لم يكن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل يقصد الفضيحة عندما انفجر غاضباً من رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة العربية،

 

بعدما سمع الكثيرون بالرسالة من تعليقاته وراحوا يفتشون بين السطور عن سبب الهستيريا التي أصابت الفيصل وكادت تسبّب له عارضاً صحياً، فلم يجدوا إلا كلاماً منسوخاً من قرارات الأمم المتحدة، حول حلّ سلمي للنزاعات في سورية واليمن وليبيا، والدعوة إلى قيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس، والتحذير من خطر الإرهاب. لكن الفضيحة وقعت، فالقمة ليس لديها عدو، إلا من يذكرها بفلسطين، بعدما باعت آخر بقايا حياء كان يستوطن بياناتها، وجاءت كلمات الرئيس الروسي تقع في المحظور، فمن يريد في هذه اللحظة تذكيراً بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس أيضاً!

 

أحسّ الفيصل أنّ الرئيس بوتين يقول للمجتمعين في شرم الشيخ أنتم تكذبون ببياناتكم عن فلسطين، وإلا فلماذا لا تقولون دولة كاملة السيادة وقابلة للحياة، فانفجر غاضباً، ولم يتمكّن من أن يمسك نفسه، وفضح الهوان المصري الذي يتباهي بالتقاليد الديبلوماسية العريقة، فما تجرأ لا وزير ولا رئيس ولا مدير مراسم لتصحيح الخطأ، ليعتذر من الرئيس الروسي الذي وقعت مع حكومته حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقوداً للتعاون واتفاقيات عدة ويوم توجهت مصر يتيمة وحيدة تطلب دعماً للثأر لدماء بنيها من «داعش» بحرب على الإرهاب في ليبيا، وتخلت عنها دول الخليج لم تجد إلا روسيا تلبّي نداءها، فتكون الفضيحة الأقوى للدولة المضيفة التي لو أخطأ غير صاحب المال السعودي لما صمتت.

 

حال الفضائح العربية في القمة، لم ينتبه لها العالم، الذي انشغل عنهم بما يجري في لوزان بسويسرا، والمدى الذي بلغته المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، بتصريحات متطابقة ومعلومات متقاطعة من المتفاوضين حول الاقتراب من بلوغ خط النهاية نحو الاتفاق.

 

تحوّل اجتماع الخمسة زائداً واحداً إلى مستوى الوزراء، وحضور الوزير الروسي سيرغي لافروف ليل أمس، أشار إلى صحة ودقة هذا الاقتراب، بعدما كانت أوساط مقرّبة من لافروف قد أعلنت أنه لن يتمكن من الذهاب إلى لوزان، ما لم يصل التفاوض إلى نقطة تستدعي الحضور.

 

فور وصوله التقى لافروف بالوزير الأميركي جون كيري، والتحقا معاً بالاجتماع الموسع الذي يضمّ وزراء خارجية إيران وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا، وكل شيء يشير إلى أنّ الثلاثاء سيكون موعد التوقيع على التفاهم التاريخي.

 

فيما العالم منهمك بالحدث التاريخي، كان الحكام العرب منهمكون في صناعة الأكاذيب كالعادة بإقناع أنفسهم بانتصارات وهمية في حروبهم الفاشلة، فيتحدثون عبر قنواتهم المموّلة من النفط العربي والمموّهة بشعارات الحرية والديمقراطية، عن تدمير وتفجير وإصابة ومنع وردع ومن دون انتباه يأتون بضيف من عدن فيقول لهم إنّ مواقع منصور هادي محاصرة وقوات الحوثيين تتقدّم نحوها، فقد تأقلم الحوثيون ومن معهم من وحدات الجيش اليمني مع الغارات التي يشنها تحالف العشرة زائداً اثنين، بعدما تكشفت هجمات «جبهة النصرة» جنوب وشمال سورية من أراضي دولتي التحالف الأردن وتركيا، أنّ الهجوم تمّ بنقل وحدات «النصرة» التي كانت تستعدّ في معسكرات «إسرائيلية» لتنفيذ خطة الحزام الأمني الذي أعلنته «إسرائيل» هدفاً لغارة القنيطرة وردعتها عن المضيّ فيه عملية مزارع شبعا، فصارت «إسرائيل» و«القاعدة» العضوين غير المعلنين في التحالف.

 

«القاعدة» حليف شريك وحيد في اليمن للسعودية وحلفائها، يستثمر الغارات بالتنسيق مع غرفة العمليات لمهاجمة المواقع التي يستهدفها القصف الجوي، ويقدّم الإحداثيات لسلاح الجو السعودي، كما «النصرة» فرع «القاعدة» في سورية هي الحليف الوحيد، كما نصرة «الإخوان المسلمين» في ليبيا واليمن وسورية مهمة مشتركة للتحالف، ودائماً على حساب كرامة مصر ومهابتها وأمنها.

 

لبنان اللاهث حكومياً لنيل الرضا السعودي يتلعثم، بين بحثه عن تفاهم إقليمي يسهّل ملء فراغه الرئاسي، يراه قد صار بعيد المنال بعد القمة وحروبها، وبين انقسام داخلي يخشى تبعاته على الاستقرار في ظلّ ضغوط سعودية متزايدة، على الفرقاء التابعين للسياسة السعودية لتصعيد الهجوم على حزب الله.

 

استمر الحدث اليمني مسيطراً على الداخل اللبناني سياسياً لكن من زاوية إيجابية هي التمسك بالحوار حفاظاً على الاستقرار على رغم غيظ المعرقلين، على ما أكد حزب الله. كذلك على رغم عاصفة الردود العنيفة للسعودية وللدائرين في فلكها من قوى 14 آذار، على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي طليعة هؤلاء السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري.

 

ورأى عسيري أن الخطاب «عبر عن ارتباك لدى الجهات التي يمثلها، وتضمن الكثير من الافتراء والتجني في حق المملكة، إضافة إلى الكثير من المغالطات». ورأى «أن اللبنانيين يحمّلون حزب الله وحلفاءه والجهات الإقليمية التي تدعمهم مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية».

 

  • فريق ماسة
  • 2015-03-29
  • 14587
  • من الأرشيف

بوتين يسبّب هستيريا الفيصل... ولافروف آخر الواصلين إلى لوزان

لم يكن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل يقصد الفضيحة عندما انفجر غاضباً من رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة العربية،   بعدما سمع الكثيرون بالرسالة من تعليقاته وراحوا يفتشون بين السطور عن سبب الهستيريا التي أصابت الفيصل وكادت تسبّب له عارضاً صحياً، فلم يجدوا إلا كلاماً منسوخاً من قرارات الأمم المتحدة، حول حلّ سلمي للنزاعات في سورية واليمن وليبيا، والدعوة إلى قيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس، والتحذير من خطر الإرهاب. لكن الفضيحة وقعت، فالقمة ليس لديها عدو، إلا من يذكرها بفلسطين، بعدما باعت آخر بقايا حياء كان يستوطن بياناتها، وجاءت كلمات الرئيس الروسي تقع في المحظور، فمن يريد في هذه اللحظة تذكيراً بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس أيضاً!   أحسّ الفيصل أنّ الرئيس بوتين يقول للمجتمعين في شرم الشيخ أنتم تكذبون ببياناتكم عن فلسطين، وإلا فلماذا لا تقولون دولة كاملة السيادة وقابلة للحياة، فانفجر غاضباً، ولم يتمكّن من أن يمسك نفسه، وفضح الهوان المصري الذي يتباهي بالتقاليد الديبلوماسية العريقة، فما تجرأ لا وزير ولا رئيس ولا مدير مراسم لتصحيح الخطأ، ليعتذر من الرئيس الروسي الذي وقعت مع حكومته حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقوداً للتعاون واتفاقيات عدة ويوم توجهت مصر يتيمة وحيدة تطلب دعماً للثأر لدماء بنيها من «داعش» بحرب على الإرهاب في ليبيا، وتخلت عنها دول الخليج لم تجد إلا روسيا تلبّي نداءها، فتكون الفضيحة الأقوى للدولة المضيفة التي لو أخطأ غير صاحب المال السعودي لما صمتت.   حال الفضائح العربية في القمة، لم ينتبه لها العالم، الذي انشغل عنهم بما يجري في لوزان بسويسرا، والمدى الذي بلغته المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، بتصريحات متطابقة ومعلومات متقاطعة من المتفاوضين حول الاقتراب من بلوغ خط النهاية نحو الاتفاق.   تحوّل اجتماع الخمسة زائداً واحداً إلى مستوى الوزراء، وحضور الوزير الروسي سيرغي لافروف ليل أمس، أشار إلى صحة ودقة هذا الاقتراب، بعدما كانت أوساط مقرّبة من لافروف قد أعلنت أنه لن يتمكن من الذهاب إلى لوزان، ما لم يصل التفاوض إلى نقطة تستدعي الحضور.   فور وصوله التقى لافروف بالوزير الأميركي جون كيري، والتحقا معاً بالاجتماع الموسع الذي يضمّ وزراء خارجية إيران وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا، وكل شيء يشير إلى أنّ الثلاثاء سيكون موعد التوقيع على التفاهم التاريخي.   فيما العالم منهمك بالحدث التاريخي، كان الحكام العرب منهمكون في صناعة الأكاذيب كالعادة بإقناع أنفسهم بانتصارات وهمية في حروبهم الفاشلة، فيتحدثون عبر قنواتهم المموّلة من النفط العربي والمموّهة بشعارات الحرية والديمقراطية، عن تدمير وتفجير وإصابة ومنع وردع ومن دون انتباه يأتون بضيف من عدن فيقول لهم إنّ مواقع منصور هادي محاصرة وقوات الحوثيين تتقدّم نحوها، فقد تأقلم الحوثيون ومن معهم من وحدات الجيش اليمني مع الغارات التي يشنها تحالف العشرة زائداً اثنين، بعدما تكشفت هجمات «جبهة النصرة» جنوب وشمال سورية من أراضي دولتي التحالف الأردن وتركيا، أنّ الهجوم تمّ بنقل وحدات «النصرة» التي كانت تستعدّ في معسكرات «إسرائيلية» لتنفيذ خطة الحزام الأمني الذي أعلنته «إسرائيل» هدفاً لغارة القنيطرة وردعتها عن المضيّ فيه عملية مزارع شبعا، فصارت «إسرائيل» و«القاعدة» العضوين غير المعلنين في التحالف.   «القاعدة» حليف شريك وحيد في اليمن للسعودية وحلفائها، يستثمر الغارات بالتنسيق مع غرفة العمليات لمهاجمة المواقع التي يستهدفها القصف الجوي، ويقدّم الإحداثيات لسلاح الجو السعودي، كما «النصرة» فرع «القاعدة» في سورية هي الحليف الوحيد، كما نصرة «الإخوان المسلمين» في ليبيا واليمن وسورية مهمة مشتركة للتحالف، ودائماً على حساب كرامة مصر ومهابتها وأمنها.   لبنان اللاهث حكومياً لنيل الرضا السعودي يتلعثم، بين بحثه عن تفاهم إقليمي يسهّل ملء فراغه الرئاسي، يراه قد صار بعيد المنال بعد القمة وحروبها، وبين انقسام داخلي يخشى تبعاته على الاستقرار في ظلّ ضغوط سعودية متزايدة، على الفرقاء التابعين للسياسة السعودية لتصعيد الهجوم على حزب الله.   استمر الحدث اليمني مسيطراً على الداخل اللبناني سياسياً لكن من زاوية إيجابية هي التمسك بالحوار حفاظاً على الاستقرار على رغم غيظ المعرقلين، على ما أكد حزب الله. كذلك على رغم عاصفة الردود العنيفة للسعودية وللدائرين في فلكها من قوى 14 آذار، على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي طليعة هؤلاء السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري.   ورأى عسيري أن الخطاب «عبر عن ارتباك لدى الجهات التي يمثلها، وتضمن الكثير من الافتراء والتجني في حق المملكة، إضافة إلى الكثير من المغالطات». ورأى «أن اللبنانيين يحمّلون حزب الله وحلفاءه والجهات الإقليمية التي تدعمهم مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية».  

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة