أرخى إسقاط الطائرة الأميركية في ريف اللاذقية، بظلاله على أهالي المدينة وريفها. حطام الطائرة الذي سقط في أحد بساتين قرية المقاطع، شمال المدينة، أصبح محجّاً للاذقيين الذين تحلّقوا حوله متفحّصين وملتقطين الصور. مقاتلو الجيش السوري في قرية دورين وجدوا أنفسهم أمام حلقة من نار اشتعلت في السماء، وسرعان ما تهاوت محدثة انفجاراً ضخماً. "مشهد مربك"، حسب تعبير أحد الجنود في القرية العائدة إلى سيطرة الجيش السوري أخيراً.

 "لم نعرف من أين ظهر الجسم الغريب، وتوقعنا الأسوأ. ما أخّر فرحتنا بمعرفة هوية الطائرة، بعد دقائق خشينا خلالها أن تكون تابعة لسلاح الجو السوري"، يضيف. معظم العسكريين في المدينة سارعوا إلى تأكيد هوية الطائرة باعتبارها "معادية"، ليتبيّنوا لاحقاً أنها أميركية، هدفها التجسس والاستطلاع، إضافة إلى حملها صواريخ. يروي أحد ضباط الدفاع الجوي كيف اختلف الضباط في نقطة المراقبة، في الدقائق الأولى لسقوط الطائرة، حول نوع الطائرة، باعتبارها "أكبر من حجم طائرات الاستطلاع المستخدمة في المنطقة، ما أرسى شكوكاً باحتمالية وجود طيار يهيم على وجهه في بساتين اللاذقية". فرضية وجود طيار راجت في الأوساط الشعبية، إذ انتشر الأهالي في المنطقة المحيطة بمكان سقوط الطائرة، بعد شائعات منسوبة إلى "شهود عيان" عن رؤية مظلة تنفتح في السماء قرب الطائرة المستهدفة. "أبو أكرم" فلاح من المنطقة، تحمّس أكثر من اللازم، وتناول سلاح صيده في محاولة للبحث، عبثاً، عن الطيار المزعوم. معظم اللاذقيين اعتراهم الفخر. الطائرة الساقطة احتلّت أحاديث الشباب الواقفين على زوايا الشوارع، والمجتمعين في المقاهي. زيد، طالب جامعي، عبّر عن رأيه في الأمر بقوله: "بينما انشغل اللاذقيون بتأمين الرغيف خلال الأيام الفائتة، ظهرت فرصة مفاجئة للفرح. فلتكن فرنسية أو أميركية أو إسرائيلية، المهم أن أحد أبطال دفاعنا الجوي قد نال الشرف بإسقاطها، ونلنا معه هذا الشرف جميعاً، إذ سقطت على أرضنا دون الوصول إلى أهدافها". كلام زيد، يعارضه سعيد، الشاب المتهم بالرمادية، إذ يؤكد أن "الأمر ليس مفرحاً، ما دامت الطائرات الإسرائيلية تصول وتجول في السماء السورية بين الفينة والأُخرى دون أي رادع". لا مبررات لأفكار المعارضين والرماديين في مثل هذه اللحظات من "الزخم الوطني". يقول هيثم، الخمسيني المعارض: "في النهاية هي طائرة غريبة اخترقت سماءنا. وسماؤنا حرام على غيرنا. هكذا نحلم، وهكذا نحتفل إن دخل حلمنا حيز التحقيق". خبر إسقاط الطائرة المعادية، خفف من سخط أهل المدينة على الحكومة بعد الازدحام على المخابز خلال الأيام الفائتة، والنقص في كميات الخبز، بسبب فقدان مادة الخميرة، إثر ضرب معملها في ريف حماه، من قبل المسلحين قبل أيام. "الناس يحتاجون إلى خبر يتعلق بانتصار أو ثأر وطني أو رد اعتبار، على الرغم من أن النصر ليس تعويضاً عن الخبز"، يقول أحد أعضاء مجلس المدينة.

  • فريق ماسة
  • 2015-03-18
  • 9860
  • من الأرشيف

اللاذقية تفخر بإسقاط الطائرة الأميركية: هذه السماء لنا وحدنا

أرخى إسقاط الطائرة الأميركية في ريف اللاذقية، بظلاله على أهالي المدينة وريفها. حطام الطائرة الذي سقط في أحد بساتين قرية المقاطع، شمال المدينة، أصبح محجّاً للاذقيين الذين تحلّقوا حوله متفحّصين وملتقطين الصور. مقاتلو الجيش السوري في قرية دورين وجدوا أنفسهم أمام حلقة من نار اشتعلت في السماء، وسرعان ما تهاوت محدثة انفجاراً ضخماً. "مشهد مربك"، حسب تعبير أحد الجنود في القرية العائدة إلى سيطرة الجيش السوري أخيراً.  "لم نعرف من أين ظهر الجسم الغريب، وتوقعنا الأسوأ. ما أخّر فرحتنا بمعرفة هوية الطائرة، بعد دقائق خشينا خلالها أن تكون تابعة لسلاح الجو السوري"، يضيف. معظم العسكريين في المدينة سارعوا إلى تأكيد هوية الطائرة باعتبارها "معادية"، ليتبيّنوا لاحقاً أنها أميركية، هدفها التجسس والاستطلاع، إضافة إلى حملها صواريخ. يروي أحد ضباط الدفاع الجوي كيف اختلف الضباط في نقطة المراقبة، في الدقائق الأولى لسقوط الطائرة، حول نوع الطائرة، باعتبارها "أكبر من حجم طائرات الاستطلاع المستخدمة في المنطقة، ما أرسى شكوكاً باحتمالية وجود طيار يهيم على وجهه في بساتين اللاذقية". فرضية وجود طيار راجت في الأوساط الشعبية، إذ انتشر الأهالي في المنطقة المحيطة بمكان سقوط الطائرة، بعد شائعات منسوبة إلى "شهود عيان" عن رؤية مظلة تنفتح في السماء قرب الطائرة المستهدفة. "أبو أكرم" فلاح من المنطقة، تحمّس أكثر من اللازم، وتناول سلاح صيده في محاولة للبحث، عبثاً، عن الطيار المزعوم. معظم اللاذقيين اعتراهم الفخر. الطائرة الساقطة احتلّت أحاديث الشباب الواقفين على زوايا الشوارع، والمجتمعين في المقاهي. زيد، طالب جامعي، عبّر عن رأيه في الأمر بقوله: "بينما انشغل اللاذقيون بتأمين الرغيف خلال الأيام الفائتة، ظهرت فرصة مفاجئة للفرح. فلتكن فرنسية أو أميركية أو إسرائيلية، المهم أن أحد أبطال دفاعنا الجوي قد نال الشرف بإسقاطها، ونلنا معه هذا الشرف جميعاً، إذ سقطت على أرضنا دون الوصول إلى أهدافها". كلام زيد، يعارضه سعيد، الشاب المتهم بالرمادية، إذ يؤكد أن "الأمر ليس مفرحاً، ما دامت الطائرات الإسرائيلية تصول وتجول في السماء السورية بين الفينة والأُخرى دون أي رادع". لا مبررات لأفكار المعارضين والرماديين في مثل هذه اللحظات من "الزخم الوطني". يقول هيثم، الخمسيني المعارض: "في النهاية هي طائرة غريبة اخترقت سماءنا. وسماؤنا حرام على غيرنا. هكذا نحلم، وهكذا نحتفل إن دخل حلمنا حيز التحقيق". خبر إسقاط الطائرة المعادية، خفف من سخط أهل المدينة على الحكومة بعد الازدحام على المخابز خلال الأيام الفائتة، والنقص في كميات الخبز، بسبب فقدان مادة الخميرة، إثر ضرب معملها في ريف حماه، من قبل المسلحين قبل أيام. "الناس يحتاجون إلى خبر يتعلق بانتصار أو ثأر وطني أو رد اعتبار، على الرغم من أن النصر ليس تعويضاً عن الخبز"، يقول أحد أعضاء مجلس المدينة.

المصدر : الاخبار/ مرح ماشي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة