تواجه تركيا، بسبب سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية، تحديات لم تواجه مثيلاً لها منذ ولادة الجمهورية التركية بعد سقوط السلطنة العثمانية.

تواجه تركيا اليوم تجدّد المواجهة المسلحة مع الأكراد في ظروف تعمل في مصلحة الأكراد وتعزز كفاحهم المسلح أكثر مما تصبّ في مصلحة الجيش التركي، ولعلّ هذا يعدّ أهمّ وأبرز وأخطر التحديات التي تواجهها تركيا.

تواجه تركيا أيضاً تحدّي الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش». صحيح أنّ هجمات هذا التنظيم لا تزال محدودة، وهي أقرب إلى عمليات الإنذار منها إلى أيّ شيء آخر، ولكن من الصعب أن تبقى وتيرة هذه الهجمات في إطارها الحالي لسببين أساسيين، السبب الأول، أنّ سماح تركيا لدول التحالف الأميركي باستخدام قواعدها الجوية ضدّ «داعش»، سوف يدفع هذا التنظيم الإرهابي إلى الردّ على الموقف التركي، وهو يحوز على تأييد واسع في مناطق واسعة في تركيا تؤهّله لتنفيذ هجمات إرهابية، السبب الثاني، أنّ «داعش»، الذي يقدّم نفسه دولة إسلامية لكلّ العالم الإسلامي لا يقبل أقلّ من مبايعته، وعاجلاً أم آجلاً سيطلب المبايعة من الحكومة التركية أو اعتبارها مارقة ويجيز شنّ الحرب عليها.

 

كما أنّ علاقات تركيا مع حلفائها التقليديين في الغرب تعاني من توتر مستمرّ بسبب سياسات حزب العدالة والتنمية، وتحديداً بسبب علاقاته المريبة مع التنظيمات الإرهابية، ومن يتابع ما يكتب في وسائل الإعلام الغربية حول سياسات حكومات حزب العدالة والتنمية، وتحديداً في الآونة الأخيرة يدرك مدى التصدّع في العلاقات التركية الغربية، وبديهي أنه إذا كانت المواجهة بين الجيش التركي والأكراد مستمرة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، ونجحت تركيا بالتعايش معها والحدّ من تداعياتها السلبية، فمن الواضح أنّ العامل الإرهابي متمثلاً بالدرجة الأولى بتنظيم «داعش»، وأيضاً مستوى التوتر في العلاقات التركية – الغربية، يشكلان تطوّراً جديداً لم تألفه تركيا في أزماتها السابقة.

 

يضاف إلى هذه التحديات، الصراعات الحادّة بين الأحزاب التركية الفاعلة وصعوبة التوفيق بينها، وهو ما عكسه الفشل في إمكانية التوصل إلى تشكيل حكومة ائتلافية، إذ أنّ الأحزاب الثلاثة التي فازت في الانتخابات الأخيرة رفضت، من منطلقات مختلفة، الاشتراك مع حزب العدالة والتنمية في حكومة ائتلافية، ويجزم الكثير من المحللين والمتابعين للشأن التركي، أنّ أيّ انتخابات برلمانية مبكرة لن تغيّر التوازنات القائمة حالياً، الأمر الذي يؤكد أنّ تركيا مرشحة لفوضى سياسية عارمة وعجز الطبقة الحاكمة عن ممارسة الحكم، في ظلّ تصاعد المواجهة مع الأكراد، وتعاظم خطر الإرهاب، وتأثر العلاقات مع الغرب، حيث يقود كلّ ذلك إلى نشوء وضع غير مسبوق في تاريخ تركيا.

  • فريق ماسة
  • 2015-08-09
  • 12151
  • من الأرشيف

تحديات تركيا: هجمات إرهابية وقتال مع الأكراد وفوضى سياسية

تواجه تركيا، بسبب سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية، تحديات لم تواجه مثيلاً لها منذ ولادة الجمهورية التركية بعد سقوط السلطنة العثمانية. تواجه تركيا اليوم تجدّد المواجهة المسلحة مع الأكراد في ظروف تعمل في مصلحة الأكراد وتعزز كفاحهم المسلح أكثر مما تصبّ في مصلحة الجيش التركي، ولعلّ هذا يعدّ أهمّ وأبرز وأخطر التحديات التي تواجهها تركيا. تواجه تركيا أيضاً تحدّي الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش». صحيح أنّ هجمات هذا التنظيم لا تزال محدودة، وهي أقرب إلى عمليات الإنذار منها إلى أيّ شيء آخر، ولكن من الصعب أن تبقى وتيرة هذه الهجمات في إطارها الحالي لسببين أساسيين، السبب الأول، أنّ سماح تركيا لدول التحالف الأميركي باستخدام قواعدها الجوية ضدّ «داعش»، سوف يدفع هذا التنظيم الإرهابي إلى الردّ على الموقف التركي، وهو يحوز على تأييد واسع في مناطق واسعة في تركيا تؤهّله لتنفيذ هجمات إرهابية، السبب الثاني، أنّ «داعش»، الذي يقدّم نفسه دولة إسلامية لكلّ العالم الإسلامي لا يقبل أقلّ من مبايعته، وعاجلاً أم آجلاً سيطلب المبايعة من الحكومة التركية أو اعتبارها مارقة ويجيز شنّ الحرب عليها.   كما أنّ علاقات تركيا مع حلفائها التقليديين في الغرب تعاني من توتر مستمرّ بسبب سياسات حزب العدالة والتنمية، وتحديداً بسبب علاقاته المريبة مع التنظيمات الإرهابية، ومن يتابع ما يكتب في وسائل الإعلام الغربية حول سياسات حكومات حزب العدالة والتنمية، وتحديداً في الآونة الأخيرة يدرك مدى التصدّع في العلاقات التركية الغربية، وبديهي أنه إذا كانت المواجهة بين الجيش التركي والأكراد مستمرة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، ونجحت تركيا بالتعايش معها والحدّ من تداعياتها السلبية، فمن الواضح أنّ العامل الإرهابي متمثلاً بالدرجة الأولى بتنظيم «داعش»، وأيضاً مستوى التوتر في العلاقات التركية – الغربية، يشكلان تطوّراً جديداً لم تألفه تركيا في أزماتها السابقة.   يضاف إلى هذه التحديات، الصراعات الحادّة بين الأحزاب التركية الفاعلة وصعوبة التوفيق بينها، وهو ما عكسه الفشل في إمكانية التوصل إلى تشكيل حكومة ائتلافية، إذ أنّ الأحزاب الثلاثة التي فازت في الانتخابات الأخيرة رفضت، من منطلقات مختلفة، الاشتراك مع حزب العدالة والتنمية في حكومة ائتلافية، ويجزم الكثير من المحللين والمتابعين للشأن التركي، أنّ أيّ انتخابات برلمانية مبكرة لن تغيّر التوازنات القائمة حالياً، الأمر الذي يؤكد أنّ تركيا مرشحة لفوضى سياسية عارمة وعجز الطبقة الحاكمة عن ممارسة الحكم، في ظلّ تصاعد المواجهة مع الأكراد، وتعاظم خطر الإرهاب، وتأثر العلاقات مع الغرب، حيث يقود كلّ ذلك إلى نشوء وضع غير مسبوق في تاريخ تركيا.

المصدر : حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة