دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
وقع الرئيس الروس فلاديمير بوتين قراراً رئاسياً يلغي قراراً رئاسياً سابقاً كان قد وقعه الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف يحظّر بموجبه توريد منظومة أس 300 الصاروخية إلى إيران.
إذا كان توقيع الأمر الرئاسي مفهوماً بشكل عام، في ضوء التقدّم الذي حققته المفاوضات بين إيران والدول الكبرى حول ملفها النووي والتوصل إلى إطار اتفاق، وفي ضوء تدهور العلاقات الروسية الغربية بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية وفرض عقوبات مذلة ومهينة ضدّ روسيا، إلا أنّ اختيار التوقيت، أيّ قبل ثلاثين حزيران الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق ناجز بين إيران والدول الكبرى، ينطوي على دلالات هامة فما هي هذه الدلالات؟
الدلالة الأولى، أنّ الرئيس الروسي يوجه رسالة قوية إلى الولايات المتحدة والحكومات الغربية، من شأنها أن تعزز موقع إيران التفاوضي في الأشهر الثلاثة التي ستشهد صياغة التفاصيل. ومعروف أنّ وزير خارجية روسيا حذّر من إجهاض الإيجابيات التي تحققت عبر محاولات إفراغ الاتفاق من مضمونه وإغراقه بتفاصيل قد تحول دون الوصول إلى اتفاق نهائي وعودة الأزمة بين إيران والدول الكبرى إلى نقطة الصفر، وهو ما لا تريده روسيا لأنه يتعارض مع مصالحها السياسية والاقتصادية. مصالحها السياسية لأنه يرغمها على اتخاذ مواقف إما مع إيران، وهذا ستكون له تبعات وتداعيات سلبية على علاقتها مع الدول الغربية، تضيف المزيد من التدهور، وإما الوقوف إلى جانب الحكومات الغربية، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على علاقاتها مع إيران من دون أن تحصل على مقابل من الحكومات الغربية، ولهذا لا تريد موسكو أن تصل في نهاية حزيران إلى مثل هذه الخيارات الصعبة، أما اقتصادياً فروسيا على قناعة بأنّ تطبيع العلاقات بين إيران والدول الكبرى من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الاقتصاد العالمي، وستكون لروسيا حصة في ذلك في ضوء استعدادها لتوظيف استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة، ولا سيما النفط والغاز.
الدلالة الثانية، إذا تأخرت روسيا برفع حظر توريد هذا السلاح بالذات، بعد أن تراجعت في السابق عن عقود موقعة برّرتها بقرارات مجلس الأمن، فإنّ من شأن ذلك أن يبعث برسالة سلبية إلى إيران، وليس من مصلحة روسيا، لا سياسياً ولا اقتصادياً، في ظلّ تهافت الدول والشركات الغربية على إيران أن تبعث بمثل هذه الرسالة التي ستخلف عواقب ليست في مصلحة موسكو التي دخلت علاقاتها مع الغرب في مرحلة من التوتر والصراع يصعب إصلاحها في وقت قريب.
المصدر :
البناء / حميدي العبدالله
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة