ما نراه امامنا، والعيون كما الحناجر تقدح شرراً، هو الموسيقى التصويرية الصاخبة التي يقتضيها السيناريو الخاص بتوقيع الاتفاق النهائي.

 واشنطن وطهران اللتان تتقنان الصناعة الديبلوماسية المعقدة (بل والهائلة) بارعتان في اطلاق الالعاب النارية التي تخدع اولئك الذين بدأوا يرثون، منذ الآن، ما يصفونه بالكرنفال الديبلوماسي في لوزان...

 وكان قد تردد ان «عاصفة الحزم» انما هبت في هذا الوقت بالذات، وبعد اعداد طويل ودقيق، من اجل دفع الامور في الشرق الاوسط الى الحدود القصوى للانفجار. في هذه الحال، لا بد ان يحدث تبدل دراماتيكي في المشهد. بدل التفاوض بالقفازات الحريرية بين الاميركيين والايرانيين، التفاوض بالصواريخ.

وراء الضوء قهقهات اميركية وايرانية في آن. هل نتصور ان يتحدث احد من حلفاء ايران عنها بالطريقة التي تحدث بها باراك اوباما؟ قال للعرب او لبعض العرب انها ليست الخطر عليكم بل السخط الداخلي هو الخطر. ثمة مفكر خليجي صديق قال لنا «هذه الكلمات بدت وكأنها بقوة قنبلة هيروشيما»، ليضيف ان لدى معاهد الابحاث الكبرى اطنان من الدراسات حول بعض الدول العربية وكيف تدار السياسات والثروات فيها، ولدى مجلس الامن القومي اطنان من التقارير الاستخباراتية حول التفاعلات الداخلية التي تقترب من لحظة الزلزال...

المفكر يفصل بين البلدان الخليجية التي تنتهج الخط الليبرالي و«بلدان الحلقات المقفلة» وحيث لا بد من حدوث تغيير في العقليات وفي البنى كما في الرؤى السوسيولوجية والاستراتيجية على السواء، ملاحظا كيف ان تريليونات الدولارات تدار بمنطق القبيلة لا بمنطق الدولة التي يكون فيها الشعب المصدر الاساسي للقوة، قوة السلطة كما قوة الدولة، لا المال الذي يتناثر كما الرمال...

وهو يرى «ان الايديولوجيا عند العرب تسخدم لحماية الانظمة، ولا مشكلة في ان تفضي الى تفتيت المجتمعات او حتى الى تحطيمها، فيما الايرانيون يوظفون الايديولوجيا لاحداث اختراقات جيوستراتيجية تخدم مصالحهم، وها انت ترى الان كيف يلعبون بالاوراق، ولا اتذكر ما اذا كانت لعبة الشطرنج هي اساسا اتت من بلاد فارس ام من بلاد الهند، لكن الحضارتين كانتا تتقاطعان كثيرا في وقت من الاوقات».

على الاقل نتساءل، لماذا يتحدث اوباما عن مواهب الايرانيين التي لا تصدق وعن ابداعهم في صناعة الاستثمارات (هكذا بالحرف الواحد)، فيما لا يجد في العرب سوى براميل النفط، او صناديق المال التي لا تلبث ان تتحول الى حطام في حروب عبثية كان يمكن تفاديها لو كان هاجس السقوط لا يحكم انظمة تدرك جيدا الا مكان لها في القرن او حتى في القرون الوسطى...

لماذا استراتيجية اللهاث؟ اذا كنا نتهم ايران بأنها وراء كل المصائب التي تحل بنا، وكدنا نتهمها بالمسؤولية عن خسارة الاندلس (ومناديل المرمر في غرناطة)، فيما نمتلك من الامكانات البشرية والمالية والجغرافية اضعاف اضعاف ما تمتلكه ايران؟ ألا يحق لباراك اوباما في هذه الحال ان يتحدث عن الابداع لدى الايرانيين وعن التخلخل لدى العرب؟

قضية اليمن فضيحتنا الكبرى. اذا كانت ايران قد وصلت الى هناك فمن الذي فتح امامها الابواب، ومن ترك اليمنيين طوال تلك العقود على تخوم العدم، فيما كان بالامكان توظيف مليارات الدولارات (الضائعة) في مشاريع التنمية والتحديث لا لتتوقف التكنولوجيا (والرجولة) عند حدود الخنجر...

الآن، الخبير الاستراتيجي انطوني كوردسمان هو من يتحدث عن «الحفرة اليمنية» التي في نظره اقرب ما تكون الى «مثلث برمودا»...

كوردسمان لا يستبعد ابدا ان تفوق كمية القنابل التي القيت والتي ستلقى على اليمن كمية القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في الهند الصينية، فماذا كانت النتيجة؟ الهروب تحت جنح الظلام...

من هو علي عبد الله صالح؟ ومن صنع ذلك الافاك الذي كرّس ثقافة القبيلة داخل السلطة وبتغطية من الذين يطاردونه الآن طلباً لرأسه، ومن اجل شرعية عبد ربه منصور هادي؟

من يصدق ان هذا الرجل الذي كان ظلا واهيا لصالح هو من يختزل الشرعية في اليمن. كفانا ضحكا على الذات. ايها الاشقاء العرب اقرأوا كلام باراك اوباما جيدا، ولاحظوا انه الرجل اياه الذي يزود قاذفاتنا بالوقود وهي في الجو...

هل من احد يعرف ما هي قيمة الفاتورة؟ وهل القاذفات بحاجة الى من يزودها بالوقود وهي في الجو؟ وهل الهياكل العظمية في اليمن تحتاج الى كل تلك الارمادا؟

ليس اليمنيون، في هذه اللحظة، وحدهم هياكل عظمية. كلنا هياكل عظمية.القهقهات الاميركية في ارجاء المنطقة. لا تنسوا قهقهات حائط المبكى!

  • فريق ماسة
  • 2015-04-11
  • 14256
  • من الأرشيف

مثلث برمودا العربي ...نبيه البرجي

ما نراه امامنا، والعيون كما الحناجر تقدح شرراً، هو الموسيقى التصويرية الصاخبة التي يقتضيها السيناريو الخاص بتوقيع الاتفاق النهائي.  واشنطن وطهران اللتان تتقنان الصناعة الديبلوماسية المعقدة (بل والهائلة) بارعتان في اطلاق الالعاب النارية التي تخدع اولئك الذين بدأوا يرثون، منذ الآن، ما يصفونه بالكرنفال الديبلوماسي في لوزان...  وكان قد تردد ان «عاصفة الحزم» انما هبت في هذا الوقت بالذات، وبعد اعداد طويل ودقيق، من اجل دفع الامور في الشرق الاوسط الى الحدود القصوى للانفجار. في هذه الحال، لا بد ان يحدث تبدل دراماتيكي في المشهد. بدل التفاوض بالقفازات الحريرية بين الاميركيين والايرانيين، التفاوض بالصواريخ. وراء الضوء قهقهات اميركية وايرانية في آن. هل نتصور ان يتحدث احد من حلفاء ايران عنها بالطريقة التي تحدث بها باراك اوباما؟ قال للعرب او لبعض العرب انها ليست الخطر عليكم بل السخط الداخلي هو الخطر. ثمة مفكر خليجي صديق قال لنا «هذه الكلمات بدت وكأنها بقوة قنبلة هيروشيما»، ليضيف ان لدى معاهد الابحاث الكبرى اطنان من الدراسات حول بعض الدول العربية وكيف تدار السياسات والثروات فيها، ولدى مجلس الامن القومي اطنان من التقارير الاستخباراتية حول التفاعلات الداخلية التي تقترب من لحظة الزلزال... المفكر يفصل بين البلدان الخليجية التي تنتهج الخط الليبرالي و«بلدان الحلقات المقفلة» وحيث لا بد من حدوث تغيير في العقليات وفي البنى كما في الرؤى السوسيولوجية والاستراتيجية على السواء، ملاحظا كيف ان تريليونات الدولارات تدار بمنطق القبيلة لا بمنطق الدولة التي يكون فيها الشعب المصدر الاساسي للقوة، قوة السلطة كما قوة الدولة، لا المال الذي يتناثر كما الرمال... وهو يرى «ان الايديولوجيا عند العرب تسخدم لحماية الانظمة، ولا مشكلة في ان تفضي الى تفتيت المجتمعات او حتى الى تحطيمها، فيما الايرانيون يوظفون الايديولوجيا لاحداث اختراقات جيوستراتيجية تخدم مصالحهم، وها انت ترى الان كيف يلعبون بالاوراق، ولا اتذكر ما اذا كانت لعبة الشطرنج هي اساسا اتت من بلاد فارس ام من بلاد الهند، لكن الحضارتين كانتا تتقاطعان كثيرا في وقت من الاوقات». على الاقل نتساءل، لماذا يتحدث اوباما عن مواهب الايرانيين التي لا تصدق وعن ابداعهم في صناعة الاستثمارات (هكذا بالحرف الواحد)، فيما لا يجد في العرب سوى براميل النفط، او صناديق المال التي لا تلبث ان تتحول الى حطام في حروب عبثية كان يمكن تفاديها لو كان هاجس السقوط لا يحكم انظمة تدرك جيدا الا مكان لها في القرن او حتى في القرون الوسطى... لماذا استراتيجية اللهاث؟ اذا كنا نتهم ايران بأنها وراء كل المصائب التي تحل بنا، وكدنا نتهمها بالمسؤولية عن خسارة الاندلس (ومناديل المرمر في غرناطة)، فيما نمتلك من الامكانات البشرية والمالية والجغرافية اضعاف اضعاف ما تمتلكه ايران؟ ألا يحق لباراك اوباما في هذه الحال ان يتحدث عن الابداع لدى الايرانيين وعن التخلخل لدى العرب؟ قضية اليمن فضيحتنا الكبرى. اذا كانت ايران قد وصلت الى هناك فمن الذي فتح امامها الابواب، ومن ترك اليمنيين طوال تلك العقود على تخوم العدم، فيما كان بالامكان توظيف مليارات الدولارات (الضائعة) في مشاريع التنمية والتحديث لا لتتوقف التكنولوجيا (والرجولة) عند حدود الخنجر... الآن، الخبير الاستراتيجي انطوني كوردسمان هو من يتحدث عن «الحفرة اليمنية» التي في نظره اقرب ما تكون الى «مثلث برمودا»... كوردسمان لا يستبعد ابدا ان تفوق كمية القنابل التي القيت والتي ستلقى على اليمن كمية القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في الهند الصينية، فماذا كانت النتيجة؟ الهروب تحت جنح الظلام... من هو علي عبد الله صالح؟ ومن صنع ذلك الافاك الذي كرّس ثقافة القبيلة داخل السلطة وبتغطية من الذين يطاردونه الآن طلباً لرأسه، ومن اجل شرعية عبد ربه منصور هادي؟ من يصدق ان هذا الرجل الذي كان ظلا واهيا لصالح هو من يختزل الشرعية في اليمن. كفانا ضحكا على الذات. ايها الاشقاء العرب اقرأوا كلام باراك اوباما جيدا، ولاحظوا انه الرجل اياه الذي يزود قاذفاتنا بالوقود وهي في الجو... هل من احد يعرف ما هي قيمة الفاتورة؟ وهل القاذفات بحاجة الى من يزودها بالوقود وهي في الجو؟ وهل الهياكل العظمية في اليمن تحتاج الى كل تلك الارمادا؟ ليس اليمنيون، في هذه اللحظة، وحدهم هياكل عظمية. كلنا هياكل عظمية.القهقهات الاميركية في ارجاء المنطقة. لا تنسوا قهقهات حائط المبكى!

المصدر : الماسة السورية/ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة