«قفا نضحك/ قفا نفتح الشوارع على مصاريعها/ مهللين../ كما يليق بحفل؛/ فالرجلُ ذو الرأس السداسية/ الرجلُ الذي يشبهنا تماما/ يمر كالقصيدةٍ ../ من هنا!» لا أدري،

لماذا قفز هذا المقطع من قصيدة قديمة لي إلى سطح الرؤية وأنا أتهيا للكتابة عن المشهد السياسي العربي قبل مؤتمر القمة؟ لعل تعليلا سريعا ينقذني من «اللا أدرية» هذه؛ استنادا إلى مفردات خاصة في هذا المقطع، يؤكد حضورها أننا، منذ مدة طويلة، لا نزال نعيش جدلية الماضي والآني، وأن المعضلة الأعظم بروزا هي في أولئك (السداسيين) المتزيين بالعروبة، من بني نفط، وبني قحط، لا فرق إلا في درجة الاشتباه، وبوارق المشاهد، أو عتمات الخضوع لسيطرة رأس المال العربي، الذي يدير الحفل –على الأغلب- من وراء الستار أو أمام الجمهور مباشرة، ونحن لا نملك إلا التصفيق والتهليل انبهارا، أو الصراخ والتصفير استهجانا. أو الضحك مرارة من شرّ البلية.

“جامعة”، يقال حتى الآن، إنها عربية، ثم لا تجد لها موقفا إلا ضد العروبة، وفي مصلحة أعدائها، ومؤتمرات تعقد تحت لافتات تستبرق لإعماء العامة، تتشدق أبواقها الإعلامية بمقولات التصدي لمؤامرات الغرب، والحرص على لمّ الشمل العربي، وصيانة الحق الفلسطيني، بينما يسارع المجتمعون إلى تمزيق الخريطة، حسب رؤى أحادية، لا يرى كل راءٍ بها في المشهد (الجمعي) إلا فرادته، ووجوده الذاتي انطلاقا من تفاسير خاصة ونظرات قاصرة، أو استجابة لإملاءات المخطط والمبرمج الدولي للإجهاز على ماتبقى من جسد وطن عربي لم يعد فيه جزء إلا والنوازف تأخذه إلى موت محقق، تعجل كما في بعض الدول التي أسقطوها، أو التي يحاولون إسقاطها.

سأطرح سؤالا وأرجو ألا يبدو ساذجا؛ لأن إجابته معروفة استنادا إلى ما أشرت إليه… يصر هذا السؤال على القفز صارخا مرة، وساخرا أخرى، ما معنى جامعة؟ وما التبرير القانوني لإعلانها شغر مقعد بلد عربي هو ركيزة للأمن القومي العربي، أو شغله بما يسمى الائتلاف السوري المعارض؟ ولماذا لم يفعل أولئك العروبيون هذا مع البحرين التي هبوا لإنقاذها من حراك سياسي على غير هواهم، أو قَطَر مثلا، وأفعال هذه الدويلة وأقوالها مُعرّاة للجميع، لا يسترها موقف إلا وتكشفها مواقف.

 

الإجابة الحارقة: أن معظم من يشغلون مقاعدهم في هذه الجامعة وقمتها المرتقبة أو القمم السوابق، وكما أكدت في عدة مقالات، عربيو السحنة اللغة واللكنة، وسداسيو القلب، صهيونيو الخريطة، وأن الحفل الذي نهلل له، ونصفق، يتكرر بالسيناريو ذاته، ويخضع للمخرج ذاته، حتى وإن تبدل ممثلوه.

أقولها صريحة عالية، من يسلم مقعد سورية للخونة ليس له إلا أن يتوارى خزيا، وليس للشعوب الحية إلا أن تستيقظ وتلفظ هؤلاء الذين يشبهوننا سحنة ولكنةً، ولكنهم –قطعا- ليسوا منا، ومن ثم فصفعهم على أقفيتهم السياسية على الأقل، بالتوعية والفضح، أولى الخطوات لطردهم من المشهد إن أردنا تعافيا للجسد المريض المسمى جامعة الدول العربية.

أي متابع، مثقفاً عاماً كان أو ناشطا سياسيا، أو محللا استراتيجيا، إن لم يدرك أبعاد ما يُراد من الدولة السورية، بحجة عدائه للنظام، عليه أن يقرأ الخريطة من أطرافها ووسطها، وألا يكتفي بما تسلط الميديا المتآمرة، و الكاسبون شخصيا من إسقاط دولة عربية ممانعة، من تسطيعات، وإعتامات حسب المبرمج الدولي في واشنطن أو تل أبيب.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-03-24
  • 11706
  • من الأرشيف

قفا نضحك… مقعد سورية الشاغر!

«قفا نضحك/ قفا نفتح الشوارع على مصاريعها/ مهللين../ كما يليق بحفل؛/ فالرجلُ ذو الرأس السداسية/ الرجلُ الذي يشبهنا تماما/ يمر كالقصيدةٍ ../ من هنا!» لا أدري، لماذا قفز هذا المقطع من قصيدة قديمة لي إلى سطح الرؤية وأنا أتهيا للكتابة عن المشهد السياسي العربي قبل مؤتمر القمة؟ لعل تعليلا سريعا ينقذني من «اللا أدرية» هذه؛ استنادا إلى مفردات خاصة في هذا المقطع، يؤكد حضورها أننا، منذ مدة طويلة، لا نزال نعيش جدلية الماضي والآني، وأن المعضلة الأعظم بروزا هي في أولئك (السداسيين) المتزيين بالعروبة، من بني نفط، وبني قحط، لا فرق إلا في درجة الاشتباه، وبوارق المشاهد، أو عتمات الخضوع لسيطرة رأس المال العربي، الذي يدير الحفل –على الأغلب- من وراء الستار أو أمام الجمهور مباشرة، ونحن لا نملك إلا التصفيق والتهليل انبهارا، أو الصراخ والتصفير استهجانا. أو الضحك مرارة من شرّ البلية. “جامعة”، يقال حتى الآن، إنها عربية، ثم لا تجد لها موقفا إلا ضد العروبة، وفي مصلحة أعدائها، ومؤتمرات تعقد تحت لافتات تستبرق لإعماء العامة، تتشدق أبواقها الإعلامية بمقولات التصدي لمؤامرات الغرب، والحرص على لمّ الشمل العربي، وصيانة الحق الفلسطيني، بينما يسارع المجتمعون إلى تمزيق الخريطة، حسب رؤى أحادية، لا يرى كل راءٍ بها في المشهد (الجمعي) إلا فرادته، ووجوده الذاتي انطلاقا من تفاسير خاصة ونظرات قاصرة، أو استجابة لإملاءات المخطط والمبرمج الدولي للإجهاز على ماتبقى من جسد وطن عربي لم يعد فيه جزء إلا والنوازف تأخذه إلى موت محقق، تعجل كما في بعض الدول التي أسقطوها، أو التي يحاولون إسقاطها. سأطرح سؤالا وأرجو ألا يبدو ساذجا؛ لأن إجابته معروفة استنادا إلى ما أشرت إليه… يصر هذا السؤال على القفز صارخا مرة، وساخرا أخرى، ما معنى جامعة؟ وما التبرير القانوني لإعلانها شغر مقعد بلد عربي هو ركيزة للأمن القومي العربي، أو شغله بما يسمى الائتلاف السوري المعارض؟ ولماذا لم يفعل أولئك العروبيون هذا مع البحرين التي هبوا لإنقاذها من حراك سياسي على غير هواهم، أو قَطَر مثلا، وأفعال هذه الدويلة وأقوالها مُعرّاة للجميع، لا يسترها موقف إلا وتكشفها مواقف.   الإجابة الحارقة: أن معظم من يشغلون مقاعدهم في هذه الجامعة وقمتها المرتقبة أو القمم السوابق، وكما أكدت في عدة مقالات، عربيو السحنة اللغة واللكنة، وسداسيو القلب، صهيونيو الخريطة، وأن الحفل الذي نهلل له، ونصفق، يتكرر بالسيناريو ذاته، ويخضع للمخرج ذاته، حتى وإن تبدل ممثلوه. أقولها صريحة عالية، من يسلم مقعد سورية للخونة ليس له إلا أن يتوارى خزيا، وليس للشعوب الحية إلا أن تستيقظ وتلفظ هؤلاء الذين يشبهوننا سحنة ولكنةً، ولكنهم –قطعا- ليسوا منا، ومن ثم فصفعهم على أقفيتهم السياسية على الأقل، بالتوعية والفضح، أولى الخطوات لطردهم من المشهد إن أردنا تعافيا للجسد المريض المسمى جامعة الدول العربية. أي متابع، مثقفاً عاماً كان أو ناشطا سياسيا، أو محللا استراتيجيا، إن لم يدرك أبعاد ما يُراد من الدولة السورية، بحجة عدائه للنظام، عليه أن يقرأ الخريطة من أطرافها ووسطها، وألا يكتفي بما تسلط الميديا المتآمرة، و الكاسبون شخصيا من إسقاط دولة عربية ممانعة، من تسطيعات، وإعتامات حسب المبرمج الدولي في واشنطن أو تل أبيب.  

المصدر : الكاتب المصري: مختار عيسى / تشرين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة