دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
منذ أيام حملت بداية العام الجديد صخب الإحتفالات وصمت الساسة , و على غير العادة فقد اختفى أغلب اللاعبون البارزون على مدة الخمس سنوات للحرب على سورية , وهدأ ضجيج المنابر و غابت التصريحات , و خف بريق الشاشات , وتغيرت المانشيتات !.
وبقيت وحدها المقاتلات السورية والروسية, تجوب السماء السورية, ووحدها أقدام البواسل والمقاومين تُزلزل الأرض وتُلهبها في وجه المعتدين, وبقي العنوان الإعلامي الوحيد.. الجيش يتقدم, الجيش يسيطر, الإرهاب يفرّ, الإرهابيون يٌقتلون....الخ. و يسأل أحدهم .. هل هو توافق ٌ دولي و عالمي ٌ غير مُعلن ؟ أم هو تعّقل ٌ كبير و هزيمة المشروع و إنكفاء أصحابه ؟ أم هو عجز ٌ كبير و قلة ُ الحيلة و الاستسلام أمام زئير الأسود و المد ّ الهجومي الكبير لمتابعة الحسم و التحرير الذي بدأت انطلاقته مع بداية الشهر العاشر للعام المنصرم . فأينما اتجهت تُطالعك عبارات " الحل هو سياسي ٌ بإمتياز ", " الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة ", " ضرورة وقف الحرب و الإسراع في إيجاد الحل السياسي " , وعلى لسان كل ساسة العالم بمن فيهم الأمريكيين و الفرنسيين والبريطانيين و بعض العرب .. فيما لا يزال اّل سعود يصرخون و يتوعدون و يهددون , فالوزير الوهابي – الظاهرة - عادل الجبير لم ينفك عن التوعد بهزيمة الأسد السياسية و العسكرية !؟. وقبل أن يتسرّع المجيبون... فإن المعركة لم تنه بعد , و الإنكفاء الإعلامي لا يعني بالضرورة نهاية الحرب .. فقط هو الإرتباك والإفلاس السياسي و توقف العقول عن العمل وكافة أعراض الصدمة و الذهول بقوة و قدرات القيادة العسكرية و السياسية و الصمود الشعبي في سورية. لقد ضرب العالم موعدا ً مع " السلام " في جنيف مجددا ً , وحدده في 25\1\2016 عبر لقاء ٍ تفاوضي ٍ مباشر بين وفدي الدولة السورية و " معارضيها المفترضين " , هي لحظة الحقيقة ولحظة جني ثمار الشجاعة و التضحية والإنتماء , و على المقلب الاّخر لحظة تراكم الفشل و إجترار الهزيمة . فالجيش العربي السوري وضع إنتصاراته الميدانية في أجندة الوفد الدبلوماسي المفاوض , و ذخرّها ببسط سيطرته على مدن ٍ و بلدات ٍ و قرى ً لا تُعد و لا تُحصى , و لن يكون اّخرها تحرير سلمى و تلالها في ريف اللاذقية الشمالي , فلا زالت هناك عشرة ُ أيام ٍ تفصلنا عن موعد اللقاء , و دون شك ستحمل إلى العالم المزيد من المفاجئات , و للسوريين المزيد من الإنجازات و الفرحة . و في الوقت الذي تنتظر الدولة السورية إنتهاء المبعوث الأممي من تشكيل الوفد " المقابل " و تُصرّ على معرفة أسماء المشاركين فيه - وهذا من حقها – إذ يقول وزير الخارجية و المغتربين السوري " وليد المعلم " أن الحكومة السورية مصرة على معرفة أسماء وفد "المعارضة " الذي ستحاوره في جنيف, و أكد من نيودلهي استعداد سورية لحضور إجتماعات جنيف , وأن " وفدنا لن يذهب إلى الحوار مع أشباح". إن إصرار دمشق على ضرورة الإعلان عن لائحة التنظيمات الإرهابية المتوافق عليها دوليا ً, يأتي لضمان خلو الوفد المعارض من ممثلي الجماعات الإرهابية الأمر الذي يتعارض مع قرارات مجلس الأمن. يبدو أن تلك اللائحة أخذت تُشكل عقدة ً و هاجسا ً و مصدرا ً للهستيريا لبعض القوى الدولية والإقليمية والخليجية , و للإرهابيين أنفسهم على الأرض مباشرة ً , إذ يشكل إعلانها إصدار و طباعة أوراق النعوة الأممية و السورية للتنظيمات المسجلة عليها , و بمثابة الحكم عليها بالإعدام وفق قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن مدعومة ً بالفصل السابع .. فيما يتجه من سيحظى بحماية السيد الأمريكي و غيره ببطاقة العبور و الدخول ك " معارض ٍمعتدل " , ليدخل الإجتماعات آمنا ً و أمينا ً على تحقيق مصالح مشغليه و من يقف وراءه . و إذ تؤكد الدولة الروسية لنظيرتها الأمريكية أن " أحرار الشام" و" جيش الإسلام " منظمتان إرهابيتان , وعليها تجنب المعايير المزدوجة , و ترى موسكو بضرورة الإتفاق على قائمة التنظيمات الإرهابية في سورية , وتطالب بالإمتثال الكامل لقرار مجلس الأمن حول تشكيل الوفد الشامل للمعارضة . في الوقت الذي تحاول فيه السعودية توتير الأجواء وحرف الأنظار عن حقيقة امتعاضها و مخاوفها نتيجة وضع أذرعها الإرهابية على تلك القائمة ,الأمر الذي دفعها إلى محاولة فتح أبواب الحروب الدينية و المذهبية ,عبر شراء أصوات بعض الدول المأجورة والطامعة بفتات المال السعودي , بهدف تعطيل مؤتمر جنيف , و محاولتها مقايضة خسارتها ل " أحرار الشام" و "جيش الإسلام " بوصم و توصيف و إعتبار حزب الله في المقاومة اللبنانية تنظيما ً إرهابيا ً, من خلال بيان وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير .. يبدو أن المملكة فقدت عقلها السياسي و حصرت تفكيرها بغريزة البقاء , واتباعها سياسة ردود الأفعال , مما سيتسبب لها بالمزيد من الإرباك و الفشل و الضياع . فحتى هذه اللحظة لا تملك أية ُ جهة ٍ أن تؤكد حصول اللقاء , فالفشل والصراعات التي يتطلبها إيجاد المعارضة و توحيدها كان ضربا ً من المستحيل على مدى خمس سنوات ٍ , فمالذي يضمن نجاحه في عشرة أيام ٍ متبقية .. وقد يكون اللقاء على موعد ٍ مع التأخير- المفتعل- أو التأجيل أو الإلغاء ؟؟. إن نجاح الجيش العربي السوري بتحرير مدينة سلمى و تلالها بعد أربع سنوات ٍ من تحصّن الإرهابيين فيها , بدعم ٍ و تدخل ٍ عسكري مباشر ٍ من العدو التركي , أن يعيدها إلى حضن الوطن و أن يفصل بين جبل الأكراد و جبل التركمان , و يعزز مواقعه و يفتح الطريق نحو تحرير بلدة ربيعة , التي لجأ إليها بعض الإرهابيين الفارين من معركة تحرير سلمى , فيما هرب الباقون نحو الحدود مع تركيا , هذا الإنجاز العسكري الهام و المفاجئ , جعل سيطرة الجيش على كافة تحصينات الإرهابيين في ربيعة و ما حولها مسألة وقت , و فسحت المجال أمام التقدم نحو الحدود التركية من جهة و إحكام السيطرة و منع العربدة التركية , و الدفع بشخصيات الائتلاف للإفلاس المبكر و قبيل إجتماعات جنيف , بالإضافة إلى قطع الأذرع التركية - الإرهابية في استباحة الحدود و الأراضي السورية , و فتح الطريق نحو استعادة جسر الشغور و المسطومة والوصول إلى مدينة إدلب و إنهاء الوجود الإرهابيي فيها . بالتوازي مع فتح الطريق نحو عفرين وأعزاز من جهة , بالإضافة لتقدم الجيش نحو مدينة الباب و الذي أصبح على مسافة لا تتعدى ال 7 كم . إن تحرير سلمى كان على الأهمية بمكان ما سمح للدولة السورية بإرسال الرسائل للعدو التركي و السعودي و الأمريكي و العدو" الإسرائيلي, بغض النظر عن مشروع كل ٍ منهم في سورية , فالمنطقة العازلة التي لطالما حلم بها أردوغان أصبحت نسيا ً منسيا – سوريا ً - و أن المجال سيكون متاحا ً للمقاومة الوطنية هناك , فلا زال الشعب السوري يحلم و يأمل بإسترجاع و تحرير لواء الإسكندرون و كافة الأراضي السورية المحتلة تركيا ً, فيما تلّقى العدو الأمريكي رسالة سلمى في نفس البقعة الجغرافية , الأمر الذي سيضع حدا ً و نهاية ً للمشروع الأمريكي في دعم وإنشاء دولة ٍ كردية على الأرض السورية , فيما حملت رسالة خاصة ً لاّل سعود , بأن عودوا أدراجكم فالحرب انتهت , وعادت من حيث أتت , و لم يعد الهروب إلى الأمام و تصدير مشاكل المملكة الداخلية مجديا ً, وأن المملكة بات في أمس الحاجة " لربيع ٍ" جذري ينقذ أهل الحجاز من براثنهم , و يدفع عن العالم ماّسي الحروب الهمجية – الوحشية , و يعيد للإنسانية ألقها و قيمتها بعيدا ً عن السبي والقتل و تقطيع الرؤوس . فيما يتلّقى العدو الإسرائيلي رسالة سلمى , عبر إنهيار المجاميع الإرهابية وعودة البندقية السورية لتحمي الحدود بأيدي المقاومين المدعومين والمتكئين على بيئتهم الشعبية الحاضنة , و من خلفهم الجيش الإسطوري العظيم , الذي لن يتأخر في تحديد ساعة صفر ٍ جديدة لتحرير الجولان و كل ذرة تراب سورية و عربية . من الواضح أن رسائل سلمى السياسية و الميدانية أرست أساسات الربط بين أرياف محافظات حلب و حماة و إدلب و اللاذقية , و ضمنت إلى حد ٍ بعيد وخلال وقت قريب بإذن الله تحقيق النصر الكامل و الكبير بالتوازي مع الإنتصارات على كامل مساحة الوطن, نصرٌ يحلم السوريين به و يشعرون بإقترابه و كلهم فخرٌ واعتزاز بجيشهم الوطني و قائدهم الرمز الرئيس بشار الأسد .
المصدر :
ميشيل كلاغاصي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة