من الممكن قراءة قرار مجلس الأمن 2254 الصادر بالإجماع يوم الجمعة الفائت حول سورية كخطة سلام ستسعى معظم دول العالم لتطبيقها في إطار الجهود المبذولة حالياً لحل الأزمات المعقدة في المنطقة.

فلأول مرة منذ العام 2011 بدافع «الخوف» من الإرهاب وليس «القيم الإنسانية» يتوحد «المجتمع الدولي» على صيغة محددة لحل «الأزمة»، لكن بعيداً عن مناقشة الأسباب التي دفعته للتخلي عن انقساماته وخلافاته حيال سورية، ولا بد من التوقف عند القرار كونه اتُخذ تحت الفصل السابع وله صفة إلزامية حاسمة وهو انتصار للإرادة السورية في ضوء ما يلي:

 

1- وجود حالة إجماع دولي بضرورة الاستقرار الإستراتيجي في سورية عبر إنهاء «الأزمة» فيها لتداعياتها السلبية على الدول الأخرى.

2- تضييق الخناق على مصادر تمويل وتسليح «داعش» و«النصرة» و«كل من يرتبط بهما»، من شأنه عدم بقاء سورية نقطة جذب لإرهابيي العالم كما كان الحال في السنوات الماضية، فإيقاف الدعم اللوجستي عنهم سيدفعهم للبحث عن ساحات أخرى للقتال وهو ما بدأ يحصل فعلاً، وهذا الواقع سيفرض على الغرب التعامل مع ملف الإرهاب بموضوعية أكبر كمسألة تتطلب محاربتها مبادئ «مستقرة ومستدامة»، وهذا المسار بدأت تسلكه العديد من الدول الأوروبية كألمانيا مثلاً (صحيفة بيليلد أكدت قبل أيام أن أجهزة الاستخبارات الألمانية تتعاون مع الأجهزة الأمنية السورية).

3- التركيز على مجموعة «دعم سورية» الملتزمة بالأطر الزمنية للحل السياسي والتي ضمت «بإصرار من موسكو عدداً من الدول المهمة في المنطقة» يوضح إخفاق «عزل وردع روسيا»، ويعكس حجم تأثير دورها ومساعيها منذ بدء «الأزمة» لمنع أي طرف خارجي بفرض تسوية أحادية الجانب في سورية، فالأمن بالمنطق الروسي «لا يقبل التجزئة.. ولا يمكن ضمان أمن بلد من دون الاهتمام بأمن الآخرين».

4- رغم محاولات القادة الغربيين بتضليل الرأي العام وتسويق «الأزمة» وموجات الهجرة إلى أوروبا على أنها متعلقة فقط «برحيل» الرئيس الأسد، إلا أن القرار (في نهاية المطاف) يمثل تشريعاً قانونياً أممياً لاتفاقات فيينا التي تتبنى الرؤية الوطنية للحل أي:دعم الحوار الوطني ومحاربة الإرهاب وعلمانية الدولة وترك حق تقرير مستقبلها للسوريين والاحتكام لصناديق الاقتراع، فالحل بإقرار وزير الخارجية الأميركي: «لا يمكن أن يُفرض من الخارج».

5- تثبيت التوافق الروسي الأميركي وتهيئة الظروف الخارجية الملائمة لحل أزمات الشرق الأوسط (باليمن وسورية وليبيا ولبنان).

6- تأكيد الانفتاح الغربي على إيران أحد أبرز حلفاء دمشق، وللإشارة كان جون كيري قد صرح في مؤتمره الصحفي إلى أن القرار 2254: «قريب جداً لما عرضه الإيرانيون قبل سنة».

وبناء على ما سبق، من المتوقع تحسن الوضع العام في سورية في ظل ما يتحقق من الإنجازات الميدانية للجيش العربي السوري وحلفائه وإتمام عملية المصالحة الوطنية بنجاح، والمهم أن هذا المشهد سيساهم بعزلة الأنظمة المتطرفة والمتورطة بدعم الإرهاب خصوصاً تركيا التي تُنتقد أوروبياً لتسهيلها عبور المقاتلين الأجانب من سورية وإليها، وكذلك السعودية التي أنشأت تحالف «منتصف الليل» في الوقت الضائع «لتبييض» سجلها الأسود وإيديولوجيتها الظلامية أمام العالم، ولاشك أن الفتور الدولي حيال تحالفها المذهبي يؤكد وجود قناعة عامة بأنها ليست مؤهلة لهذا الدور، وما قامت به ليس سوى حركة استعراضية بائسة مستميتة من محمد بن سلمان لإرضاء الغرب في إثبات أنه الأقدر في الانتصار على الإرهاب من محمد بن نايف وفق ما جاء في تغريدة المغرد السعودي /مجتهد/.

  • فريق ماسة
  • 2015-12-18
  • 8006
  • من الأرشيف

الإرادة السورية تنتصر في مجلس الأمن

من الممكن قراءة قرار مجلس الأمن 2254 الصادر بالإجماع يوم الجمعة الفائت حول سورية كخطة سلام ستسعى معظم دول العالم لتطبيقها في إطار الجهود المبذولة حالياً لحل الأزمات المعقدة في المنطقة. فلأول مرة منذ العام 2011 بدافع «الخوف» من الإرهاب وليس «القيم الإنسانية» يتوحد «المجتمع الدولي» على صيغة محددة لحل «الأزمة»، لكن بعيداً عن مناقشة الأسباب التي دفعته للتخلي عن انقساماته وخلافاته حيال سورية، ولا بد من التوقف عند القرار كونه اتُخذ تحت الفصل السابع وله صفة إلزامية حاسمة وهو انتصار للإرادة السورية في ضوء ما يلي:   1- وجود حالة إجماع دولي بضرورة الاستقرار الإستراتيجي في سورية عبر إنهاء «الأزمة» فيها لتداعياتها السلبية على الدول الأخرى. 2- تضييق الخناق على مصادر تمويل وتسليح «داعش» و«النصرة» و«كل من يرتبط بهما»، من شأنه عدم بقاء سورية نقطة جذب لإرهابيي العالم كما كان الحال في السنوات الماضية، فإيقاف الدعم اللوجستي عنهم سيدفعهم للبحث عن ساحات أخرى للقتال وهو ما بدأ يحصل فعلاً، وهذا الواقع سيفرض على الغرب التعامل مع ملف الإرهاب بموضوعية أكبر كمسألة تتطلب محاربتها مبادئ «مستقرة ومستدامة»، وهذا المسار بدأت تسلكه العديد من الدول الأوروبية كألمانيا مثلاً (صحيفة بيليلد أكدت قبل أيام أن أجهزة الاستخبارات الألمانية تتعاون مع الأجهزة الأمنية السورية). 3- التركيز على مجموعة «دعم سورية» الملتزمة بالأطر الزمنية للحل السياسي والتي ضمت «بإصرار من موسكو عدداً من الدول المهمة في المنطقة» يوضح إخفاق «عزل وردع روسيا»، ويعكس حجم تأثير دورها ومساعيها منذ بدء «الأزمة» لمنع أي طرف خارجي بفرض تسوية أحادية الجانب في سورية، فالأمن بالمنطق الروسي «لا يقبل التجزئة.. ولا يمكن ضمان أمن بلد من دون الاهتمام بأمن الآخرين». 4- رغم محاولات القادة الغربيين بتضليل الرأي العام وتسويق «الأزمة» وموجات الهجرة إلى أوروبا على أنها متعلقة فقط «برحيل» الرئيس الأسد، إلا أن القرار (في نهاية المطاف) يمثل تشريعاً قانونياً أممياً لاتفاقات فيينا التي تتبنى الرؤية الوطنية للحل أي:دعم الحوار الوطني ومحاربة الإرهاب وعلمانية الدولة وترك حق تقرير مستقبلها للسوريين والاحتكام لصناديق الاقتراع، فالحل بإقرار وزير الخارجية الأميركي: «لا يمكن أن يُفرض من الخارج». 5- تثبيت التوافق الروسي الأميركي وتهيئة الظروف الخارجية الملائمة لحل أزمات الشرق الأوسط (باليمن وسورية وليبيا ولبنان). 6- تأكيد الانفتاح الغربي على إيران أحد أبرز حلفاء دمشق، وللإشارة كان جون كيري قد صرح في مؤتمره الصحفي إلى أن القرار 2254: «قريب جداً لما عرضه الإيرانيون قبل سنة». وبناء على ما سبق، من المتوقع تحسن الوضع العام في سورية في ظل ما يتحقق من الإنجازات الميدانية للجيش العربي السوري وحلفائه وإتمام عملية المصالحة الوطنية بنجاح، والمهم أن هذا المشهد سيساهم بعزلة الأنظمة المتطرفة والمتورطة بدعم الإرهاب خصوصاً تركيا التي تُنتقد أوروبياً لتسهيلها عبور المقاتلين الأجانب من سورية وإليها، وكذلك السعودية التي أنشأت تحالف «منتصف الليل» في الوقت الضائع «لتبييض» سجلها الأسود وإيديولوجيتها الظلامية أمام العالم، ولاشك أن الفتور الدولي حيال تحالفها المذهبي يؤكد وجود قناعة عامة بأنها ليست مؤهلة لهذا الدور، وما قامت به ليس سوى حركة استعراضية بائسة مستميتة من محمد بن سلمان لإرضاء الغرب في إثبات أنه الأقدر في الانتصار على الإرهاب من محمد بن نايف وفق ما جاء في تغريدة المغرد السعودي /مجتهد/.

المصدر : باسمة حامد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة