دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الطائرات الروسية قالت: ايها السادة لقد تغيرت قواعد اللعبة...!
حتى ولو قيل وراء الضوء ان باراك أوباما وفلاديمير بوتين اتفقا على «شكل ثوري» للبلقنة. سلسلة من الجراحات الاستراتيجية في الشرق الأوسط. هكذا تولد سوريا الشمالية وسوريا الجنوبية، والعراق الشمالي والعراق الجنوبي. منذ أيام جورج دبيلو بوش، بل ومنذ أيام بيل كلينتون والاميركيون يقولون أن المملكة العربية السعودية، ببنيتها الجغرافية، والعائلية، والسياسية، وحتى الايديولوجية، يفترض ان تتبدل...
في عهد كلينتون جرى الحديث عن الوجوه التي شاخت ويفترض ان تتغير. في عهد بوش الابن، كان ريتشارد بيرل (أمير الظلام) يأتي بالباحثين والاكاديميين الى البنتاغون ليحاضروا أمام الجنرالات حول ضرورة اعادة النظر في الخرائط الهرمة وفي السلالات الهرمة.
حتى هذه اللحظة لا تزال المنطقة تدار بالخيوط الاميركية. الروس كسروا الايقاع القديم . معلقون في واشنطن اذ يتهمون اوباما بأنه يفتقد الدوي، يقرون بأن اميركا لم تعد تنتج «النجوم»...
يلاحظون اي طراز من الرجال على المسرح الرئاسي حتى الآن. شخصية فارغة مثل دونالد ترامب تكتسح الشاشات، وفي الحزب الديمقراطي الذي يعاني، بدوره، من تقهقر الادمغة حائر حتى الساعة بين رجل تماهى مع الظل، أي جوزف بايدن، وامرأة ما زال يلاحقها، فرويدياً، شبح مونيكا لويفنسكي، أي هيلاري كلينتون..
جيمس بيكر يقول انه «مأزق الامبراطورية». هكذا طرح صمويل هنتينغتون «صدام الحضارات» ليكرس أبدية الصراع الاستراتيجي، وهكذا طرح فرنسيس فوكوياما «نهاية التاريخ» كانعكاس دراماتيكي لنهاية الايديولوجيا قبل ان يضرب الغول في مانهاتن و«حيث تتلالأ روح أميركا»، كما قال هنري مور في حينه.
غريب ان هنري كيسنجر الذي يدعو الى استراتيجية الفيلة، وحيث التدمير الكامل او الاستيعاب الكامل، بدلاً من استراتيجية الكلاب، وحيث النهش التكتيكي والمتقطع، يتساءل ما اذا «كنا بحاجة الى الشريك الروسي لمراقصة الايديولوجيات المجنونة في الشرق الاوسط»...
بالغطرسة إياها يسأل ما اذا كان هناك تواطؤ ما بين اوباما وبوتين. المخططون الاستراتيجيون في واشنطن الذين جروا البيت الابيض الى الشرق الأقصى باعتبار ان الباسيفيك هو مسرح الصراع بدءاً من الربع الثاني من القرن، يقولون ان بالامكان ان يلاعب أحدهم الدب (الروسي)، ولكن كيف له أن يلاعب التنين (الصيني)؟
كيسنجر الذي يقول ان الولايات المتحدة المتوجسة من الايقاع الصيني تدرك جيدا ان روسيا أكثر توجساً. والمثير هنا ان يتحدث روبرت كابلان ، الباحث في مؤسسة سترانفورد، عن تفاهم اميركي ـ روسي في الشرق الاوسط يمهد لتفاهم في الشرق الاقصى. اللعبة دقيقة وحساسة...
كل ضوضاء الدم في المنطقة لا تخفي الجانب الكاريكاتوري من المشهد. الصراخ في الغرب، وفي الشرق الاوسط، حول الغارات الروسية، حتى ان المعارضة في اسطنبول والتي وصفها أحد اركانها بـ «أطباق الشيشكباب على مائدة اردوغان» رفعت الصوت. ماذا فعلت واشنطن لهؤلاء سوى انها ادارت الفوضى العسكرية على مدى خمس سنوات، إن عبر تركيا او عبر تل أبيب ناهيك عن عواصم عربية لاتزال حتى اللحظة تتعامل قبلياً مع الكارثة السورية...
باستطاعة الولايات المتحدة ان تغتال فينا حتى الزمن، وباستطاعتها ان تقيم الدولة الفلسطينية على قطعة من القماش لا على قطعة من الارض، كما في ذلك المشهد الفولكلوري في نيويورك، وباستطاعتها وقف الايقاع التاريخي فينا عند الف ليلة وليلة أو عند داحس والغبراء قبل ان تدفعنا الى ذلك المستنقع الايديولوجي (عودوا الى خطة جون فوستر دالاس حول التفخيخ العقائدي للإسلام)، اما عندما يظهر الروس على المسرح، وهم بالملابس المرقطة، فيا للطامة الكبرى...
كل هذا الصراخ لن يكون مجدياً. على الأرض، وفي الجو، قواعد جديدة للعبة. إما المضي في ثقافة الصحارى أو التفاعل مع لغة القرن، منذ قرنين تماماً، وفي مؤتمر فيينا (1815) قال كلمنت ميترنيخ «لا تسويات مقدسة، ولكن من قال أن الحروب مقدسة؟»... الدببة القطبية في ديارنا. لم يعد هناك لاعب واحد على رقعة الشطرنج. من فضلكم حاولوا ان تفقهوا أن ثمة قواعد جديدة للعبة!!
المصدر :
نبيه البرجي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة