لا يحرج الولايات المتحدة الأميركية اعتبار أنّ الرئيس المصري السابق محمد مرسي هو نتاج ثورة شعب، وانّ التغيير آتٍ على يديه، وأنه بات على الإدارة الأميركية مسؤولية دعم الرئيس مرسي وتسهيل مهمته، وبالتالي دعم انتقال مصر الى العملية الديمقراطية والحياة السياسية الطبيعية.

 لم تتوان الإدارة الأميركية عن دعم «الإخوان المسلمين» في مصر، وفتحت أبواب الدول الأوروبية والأجنبية أمام الجماعة لتبييض صفحتها كـ»سلطة شرعية فرضتها إرادة الشعب المصري»، وهي تدرك تماماً حجم الهواجس والأسئلة التي رسمت تاريخياً لدى جزء من الدول، وقد طرح موضوع تصنيفها إرهابية في أكثر من دولة يُذكر منها روسيا التي وضعتها على لائحة الإرهاب، وغيرها ممن يضع أنشطتها تحت الرقابة، من دون أن تحسب واشنطن أيضاً في الشرق الأوسط حسابات القلق التي أفرزتها في صفوف الدول الخليجية التي تمنع التعاطي مع «الإخوان»، وتصنّفها جماعة غير مرغوب فيها، أبرزها السعودية الحليف الأبرز لواشنطن والإمارات وغيرهما…

 بعد الثورة الثانية على الحكم في مصر، أيّ الثورة على «الإخوان المسلمين» تردّدت الولايات المتحدة لفترة قصيرة لم تتجاوز الأسبوع لتسحب دعمها للرئيس مرسي، الذي لم يثبت طيلة سنة تقريباً قدرة الجماعة على الصمود في السلطة، رغم أنها حصلت على كلّ ما يمكن ان تسعى اليه من دعم مالي وزخم شعبي، واذ بالشارع المصري ينتفض فتنتفض معه واشنطن مجدّداً بعد مبارك، ولا تحرجها الاستدارة لدعم السيسي، ولا اعتبارها خضوعاً لارادة الشعب الذي نزل إلى الشارع لإصلاح ما أصاب الثورة… كلّ هذا التحوّل كلف الولايات المتحدة موقفاً لافتاً مفاده «أخطأنا التقدير».

 لا تحرج الإدارة الأميركية أيّ استدارة، أو أيّ مراجعة لتقدير موقف أو خطة سياسية أو تعديل طرح أو خوض غمار انقلاب واضح على مبادئها.

 لم يكن محرجاً للإدارة الأميركية الإعلان على لسان وزير خارجيتها جون كيري أنّ ادارته باتت مضطرة إلى الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، فما المانع؟

 يضيف جون كيري من دون التطرق الى موضوع شرعية الأسد او المطالبة بتنحّيه بتاتاً في مقابلة تلفزيونية مع قناة cbs news انّ أميركا ودولاً أخرى تستطلع سبل إحياء العملية الديبلوماسية في سورية.

 فجأة تحضر الدعوة للحوار مع الأسد، لا بل فتح الطريق امام السلك الديبلوماسي الذي كان قد قاطع سورية للعودة إليها لتفعيل العملية الديبلوماسية.

 عملياً… اذا كان الاتفاق النووي الإيراني مع الـ5+1 أحد أسباب الموقف الأميركي الجديد تجاه الأسد، فإنه بلا شك وحده لا يكفي، فالأكيد أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع الوقوف أكثر ضدّ قناعة مفادها انّ الرئيس السوري بشار الأسد لديه شعبية كبيرة وجيش لا يزال يقاتل، وبالتالي لا يمكن للإدارة الأميركية التصرّف بعين بعيدة عن المشهد كما فعلت واستدارت في مصر، إلا أنّه في الحالة السورية فإنه لو ضعفت مكانة الأسد أو جيشه أو تقدمه في الميدان، لحصل تأثير سلبي على ظروف المفاوضات في الملف النووي وعلى التقدّم بين الايرانيين والغرب، لأنّ واشنطن كانت بالتأكيد لتستخدم ذلك ورقة ضعيفة لحليف ضعيف لطهران كالأسد، فتساوم فيها وتفرض شروطها بدلاً من أن يكون شرطاً لتقبّل وجوده كأمر واقع كقوة حليفة وقوية مع إيران كما هو الحال اليوم قبل الربع الساعة الأخير من توقيع الاتفاق.

 من باب معادلة القوي الذي يرسم معادلات لا الذي يتاثر بها لا تشعر واشنطن بالحرج من الخروج عن المبادئ!

  • فريق ماسة
  • 2015-03-18
  • 13681
  • من الأرشيف

بين واشنطن والأسد لا داعي للحرج!..

لا يحرج الولايات المتحدة الأميركية اعتبار أنّ الرئيس المصري السابق محمد مرسي هو نتاج ثورة شعب، وانّ التغيير آتٍ على يديه، وأنه بات على الإدارة الأميركية مسؤولية دعم الرئيس مرسي وتسهيل مهمته، وبالتالي دعم انتقال مصر الى العملية الديمقراطية والحياة السياسية الطبيعية.  لم تتوان الإدارة الأميركية عن دعم «الإخوان المسلمين» في مصر، وفتحت أبواب الدول الأوروبية والأجنبية أمام الجماعة لتبييض صفحتها كـ»سلطة شرعية فرضتها إرادة الشعب المصري»، وهي تدرك تماماً حجم الهواجس والأسئلة التي رسمت تاريخياً لدى جزء من الدول، وقد طرح موضوع تصنيفها إرهابية في أكثر من دولة يُذكر منها روسيا التي وضعتها على لائحة الإرهاب، وغيرها ممن يضع أنشطتها تحت الرقابة، من دون أن تحسب واشنطن أيضاً في الشرق الأوسط حسابات القلق التي أفرزتها في صفوف الدول الخليجية التي تمنع التعاطي مع «الإخوان»، وتصنّفها جماعة غير مرغوب فيها، أبرزها السعودية الحليف الأبرز لواشنطن والإمارات وغيرهما…  بعد الثورة الثانية على الحكم في مصر، أيّ الثورة على «الإخوان المسلمين» تردّدت الولايات المتحدة لفترة قصيرة لم تتجاوز الأسبوع لتسحب دعمها للرئيس مرسي، الذي لم يثبت طيلة سنة تقريباً قدرة الجماعة على الصمود في السلطة، رغم أنها حصلت على كلّ ما يمكن ان تسعى اليه من دعم مالي وزخم شعبي، واذ بالشارع المصري ينتفض فتنتفض معه واشنطن مجدّداً بعد مبارك، ولا تحرجها الاستدارة لدعم السيسي، ولا اعتبارها خضوعاً لارادة الشعب الذي نزل إلى الشارع لإصلاح ما أصاب الثورة… كلّ هذا التحوّل كلف الولايات المتحدة موقفاً لافتاً مفاده «أخطأنا التقدير».  لا تحرج الإدارة الأميركية أيّ استدارة، أو أيّ مراجعة لتقدير موقف أو خطة سياسية أو تعديل طرح أو خوض غمار انقلاب واضح على مبادئها.  لم يكن محرجاً للإدارة الأميركية الإعلان على لسان وزير خارجيتها جون كيري أنّ ادارته باتت مضطرة إلى الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، فما المانع؟  يضيف جون كيري من دون التطرق الى موضوع شرعية الأسد او المطالبة بتنحّيه بتاتاً في مقابلة تلفزيونية مع قناة cbs news انّ أميركا ودولاً أخرى تستطلع سبل إحياء العملية الديبلوماسية في سورية.  فجأة تحضر الدعوة للحوار مع الأسد، لا بل فتح الطريق امام السلك الديبلوماسي الذي كان قد قاطع سورية للعودة إليها لتفعيل العملية الديبلوماسية.  عملياً… اذا كان الاتفاق النووي الإيراني مع الـ5+1 أحد أسباب الموقف الأميركي الجديد تجاه الأسد، فإنه بلا شك وحده لا يكفي، فالأكيد أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع الوقوف أكثر ضدّ قناعة مفادها انّ الرئيس السوري بشار الأسد لديه شعبية كبيرة وجيش لا يزال يقاتل، وبالتالي لا يمكن للإدارة الأميركية التصرّف بعين بعيدة عن المشهد كما فعلت واستدارت في مصر، إلا أنّه في الحالة السورية فإنه لو ضعفت مكانة الأسد أو جيشه أو تقدمه في الميدان، لحصل تأثير سلبي على ظروف المفاوضات في الملف النووي وعلى التقدّم بين الايرانيين والغرب، لأنّ واشنطن كانت بالتأكيد لتستخدم ذلك ورقة ضعيفة لحليف ضعيف لطهران كالأسد، فتساوم فيها وتفرض شروطها بدلاً من أن يكون شرطاً لتقبّل وجوده كأمر واقع كقوة حليفة وقوية مع إيران كما هو الحال اليوم قبل الربع الساعة الأخير من توقيع الاتفاق.  من باب معادلة القوي الذي يرسم معادلات لا الذي يتاثر بها لا تشعر واشنطن بالحرج من الخروج عن المبادئ!

المصدر : البناء/ روزانا رمّال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة