بعد نحو عام من اندلاع الأزمة في سورية، كنا قد أشرنا إلى دور "إسرائيلي" فيها، أساسه إقامة دويلة على الشريط الحدودي المحتل في الجنوب السوري، شبيه بدويلة العميل سعد حداد ثم العميل انطوان لحد.

 

كان المشروع في البداية يقوم على الاعتماد على ما يسمى "الجيش السوري الحر"، الذي سرعان ما تبيّن هشاشته، فكانت العودة إلى الدفاتر القديمة؛ باعتماد "القاعدة" لهذا المشروع، فكان جناحها في سورية ما يسمى "جبهة النصرة".

 

الشريط الحدودي المحتل في الجنوب السوري، كما تخطط له الدولة العبرية، يلقى تجاوباً وتعاوناً أردنياً كاملين، من خلال رفده بالعناصر الإرهابية الموزعة على عدة أماكن ومعسكرات تدريب في حفر الباطن في المملكة السعودية، وقطر والأردن، وهو يسعى للامتداد غرباً نحو لبنان، وتحديداً باتجاه العرقوب وشبعا وحاصبيا.

 

ربما قد يكون هنا ضرورياً التذكير بموقف للرئيس بشار الأسد قبل أكثر من عامين، والذي قال فيه إنه ليس لدى الدولة الوطنية السورية أي شروط للحوار مع أي كان، شرط أن لا يكون مرتبطاً بالعدو "الإسرائيلي".

 

إن صمود سورية ودولتها الوطنية بقيادة الرئيس بشار الأسد، يعني ببساطة تحول حاسم في مجرى الصراع الحامي الذي يجري في المنطقة، ويعني أيضاً سقوطاً مدوياً للمخطط الأميركي الذي وُضع على نار حامة مع وصول المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وكان تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد" الذي بشّرت به كونداليزا رايس من بين أحضان فؤاد السنيورة في السراي الحكومي إبان حرب تموز 2006.

 

ولهذا كان التطور في الحرب على سورية ومحورها، بتطوير المواجهة مع الدولة الوطنية في الشمال، فكان الوجه الآخر لمشروع دويلة "جبهة النصرة" العميلة بـ"دولة داعش"، التي وفرت لها تركيا كل أسباب الاحتضان والولادة والحماية والتسليح والتدريب، ووفّرت لها الدعم البشري من خلال المرتزقة الذين تم استجلابهم عبر المطارات والموانئ التركية من كل أنحاء العالم، بحيث تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 50 ألف أجنبي في صفوف "داعش"، كثير منهم مجرمون خطرون، وسجناء سابقون أو "حاليون"، فكان امتداد "داعش" على الأراضي السورية والعراقية بتغطية كاملة من الطوراني رجب طيب أردوغان، وبرضا أميركي، كان يعتقد للوهلة الأولى إمكانية عودته العسكرية والمادية المباشرة إلى تلك المنطقة الحيوية، بما يجعله قادراً على إقامة القواعد العسكرية ومنصات الرصد والمراقبة التي ترصد ما يجري على الأراضي الإيرانية والروسية، وبالتالي استكمال معركة الدولة الرأسمالية الكبرى التي صارت ترى نفسها أنها أصبحت في "مرحلة ما فوق الإمبريالية".

 

ولهذا تجسّدت في دولة "داعش" كل وسائل وأساليب الإرهاب التاريخية، والتي بلغت ذروتها في احتلال الأوروبي "الأبيض" للقارة الجديدة المسماة أميركا، وفي الاحتلال الصهيوني قبيل منتصف القرن الماضي لفلسطين، والتي تجسدت في القتل والسحق والذبح والإبادة الجماعية، وتدمير الآثار الحضارية، وحرق الكتب والمخطوطات، وتدمير المقامات، وهذا ما جعل الحاخام العنصري المتطرف "نير بن ارتسي" يعتبر في موعظة له مؤخراً أن "داعش مباركة في المنظور التلمودي".

 

واعتبر هذا الخام أن "انتشار داعش في المنطقة العربية، وانضمام أوروبيين وغربيين إليه، ونجاح داعش في ضرب أوروبا، هدفه تهجير اليهود إلى إسرائيل، تحقيقاً للوعود التوراتية، ما يجعل تنظيم داعش حامياً لليهود".

 

إن "داعش"، حسب هذا الحاخام "مباركة في المنظور التلمودي"، فهل لاحظتم كيف تتمدد إلى سيناء والعريش؟ لأنه ببساطة محاولة لتحقيق "معتقد" التلمود بخراب دمشق، ودمار مصر، وتفتيت العراق، التي خرج منها نبوخذ نصّر، حيث سبى اليهود ودمر "مملكتهم"..

 

ثمة حقيقة باتت واضحة، وهي أن جبهة المقاومة باتت أكثر يقيناً بضرورة المواجهة الحتمية، فسورية تصمد وتنتصر، والعراق يواجه ويدحر دمى التلمود الارهابية وتوابعها، والمقاومة في لبنان أعطت درساً في مزارع شبعا بأنها في أعلى يقظتها وجهوزيتها، أعجب ذلك فؤد السنيورة وامتداداته في "14 آذار" أم لم يعجبه.

 

ثمة استنهاض ضروري للقوة الحية في المجتمع العربي، بدأ في سورية مؤخراً بانبعاث "مقاومة شعبية" تتكامل مع وحدات الدفاع الوطني والجيش السوري.

 

فلنتابع التطورات المصرية جيداً، وما يجري في اليمن السعيد.. على كل من أشعل لهيب الحرب في سورية أن يتحضر للغد الآتي، لأنه "على الباغي ستدور الدوائر".

  • فريق ماسة
  • 2015-02-04
  • 12129
  • من الأرشيف

الشريط السوري العميل شمالاً وجنوباً يحتضر

بعد نحو عام من اندلاع الأزمة في سورية، كنا قد أشرنا إلى دور "إسرائيلي" فيها، أساسه إقامة دويلة على الشريط الحدودي المحتل في الجنوب السوري، شبيه بدويلة العميل سعد حداد ثم العميل انطوان لحد.   كان المشروع في البداية يقوم على الاعتماد على ما يسمى "الجيش السوري الحر"، الذي سرعان ما تبيّن هشاشته، فكانت العودة إلى الدفاتر القديمة؛ باعتماد "القاعدة" لهذا المشروع، فكان جناحها في سورية ما يسمى "جبهة النصرة".   الشريط الحدودي المحتل في الجنوب السوري، كما تخطط له الدولة العبرية، يلقى تجاوباً وتعاوناً أردنياً كاملين، من خلال رفده بالعناصر الإرهابية الموزعة على عدة أماكن ومعسكرات تدريب في حفر الباطن في المملكة السعودية، وقطر والأردن، وهو يسعى للامتداد غرباً نحو لبنان، وتحديداً باتجاه العرقوب وشبعا وحاصبيا.   ربما قد يكون هنا ضرورياً التذكير بموقف للرئيس بشار الأسد قبل أكثر من عامين، والذي قال فيه إنه ليس لدى الدولة الوطنية السورية أي شروط للحوار مع أي كان، شرط أن لا يكون مرتبطاً بالعدو "الإسرائيلي".   إن صمود سورية ودولتها الوطنية بقيادة الرئيس بشار الأسد، يعني ببساطة تحول حاسم في مجرى الصراع الحامي الذي يجري في المنطقة، ويعني أيضاً سقوطاً مدوياً للمخطط الأميركي الذي وُضع على نار حامة مع وصول المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وكان تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد" الذي بشّرت به كونداليزا رايس من بين أحضان فؤاد السنيورة في السراي الحكومي إبان حرب تموز 2006.   ولهذا كان التطور في الحرب على سورية ومحورها، بتطوير المواجهة مع الدولة الوطنية في الشمال، فكان الوجه الآخر لمشروع دويلة "جبهة النصرة" العميلة بـ"دولة داعش"، التي وفرت لها تركيا كل أسباب الاحتضان والولادة والحماية والتسليح والتدريب، ووفّرت لها الدعم البشري من خلال المرتزقة الذين تم استجلابهم عبر المطارات والموانئ التركية من كل أنحاء العالم، بحيث تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 50 ألف أجنبي في صفوف "داعش"، كثير منهم مجرمون خطرون، وسجناء سابقون أو "حاليون"، فكان امتداد "داعش" على الأراضي السورية والعراقية بتغطية كاملة من الطوراني رجب طيب أردوغان، وبرضا أميركي، كان يعتقد للوهلة الأولى إمكانية عودته العسكرية والمادية المباشرة إلى تلك المنطقة الحيوية، بما يجعله قادراً على إقامة القواعد العسكرية ومنصات الرصد والمراقبة التي ترصد ما يجري على الأراضي الإيرانية والروسية، وبالتالي استكمال معركة الدولة الرأسمالية الكبرى التي صارت ترى نفسها أنها أصبحت في "مرحلة ما فوق الإمبريالية".   ولهذا تجسّدت في دولة "داعش" كل وسائل وأساليب الإرهاب التاريخية، والتي بلغت ذروتها في احتلال الأوروبي "الأبيض" للقارة الجديدة المسماة أميركا، وفي الاحتلال الصهيوني قبيل منتصف القرن الماضي لفلسطين، والتي تجسدت في القتل والسحق والذبح والإبادة الجماعية، وتدمير الآثار الحضارية، وحرق الكتب والمخطوطات، وتدمير المقامات، وهذا ما جعل الحاخام العنصري المتطرف "نير بن ارتسي" يعتبر في موعظة له مؤخراً أن "داعش مباركة في المنظور التلمودي".   واعتبر هذا الخام أن "انتشار داعش في المنطقة العربية، وانضمام أوروبيين وغربيين إليه، ونجاح داعش في ضرب أوروبا، هدفه تهجير اليهود إلى إسرائيل، تحقيقاً للوعود التوراتية، ما يجعل تنظيم داعش حامياً لليهود".   إن "داعش"، حسب هذا الحاخام "مباركة في المنظور التلمودي"، فهل لاحظتم كيف تتمدد إلى سيناء والعريش؟ لأنه ببساطة محاولة لتحقيق "معتقد" التلمود بخراب دمشق، ودمار مصر، وتفتيت العراق، التي خرج منها نبوخذ نصّر، حيث سبى اليهود ودمر "مملكتهم"..   ثمة حقيقة باتت واضحة، وهي أن جبهة المقاومة باتت أكثر يقيناً بضرورة المواجهة الحتمية، فسورية تصمد وتنتصر، والعراق يواجه ويدحر دمى التلمود الارهابية وتوابعها، والمقاومة في لبنان أعطت درساً في مزارع شبعا بأنها في أعلى يقظتها وجهوزيتها، أعجب ذلك فؤد السنيورة وامتداداته في "14 آذار" أم لم يعجبه.   ثمة استنهاض ضروري للقوة الحية في المجتمع العربي، بدأ في سورية مؤخراً بانبعاث "مقاومة شعبية" تتكامل مع وحدات الدفاع الوطني والجيش السوري.   فلنتابع التطورات المصرية جيداً، وما يجري في اليمن السعيد.. على كل من أشعل لهيب الحرب في سورية أن يتحضر للغد الآتي، لأنه "على الباغي ستدور الدوائر".

المصدر : أحمد زين الدين-الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة