تصريحات كيري كان لها وقع المفاجأة على دول خليجية امتعضت من تبدل بوصلة السياسة الاميركية حيال سوريا

في مقابلة متلفزة أجرتها شبكة (سي بي اس) مع وزير الخارجية، جون كيري، 15 آذار، اوضح أن بلاده تسعى لتحقيق تسوية سياسية في سوريا مما يستدعي اجراء مفاوضات مع الرئيس السوري بشار الاسد.

كيري الديبلوماسي المتمرس، يزن كلماته ومصطلحاته بدقة، بخلاف نائب الرئيس جو بايدن، ولا يجوز اعتبارها "زلة لسان" عابرة.وقال كيري "ليس هناك من حل إلا الحل السياسي. لكن من أجل حث نظام الاسد للموافقة على التفاوض، يتعين علينا ابلاغه بكل وضوح بأن هناك تصميم من جميع الاطراف للتوصل إلى تلك النتيجة السياسية، وعليه تعديل حساباته فيما يخص التفاوض. وهذا ما هو قيد التنفيذ الآن. أيضاً، إنني على قناعة بفضل جهود حلفائنا وآخرين سنتوصل لزيادة الضغط على الاسد".تصريحات كيري كان لها وقع "المفاجأة" على حلفاء واشنطن، لا سيما الدول الخليجية، معربة عن امتعاضها لما اعتبرته "تبدل بوصلة السياسة الاميركية" حيال سوريا.

بيد أن نظرة فاحصة على تصريحه الاخير والاخذ بعين الاعتبار لما تجنب الاشارة إليه، تدل على استمرارية الولايات المتحدة في سياستها الرامية إلى "الاطاحة بالرئيس الاسد." للدلالة، تفادى كيري القول إنه يتعين على الولايات المتحدة الاعتراف بالرئيس الاسد كرئيس شرعي لسوريا، كمقدمة للتفاوض. بل اسبق تصريحه الاخير بالاشارة الى لجوء اميركا توظيف "ضغط عسكري" لازاحة الرئيس الاسد.قال جون كيري عقب حضوره اجتماع وزراء خارجية الدول الخليجية في قاعدة جوية بالرياض، يوم 5 آذار، "في محصلة الأمر سيتم استخدام مزيج من (السبل) الديبلوماسية والضغوط (الاخرى) لبلوغ المرحلة الانتقالية سياسياً." واوضح بما لا يدع مجالاً للشك ان "الضغط العسكري بشكل خاص قد يكون ضرورياً، نظراً لتردد الرئيس الاسد الدخول في مفاوضات جدية. 

تجدر الاشارة في هذا السياق الى "توسل" بعض الدول الغربية لاعادة مياه العلاقات مع سوريا الى مجاريها الطبيعية مؤخراً، ابرزها وفد برلماني فرنسي التقى الرئيس الاسد في قصر المهاجرين "مشترطاً عدم تصوير كافة اعضاء الوفد". وفور عودته لباريس أعلن الوفد أن الرئيس الاسد جزء من الحل؛ اعقبه تصريح جون كيري المشار اليه. الثابت في تجليات السياسة الاميركية ان الوفود الاوروبية لا تلج المنطقة دون استشعار الموقف الاميركي والحصول على موافقة اما ضمنية او صريحة لذلك.معهد كارنيغي للابحاث اعتبر "تصريح جون كيري بضرورة التفاوض مع الاسد" ثمرة اخفاق السياسة الاميركية "نتيجة قصر نظرها،" مما يتعين عليها دفع اثمان باهظة في نهاية المطاف – وفق توصيفات المعهد.اذن هل باستطاعتنا القول ان هناك ترابط وثيق، او بعض الشيء على الاقل، بين قرار "تحليق" الطائرة وتصريحات وزير الخارجية الاميركية السابقة واللاحقة لاسقاطها؛ ام ان القرار الاميركي نحو سورية هو قرار عسكري بالاساس وما السبل الديبلوماسية سوى شن حرب بوسيلة اخرى – وفق نظرية كلاوس فيتز؟

  • فريق ماسة
  • 2015-03-21
  • 15869
  • من الأرشيف

تصريحات كيري: مراوغة أم حقيقية؟

تصريحات كيري كان لها وقع المفاجأة على دول خليجية امتعضت من تبدل بوصلة السياسة الاميركية حيال سوريا في مقابلة متلفزة أجرتها شبكة (سي بي اس) مع وزير الخارجية، جون كيري، 15 آذار، اوضح أن بلاده تسعى لتحقيق تسوية سياسية في سوريا مما يستدعي اجراء مفاوضات مع الرئيس السوري بشار الاسد. كيري الديبلوماسي المتمرس، يزن كلماته ومصطلحاته بدقة، بخلاف نائب الرئيس جو بايدن، ولا يجوز اعتبارها "زلة لسان" عابرة.وقال كيري "ليس هناك من حل إلا الحل السياسي. لكن من أجل حث نظام الاسد للموافقة على التفاوض، يتعين علينا ابلاغه بكل وضوح بأن هناك تصميم من جميع الاطراف للتوصل إلى تلك النتيجة السياسية، وعليه تعديل حساباته فيما يخص التفاوض. وهذا ما هو قيد التنفيذ الآن. أيضاً، إنني على قناعة بفضل جهود حلفائنا وآخرين سنتوصل لزيادة الضغط على الاسد".تصريحات كيري كان لها وقع "المفاجأة" على حلفاء واشنطن، لا سيما الدول الخليجية، معربة عن امتعاضها لما اعتبرته "تبدل بوصلة السياسة الاميركية" حيال سوريا. بيد أن نظرة فاحصة على تصريحه الاخير والاخذ بعين الاعتبار لما تجنب الاشارة إليه، تدل على استمرارية الولايات المتحدة في سياستها الرامية إلى "الاطاحة بالرئيس الاسد." للدلالة، تفادى كيري القول إنه يتعين على الولايات المتحدة الاعتراف بالرئيس الاسد كرئيس شرعي لسوريا، كمقدمة للتفاوض. بل اسبق تصريحه الاخير بالاشارة الى لجوء اميركا توظيف "ضغط عسكري" لازاحة الرئيس الاسد.قال جون كيري عقب حضوره اجتماع وزراء خارجية الدول الخليجية في قاعدة جوية بالرياض، يوم 5 آذار، "في محصلة الأمر سيتم استخدام مزيج من (السبل) الديبلوماسية والضغوط (الاخرى) لبلوغ المرحلة الانتقالية سياسياً." واوضح بما لا يدع مجالاً للشك ان "الضغط العسكري بشكل خاص قد يكون ضرورياً، نظراً لتردد الرئيس الاسد الدخول في مفاوضات جدية.  تجدر الاشارة في هذا السياق الى "توسل" بعض الدول الغربية لاعادة مياه العلاقات مع سوريا الى مجاريها الطبيعية مؤخراً، ابرزها وفد برلماني فرنسي التقى الرئيس الاسد في قصر المهاجرين "مشترطاً عدم تصوير كافة اعضاء الوفد". وفور عودته لباريس أعلن الوفد أن الرئيس الاسد جزء من الحل؛ اعقبه تصريح جون كيري المشار اليه. الثابت في تجليات السياسة الاميركية ان الوفود الاوروبية لا تلج المنطقة دون استشعار الموقف الاميركي والحصول على موافقة اما ضمنية او صريحة لذلك.معهد كارنيغي للابحاث اعتبر "تصريح جون كيري بضرورة التفاوض مع الاسد" ثمرة اخفاق السياسة الاميركية "نتيجة قصر نظرها،" مما يتعين عليها دفع اثمان باهظة في نهاية المطاف – وفق توصيفات المعهد.اذن هل باستطاعتنا القول ان هناك ترابط وثيق، او بعض الشيء على الاقل، بين قرار "تحليق" الطائرة وتصريحات وزير الخارجية الاميركية السابقة واللاحقة لاسقاطها؛ ام ان القرار الاميركي نحو سورية هو قرار عسكري بالاساس وما السبل الديبلوماسية سوى شن حرب بوسيلة اخرى – وفق نظرية كلاوس فيتز؟

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة