وتلبيسه في محافظة حمص، وسواها.   وتأكيداً على ذلك، يكشف قيادي كبير في قوات "صقور الصحراء" التي شكّلت رأس الحربة في عمليات اقتحام أبرز معاقل المجموعات في المسلحة في ريف اللاذقية الشمالي - الغربي، لاسيما منطقتي سلمى وربيعة، أن قواته عازمة على الانتقال إلى وسط البلاد لتطهيرها من البؤر الإرهابية، مؤكداً استعادة مدينة تدمر الأثرية مهما بلغت الأثمان، لما لها من رمزية تاريخية لسورية والحضارة الإنسانية.   وهكذا، بدأ محور المقاومة يجني ثمار الثبات في الموقف والصمود في الميدان، لاسيما أن الخط البياني للعمليات العسكرية في سورية يتصاعد أكثر مما كان متوقَّعاً، خصوصاً في ريفي اللاذقية الشمالي وحلب الشرقي ودرعا وسواها، ما أدى إلى البحث الجدّي لإيجاد حلول للأزمة الراهنة في المحافل الدولية، بدليل الذهاب إلى مؤتمر جنيف في الأيام المقبلة، وتخلّي بعض الدول الإقليمية الغربية عن شرط تنحي الرئيس بشار الاسد، حسب ما يؤكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف.

المصدر : حسان الحسن/ الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة