دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تقود موسكو وطهران حراكين متقاطعين حول صناعة الحلول والتسويات في مناخ من التجاوب الأميركي الضمني المحكوم دائماً بمراعاة الحلفاء المحبطين بعد توقيع واشنطن التفاهم النووي مع إيران.
وتتوجه موسكو لتشكيل مثلثات حوارية حول الأزمات، فبعد دورها وشراكتها في أول مثلث يضمّها مع دمشق والرياض وتحويل اللقاء الثلاثي الذي ضمّ كلاً من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس مجلس الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك بشراكة ورعاية روسية إلى إطار مستمرّ لبحث سبل التعاون في الحرب على الإرهاب وإمكانية إدارة حوار حول سبل تشكيل حلف إقليمي ينهي النزاع بين العاصمتين العربيتين الأهمّ في رسم الخريطة السياسية في المنطقة، واللتين ينقسم العرب والعالم حولهما، في حرب لم تبق ولم تذر، تحرّكت موسكو نحو الدوحة فتشكل مثلث ثان يضمّها مع واشنطن والرياض حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بوزيري خارجية أميركا جون كيري والسعودية عادل الجبير، ومضمون محادثات المثلث العملية يمنية بامتياز لصناعة تسوية عاجلة هناك تنهي الحرب المفتوحة بلا أفق، على قاعدة السير بحلّ سياسي لا خلاف على عناوينه لجهة تشكيل حكومة ائتلافية تضع مسودة دستور جديد تجري على أساسه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بينما دار الحوار في هذا المثلث من بعيد حول سورية خصوصاً لجهة التأكيد على مواجهة مخاطر تجذّر الإرهاب كأولوية يجب أن توضع في الاعتبار في أيّ مقاربة نحو صياغة مبادرات الحلّ السياسي التي يمكن السير فيها، والتمسك بالدعوة لترجمة القرارات الأممية بوقف إمداد الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والرجال عبر ضبط شامل لحدود دول الجوار، أما المثلث الثالث فهو الذي ينعقد منذ أمس في إيران ويضمّ موسكو وطهران ودمشق، مع وصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم وميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الدائم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط، ليتولى أطراف المثلث ثنائياً وثلاثياً التداول في صيغ الحلّ السياسي الأفضل والأمثل في سورية انطلاقاً من حجم ومدى التحالف الذي ربط أطراف هذا المثلث على مدى السنوات الخمس الماضية، والذي يشكل أرضية تحرك العواصم الثلاث بتنسيق وتكامل، نحو معادلتي الحرب على الإرهاب والحوار السوري السوري باتجاه الحلّ السياسي.
طهران التي يلتقي فيها الشريكان الروسي والسوري استبقت الزيارتين بإعلان امتلاكها مبادرة للحلّ السياسي تقدّم فرصاً جديدة للتقدّم نحو توحيد الجهود الدولية والإقليمية في مواجهة الإرهاب. وعلمت «البناء» أنّ جديد المبادرة الإيرانية ينطلق من القناعة أن لا جدل إقليمياً ودولياً اليوم حول الحاجة إلى التفاهم حول المسألة السورية كشرط لتوحيد جهودهم في الملفات الأخرى، لأنّ الانقسام حول الموقف في سورية هو السبب في كثير من العقد والتعقيدات، وفي الملف السوري لم يعد هناك من يناقش بدرجة مخاطر تجذر الإرهاب، ولا يوجد من يجادل بأنّ الجيش السوري هو القوة المحورية التي يمكن الرهان عليها في خوض الحرب البرية التي يسلم الجميع بكونها مصدر الفراغ في كلّ خطط التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وهو فراغ لا تملأه لا معارضة معتدلة ولا يملأه خريجو معسكرات التدريب الأميركية الذين تعتقلهم «جبهة النصرة». والمشكلة كما تراها طهران هي أنّ محوّلات الفصل بين الجيش والرئيس بشار الأسد باءت بالفشل، وفي المقابل الذين طرحوا سقوفاً عالية لحربهم كان عنوانها إسقاط الرئيس الأسد يحتاجون إلى سلّم ينزلون عليه من هذه السقوف، لذلك تحاول المبادرة الإيرانية التي تتضمّن بنوداً تقليدية من وقف القتال وتأكيد الحرب على الإرهاب والدعوة إلى حكومة وحدة وطنية، تقديم جديد يقوم على الدعوة إلى جعل الانتخابات البرلمانية المقبلة في سورية محطة لانبثاق تمثيل سياسي معبّر عن الإرادة السورية عبر توفير كلّ الشروط اللازمة لجعل الانتخابات موضع رضا وقبول من جميع الأطراف السورية في الموالاة والمعارضة، بإجرائها تحت رقابة أممية من جهة، وفي شروط من تكافؤ الفرص وفقاً للمعايير الدولية من جهة مقابلة، وربط مصير النقاش السوري السوري حول مستقبل الرئاسة السورية بنتائج الانتخابات البرلمانية، وتعليق المواقف الإقليمية والدولية من الرئاسة أيضاً بانتظار نتائج هذه الانتخابات التي يفترض أن تنال الحكومة المنبثقة منها اعتراف العالم كله وتعاونه معها في الحرب على الإرهاب.
تطلب المبادرة من الحكومة السورية والرئيس الأسد قبول اعتبار نيل المعارضة غالبية المقاعد البرلمانية وليس ثلثيها أمراً كافياً لامتلاك حق طرح مصير الرئاسة على بساط البحث، كما تطلب من المعارضة وداعميها اعتبار رئاسة الأسد شرعية ومحسومة ومقبولة وفوق النقاش إذا فشلت المعارضة في نيل الغالبية في انتخابات كهذه، وهذا يعني خياراً بديلاً لنقاش لن يصل إلى نتيجة بين فهم لبيان جنيف يقول بحكومة تحت رئاسة الأسد وفهم مقابل يقول بهيئة حكم انتقالية تحلّ مكان الرئيس الأسد.
المصدر :
الماسة السورية / البناء
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة