دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تجري معالجة قصف قوات مجلس التعاون الخليجي لليمن في مجمل وسائل الإعلام الدولية تبعا لانتمائها، إما للمعسكر الأميركي وإما للمعسكر الصيني- الروسي.
بالنسبة للمعسكر الأول، ما تقوم به السعودية هو رد على انقلاب شيعي، في حين أنه محاولة سعودية لسحق ثورة شعبية في نظر صحافة المعسكر الثاني.
الواقع على الأرض يؤكد، للأسف، ما كنت قد أشرت إليه في هذا العمود منذ نحو أسبوعين، أن الجنون الدموي الذي استفحل بالعالم العربي برمته، لا علاقة له البتة بالانقسامات الأيديولوجية، ولا بالطبقات الاجتماعية، أو الحساسيات الدينية، إنما بانفجار العالم القديم، ضد آخر جديد.
الممالك العربية وجماعة الإخوان المسلمين، يدافعون عن مجتمع يسيطر عليه الذكور. في حين أن إيران وحلفاءها يدافعون عن مجتمع جديد، الرجال والنساء فيه متساوون في الحقوق، ويسيطرون على خصوبتهم.
يمكننا تدوير الحقائق، وتقليبها بكل الاتجاهات، لكننا لن نعثر على قاسم مشترك آخر بين قادة المعسكرين.
سنوات من البروباغندا، أعمت أعيننا.
نحن نعتقد خطأ أن اللباس الإيراني مماثل للسعودي.
النساء، وفي كل مكان في إيران، أصبحن سادة خصوبتهن منذ السنوات الأولى للثورة، أي قبل وقت طويل من العالم العربي. هن، فضلا عن ذلك، أكثر عددا من الرجال في الجامعات، ويتقلدن أعلى المسؤوليات. على نقيض نظيراتهن السعوديات اللواتي لا يملكن حق أنفسهن.
نحن أيضاً نعتقد خطأ أن العالم الإسلامي منقسم بين سنة وشيعة يتحاربون بلارحمة.
في اليمن، على الرغم من أن الحوثيين يشكلون أغلبية عظمى في البلاد بلا شك، إلا أنه لم يكن بمقدورهم الاستيلاء على صنعاء وعدن من دون دعم ومؤازرة قوة سنية قوية، تشكل الأغلبية السكانية في هاتين المدينتين.
وفي سورية، الجيش العربي السوري الذي تدعمه إيران في حربه ضد التكفيريين، مكون من 70% من السنة.
يمكن للمرء أن تفاجئه الحالة اليمنية حين يرى شيوعيين سابقين يؤيدون تنظيم القاعدة. يكفي النظر إلى أوضاع عائلاتهم كي نفهم سبب انتقالهم إلى المعسكر الآخر.
بوسعنا التعليق بإسهاب على دعم الولايات المتحدة للعالم القديم ورؤية السمة المميزة للقوى الاستعمارية فيه.
غير أن الواقع شيء آخر: تموضعت واشنطن تبعا لمصالحها الجيوستراتيجية الخاصة بها، متجاهلة تماما أي وجود لهذا الانقسام الذي أنتجته ومدته بالسلاح.
الولايات المتحدة تتزلج فوق أمواج عنف هي خلقته، لكنه تجاوزها.
لا أحد يستطيع إخماد الحريق الذي اجتاح العالم العربي بسبب تعرضه للحداثة بسرعة مذهلة.
وهكذا فإن الغرب الذي اخترع الواقي الذكري عام 1844، انتظر 140 سنة حتى قررت دوله السماح بالإعلانات عن جائحة مرض الايدز.
ما كابده الغرب خلال قرنين من الزمن، عاشه العالم العربي من خلال جيل واحد فقط.
المصدر :
تيري ميسان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة