دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في وقت تتابع فيه المقاتلات الروسية انطلاقها من مطار حميميم في مدينة اللاذقية، والتي يشارف ريفها الشمالي على الانتهاء من الوجود المسلح، إثر العملية العسكرية الواسعة التي يشنّها الجيش السوري والفصائل التي تؤازره، تحت غطاء جوي كثيف، بدأ الروس التمهيد للانتقال إلى خطوة لاحقة تتمثّل بالتمدّد نحو الشرق السوري، وتحديداً في المناطق المختلطة كردياً - عربياً، في محاولة لضبط العمليات العسكرية على إيقاع واحد موجه نحو محاربة «الإرهاب».
ويؤكد مصدر سوري أن الخبراء الروس بدأوا يتقاطرون، على دفعات، إلى مطار القامشلي منذ نحو شهر، آخرها دفعة وصلت قبل أربعة أيام تضم 30 خبيراً وضابطاً وتقنياً، أجروا لقاءات عدة مع قيادات عسكرية وأمنية سورية، وزاروا مواقع للجيش السوري، كما التقوا بقياديين أكراد وزاروا بعض المواقع التي يسيطر عليها الأكراد.
المصدر السوري الذي أكد أن الخبراء الروس باشروا بالفعل عمليات تأهيل وإعداد مطار القامشلي، ليتمّ تحويله إلى قاعدة عسكرية روسية جديدة، أوضح أن التحرك الروسي يتم على أكثر من صعيد، عسكري وأمني، وحتى اجتماعي، مشيراً، في هذا السياق، إلى الزيارة التي أجراها بطريرك السريان الأرثوذكس في العالم مار افرام الثاني لمدينته القامشلي قبل أيام، حيث أجرى لقاءات عدة مع وفود سريانية وكردية وعربية، وساهم بحلّ خلافات بين قوات «الأسايش» الكردية، وقوات «السوتورو» السريانية. ومن بين اللقاءات التي أجراها البطريرك، المعروف بعلاقاته القوية مع روسيا، لقاء تمّ مع القائد العام لقوات «الأسايش» جوان إبراهيم، من دون أن تتسرّب معلومات كافية عن فحوى اللقاء.
العمل الروسي المتصاعد في المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، يأتي بالتوازي مع عمل آخر يتم شمالاً، حيث أكدت مصادر متطابقة أن وفداً روسياً قام بزيارة مواقع كردية شمال سوريا، ضمن عمليات التواصل الدائم وتبادل المعلومات من جهة، وزيادة الضغط الروسي على المقاتلين الأكراد للانخراط في المشروع الروسي «ضد الإرهاب» في سوريا، وفق ما أكد مصدر سوري كردي فضل عدم الكشف عن اسمه. وفي حين ذكر المصدر أن «مستوى التعاون الروسي - الكردي يسير وفق منحنى تصاعدي»، رفض الحديث حول ما تسرّب عن إنشاء «غرفة إدارة مشتركة روسية - كردية» في منطقة عفرين شمال حلب، من دون أن ينفي أو يؤكد صحة هذه المعلومة.
مصدر متابع للنشاط الروسي في المنطقة الشرقية من سوريا أكد، خلال حديثه إلى «السفير»، أن الروس «يستفيدون من طريقة تعامل التحالف الذي تقوده أميركا للأكراد، ويطرحون مشروعهم البديل»، موضحاً أن «التحالف ومنذ بدء تعاونه مع الوحدات الكردية وفي ما بعد قوات سوريا الديموقراطية يقوم بتسيير المعارك وفق رؤيته، من دون أن يأخذ بعين الاعتبار الرغبات الكردية». وضرب المصدر مثالاً على ذلك «منع التحالف الوحدات الكردية من دخول معقل تنظيم داعش في مدينة الشدادي بريف الحسكة، رغم أنها كانت في المتناول، وتوجيه قوات سوريا الديموقراطية للتقدّم نحو سد تشرين ضمن معارك لا فائدة استراتيجية منها حتى الآن، قبل أن يقرّر التحالف توقيف العمليات على هذا المحور».
وفي وقت رأى فيه مصدر سوري كردي أن الشارع الكردي عموماً، والنسق السياسي منه بخاصة، بدأ يشهد تنامياً لـ «خطين متنافرين، الأول يدعو لتقوية العلاقات مع روسيا، والآخر يرى في التحالف الذي تقوده أميركا أفضل»، نفى الكاتب والسياسي السوري الكردي ريزان حدو ذلك، ورأى، خلال حديثه إلى «السفير»، أن المسارين العسكري والسياسي يتمّان بشكل متناسق روسي – أميركي. وقال «نحن نحارب قوى إرهابية تمتلك إمكانيات، لذلك نحن نرحب بأي جهة تقدم لنا مساعدات عسكرية مهما كان نوعها، ويبقى رهاننا على العامل البشري شجاعة و بطولة مقاتلينا».
وعلى الرغم من تأكيد الكاتب السوري الكردي على تكامل الدورين الروسي والأميركي، إلا أن المصدر المتابع للملف الروسي أكد أن «الأكراد سيقفون قريباً أمام خيارين يُعدّهما الروس يتمثلان بالتعاون معنا في معاركنا مع الإرهاب، أو البحث عن قوى بديلة في مناطق نفوذكم»، موضحاً أن اللقاءات التي جمعت بين الاستشاريين الروس والقياديين الأكراد تضمّنت تعهد موسكو بتقديم مساعدات كبيرة ضمن شروط بسيطة، أهمها «رفع العلم السوري إلى جانب رايات القوات الكردية المقاتلة على الأرض»، في تأكيد على أن الدعم الذي تقدّمه روسيا يأتي في سياق دعم الدولة السورية مع تقديم ضمان يفصل بين سياق المفاوضات السياسية، عن العمليات العسكرية، ما يضمن للأكراد تواجدهم كقوة سياسية فاعلة في المضمار التفاوضي لحل الأزمة السورية.
المصدر :
علاء حلبي / السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة