دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من يَعِش أبد الدهر تحت حكم السلطان السعودي لن يُبصر حقيقة الأمور، ولو جاءت على لسان العقلاء. حقيقة يثبتها الإعلام النفطي الرازح تحت ذهنية الرأي الواحد.
الإعلامي الكبير محمد حسنين هيكل لم يسلم من بطش إعلام آل سعود بعدما لامس "المحرّمات السعودية"، من خلال دعوته الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة سوريا. حيث يعتبر هيكل في حوار مع الاعلامية "لميس الحديدي" على شاشة "سي بي سي" أن سوريا بالنسبة لمصر قضية رئيسة وما يجري فيها يؤثر في مصر وقدرتها على دفاعها عن نفسها، ويضيف "إن كان الخطر الآن هو اسرائيل فوجود سوريا الآن في وجهها ضروري جداً".
كلام هيكل المعاكس لكل ما روّجت له أدوات الدعاية السعودية طوال السنوات الماضية من حربها ضد سوريا وشعبها -ومحاولاتها عزل دمشق عن محيطها العربي- أثار حفيظة "العربية نت" التي شنّت هجوماً كبيراً على الرّجل متلطّية خلف مصطلح "مصادر". فزعمت أن "المفاتيح القديمة" التي يجرب هيكل استخدامها "في كل الأبواب الجديدة" أصبحت "غير صالحة للتفكير السياسي".
حتى أن "مصادر العربية" تخطّت مرحلة تحليل آراء هيكل لتصل الى أسلوبها المبتذل في تناول الخصوم، معتبرة أنه صحفي "يجاهد كي يكتسب درجة "المفكر السياسي" منذ زمن بعيد ولم "يقدر على ذلك"". فإذا كان هيكل فعلاً كذلك، لماذا يخصص البوق السعودي هذه المساحة للرد عليه، والتقليل من شأنه؟ ولماذا كل هذا الحَنَق السعودي عليه؟ علماً أن الرجل بشهادة الأعداء والأصدقاء هو أحد أهم الصحافيين العرب الذين وصلوا الى مستوى العالمية والذي كانت تترجم مقالته الى عشرات اللغات وتنشر في مئات الصحف في مختلف انحاء العالم.
ولعل ما أثار قلق السعوديين في كلام هيكل هو دحضه لكل الأكاذيب التي تحاول عبثاً فضائيات الحقد الممول من آل سعود، ترويجها عن إيران ودورها في المنطقة. كل ما قاله الرّجل كلمة حق عن ضرورة التنسيق مع ايران كدولة مجاورة لمصر تربطهما علاقات طيبة ومصالح متبادلة. علاقة لا بد أن العقل السعودي عاجز عن تفهّم نشوئها وهو الذي سعى ويسعى دوماً للتعامل مع شعوب المنطقة من منطلق الفوقية، والنموذج اليمني خير شاهد على ذلك، متنكّراً لحقوق الشعوب وحتى المفكّرين بإبداء آرائهم في مستقبل بلدانهم، وعلاقاتهم مع الجوار.
لكن أكثر ما استفزّ أمراء النفط في الرياض لاستنفار أدواتهم من وسائل الاعلام الممولة خليجياً في مصر للهجوم على الكاتب العربي، هو ما أعلنه حول العدوان السعودي على اليمن، حيث قال إن "اليمن أصبح ساحة تدريب، ولم تبق به مدرسة أو مستشفى سليمة، والضرب بشكل عشوائي وتم هدم ما استطاع الشعب اليمنى أن ينجزه في 100 عام"، معتبراً أن "معظم الدمار من الضربات الجوية، والحوثيون لم يقوموا بها"، مؤكداً أن "الضرب في اليمن أوكلته الولايات المتحدة لأطراف عربية".
هيكل لم يجامل مقدمة البرنامج، فأدلى بدلوه بدون تحفظ معيدا دول الخليج الى حجمها الطبيعي فهي لا تمتلك سياسة خارجية وغير مؤثرة فالمؤثر هو فقط من يمتلك القدرة على الفعل.
الموقف السعودي الحاقد ضد هيكل لا يمكن فصلة عن موقف أمراء النفط من الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر وتلك الحقبة الثورية المضيئة من التاريخ العربي. من الملسمات القول بكراهية آل سعود لهذه المرحلة التي لعب فيها هيكل دوراً اسياسياً الى جانب الرئيس المصري، والتي تشكل نقيضاً لنهجهم الاستسلامي. في ذلك الزمن الجميل، كانت مصر تقود دولاً كالهند ويوغسلافيا وكان المشروع القومي العربي يشكل حلم العرب من المحيط الى الخليج. بعكس المشروع السعودي القائم على شراء الذمم والضمائر والمؤسس لكل ما تعاني منه المنطقة من جهل وظلم وتخلف.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة