اختلف العالم وخصوصا العرب حول الاتفاق النووي الإيراني الأميركي: منهم الحقود الذي لا يتأمل خيرا ويظل وجهه يقطر سمّا كلما شاهد وزير خارجية إيران إلى جانب الوزير الأميركي كيري،ومنهم المهزوم الحانق الغاضب مثل نتنياهو، ومنهم الرابح على حذر، والبعض الأخير السعيد جدا من إنجاز يمكن أن يسمى في السياسة الدولية بالتاريخي.

قلة من يعرفون أن كل بيت في إيران تقريبا من يصنعون السجادة، تلك الصناعة التي تقوم على الصبر وعلى القطبة قطبة وعلى الألوان المنوعة، كأن يحتاج بعضها إلى عشرين سنة من العمل وهو رقم قد تتجاوزه صناعة سجادات أخر. الإيراني بطبعه البسيط مساير للزمن، مجبول بفكرة العمل على أساس التسوية مع مراحل الحياة.

في كل الأحوال تحقق الإنجاز، الخائفون عليه حتى تاريخ توقيعه في الثلاثين من يونيو لهم الحق في أن تظل أعصابهم مشدودة إلى أن يتحقق بشكله النهائي .. لكن من يعرفون إيران، والمباحثات الشاقة التي حبكت بها سجادة الاتفاق يمكن لهم أن يتصوروا وجود صيانة حول الاتفاق تمنع من حصول ضرر له خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. لا يمكن للمفاوض الإيراني كما نعتقد التنازل عن سبل تحصين الاتفاق درءا لأخطار داهمة، خصوصا وأن الصهيوني وبعض العربي اللذين اتفقا على إيجاد ثقوب في ما حصل من أجل أن لا يحصل الاتفاق النهائي عليه لن يتمكنوا من شل الاتفاق، فهم أصلا حاولوا كثيرا تقويضه لكنهم عجزوا حتى اللحظات الأخيرة عن أمر خرج من يدهم.

من الآن وحتى ذلك التاريخ الوردي، فإن اليد على القلوب، لكن أصحاب القلوب الصماء التي تعتاش على حقدها التاريخي من أي جنس كانت، ستظل تشتغل بلا هوادة ضده .. لكن الوفاق الذي حصل، والذي أنتج مثل هذا التوافق والاتفاق، سيكتشف العالم أنه لمصلحته بالدرجة الأولى، وبقدر الاستفادة الإيرانية الأميركية، فإن الشرق الأوسط على الأقل هو أكثر المستفيدين. وليس سرا القول، إن جملة الملفات التي يحيط بها الاتفاق تجيب على ذلك، بل ليس سرا التعريف بأن الأميركي والإيراني تجاوزا عقدة ردود الفعل، لأنهما على علم مسبق بما أنجزاه بأنه لصالح البشرية وسيكون موضع اختبار عند إنجازه التام.

للذين تورمت أعصابهم من شدة التوتر والغضب، حذاري المغامرة من تجربة إملاء خزانات وقود الطائرات الحربية في الفضاء كما يحصل اليوم، إيذانا بأنه يمكن تطبيقها ضد إيران، لأن البعض يتوهم اليوم أحداثا قائمة على أمنيات كارثية إن حصلت على من قد يقوم بها أو يفكر في تنفيذها. لا بد من تقبل الأمر الواقع الذي نكرر أنه لمصلحة العالم، وقد يكون الأميركي اختارها لهذا السبب، وكل الدائرين في فلكه عليهم أن يقروا بهذه الحقيقة التي طالما سطعت كالشمس.

في كل الأحوال لا بد من الانتظار، فنحن من القسم الحذر إيمانا بأن لا ثوابت، مع كل الفرح الغامر الذي يعاش، وخصوصا في هذه المنطقة الحبلى دائما بمآسيها والتي تحتاج إلى بصيص ضوء، فكيف إن جاءها ضوء ساطع يحمل البشرى لمستقبلها.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-04-03
  • 11071
  • من الأرشيف

اتفاق لمصلحة العالم

اختلف العالم وخصوصا العرب حول الاتفاق النووي الإيراني الأميركي: منهم الحقود الذي لا يتأمل خيرا ويظل وجهه يقطر سمّا كلما شاهد وزير خارجية إيران إلى جانب الوزير الأميركي كيري،ومنهم المهزوم الحانق الغاضب مثل نتنياهو، ومنهم الرابح على حذر، والبعض الأخير السعيد جدا من إنجاز يمكن أن يسمى في السياسة الدولية بالتاريخي. قلة من يعرفون أن كل بيت في إيران تقريبا من يصنعون السجادة، تلك الصناعة التي تقوم على الصبر وعلى القطبة قطبة وعلى الألوان المنوعة، كأن يحتاج بعضها إلى عشرين سنة من العمل وهو رقم قد تتجاوزه صناعة سجادات أخر. الإيراني بطبعه البسيط مساير للزمن، مجبول بفكرة العمل على أساس التسوية مع مراحل الحياة. في كل الأحوال تحقق الإنجاز، الخائفون عليه حتى تاريخ توقيعه في الثلاثين من يونيو لهم الحق في أن تظل أعصابهم مشدودة إلى أن يتحقق بشكله النهائي .. لكن من يعرفون إيران، والمباحثات الشاقة التي حبكت بها سجادة الاتفاق يمكن لهم أن يتصوروا وجود صيانة حول الاتفاق تمنع من حصول ضرر له خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. لا يمكن للمفاوض الإيراني كما نعتقد التنازل عن سبل تحصين الاتفاق درءا لأخطار داهمة، خصوصا وأن الصهيوني وبعض العربي اللذين اتفقا على إيجاد ثقوب في ما حصل من أجل أن لا يحصل الاتفاق النهائي عليه لن يتمكنوا من شل الاتفاق، فهم أصلا حاولوا كثيرا تقويضه لكنهم عجزوا حتى اللحظات الأخيرة عن أمر خرج من يدهم. من الآن وحتى ذلك التاريخ الوردي، فإن اليد على القلوب، لكن أصحاب القلوب الصماء التي تعتاش على حقدها التاريخي من أي جنس كانت، ستظل تشتغل بلا هوادة ضده .. لكن الوفاق الذي حصل، والذي أنتج مثل هذا التوافق والاتفاق، سيكتشف العالم أنه لمصلحته بالدرجة الأولى، وبقدر الاستفادة الإيرانية الأميركية، فإن الشرق الأوسط على الأقل هو أكثر المستفيدين. وليس سرا القول، إن جملة الملفات التي يحيط بها الاتفاق تجيب على ذلك، بل ليس سرا التعريف بأن الأميركي والإيراني تجاوزا عقدة ردود الفعل، لأنهما على علم مسبق بما أنجزاه بأنه لصالح البشرية وسيكون موضع اختبار عند إنجازه التام. للذين تورمت أعصابهم من شدة التوتر والغضب، حذاري المغامرة من تجربة إملاء خزانات وقود الطائرات الحربية في الفضاء كما يحصل اليوم، إيذانا بأنه يمكن تطبيقها ضد إيران، لأن البعض يتوهم اليوم أحداثا قائمة على أمنيات كارثية إن حصلت على من قد يقوم بها أو يفكر في تنفيذها. لا بد من تقبل الأمر الواقع الذي نكرر أنه لمصلحة العالم، وقد يكون الأميركي اختارها لهذا السبب، وكل الدائرين في فلكه عليهم أن يقروا بهذه الحقيقة التي طالما سطعت كالشمس. في كل الأحوال لا بد من الانتظار، فنحن من القسم الحذر إيمانا بأن لا ثوابت، مع كل الفرح الغامر الذي يعاش، وخصوصا في هذه المنطقة الحبلى دائما بمآسيها والتي تحتاج إلى بصيص ضوء، فكيف إن جاءها ضوء ساطع يحمل البشرى لمستقبلها.  

المصدر : زهير ماجد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة