دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أُعلن مؤخراً أن الهجمات الجوية الأميركية في سورية والعراق أسفرت خلال الأشهر القليلة الماضية عن مقتل أكثر من 400 من المدنيين بما في ذلك 100 طفل.
وبالطبع لا تكمن المأساة الحقيقية بأن هؤلاء المدنيين فقدوا حياتهم فحسب، بل أيضاً في أن وفاتهم كانت عبثاً وذهبت سدى. وذلك لأن الولايات المتحدة لا نيّة لها بإلحاق الهزيمة بـ«داعش» وما هو واضح علانية هو أنها لا تشن حرباً ضد التنظيم.
وفي ضوء ما سبق أشار الكاتب دون شاي في مقال نشره موقع «أنتي ميديا» إلى أن «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» هو الآن في الشهر الرابع عشر من القتال ولم يثمر حتى اللحظة عن أي نتيجة واضحة ومهمة، فكما هو الحال مع جميع الأحداث السابقة في الشرق الأوسط تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون أنفسهم يقاتلون مجموعة إرهابية هم أنفسهم «على الأقل جزئياً» من أوجدها.
وأكد شاي أنه إلى هذه النقطة اعتمد نجاح تنظيم «داعش» على أرض المعركة إلى حد كبير على الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، فإرهابيو التنظيم بعد كل شيء مجهزون بالأسلحة الأمريكية بما في ذلك الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ المضادة للدبابات من طراز «BGM-71 TOW»، وآلاف المركبات من طراز «همفي». كما أسفر «التحالف» بقيادة الولايات المتحدة إضافة إلى تسليح إرهابيي «داعش» عن مقتل العديد من المقاتلين المناهضين للتنظيم في المنطقة.
ويقول الكاتب: عند تحليل موضوعي للحقائق ذات الصلة بالصراع القائم ضد «داعش» يبدو تقريباً كما لو أن واشنطن وأنقرة حليفتان للتنظيم عينه. ويبقى من دون «لف ودوران» شيء واحد شديد الوضوح: قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ليست مكرسة لهزيمة «داعش» على الإطلاق، ولكن بدلاً من ذلك خصصت تحقيقاً لدافع جيو-سياسي خفي. ونستخلص من هذه الملاحظة التي تحمل في طياتها الحقيقة المؤسفة أنه: تشارك الولايات المتحدة في حرب عبثية أخرى يذهب ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء حفاظاً على أهدافها التوسعية في المنطقة.
وتحت عنوان فرعي حمل عنوان « الولايات المتحدة تخلق المشاكل وترتدي لباس الحل الشافي» أكد شاي أنه ليس من قبيل المصادفة أن واشنطن وحلفاءها يكافحون ما صنعت أيديهم في المقام الأول. ويتساءل ما الذي يجمع بين طالبان و«القاعدة» و «داعش»؟ ثم يعود ليؤكد أنهم جميعاً كانوا حلفاء للولايات المتحدة في مرحلة ما. ومن خلال إيجاد مناخ يستلزم وجود مثل هذه الجماعات الإرهابية أوجدت الولايات المتحدة ذريعة تسوغ تدخلها وتورطها في المنطقة، بحيث يوفر لها هذا الادعاء الحفاظ على «شرعيتها» إذ يصب «ذبح البشر» في خدمتها. والحقيقة هي أن الولايات المتحدة ليست لديها مصلحة في دحر الإرهاب، فالقضاء عليه مناقض لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
وفي الختام لفت الكاتب إلى أن الإمبراطورية الأمريكية مثل كل الإمبراطوريات الاستبدادية تحتاج إلى «بعبع» تُرجع إليه تبرير أعمال العنف التي ترتكبها في جميع أنحاء العالم، بحيث تكمن أفضل طريقة للحصول على طاعة الجمهور في إرهابهم بالاعتقاد أنه «من دون دعمهم سياسة معينة تكون حياتهم في خطر شديد»، ولتعزيز هذه الروايات المنافقة يعمل مسؤولو الحكومة الأمريكية ووسائل الإعلام التابعة لها على مدار الساعة على ضمان الاستمرار في الأكاذيب التي تُصور على أنها حقائق. وما الضربات الجوية على مواقع تنظيم «داعش» وتسليح ما يسمى «المعارضة المعتدلة» إلا كلمات فارغة ومجرد مسرحية لهذه الصناعة التي تسند نفسها على المذابح الجماعية للبشر. وفي حين أن الحرب الأمريكية ضد «داعش» هي وهمية بالمعنى المتعارف عليه، فإن الأثر الضار الذي ألحقته بآلاف الأرواح عبر سورية والعراق يمثل تهديداً حقيقياً. ولا يمكن أن تصف الكلمات الألم النفسي الذي تم غرسه بقوة في أذهان الكثيرين ممن عانوا من الأحداث، فليس هناك شيء أكثر خزياً من القتل المنظم للبشر من أجل قضية غير قابلة للتحقيق.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة