إذا كانت سياسات فرض الهيمنة الغربية على العالم، واستعجال الغرب لحسم هذه المعركة لمصلحته بأي ثمن ومهما كانت النتيجة والدمار الذي ستقود إليه،

 

فإننا نجزم القول إنّ منظومة العمل الدولي سوف لن تكون بعيدة من الارتدادات الكارثية لمثل هذه السياسات. ونظراً إلى وجود الأمم المتحدة في قلب منظومة العمل التي أنشأتها الأسرة الدولية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية كبديل من عصبة الأمم التي فشلت في التصدي لمشاكل العالم بعد الحرب العالمية الأولى، فإنه من الطبيعي، أو أنه ليس مستغرباً، أن تقوم مجموعة الدول الغربية، بكل مكوناتها الأوروبية والأميركية وغيرها مثل أستراليا وكندا، بالتركيز على تسخير الأمم المتحدة لتحقيق هذا الغرض. وقد جاءت التغيرات، بل الهزات السياسية العنيفة التي شهدها العالم عند نهاية الثمانينات من القرن الماضي وبداية التسعينات منه، لتشجع المعسكر الغربي على اتباع سياسة تعسفية بهدف حسم المعركة لمصلحته وترسيخ سيادته وهيمنته على حاضر ومستقبل العالم. وكان أكبر دليل على هذه السياسة الغربية هو أن حلف شمال الأطلسي الذي أنشئ من قبل المعسكر الغربي لمواجهة الدول الاشتراكية بما في ذلك حلف وارسو، لم يتغير بل زادت الولايات المتحدة من تعزيز قوته ودوره وتفعيل قيامه بعمليات عسكرية ضد البلدان التي يدّعون ضرورة تطويعها بحسب قناعاتهم وبما يخدم مصالحهم، وهذا ما تم عملياً في يوغسلافيا السابقة وفي ليبيا وفي أفغانستان، ولو كان ذلك أحياناً تحت أسماء وذرائع مختلفة. وما يعكس صحة ما ذهبنا إليه، هو العمل الذي تم لتوسيع دور الناتو ومهماته وزيادة عدد الدول الأعضاء فيه، بما في ذلك ما يتم حالياً من إلحاق أوكرانيا بعضويته على رغم كل المحاذير وتفاعلات مثل هذا التوجه الخطير، وعلى رغم ضرورة حل هذا الحلف بعد غياب مبررات إنشائه.

 

 

الأمم المتحدة ليست كياناً يعيش في فراغ ولا هي مؤسسة خيرية تقدم المساعدات في عالم مثالي لحل المشاكل التي تواجه البشرية، كما أنها ليست أمانة عامة وآلاف من الموظفين الذين يجلسون خلف أجهزة الحاسوب لمراقبة الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والصحية والاجتماعية وتصميم حلول عاجلة لإصلاح أي خلل في الصور والأرقام التي تظهر أمامهم، بل إن جميع هؤلاء يخضعون لقيود ولوائح تنظيمية ومراقبة من قبل دول تموّل في كثير من الأحيان قيام هؤلاء بالعمل المطلوب منهم. وهذا لا يعني إطلاقاً أن بعض هؤلاء لا يضحّي أحياناً بكل الامتيازات لقول «كلمة حق أمام مموّل أو مسؤول ظالم». كما أن ذلك لا يعني أن وكالات الأمم المتحدة المختصة لا تقوم بعمل، يلقى تقديرنا واحترامنا، في مجالات عدة. لكن حقيقة أن ميثاق الأمم المتحدة لم يعد هو الوثيقة التي تحكم دور الأمم المتحدة في عالم اليوم كما أن الميثاق لم يعد هو الوثيقة الأساسية التي تستند إليها الأمانة العامة في تنفيذ مهماتها، وهي أمور تسيء للأمم المتحدة وتضعف ثقة دول العالم بها وبدورها الذي أخذ ينحاز، منذ انتهاء الحرب الباردة، لمصلحة المخططات الغربية وتصورات الغرب لما يجب أن يكون عليه العالم وخصوصاً عدم سماح هذه الدول بالتعامل مع المشاكل التي يمر بها العالم في إطار من العلاقات الدولية الديمقراطية المبنية على احترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة شعوبها وأرضها واحترام خصوصياتها وحقوقها. وأكثر ما يبرز ذلك من مخالفات للميثاق هي تلك السياسات الغربية التي حالت حتى الآن من دون إيجاد حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني وحق هذا الشعب في ممارسة حريته وتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على أرضه. كما جاءت الأزمة التي تواجهها سورية والتي تعود بشكل أساسي إلى تدخل «إسرائيل» والبلدان الغربية وحلفائها وأدواتها في المنطقة في شؤون سورية ودعم هؤلاء للإرهاب الذي يضرب سورية من دون خجل أو تردد وتبرير ذلك بذرائع أثبتت الأيام أنها لا يمكن أن تصمد أمام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده ولا أمام القانون الدولي الذي يرفض العدوان وسياسات استخدام القوة والهيمنة. والأكثر من ذلك هو أن بعض الدول النافذة في مجلس الأمن مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تقوم بالمصادقة على قرارات لمكافحة الإرهاب إلا أنها تنقلب على هذه القرارات وتجعل منها مجرد أوراق تنسى هذه الدول ما كُتب عليها وتستمر في دعم الإرهاب الذي تواجهه سورية نيابةً عن كل دول العالم حيث تقوم الولايات المتحدة وتابعيها بدعم دول مثل تركيا والسعودية اللتين تقومان علناً وعلى رؤوس الأشهاد بتمويل وتسليح وتدريب وإيواء الإرهابيين والدفع بهم إلى سورية لقتل شعبها وسفك دماء الأبرياء فيها.

 

أما التفاف بعض الدول النافذة على ميثاق الأمم المتحدة وقرارات دولها فقد أصبح ظاهراً للعيان ولا سيما من خلال إنشاء اللجان ومجموعات العمل التي لا حصر لها والتي فشل أغلبها في تحقيق أي تقدم لإعادة الاعتبار لدور هذه المنظمة الدولية إلى ما يجب أن يكون عليه. إلا أن ذلك لا يعني مرةً أخرى أن الدول الغربية فشلت في اعتماد أساليب شيطانية لتفسير مضمون الميثاق كي تخدم مصالحها أو لفرض تفسير خاص ومحرّف للميثاق يخدم مصالحها، وفي هذه الحالة يصبح العدوان الذي تمارسه هذه الدول على بلد مثل سورية مبرراً، علماً أن الميثاق يحرّم بمعانيه استخدام الأمم المتحدة لتغيير الأنظمة السياسية في البلدان بعيداً من إرادة شعوبها. كما أن البعض يخالف الميثاق والقانون الدولي من خلال ابتداع تسميات جديدة للإرهابيين مثل «المعارضة المسلحة المعتدلة» في مخالفة للقانون الدولي الذي لا يبرر تحت أي عنوان كان دعم المسلحين ضد حق الدولة في الدفاع عن مواطنيها وهذا حق أصيل تضمنه كل القوانين والأعراف الدولية.

 

لم تشهد أية قضية عادلة للتشويه والتضليل من قبل بعض مسؤولي الأمم المتحدة كما هي الحال في معركة الشعب السوري ضد الإرهاب. وعلى سبيل المثال فقد ادعت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية قبل يومين أن قوات الجيش العربي السوري تحاصر بعض المناطق وتمنع وصول المساعدات الإنسانية إليها، إلا أن الأمانة العامة ووكيلة الأمين العام يعرفون جيداً أن الحصار الذي يتحدثون عنه هو وهم في عقولهم فقط. فكيف تحاصر سورية شعبها من جهة وهو الشعب الذي يبذل جيشه دمه الطاهر من أجل إبعاد الإرهابيين منه؟ وكيف تتم محاصرة هذه المناطق وجميع أشكال الأسلحة ومعدات القتل تصلها من تركيا والأردن وحكام السعودية من دون أي تفكير بالأبرياء الذين ستقتلهم هذه الأسلحة؟ أما السؤال الأكثر حساسية فهو: ماذا سيقول قادة هذه الدول مثل السعودية والأردن إذا قامت دول أخرى بدعم المعارضات المعتدلة والعشائر فيها بالأسلحة ومعدات القتل؟

 

نحن ما زلنا نؤمن بدور الأمم المتحدة، وما زلنا نعمل، مع الآخرين، لإصلاح ما أصابها من خلل في أدائها وفي طريقة عملها وصنع القرار فيها. لكننا نؤكد أن فرص إصلاح المنظمة لن تمتد إلى الأبد، وبخاصة عندما تتفاقم شراهة الدول الغربية للهيمنة الاقتصادية والسياسية على عالم اليوم.

 

إن الإصلاح الحقيقي للأمم المتحدة هو ذلك الجهد الذي يجب على الجميع القيام به بكل إخلاص وشفافية بما يخدم الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ويمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت مبررات مصطنعة وواهية ويحفظ للدول النامية، وهي الكتلة الكبرى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تمثلها حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77 والصين، حقوقها ويحدد واجباتها على قدر المساواة مع الدول الغربية. وبعد الأحداث التي تعصف بالكثير من دول العالم، وقيام عدد معروف من الدول التي تدعم الإرهاب وتستخّر إمكاناتها المالية الهائلة لشراء الذمم والضمائر وتستخدم الإرهاب للوصول إلى غاياتها، فإن عالم اليوم يزداد خطورة وينذر بمستقبل قاتم لشعوبه. وفي وقت نؤكد أن الوضع الدولي، بما في ذلك دور الأمم المتحدة في جعل العالم أكثر عدلاً وسلاماً أصبح أكثر ضرورةً اليوم من أي وقت آخر، فإننا نشدد على حقيقة أن الوضع يزداد توتراً وخطراً وأن نافذة إصلاح الوضع الدولي ودور الأمم المتحدة في هذا العالم تزداد صعوبةً وتعقيداً.

  • فريق ماسة
  • 2015-03-28
  • 12816
  • من الأرشيف

الأمم المتحدة... إلى أين؟

إذا كانت سياسات فرض الهيمنة الغربية على العالم، واستعجال الغرب لحسم هذه المعركة لمصلحته بأي ثمن ومهما كانت النتيجة والدمار الذي ستقود إليه،   فإننا نجزم القول إنّ منظومة العمل الدولي سوف لن تكون بعيدة من الارتدادات الكارثية لمثل هذه السياسات. ونظراً إلى وجود الأمم المتحدة في قلب منظومة العمل التي أنشأتها الأسرة الدولية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية كبديل من عصبة الأمم التي فشلت في التصدي لمشاكل العالم بعد الحرب العالمية الأولى، فإنه من الطبيعي، أو أنه ليس مستغرباً، أن تقوم مجموعة الدول الغربية، بكل مكوناتها الأوروبية والأميركية وغيرها مثل أستراليا وكندا، بالتركيز على تسخير الأمم المتحدة لتحقيق هذا الغرض. وقد جاءت التغيرات، بل الهزات السياسية العنيفة التي شهدها العالم عند نهاية الثمانينات من القرن الماضي وبداية التسعينات منه، لتشجع المعسكر الغربي على اتباع سياسة تعسفية بهدف حسم المعركة لمصلحته وترسيخ سيادته وهيمنته على حاضر ومستقبل العالم. وكان أكبر دليل على هذه السياسة الغربية هو أن حلف شمال الأطلسي الذي أنشئ من قبل المعسكر الغربي لمواجهة الدول الاشتراكية بما في ذلك حلف وارسو، لم يتغير بل زادت الولايات المتحدة من تعزيز قوته ودوره وتفعيل قيامه بعمليات عسكرية ضد البلدان التي يدّعون ضرورة تطويعها بحسب قناعاتهم وبما يخدم مصالحهم، وهذا ما تم عملياً في يوغسلافيا السابقة وفي ليبيا وفي أفغانستان، ولو كان ذلك أحياناً تحت أسماء وذرائع مختلفة. وما يعكس صحة ما ذهبنا إليه، هو العمل الذي تم لتوسيع دور الناتو ومهماته وزيادة عدد الدول الأعضاء فيه، بما في ذلك ما يتم حالياً من إلحاق أوكرانيا بعضويته على رغم كل المحاذير وتفاعلات مثل هذا التوجه الخطير، وعلى رغم ضرورة حل هذا الحلف بعد غياب مبررات إنشائه.     الأمم المتحدة ليست كياناً يعيش في فراغ ولا هي مؤسسة خيرية تقدم المساعدات في عالم مثالي لحل المشاكل التي تواجه البشرية، كما أنها ليست أمانة عامة وآلاف من الموظفين الذين يجلسون خلف أجهزة الحاسوب لمراقبة الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والصحية والاجتماعية وتصميم حلول عاجلة لإصلاح أي خلل في الصور والأرقام التي تظهر أمامهم، بل إن جميع هؤلاء يخضعون لقيود ولوائح تنظيمية ومراقبة من قبل دول تموّل في كثير من الأحيان قيام هؤلاء بالعمل المطلوب منهم. وهذا لا يعني إطلاقاً أن بعض هؤلاء لا يضحّي أحياناً بكل الامتيازات لقول «كلمة حق أمام مموّل أو مسؤول ظالم». كما أن ذلك لا يعني أن وكالات الأمم المتحدة المختصة لا تقوم بعمل، يلقى تقديرنا واحترامنا، في مجالات عدة. لكن حقيقة أن ميثاق الأمم المتحدة لم يعد هو الوثيقة التي تحكم دور الأمم المتحدة في عالم اليوم كما أن الميثاق لم يعد هو الوثيقة الأساسية التي تستند إليها الأمانة العامة في تنفيذ مهماتها، وهي أمور تسيء للأمم المتحدة وتضعف ثقة دول العالم بها وبدورها الذي أخذ ينحاز، منذ انتهاء الحرب الباردة، لمصلحة المخططات الغربية وتصورات الغرب لما يجب أن يكون عليه العالم وخصوصاً عدم سماح هذه الدول بالتعامل مع المشاكل التي يمر بها العالم في إطار من العلاقات الدولية الديمقراطية المبنية على احترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة شعوبها وأرضها واحترام خصوصياتها وحقوقها. وأكثر ما يبرز ذلك من مخالفات للميثاق هي تلك السياسات الغربية التي حالت حتى الآن من دون إيجاد حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني وحق هذا الشعب في ممارسة حريته وتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على أرضه. كما جاءت الأزمة التي تواجهها سورية والتي تعود بشكل أساسي إلى تدخل «إسرائيل» والبلدان الغربية وحلفائها وأدواتها في المنطقة في شؤون سورية ودعم هؤلاء للإرهاب الذي يضرب سورية من دون خجل أو تردد وتبرير ذلك بذرائع أثبتت الأيام أنها لا يمكن أن تصمد أمام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده ولا أمام القانون الدولي الذي يرفض العدوان وسياسات استخدام القوة والهيمنة. والأكثر من ذلك هو أن بعض الدول النافذة في مجلس الأمن مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تقوم بالمصادقة على قرارات لمكافحة الإرهاب إلا أنها تنقلب على هذه القرارات وتجعل منها مجرد أوراق تنسى هذه الدول ما كُتب عليها وتستمر في دعم الإرهاب الذي تواجهه سورية نيابةً عن كل دول العالم حيث تقوم الولايات المتحدة وتابعيها بدعم دول مثل تركيا والسعودية اللتين تقومان علناً وعلى رؤوس الأشهاد بتمويل وتسليح وتدريب وإيواء الإرهابيين والدفع بهم إلى سورية لقتل شعبها وسفك دماء الأبرياء فيها.   أما التفاف بعض الدول النافذة على ميثاق الأمم المتحدة وقرارات دولها فقد أصبح ظاهراً للعيان ولا سيما من خلال إنشاء اللجان ومجموعات العمل التي لا حصر لها والتي فشل أغلبها في تحقيق أي تقدم لإعادة الاعتبار لدور هذه المنظمة الدولية إلى ما يجب أن يكون عليه. إلا أن ذلك لا يعني مرةً أخرى أن الدول الغربية فشلت في اعتماد أساليب شيطانية لتفسير مضمون الميثاق كي تخدم مصالحها أو لفرض تفسير خاص ومحرّف للميثاق يخدم مصالحها، وفي هذه الحالة يصبح العدوان الذي تمارسه هذه الدول على بلد مثل سورية مبرراً، علماً أن الميثاق يحرّم بمعانيه استخدام الأمم المتحدة لتغيير الأنظمة السياسية في البلدان بعيداً من إرادة شعوبها. كما أن البعض يخالف الميثاق والقانون الدولي من خلال ابتداع تسميات جديدة للإرهابيين مثل «المعارضة المسلحة المعتدلة» في مخالفة للقانون الدولي الذي لا يبرر تحت أي عنوان كان دعم المسلحين ضد حق الدولة في الدفاع عن مواطنيها وهذا حق أصيل تضمنه كل القوانين والأعراف الدولية.   لم تشهد أية قضية عادلة للتشويه والتضليل من قبل بعض مسؤولي الأمم المتحدة كما هي الحال في معركة الشعب السوري ضد الإرهاب. وعلى سبيل المثال فقد ادعت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية قبل يومين أن قوات الجيش العربي السوري تحاصر بعض المناطق وتمنع وصول المساعدات الإنسانية إليها، إلا أن الأمانة العامة ووكيلة الأمين العام يعرفون جيداً أن الحصار الذي يتحدثون عنه هو وهم في عقولهم فقط. فكيف تحاصر سورية شعبها من جهة وهو الشعب الذي يبذل جيشه دمه الطاهر من أجل إبعاد الإرهابيين منه؟ وكيف تتم محاصرة هذه المناطق وجميع أشكال الأسلحة ومعدات القتل تصلها من تركيا والأردن وحكام السعودية من دون أي تفكير بالأبرياء الذين ستقتلهم هذه الأسلحة؟ أما السؤال الأكثر حساسية فهو: ماذا سيقول قادة هذه الدول مثل السعودية والأردن إذا قامت دول أخرى بدعم المعارضات المعتدلة والعشائر فيها بالأسلحة ومعدات القتل؟   نحن ما زلنا نؤمن بدور الأمم المتحدة، وما زلنا نعمل، مع الآخرين، لإصلاح ما أصابها من خلل في أدائها وفي طريقة عملها وصنع القرار فيها. لكننا نؤكد أن فرص إصلاح المنظمة لن تمتد إلى الأبد، وبخاصة عندما تتفاقم شراهة الدول الغربية للهيمنة الاقتصادية والسياسية على عالم اليوم.   إن الإصلاح الحقيقي للأمم المتحدة هو ذلك الجهد الذي يجب على الجميع القيام به بكل إخلاص وشفافية بما يخدم الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ويمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت مبررات مصطنعة وواهية ويحفظ للدول النامية، وهي الكتلة الكبرى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تمثلها حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77 والصين، حقوقها ويحدد واجباتها على قدر المساواة مع الدول الغربية. وبعد الأحداث التي تعصف بالكثير من دول العالم، وقيام عدد معروف من الدول التي تدعم الإرهاب وتستخّر إمكاناتها المالية الهائلة لشراء الذمم والضمائر وتستخدم الإرهاب للوصول إلى غاياتها، فإن عالم اليوم يزداد خطورة وينذر بمستقبل قاتم لشعوبه. وفي وقت نؤكد أن الوضع الدولي، بما في ذلك دور الأمم المتحدة في جعل العالم أكثر عدلاً وسلاماً أصبح أكثر ضرورةً اليوم من أي وقت آخر، فإننا نشدد على حقيقة أن الوضع يزداد توتراً وخطراً وأن نافذة إصلاح الوضع الدولي ودور الأمم المتحدة في هذا العالم تزداد صعوبةً وتعقيداً.

المصدر : د. فيصل المقداد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة