دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بالرغم من أن المعركة التي اندلعت في ريف حماه الشمالي تعتبر محدودة من حيث المساحة الجغرافية، ولا تتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة، إلا أنها حظيت باهتمام بالغ وبتغطية إعلامية كبيرة،
وذلك لأنها مثّلت أول اختبار من نوعه للتنسيق بين القوات البرية السورية والطيران الحربي الروسي، الأمر الذي كانت تنتظره العديد من الجهات المحلية والإقليمية لتقييم الدور الروسي وفعاليته، وتحديد المسار الذي يمكن أن تسلكه الأحداث السورية في المرحلة المقبلة.
وشنّ الجيش السوري، مدعوماً بوحدات من الدفاع الوطني، صباح أمس، هجوماً برياً من عدة محاور على بلدات وقرى في ريف حماه الشمالي، تحت غطاء جوي وفّرته الطائرات الروسية الحديثة.
وقد امتدت جبهات القتال على مساحة تقدَّر بحوالي 20 كيلومتراً، من اللطامنة غرباً إلى مورك شرقاً. وانطلقت أرتال الجيش السوري من المواقع التي كانت تتمركز فيها، وحشدت إليها قوات إضافية خلال الأيام السابقة، مثل حاجز المغيّر وحاجزي المصاصنة ومعركبّة وحواجز مدينة مورك، باتجاه أهدافها في كل من مدينة كفرنبودة التي خلت من سكانها بعد نزوح الأهالي منها الأسبوع الماضي، ومدينة اللطامنة، وقريتي الصياد ولطمين.
وترافق تقدم الأرتال العسكرية مع غارات عنيفة شنتها طائرات حربية روسية وأخرى سورية، بالإضافة إلى قصف عنيف ومركّز نفذته المدفعية والدبابات. وأشارت بعض المعلومات إلى أن القصف التمهيدي شاركت فيه راجمات صواريخ حديثة روسية الصنع تستخدم للمرة الأولى في المعارك على الأراضي السورية.
وأحرزت قوات الجيش السوري تقدماً ملموساً على بعض المحاور خلال الساعات الأولى من الهجوم، حيث سيطرت على قرية التوبة غرب كفرنبودة، وعلى نقطة الصوامع جنوبها، وعلى مزارع الهبيط. كما تقدمت على محور لطمين وتمكنت من السيطرة على أجزاء من القرية. وكانت مساء أمس الأول قد تقدمت بعملية تمهيدية على محور معان وسيطرت على نقطة المدجنة في محيط قرية عطشان. إلا أن الجيش لم يتمكن من التثبيت في جميع النقاط التي تقدم إليها، حيث اضطر بسبب شراسة المعارك وكثافة استخدام صواريخ «تاو» المضادة للدروع، الأميركية الصنع، أن ينسحب من بعض هذه النقاط ويعود إلى نقاطه الأولى كما حصل في نقطة الصوامع، فيما ظل متشبثاً بمكتسباته في كل من لطمين شمال محردة ومزارع الهبيط، بينما تعتبر نقطة المداجن وقرية التوبة مناطق اشتباكات.
وبرغم الكر والفر، إلا أن الاشتباكات ما تزال دائرة ولم تتوقف خصوصاً على محور معركبّة، وهو ما أكده إعلامي «أحرار الشام» أبو اليزيد التفتناز، حيث قال، في تصريح صحافي، «لا يمكن الحديث عن انسحاب كامل لقوات النظام، فالاشتباكات لا تزال مستمرة حتى الآن، وما حدث هو أن النظام تقدم عشرات الأمتار فقط في المحاور التي تدور عندها الاشتباكات، ولكن تم التصدي لمحاولات التقدم هذه وإرجاعهم إلى المناطق التي انطلقوا منها».
ومن الجدير بالذكر أن «أحرار الشام الإسلامية» هي من تقود المعركة ضد الجيش السوري في ريف حماه الشمالي، حيث أقر القيادي «الشيخ موسى» بأن جميع الفصائل توافقت على أن تكون «إمرة» المعركة بيد «أحرار الشام» لا «الجيش الحر». وشاركت العديد من الفصائل في هذه المعركة، أهمها فصائل قريبة من «القاعدة» مثل «جند الأقصى» ومجموعات كبيرة من «جيش الفتح» الذي تهيمن عليه «جبهة النصرة». ومن المعلوم أن بعض مدن ريف حماه مثل اللطامنة تعتبر معقلاً من معاقل الفصائل «القاعدية».
وقد لوحظ في مجريات المعركة، الكثافة العالية التي استخدم فيها مسلحو بعض الفصائل صواريخ «تاو» الأميركية، وهو ما يشير إلى أن خطوط الإمداد كانت مفتوحة. وفي هذا السياق تحدث بعض النشطاء عن وصول دعم لوجستي وبشري من ريف إدلب إلى ريف حماه الشمالي لصد هجوم الجيش. كما ترتبط بعض فصائل حماه مباشرة مع «غرفة عمليات ألموك»، مثل «تجمع العزة» الذي استهدفت الطائرات الروسية معاقله في غاراتها الأولى الأسبوع الماضي.
وبالرغم من أن البعض سارع إلى الحديث عن فشل تجربة التنسيق الأولى بين الجيش السوري والطيران الروسي، مستنداً إلى أن النتائج التي تحققت في الهجوم لا تتناسب مع حجم الدعاية التي رافقت دخول الطائرات الروسية على أرض المعركة، إلا أن البعض الآخر آثر التريث قبل تقييم هذه التجربة، خاصة أن المعركة ما تزال مستمرة. وفي هذا السياق قال لـ «السفير» ناشط إعلامي مواكب للعملية العسكرية في ريف حماه، ورفض الكشف عن اسمه، إن التنسيق بين الجيش السوري والطيران الروسي كان جيداً بالنسبة إلى التعاون الأول الذي يجري بينهما، لكنه أشار إلى حصول خلل في التنسيق مع بعض وحدات الدفاع الوطني على أحد المحاور، ما ساهم في عدم قدرة هذه الوحدات على التثبيت في النقطة التي تقدمت إليها. لكن الناشط قلّل من أهمية هذا الخلل، مشيراً إلى إمكانية تفاديه في مراحل الهجوم التالية.
ونفى مصدر ميداني سوري لـ «السفير» صحة ما أشيع حول «مجزرة دبابات» ارتكبها المسلحون ضد آليات الجيش وعرباته. وأكد أن الخسائر التي لحقت بصفوف الوحدات المهاجمة هي خسائر طبيعية، ولم تخرج عن الحد المعتاد. وكانت العديد من مواقع وصفحات الإعلاميين المعارضين قد تحدثت عن تدمير أكثر من 20 دبابة للجيش السوري. وتأكيداً لذلك طلب مدير «مكتب حماه الإعلامي» المعارض في رسالة صوتية من جميع الإعلاميين «عدم التهويل وتضخيم الأخبار»، طالباً منهم الالتزام بالمصداقية.
وكان مصدر عسكري في ريف حماه قد أكّد، لوكالة «فرانس برس»، أن قوات الجيش «تعمل في عملياتها الأخيرة على فصل ريف إدلب الجنوبي عن ريف حماه الشمالي».
المصدر :
عبد الله سليمان علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة