تجد عدة أطراف في المجتمع قبل الحكومة الأردنية صعوبة بالغة في “هضم” موقف جماعة الأخوان المسلمين من تطورات الأحداث الأخيرة على صعيد الحرب الوطنية المعلنة ضد تنظيم داعش المصنف بالإرهاب مما يفتح التوقعات مجددا امام سيناريوهات “تصعيد” جديدة مع جماعة الأخوان قد يتخللها هذه المرة “إجراءات” ضدهم تحت لافتة تهمة “الخروج عن الصف الوطني” وفقا لتلميحات وزير بارز في الحكومة تحدث للقدس العربي.

الأخوان المسلمون خضعوا طوال أيام الأزمة الشعبية التي أعقبت القرار الصادم بإعدام الطيار النقيب معاذ الكساسبة بصورة بشعة في الرقة السورية لرقابة لصيقة تستهدف إستبيان حقيقة موقفهم من كل الأطراف.

بدا واضحا ان قوى المجتمع النشطة ترصدت وتلمست قبل القوى المؤثرة في الدولة الأردنية مظاهر “الإخفاق” الأخوانية في التعاطي مع مرحلة ما بعد إعلان الحرب على داعش رغم الصورة التي تظهر المراقب العام للجماعة الشيخ همام سعيد ورفاق له في مقر العزاء بالطيار الشهيد في قرية “عي” بالكرك جنوبي البلاد.

هذه الصورة لم تشفي غليل المتتبعين للموقف الأخواني خصوصا مع صدور بيان مقتضب بعد حادثة الإعدام التي ألهبت مشاعر الشعوب في الكرة الأرضية تجنب حسب مصادر حكومية تصنيف مجموعة داعش بالإرهاب كما تجنب التعاطي مع الكساسبة بصفته “شهيدا” خلافا لحالة الإجماع والتوافق الوطني.

الرقابة المكثفة على الموقف الأخواني بدأت بمداخلة تلفزيونية إستنكر فيها الشيخ حمزة منصور جريمة إعدام الكساسبة لكنه إمتنع عن ربط كلمة داعش بمفردة الإرهاب رغم ان المذيع المسيس الذي سجل الحوار مع الشيخ منصور لصالح محطة رؤيا الفضائية محمد الحباشنة كرر السؤال مرتين للشيخ منصور الذي رفض الإجابة مباشرة متسائلا: هل تحقق معي؟.

هجمة شرسة طالت الشيخ منصور على وسائط التواصل الإجتماعي إنتهت بالإشارة لإن تنظيم داعش إرهابي في خطاب ألقتاه بعزاء قرية عي دون أن يرد ذلك في بيان رسمي للجماعة.

لاحقا هوجم بقوة البيان الصادر عن حركة حماس الذي يحمل الحكومة الأردنية مسئولية إعدام الكساسبة ويستنكر ما حصل ويبدو أن محاولات الإستدراك التي قامت بها لاحقا شخصيات من حركة حماس مثل موسى أبو مرزوق وخالد مشعل لم تفلح في شطب تصنيف حماس السلبي عند المؤسسة الأردنية.

 

وكذلك عند الرأي العام الذي دخل بحالة لا يقبل فيها القسمة على إثنين ولا مجال فيها للمراوغة في وصف الجريمة البشعة التي إرتكبت بحق الشهيد الكساسبة على حد تعبير عضو البرلمان محمد الحجوج.

حجوج كان في إستقبال وفد يمثل مخميات فلسطين حضر لتقديم واجب التضامن والعزاء مع الشعب الأردني عندما تحدث للقدس العربي عن النبض الواحد بين الشعبين في مواجهة الإرهاب ملمحا لإن التصر يح الصادر عن احد قيادات حماس كان مخيبا للأمال ولا يرقى لمستوى المشهد.

في كواليس الحكومة الأردنية يزداد مستوى الإنزعاج من موقف الحركة الأخوانية وترددها حصريا في إستعمال وصف “شهيد” وإستنكار إرهاب داعش.

وهذا الإنزعاج قد يتحول في تقدير المصادر السياسية المعنية إلى إجراءات توقف كل انواع التساهل مع جماعة الأخوان المسلمين وتحملهم مسئولية موقفهم من أزمة وطنية كبيرة في وقت حساس من طراز إعلان الحرب على تنظيم داعش.

الإجراءات لا يمكن توقعها بعد لكن في أروقة مكاتب رئاسة الوزراء يتفاعل الحديث عن “خيبة امل” كبيرة بالمستوى الرسمي والشعبي من موقف الجماعة وعن تفويت جماعة الأخوان لفرصة إظهار قدر من التفاعل مع المزاج العام الذي دخلت به البلاد على أساس التفريق بين موقف حزبي تكتيكي للجماعة من طراز مقاطعةالإنتخابات مثلا وبين موقف لا مجال للإلتباس فيه يتعلق بما حصل بعد الإعدام الشنيع للشهيد الطيار.

القدس العربي كانت قد إستمعت مباشرة في وقت سابق للشيخ حمزة منصور والشيخ زكي بني إرشيد يشتكيان من متشددين ومتطرفين تعرضوا لهما في مدينة معان الجنوبية وتحدثا مع قيادات بارزة في الأخوان عن سياسة إقصاء الإعتدال التي يستفيد منها التطرف.

لكن في الحالة التي دخل فيها الأردن مؤخرا لم تصدر مبادرات مقنعة عن “معتدلي” الأخوان المسلمين تتضمن رسائل تقدر حساسية المرحلة او حتى تساعد الجناح المعتدل في صناعة القرار الداعي لتوفير الحماية والغطاء أكثر لجماعة الأخوان المسلمين.

لذلك يمكن إشتمام رائحة الإنزعاج الرسمي المكثف المحاط بإنتقاد شعبي لموقف الأخوان المسلمين من ملف الحرب على داعش.

وهو إنزعاج يشمل حركة حماس اليوم وسينتهي على الأرجح بإجراءات متوقعة قريبا تبلغ الرأي العام بان مرحلة “التغاظي” عن الأخوان المسلمين إنتهت بعدما إنتهت منذ عامين مرحلة “الدلال” على حد تعبير رئيس الوزراء عبدالله النسور خصوصا وان الرسالة التي وجهها الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز تناشده التدخل لإنصاف أخوان مصر كانت في الوقت نفسه رسالة مرسومة على مستوى “المناكفة” التي من الصعب تمريرها في ظرف حساس كالظرف الحالي مما يرجح توجيه رسائل “خشنة” للأخوان المسلمين قريبا جدا.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-07
  • 12211
  • من الأرشيف

إجراءات ورسائل “خشنة” لاخوان الأردن قريبا... حرموا الكساسبة من لقب “شهيد”

 تجد عدة أطراف في المجتمع قبل الحكومة الأردنية صعوبة بالغة في “هضم” موقف جماعة الأخوان المسلمين من تطورات الأحداث الأخيرة على صعيد الحرب الوطنية المعلنة ضد تنظيم داعش المصنف بالإرهاب مما يفتح التوقعات مجددا امام سيناريوهات “تصعيد” جديدة مع جماعة الأخوان قد يتخللها هذه المرة “إجراءات” ضدهم تحت لافتة تهمة “الخروج عن الصف الوطني” وفقا لتلميحات وزير بارز في الحكومة تحدث للقدس العربي. الأخوان المسلمون خضعوا طوال أيام الأزمة الشعبية التي أعقبت القرار الصادم بإعدام الطيار النقيب معاذ الكساسبة بصورة بشعة في الرقة السورية لرقابة لصيقة تستهدف إستبيان حقيقة موقفهم من كل الأطراف. بدا واضحا ان قوى المجتمع النشطة ترصدت وتلمست قبل القوى المؤثرة في الدولة الأردنية مظاهر “الإخفاق” الأخوانية في التعاطي مع مرحلة ما بعد إعلان الحرب على داعش رغم الصورة التي تظهر المراقب العام للجماعة الشيخ همام سعيد ورفاق له في مقر العزاء بالطيار الشهيد في قرية “عي” بالكرك جنوبي البلاد. هذه الصورة لم تشفي غليل المتتبعين للموقف الأخواني خصوصا مع صدور بيان مقتضب بعد حادثة الإعدام التي ألهبت مشاعر الشعوب في الكرة الأرضية تجنب حسب مصادر حكومية تصنيف مجموعة داعش بالإرهاب كما تجنب التعاطي مع الكساسبة بصفته “شهيدا” خلافا لحالة الإجماع والتوافق الوطني. الرقابة المكثفة على الموقف الأخواني بدأت بمداخلة تلفزيونية إستنكر فيها الشيخ حمزة منصور جريمة إعدام الكساسبة لكنه إمتنع عن ربط كلمة داعش بمفردة الإرهاب رغم ان المذيع المسيس الذي سجل الحوار مع الشيخ منصور لصالح محطة رؤيا الفضائية محمد الحباشنة كرر السؤال مرتين للشيخ منصور الذي رفض الإجابة مباشرة متسائلا: هل تحقق معي؟. هجمة شرسة طالت الشيخ منصور على وسائط التواصل الإجتماعي إنتهت بالإشارة لإن تنظيم داعش إرهابي في خطاب ألقتاه بعزاء قرية عي دون أن يرد ذلك في بيان رسمي للجماعة. لاحقا هوجم بقوة البيان الصادر عن حركة حماس الذي يحمل الحكومة الأردنية مسئولية إعدام الكساسبة ويستنكر ما حصل ويبدو أن محاولات الإستدراك التي قامت بها لاحقا شخصيات من حركة حماس مثل موسى أبو مرزوق وخالد مشعل لم تفلح في شطب تصنيف حماس السلبي عند المؤسسة الأردنية.   وكذلك عند الرأي العام الذي دخل بحالة لا يقبل فيها القسمة على إثنين ولا مجال فيها للمراوغة في وصف الجريمة البشعة التي إرتكبت بحق الشهيد الكساسبة على حد تعبير عضو البرلمان محمد الحجوج. حجوج كان في إستقبال وفد يمثل مخميات فلسطين حضر لتقديم واجب التضامن والعزاء مع الشعب الأردني عندما تحدث للقدس العربي عن النبض الواحد بين الشعبين في مواجهة الإرهاب ملمحا لإن التصر يح الصادر عن احد قيادات حماس كان مخيبا للأمال ولا يرقى لمستوى المشهد. في كواليس الحكومة الأردنية يزداد مستوى الإنزعاج من موقف الحركة الأخوانية وترددها حصريا في إستعمال وصف “شهيد” وإستنكار إرهاب داعش. وهذا الإنزعاج قد يتحول في تقدير المصادر السياسية المعنية إلى إجراءات توقف كل انواع التساهل مع جماعة الأخوان المسلمين وتحملهم مسئولية موقفهم من أزمة وطنية كبيرة في وقت حساس من طراز إعلان الحرب على تنظيم داعش. الإجراءات لا يمكن توقعها بعد لكن في أروقة مكاتب رئاسة الوزراء يتفاعل الحديث عن “خيبة امل” كبيرة بالمستوى الرسمي والشعبي من موقف الجماعة وعن تفويت جماعة الأخوان لفرصة إظهار قدر من التفاعل مع المزاج العام الذي دخلت به البلاد على أساس التفريق بين موقف حزبي تكتيكي للجماعة من طراز مقاطعةالإنتخابات مثلا وبين موقف لا مجال للإلتباس فيه يتعلق بما حصل بعد الإعدام الشنيع للشهيد الطيار. القدس العربي كانت قد إستمعت مباشرة في وقت سابق للشيخ حمزة منصور والشيخ زكي بني إرشيد يشتكيان من متشددين ومتطرفين تعرضوا لهما في مدينة معان الجنوبية وتحدثا مع قيادات بارزة في الأخوان عن سياسة إقصاء الإعتدال التي يستفيد منها التطرف. لكن في الحالة التي دخل فيها الأردن مؤخرا لم تصدر مبادرات مقنعة عن “معتدلي” الأخوان المسلمين تتضمن رسائل تقدر حساسية المرحلة او حتى تساعد الجناح المعتدل في صناعة القرار الداعي لتوفير الحماية والغطاء أكثر لجماعة الأخوان المسلمين. لذلك يمكن إشتمام رائحة الإنزعاج الرسمي المكثف المحاط بإنتقاد شعبي لموقف الأخوان المسلمين من ملف الحرب على داعش. وهو إنزعاج يشمل حركة حماس اليوم وسينتهي على الأرجح بإجراءات متوقعة قريبا تبلغ الرأي العام بان مرحلة “التغاظي” عن الأخوان المسلمين إنتهت بعدما إنتهت منذ عامين مرحلة “الدلال” على حد تعبير رئيس الوزراء عبدالله النسور خصوصا وان الرسالة التي وجهها الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز تناشده التدخل لإنصاف أخوان مصر كانت في الوقت نفسه رسالة مرسومة على مستوى “المناكفة” التي من الصعب تمريرها في ظرف حساس كالظرف الحالي مما يرجح توجيه رسائل “خشنة” للأخوان المسلمين قريبا جدا.

المصدر : القدس العربي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة