نجحت روسيا في حشر النظام التركي في الزاوية، وهذا ما بدا واضحا حينما التجأ الأخير إلى (إسرائيل) للاحتماء بها، وفك الضغوط الاقتصادية والسياسية المفروضة عليه.

 

أنقرة - تعمل تركيا على مستويات عدة للخروج من المستنقع الذي أوقعت نفسها فيه جراء استعدائها لروسيا.

 

وتحاول أنقرة جاهدة طرق جميع الأبواب التي من شأنها أن توفر لها الدعم والإمكانية لكسر القيود الروسية المفروضة عليها.

 

ومن بين هذه الأبواب (إسرائيل) حيث قطعت أشواطا متقدمة لإعادة التطبيع معها، وذلك على حساب حلفائها من الفلسطينيين (حماس).

 

وتشهد العلاقة بين روسيا وتركيا توترا كبيرا، على خلفية إقدام مقاتلات تركية في نوفمبر الماضي على إسقاط طائرة عسكرية روسية على الحدود مع سوريا.

 

وقد أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه السنوي الأخير أنه لا يرى أي احتمال لعودة العلاقات بين الجانبين.

 

واتخذت روسيا على مدار الأسابيع الماضية جملة من الإجراءات الاقتصادية العقابية ضد تركيا شملت المنتجات الزراعية، ومنع السياح الروس من الذهاب إلى هذا البلد الذي تعتبر السياحة إحدى ركائزه الاقتصادية.

 

وتخشى تركيا أن تقدم روسيا على قطع إمدادات الغاز إليها، خاصة وأن الأخيرة أبدت نوايا للقيام بذلك حينما جمدت مشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا “السيل التركي”.

 

وتبذل اليوم تركيا جهودا حثيثة لتوفير بدائل في المنطقة كالاعتماد على الغاز الإسرائيلي، وهذا لن يتم دون القبول بالشروط الإسرائيلية ومنها إعلان التطبيع الكامل معها وأيضا تضييق الخناق على حليفتها حماس.

 

وقد أعلن مسؤول إسرائيلي الخميس، أن (إسرائيل) وتركيا توصلتا إلى “تفاهمات” لتطبيع العلاقات بين البلدين التي تدهورت إثر هجوم للبحرية الإسرائيلية على سفينة تركية كانت ضمن أسطول ينقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عام 2010.

 

وقال المسؤول الإسرائيلي إن هذه التفاهمات تم التوصل إليها خلال اجتماع سري احتضنته سويسرا شارك فيه الرئيس الجديد لجهاز الموساد يوسي كوهين والمتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بشأن الملف التركي جوزف سيخانوفر، في حين مثل تركيا مساعد وزير خارجيتها فيريدون سينيرلي أوغلو.

 

ومن النقاط التي تم التوافق عليها لإنجاح الاتفاق قيام (إسرائيل ) بدفع تعويضات عن ضحايا الهجوم على السفينة التركية وعودة السفراء وبدء محادثات حول تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا.

 

وسيتم إلغاء كل الإجراءات القضائية التي بدأتها تركيا ضد (إسرائيل) بالمقابل تتعهد أنقرة، بتضييق الخناق على حركة حماس وطرد مسؤولها صالح العاروري من أراضيها.

 

والعاروري (أبومحمد) هو عضو المكتب السياسي لحماس، ومن مؤسسي الجناح العسكري للحركة كتائب عز الدين القسام، وقد قضى في السجون الإسرائيلية 15 عاما ليرحل بعدها خارج الأراضي الفلسطينية حيث استقر به المقام في تركيا.

 

وتتهم (إسرائيل) القيادي الحمساوي بتشكيل خلايا في الضفة الغربية لضرب أهداف إسرائيلية، وقد وجهت على مدار السنتين الماضيتين انتقادات لتركيا لسماحها له بالتخطيط على أراضيها لشن “هجمات عنيفة”.

 

وتتحدث مصادر إسرائيلية أن من بين الشروط التي وضعتها إسرائيل ووافقت عليها تركيا كذلك هي منع قيادات حركة حماس من زيارة الأراضي التركية.

 

ويرى محللون أن هذه التفاهمات الإسرائيلية التركية ستشكل إحراجا كبيرا للمكتب السياسي لحركة حماس الذي تتوالى انكساراته السياسية بسبب ارتكانه للمحاور الإقليمية الخاطئة.

 

فقبلها كانت حماس تدين بالولاء المطلق لخط طهران – دمشق، لتنقلب بعد ذلك على هذا المحور إثر انطلاقة ما سمي بالربيع العربي ..وتختار المحور التركي الذي يبدو أنه لفظها في أول اتفاق له مع إسرائيل.

 

وقال أمس الجمعة القيادي في حركة حماس محمود الزهار إن حماس “تنتظر الموقف الرسمي التركي من التقارير حول تعهد أنقرة بتقييد نشاطات حماس على أراضيها من أجل اتخاذ الموقف المناسب وإعلانه”. ورفض الزهار التعليق على عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل.

 

ويقول محللون إنه في حال تم التوصل إلى اتفاق نهائي بين (إسرائيل) وتركيا فإن ذلك سيشكل صفعة مدوية لحماس وسيعرضها لمزيد من الانقسامات الداخلية، خاصة وأن هناك تيارا داخل الحركة لطالما ألقى باللوم على رئيس المكتب السياسي خالد مشعل لخروجه من المحور الإيراني.

 

ويضيف المحللون أن تركيا وفي حال ثبتت موافقتها على الشروط الإسرائيلية، فإنها تجدد التأكيد على أن لا حليف دائم لها، وما تسوقه للعرب لا يخرج عن دائرة “الشعارات الجوفاء”، وأن مصالحها الخاصة “فوق أي اعتبار”.

  • فريق ماسة
  • 2015-12-19
  • 11481
  • من الأرشيف

لفظت (حماس) في أول اتفاق لها مع (إسرائيل)...أنقرة تحتمي بتل أبيب لفك القيود الروسية..؟

نجحت روسيا في حشر النظام التركي في الزاوية، وهذا ما بدا واضحا حينما التجأ الأخير إلى (إسرائيل) للاحتماء بها، وفك الضغوط الاقتصادية والسياسية المفروضة عليه.   أنقرة - تعمل تركيا على مستويات عدة للخروج من المستنقع الذي أوقعت نفسها فيه جراء استعدائها لروسيا.   وتحاول أنقرة جاهدة طرق جميع الأبواب التي من شأنها أن توفر لها الدعم والإمكانية لكسر القيود الروسية المفروضة عليها.   ومن بين هذه الأبواب (إسرائيل) حيث قطعت أشواطا متقدمة لإعادة التطبيع معها، وذلك على حساب حلفائها من الفلسطينيين (حماس).   وتشهد العلاقة بين روسيا وتركيا توترا كبيرا، على خلفية إقدام مقاتلات تركية في نوفمبر الماضي على إسقاط طائرة عسكرية روسية على الحدود مع سوريا.   وقد أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه السنوي الأخير أنه لا يرى أي احتمال لعودة العلاقات بين الجانبين.   واتخذت روسيا على مدار الأسابيع الماضية جملة من الإجراءات الاقتصادية العقابية ضد تركيا شملت المنتجات الزراعية، ومنع السياح الروس من الذهاب إلى هذا البلد الذي تعتبر السياحة إحدى ركائزه الاقتصادية.   وتخشى تركيا أن تقدم روسيا على قطع إمدادات الغاز إليها، خاصة وأن الأخيرة أبدت نوايا للقيام بذلك حينما جمدت مشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا “السيل التركي”.   وتبذل اليوم تركيا جهودا حثيثة لتوفير بدائل في المنطقة كالاعتماد على الغاز الإسرائيلي، وهذا لن يتم دون القبول بالشروط الإسرائيلية ومنها إعلان التطبيع الكامل معها وأيضا تضييق الخناق على حليفتها حماس.   وقد أعلن مسؤول إسرائيلي الخميس، أن (إسرائيل) وتركيا توصلتا إلى “تفاهمات” لتطبيع العلاقات بين البلدين التي تدهورت إثر هجوم للبحرية الإسرائيلية على سفينة تركية كانت ضمن أسطول ينقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عام 2010.   وقال المسؤول الإسرائيلي إن هذه التفاهمات تم التوصل إليها خلال اجتماع سري احتضنته سويسرا شارك فيه الرئيس الجديد لجهاز الموساد يوسي كوهين والمتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بشأن الملف التركي جوزف سيخانوفر، في حين مثل تركيا مساعد وزير خارجيتها فيريدون سينيرلي أوغلو.   ومن النقاط التي تم التوافق عليها لإنجاح الاتفاق قيام (إسرائيل ) بدفع تعويضات عن ضحايا الهجوم على السفينة التركية وعودة السفراء وبدء محادثات حول تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا.   وسيتم إلغاء كل الإجراءات القضائية التي بدأتها تركيا ضد (إسرائيل) بالمقابل تتعهد أنقرة، بتضييق الخناق على حركة حماس وطرد مسؤولها صالح العاروري من أراضيها.   والعاروري (أبومحمد) هو عضو المكتب السياسي لحماس، ومن مؤسسي الجناح العسكري للحركة كتائب عز الدين القسام، وقد قضى في السجون الإسرائيلية 15 عاما ليرحل بعدها خارج الأراضي الفلسطينية حيث استقر به المقام في تركيا.   وتتهم (إسرائيل) القيادي الحمساوي بتشكيل خلايا في الضفة الغربية لضرب أهداف إسرائيلية، وقد وجهت على مدار السنتين الماضيتين انتقادات لتركيا لسماحها له بالتخطيط على أراضيها لشن “هجمات عنيفة”.   وتتحدث مصادر إسرائيلية أن من بين الشروط التي وضعتها إسرائيل ووافقت عليها تركيا كذلك هي منع قيادات حركة حماس من زيارة الأراضي التركية.   ويرى محللون أن هذه التفاهمات الإسرائيلية التركية ستشكل إحراجا كبيرا للمكتب السياسي لحركة حماس الذي تتوالى انكساراته السياسية بسبب ارتكانه للمحاور الإقليمية الخاطئة.   فقبلها كانت حماس تدين بالولاء المطلق لخط طهران – دمشق، لتنقلب بعد ذلك على هذا المحور إثر انطلاقة ما سمي بالربيع العربي ..وتختار المحور التركي الذي يبدو أنه لفظها في أول اتفاق له مع إسرائيل.   وقال أمس الجمعة القيادي في حركة حماس محمود الزهار إن حماس “تنتظر الموقف الرسمي التركي من التقارير حول تعهد أنقرة بتقييد نشاطات حماس على أراضيها من أجل اتخاذ الموقف المناسب وإعلانه”. ورفض الزهار التعليق على عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل.   ويقول محللون إنه في حال تم التوصل إلى اتفاق نهائي بين (إسرائيل) وتركيا فإن ذلك سيشكل صفعة مدوية لحماس وسيعرضها لمزيد من الانقسامات الداخلية، خاصة وأن هناك تيارا داخل الحركة لطالما ألقى باللوم على رئيس المكتب السياسي خالد مشعل لخروجه من المحور الإيراني.   ويضيف المحللون أن تركيا وفي حال ثبتت موافقتها على الشروط الإسرائيلية، فإنها تجدد التأكيد على أن لا حليف دائم لها، وما تسوقه للعرب لا يخرج عن دائرة “الشعارات الجوفاء”، وأن مصالحها الخاصة “فوق أي اعتبار”.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة