يسود التخبط صفوف «حركة أحرار الشام» بشأن التعاطي مع ملف المفاوضات حول مدينة الزبداني. ويعود التخبط في قسم منه إلى سوء إدارة الملف، وربط مصيره بورقة الفوعة وكفريا في ريف ادلب، غصباً عن الجغرافيا التي تباعد بين المنطقتين مئات الكيلومترات.

 لكن قسماً منه يعود إلى عدم قدرة الحركة على الاستحصال على تفويض كامل من جميع الأفرقاء المؤثرين في الزبداني، الأمر الذي حرمها من القدرة على اتخاذ القرار. كما أن بعض الفصائل المتضررة من مبدأ التفاوض تسعى جاهدة إلى إفشال المفاوضات بأي ثمن.

في هذه الأثناء، نفذ سلاح الجو سلسلة غارات على أوكار وتجمعات الإرهابيين في ريفي إدلب وحماه أسفرت عن مقتل عدد منهم، فيما قضت وحدات الجيش العاملة في درعا على ستة من قيادات الإرهابيين ودمرت إمداداتهم القادمة من الجانب الأردني.

وبعد ساعات من عودة العمليات العسكرية في الزبداني، أعلن مصدر عسكري لوكالة الانباء السورية ـ «سانا» ان «وحدات من الجيش السوري، بالتعاون مع المقاومة اللبنانية، احكمت سيطرتها على عدد من كتل الأبنية في الحي الغربي من المدينة بعد القضاء على بؤر التنظيمات الإرهابية التكفيرية فيها»، مضيفا: «تواصل وحدات الجيش بالتعاون مع المقاومة تقدمها باتجاه مركز المدينة في إطار العملية العسكرية المتواصلة لاجتثاث الإرهاب التكفيري في المدينة».

وكانت «أحرار الشام» أعلنت، مطلع الأسبوع الماضي، وقف المفاوضات مع «الوفد الإيراني» حول مدينة الزبداني، معللة ذلك بسعي «الوفد الإيراني» إلى «إحداث تغيير ديموغرافي» في ريف دمشق والمنطقة الحدودية مع لبنان، وهو الأمر الذي اعتبرته الحركة خطراً كبيراً لا يمكنها لوحدها تحمل مسؤوليته. فدعت الفصائل كافة إلى الاستنفار وإشعال الجبهات من أجل مواجهته.

لذلك كان مفاجئاً أن يتم الإعلان، بعد أيام قليلة من صدور بيان «وقف المفاوضات»، عن توقيع هدنة لمدة 48 ساعة تتضمن وقف إطلاق النار في كل من الزبداني والفوعة وكفريا وإخراج المصابين، ثم الإعلان عن تمديد الهدنة لفترة إضافية كان يفترض أن تستمر حتى صباح يوم الأحد. ومع انتهاء مدة الهدنة الأصلية، وقبل دخول التمديد حيز التنفيذ، سارعت «أحرار الشام» إلى تسريب أنباء عن انهيار المفاوضات وانتهاء الهدنة، واضعةً حداً لتفاؤل بعض التوقعات بأن تتحول الهدنة إلى تسوية متكاملة. وكترجمة لذلك فقد استأنفت كتائب «أحرار الشام» في ريف إدلب عمليات القصف على أحياء بلدتي الفوعة وكفريا.

ولم تستطع الحركة توضيح سبب انهيار الهدنة، مكتفية بترداد السمفونية نفسها حول عزم إيران «إخلاء المسلحين والمدنيين من المدينة»، علماً أنه السبب نفسه الذي ادّعت أنه وراء قرارها السابق بوقف المفاوضات، من دون أن تفسر لماذا عادت إليها برغم بقاء ما تزعم أنه مطلب إيراني؟!

وفي هذا السياق، نفى مصدر متابع لملف مفاوضات الزبداني، لـ «السفير»، أن يكون هذا الأمر مطروحاً على طاولة النقاش. وأكد أن ما يجري نقاشه هو تحديد قائمة بأسماء الراغبين في الانسحاب، سواء من المسلحين أو المدنيين، من دون إجبار أحد عليه. وتأكيداً لذلك، قال رئيس «حزب التضامن» المعارض محمد أبو القاسم إن هناك مسارين للتفاوض، مسار عسكري - أمني يجري خلاله الاتفاق على الانسحاب وتسليم الأسلحة، ومسار سياسي سيقوده حزبه يهدف إلى توقيع اتفاق مصالحة مع أبناء المدينة الذين فضّلوا البقاء فيها وعدم الانسحاب.

ويبدو أن «أحرار الشام» وجدت نفسها أمام مأزق كبير جراء المفاوضات التي تخوضها بتفويض من بعض فعاليات وفصائل مدينة الزبداني. وهي كانت عبّرت عن هذا المأزق ببيانها السابق عندما اعتبرت أن «قضية الزبداني أكبر منا (أي من الحركة ومسؤوليتها)». لذلك فضلت التستر على هذا المأزق عبر التركيز على المخطط «الصفوي» ونيته تهجير المدنيين من المدينة. ويعود هذا المأزق إلى أسباب عدة، أهمها أن الحركة هي الفصيل الذي كان يهيمن على مدينة الزبداني، وبالتالي تشعر أنها ستكون مسؤولة لوحدها عن أي قرار تتخذه نتيجة المفاوضات.

وقد علمت «السفير» من مصدر محلي في وادي بردى، القريب من مدينة الزبداني، بريف دمشق، أن قيادة «جبهة النصرة» في المنطقة غير راضية عن انخراط «أحرار الشام» في هذه المفاوضات، لكنها لم تسارع إلى معارضتها علناً نتيجة المعطيات التي توافرت عندها بأن مصير المفاوضات سيكون الفشل. ولكن بعد الإعلان عن الهدنة وتمديدها شعرت قيادة «النصرة» بأن الأمور تتطور بسرعة، وقد تتحول إلى تسوية كاملة كما جرى في أحياء حمص القديمة، لذلك سارعت إلى دق الإسفين الأول بهدف إفشال الهدنة وإعادة الأمور إلى الاشتعال من جديد.

وتمثل الإسفين بقيام «جبهة النصرة» بإصدار بيان مصور، بإسم «مجلس شورى مجاهدي وادي بردى»، أعلنت فيه قطع مياه الفيجة عن العاصمة دمشق، وأن المياه لن تعود قبل انسحاب الجيش السوري و «حزب الله» من مدينة الزبداني بشكل كامل.

وبالفعل نفذت «النصرة» تهديدها وقطعت المياه عن مدينة دمشق، الأمر الذي استدعى رداً فورياً من طائرات الجيش السوري التي أغارت على معاقل المسلحين في وادي بردى لإجبارهم على التراجع عن مغامرة «تعطيش العاصمة». ويؤكد المصدر، الذي تحدث إلى «السفير»، أن خطوة قطع المياه صدرت عن «جبهة النصرة» وحدها من دون استشارة باقي الفصائل المتواجدة في المنطقة، مشيراً إلى أن الهدف منها هو خرق هدنة الزبداني تمهيداً لإفشالها. وذكر المصدر أن «جبهة النصرة» لم تتراجع عن هذه الخطوة إلا بعد وصول مجموعة من المسلحين إلى معقل «أميرها الشرعي» أبو حسن التلفيتي وتهديده بإطلاق النار عليه، وهو ما دفع الأخير إلى إصدار أوامر لعناصره بالانسحاب من نبع الفيجة وإعادة المياه إلى مجاريها. وما يؤكد صحة هذه الرواية أن الجماعات المسلحة الأخرى سارعت أمس إلى إعلان «هدنة» مع الجيش السوري وإعادة ضخ المياه إلى دمشق، علماً أن وادي بردى يخضع لاتفاق تسوية بين الجيش السوري والمسلحين منذ أشهر عدة.

من جهة ثانية، أصدرت بعض الشخصيات «السياسية والاجتماعية من أهالي الزبداني» بياناً أعلنوا فيه رفضهم للمفاوضات التي تجري، متهمين «أحرار الشام» بأنها «تريد الاستسلام والهروب من المعركة»، وطالبوها بأن تفعل ذلك «باسمها وليس باسم أهالي الزبداني الذين لم ولن يفوضوا أحداً لإخراجهم من ديارهم كما حصل في حمص». وقد وقّع على هذا البيان كل من المعارض السوري كمال اللبواني والسفير السابق فاروق طه والعقيد المنشق علي ناصيف. كما وقّعه ممثلون عن «المجلس الثوري في سرغايا ومضايا».

ولا يقتصر مأزق «أحرار الشام» على الجانبين السابقين فحسب، بل تعداّه إلى وجود خلافات بين قيادة الحركة المحلية في الزبداني وبين قيادتها المركزية حول بعض الشروط التي يمكن أن يتضمنها الاتفاق، وأهم هذه الشروط المكان المرشح لانسحاب عناصر الحركة إليه. حيث يرفض قادة الحركة المحليون الانسحاب إلى مكان يفقدون فيه الامتيازات القيادية التي يتمتعون بها في الزبداني، لا سيما أن القيادي البارز في الزبداني أبو عدنان زيتوني، قائد «كتائب حمزة»، يعتبر نفسه من مؤسسي الحركة الأوائل.

وعليه، فإن نجاح المفاوضات بشأن الزبداني أو فشلها، لا يتعلق فقط بالاشتراطات «الإيرانية» كما تقول «أحرار الشام»، بل يتعلق أولاً وأخيراً بقدرة الحركة على الحصول على تفويض كامل من أهالي الزبداني للتوقيع على الاتفاق الذي يمكن أن تتمخض عنه المفاوضات الجارية، وكذلك بقدرتها على إرضاء حلفائها، وخاصة «جبهة النصرة» ومنعها من المشاغبة على أي اتفاق مرحلي أو نهائي يتم التوقيع عليه.

ويضاف إلى ذلك وجود هاجس لدى الحركة حول تواجدها في محيط دمشق، خاصة بعد أن خسرت تواجدها في الغوطة الشرقية، إثر الخلاف مع «فيلق الرحمن» و «القيادة الموحدة»، والذي انتهى إلى منعها من العمل في الغوطة وحرمانها من استعادة مستودعات أسلحتها. وتخشى بعض قيادات الحركة أن يؤدي انسحابها من الزبداني إلى خسارة آخر معاقلها في محيط العاصمة، وهو ما سيؤثر في دورها في مستقبل سوريا في «حال سقوط النظام». وقد تكون حادثة اغتيال قائدها العسكري في القابون أبو راتب المزاوي، قبل يومين، عززت من هذه الهواجس وجعلتها تشعر أن أكثر من فريق يريد إنهاء وجودها حول دمشق.

  • فريق ماسة
  • 2015-08-16
  • 10543
  • من الأرشيف

الزبداني: الهدنة و«أحرار الشام» تتخبطان....بقلم عبد الله سليمان علي

يسود التخبط صفوف «حركة أحرار الشام» بشأن التعاطي مع ملف المفاوضات حول مدينة الزبداني. ويعود التخبط في قسم منه إلى سوء إدارة الملف، وربط مصيره بورقة الفوعة وكفريا في ريف ادلب، غصباً عن الجغرافيا التي تباعد بين المنطقتين مئات الكيلومترات.  لكن قسماً منه يعود إلى عدم قدرة الحركة على الاستحصال على تفويض كامل من جميع الأفرقاء المؤثرين في الزبداني، الأمر الذي حرمها من القدرة على اتخاذ القرار. كما أن بعض الفصائل المتضررة من مبدأ التفاوض تسعى جاهدة إلى إفشال المفاوضات بأي ثمن. في هذه الأثناء، نفذ سلاح الجو سلسلة غارات على أوكار وتجمعات الإرهابيين في ريفي إدلب وحماه أسفرت عن مقتل عدد منهم، فيما قضت وحدات الجيش العاملة في درعا على ستة من قيادات الإرهابيين ودمرت إمداداتهم القادمة من الجانب الأردني. وبعد ساعات من عودة العمليات العسكرية في الزبداني، أعلن مصدر عسكري لوكالة الانباء السورية ـ «سانا» ان «وحدات من الجيش السوري، بالتعاون مع المقاومة اللبنانية، احكمت سيطرتها على عدد من كتل الأبنية في الحي الغربي من المدينة بعد القضاء على بؤر التنظيمات الإرهابية التكفيرية فيها»، مضيفا: «تواصل وحدات الجيش بالتعاون مع المقاومة تقدمها باتجاه مركز المدينة في إطار العملية العسكرية المتواصلة لاجتثاث الإرهاب التكفيري في المدينة». وكانت «أحرار الشام» أعلنت، مطلع الأسبوع الماضي، وقف المفاوضات مع «الوفد الإيراني» حول مدينة الزبداني، معللة ذلك بسعي «الوفد الإيراني» إلى «إحداث تغيير ديموغرافي» في ريف دمشق والمنطقة الحدودية مع لبنان، وهو الأمر الذي اعتبرته الحركة خطراً كبيراً لا يمكنها لوحدها تحمل مسؤوليته. فدعت الفصائل كافة إلى الاستنفار وإشعال الجبهات من أجل مواجهته. لذلك كان مفاجئاً أن يتم الإعلان، بعد أيام قليلة من صدور بيان «وقف المفاوضات»، عن توقيع هدنة لمدة 48 ساعة تتضمن وقف إطلاق النار في كل من الزبداني والفوعة وكفريا وإخراج المصابين، ثم الإعلان عن تمديد الهدنة لفترة إضافية كان يفترض أن تستمر حتى صباح يوم الأحد. ومع انتهاء مدة الهدنة الأصلية، وقبل دخول التمديد حيز التنفيذ، سارعت «أحرار الشام» إلى تسريب أنباء عن انهيار المفاوضات وانتهاء الهدنة، واضعةً حداً لتفاؤل بعض التوقعات بأن تتحول الهدنة إلى تسوية متكاملة. وكترجمة لذلك فقد استأنفت كتائب «أحرار الشام» في ريف إدلب عمليات القصف على أحياء بلدتي الفوعة وكفريا. ولم تستطع الحركة توضيح سبب انهيار الهدنة، مكتفية بترداد السمفونية نفسها حول عزم إيران «إخلاء المسلحين والمدنيين من المدينة»، علماً أنه السبب نفسه الذي ادّعت أنه وراء قرارها السابق بوقف المفاوضات، من دون أن تفسر لماذا عادت إليها برغم بقاء ما تزعم أنه مطلب إيراني؟! وفي هذا السياق، نفى مصدر متابع لملف مفاوضات الزبداني، لـ «السفير»، أن يكون هذا الأمر مطروحاً على طاولة النقاش. وأكد أن ما يجري نقاشه هو تحديد قائمة بأسماء الراغبين في الانسحاب، سواء من المسلحين أو المدنيين، من دون إجبار أحد عليه. وتأكيداً لذلك، قال رئيس «حزب التضامن» المعارض محمد أبو القاسم إن هناك مسارين للتفاوض، مسار عسكري - أمني يجري خلاله الاتفاق على الانسحاب وتسليم الأسلحة، ومسار سياسي سيقوده حزبه يهدف إلى توقيع اتفاق مصالحة مع أبناء المدينة الذين فضّلوا البقاء فيها وعدم الانسحاب. ويبدو أن «أحرار الشام» وجدت نفسها أمام مأزق كبير جراء المفاوضات التي تخوضها بتفويض من بعض فعاليات وفصائل مدينة الزبداني. وهي كانت عبّرت عن هذا المأزق ببيانها السابق عندما اعتبرت أن «قضية الزبداني أكبر منا (أي من الحركة ومسؤوليتها)». لذلك فضلت التستر على هذا المأزق عبر التركيز على المخطط «الصفوي» ونيته تهجير المدنيين من المدينة. ويعود هذا المأزق إلى أسباب عدة، أهمها أن الحركة هي الفصيل الذي كان يهيمن على مدينة الزبداني، وبالتالي تشعر أنها ستكون مسؤولة لوحدها عن أي قرار تتخذه نتيجة المفاوضات. وقد علمت «السفير» من مصدر محلي في وادي بردى، القريب من مدينة الزبداني، بريف دمشق، أن قيادة «جبهة النصرة» في المنطقة غير راضية عن انخراط «أحرار الشام» في هذه المفاوضات، لكنها لم تسارع إلى معارضتها علناً نتيجة المعطيات التي توافرت عندها بأن مصير المفاوضات سيكون الفشل. ولكن بعد الإعلان عن الهدنة وتمديدها شعرت قيادة «النصرة» بأن الأمور تتطور بسرعة، وقد تتحول إلى تسوية كاملة كما جرى في أحياء حمص القديمة، لذلك سارعت إلى دق الإسفين الأول بهدف إفشال الهدنة وإعادة الأمور إلى الاشتعال من جديد. وتمثل الإسفين بقيام «جبهة النصرة» بإصدار بيان مصور، بإسم «مجلس شورى مجاهدي وادي بردى»، أعلنت فيه قطع مياه الفيجة عن العاصمة دمشق، وأن المياه لن تعود قبل انسحاب الجيش السوري و «حزب الله» من مدينة الزبداني بشكل كامل. وبالفعل نفذت «النصرة» تهديدها وقطعت المياه عن مدينة دمشق، الأمر الذي استدعى رداً فورياً من طائرات الجيش السوري التي أغارت على معاقل المسلحين في وادي بردى لإجبارهم على التراجع عن مغامرة «تعطيش العاصمة». ويؤكد المصدر، الذي تحدث إلى «السفير»، أن خطوة قطع المياه صدرت عن «جبهة النصرة» وحدها من دون استشارة باقي الفصائل المتواجدة في المنطقة، مشيراً إلى أن الهدف منها هو خرق هدنة الزبداني تمهيداً لإفشالها. وذكر المصدر أن «جبهة النصرة» لم تتراجع عن هذه الخطوة إلا بعد وصول مجموعة من المسلحين إلى معقل «أميرها الشرعي» أبو حسن التلفيتي وتهديده بإطلاق النار عليه، وهو ما دفع الأخير إلى إصدار أوامر لعناصره بالانسحاب من نبع الفيجة وإعادة المياه إلى مجاريها. وما يؤكد صحة هذه الرواية أن الجماعات المسلحة الأخرى سارعت أمس إلى إعلان «هدنة» مع الجيش السوري وإعادة ضخ المياه إلى دمشق، علماً أن وادي بردى يخضع لاتفاق تسوية بين الجيش السوري والمسلحين منذ أشهر عدة. من جهة ثانية، أصدرت بعض الشخصيات «السياسية والاجتماعية من أهالي الزبداني» بياناً أعلنوا فيه رفضهم للمفاوضات التي تجري، متهمين «أحرار الشام» بأنها «تريد الاستسلام والهروب من المعركة»، وطالبوها بأن تفعل ذلك «باسمها وليس باسم أهالي الزبداني الذين لم ولن يفوضوا أحداً لإخراجهم من ديارهم كما حصل في حمص». وقد وقّع على هذا البيان كل من المعارض السوري كمال اللبواني والسفير السابق فاروق طه والعقيد المنشق علي ناصيف. كما وقّعه ممثلون عن «المجلس الثوري في سرغايا ومضايا». ولا يقتصر مأزق «أحرار الشام» على الجانبين السابقين فحسب، بل تعداّه إلى وجود خلافات بين قيادة الحركة المحلية في الزبداني وبين قيادتها المركزية حول بعض الشروط التي يمكن أن يتضمنها الاتفاق، وأهم هذه الشروط المكان المرشح لانسحاب عناصر الحركة إليه. حيث يرفض قادة الحركة المحليون الانسحاب إلى مكان يفقدون فيه الامتيازات القيادية التي يتمتعون بها في الزبداني، لا سيما أن القيادي البارز في الزبداني أبو عدنان زيتوني، قائد «كتائب حمزة»، يعتبر نفسه من مؤسسي الحركة الأوائل. وعليه، فإن نجاح المفاوضات بشأن الزبداني أو فشلها، لا يتعلق فقط بالاشتراطات «الإيرانية» كما تقول «أحرار الشام»، بل يتعلق أولاً وأخيراً بقدرة الحركة على الحصول على تفويض كامل من أهالي الزبداني للتوقيع على الاتفاق الذي يمكن أن تتمخض عنه المفاوضات الجارية، وكذلك بقدرتها على إرضاء حلفائها، وخاصة «جبهة النصرة» ومنعها من المشاغبة على أي اتفاق مرحلي أو نهائي يتم التوقيع عليه. ويضاف إلى ذلك وجود هاجس لدى الحركة حول تواجدها في محيط دمشق، خاصة بعد أن خسرت تواجدها في الغوطة الشرقية، إثر الخلاف مع «فيلق الرحمن» و «القيادة الموحدة»، والذي انتهى إلى منعها من العمل في الغوطة وحرمانها من استعادة مستودعات أسلحتها. وتخشى بعض قيادات الحركة أن يؤدي انسحابها من الزبداني إلى خسارة آخر معاقلها في محيط العاصمة، وهو ما سيؤثر في دورها في مستقبل سوريا في «حال سقوط النظام». وقد تكون حادثة اغتيال قائدها العسكري في القابون أبو راتب المزاوي، قبل يومين، عززت من هذه الهواجس وجعلتها تشعر أن أكثر من فريق يريد إنهاء وجودها حول دمشق.

المصدر : الماسة السورية / السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة