لم تعد العلاقة بين الدولة العبرية وفصائل الجماعات الإرهابية المسلحة (الثوار) في سوريا بخافية على أحد، بل باتت موضع تباهٍ وتفاخر من قبل قادة الدولة العبرية،

وصارت عيادة نتنياهو لجرحى هذه المجموعات، من ضيوف المستشفيات الإسرائيلية، خبراً يومياً وعادياً في الميديا الإسرائيلية المختلفة، وواجباً “اجتماعياً” يقوم به ساسة إسرائيل تجاه “الثوار”. وباتت تلك الجماعات ترفع علمها علانية، وعلى رؤوس الأشهاد، على الحدود الإسرائيلية السورية في الجولان المحتل، وتحت سمع وبصر القوات الإسرائيلية وقوات حفظ السلام الدولية المشرفة على الهدنة المعروفة بـ”الإندوف”، والتي فقدت جندياً إسبانياً مؤخراً، في العملية التي شنـّتها إسرائيل لاغتيال كوادر حزب الله.

 

ورغم وجود اتفاقية لفصل القوات ، موقعة في العام 1974 بين إسرائيل وسوريا، فإن إسرائيل لم تتورع عن خرق هذه المعاهدة الدولية، والتنصل منها بشكل فاضح، مستغلة الأوضاع الأمنية التي تمر بها سوريا، جراء العدوان الأورو-أطلسي-التركي- الخليجي الواقع عليها، والذي سيدخل عامه الخامس بعد أسابيع قليلة.

 

وقد شبـّه السيد حسن نصر الله، في خطابه الأخير، بمناسبة تأبين شهداء القنيطرة، الوضع القائم اليوم في الجولان، بذاك الذي كان سائداً قبل 25 أيار/مايو في جنوب لبنان من العام 2000، مسمياً تلك الجماعات حرفياً بـ”جيش لحد السوري في الجولان”، إشارة إلى جيش لحد الجنوبي الذي حظي، هو الآخر، برعاية ودعم إسرائيل، وعمل كأداة لها، وشكـّل طوق حماية أمني لشمال إسرائيل. وإن كان السيد حسن نصر الله يلمـّح إلى ذاك التشابه في وضع القوتين جيش لحد والنصرة، فإنه، ولا بد، يشير وبشكل غير مباشر من جهة أخرى، إلى النهاية المهينة والمذلـّة والبائسة لجيش لحد، حيث يعمل اليوم الجنرال أنطوان لحد ذو النياشين والأوسمة المذهبة الإسرائيلية السابقة التي رصـّـعت صدره، كنادل “غارسون” في مطعم لبيع الحمـّص والفلافل في اسرائيل كما يقال، فيما تبعثر جيشه المنهار في أربع رياح الأرض، والإيحاء بالتالي بمستقبل مماثل ولا يختلف كثيراً لـ”جيش لحد السوري” الجديد، أو (ثوار سوريا)، بحيث لا يكون مستقبل الجولاني بأفضل من مستقبل الجنرال الجنوبي، وهذا إذا خدمته الحظوط  وبافتراض  أن يستمر الإسرائيليون في عشق أطباق الحمـّص والتهام شطائر الفلافل.

 

كما أن ميراث اللعب بورقة الإرهاب قد لا يحمل هو الآخر أية رسائل طيبة، أو فألاً جيداً للسيد نتنياهو، الذي يطمئن ويعايد جرحاه “الثوريين” بشكل يومي. فورقة الإرهاب الدولي التي لعبها السعوديون عبر “المجاهدين العرب الأفغان”، أول ما ضربت بعد استراحة المحارب “الأفغاني” في قلب الرياض ذاتها بعمليات نوعية وقاسية في أيار 2003، وكانت الرياض الممول والراعي الرسمي لتنظيم قاعدة الجهاد، الذي تم طبخه كما هو معروف في مكتب تركي الفيصل، الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية، حيث خرج بن لادن من عنده آخر مرة من السعودية نهائياً، ودون أن يعود إليها أبداً. وكانت غزوتي نيويورك وواشنطن، ذروة انقلاب الجهاد الإرهابي على رعاته ومشغـّـليه في سبتمبر 2001، ناهيك عن تفجيرات مترو لندن في العام 2007، وتفجيرات إسبانيا أيضاً في ذات العام، وهذه الدول كانت من الحلفاء الأوثق لواشنطن في استثمار ألعاب “البلاي ستيشن” الجهادية التي سرعان ما تصبح لعباً واقعاً أدمى رعاته ومشغليه، أيضاً في بروكسل، وأوتاوا، وسيدني، مؤخراً.

 

غير أن الجرح الفرنسي الطري والساخن في شارلي إيبدو يظهر مدى التزام تلك الجماعات “الثورية” بإرثها الانقلابي، وارتدادهم على رعاتهم ومشغـّليهم، والكل يعي اليوم، كيف تحولت فرنسا مونتيسكيو وفولتير وجان جاك روسو، إلى “قاعدة” وأكبر حاضن ومصدّر ومعبر  لـ”ثوار سوريا”، (مرتزقة الإرهاب الدولي) من داعش، وأحرار الشام، وجيش حر، ونصرة، حيث مدح فابيوس هذه الأخيرة قائلاً: “إن النصرة تؤدي عملاً جيداً”. هذه النصرة ذاتها  تنام اليوم وتغفو في حضن نتنياهو وترفرف أعلامها على حدوده، ويرى الجميع كيف يستقوي نتنياهو بها، ويسخـّرها لضرب قواعد ومقرات وثكنات الجيش السوري ويستثمرها في حروب الإرهاب التي يقودها ضد سوريا، هذه المرة، وذلك هدياً على سنـّة سابقيه ريغان، وبوش، وتوني بلير، ووو….. وآخرهم ليس أخيرهم فرانسوا أولاند.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-02
  • 5915
  • من الأرشيف

مقامرة نتنياهو: الجولاني بائعاً للحمـّص والفلافل

لم تعد العلاقة بين الدولة العبرية وفصائل الجماعات الإرهابية المسلحة (الثوار) في سوريا بخافية على أحد، بل باتت موضع تباهٍ وتفاخر من قبل قادة الدولة العبرية، وصارت عيادة نتنياهو لجرحى هذه المجموعات، من ضيوف المستشفيات الإسرائيلية، خبراً يومياً وعادياً في الميديا الإسرائيلية المختلفة، وواجباً “اجتماعياً” يقوم به ساسة إسرائيل تجاه “الثوار”. وباتت تلك الجماعات ترفع علمها علانية، وعلى رؤوس الأشهاد، على الحدود الإسرائيلية السورية في الجولان المحتل، وتحت سمع وبصر القوات الإسرائيلية وقوات حفظ السلام الدولية المشرفة على الهدنة المعروفة بـ”الإندوف”، والتي فقدت جندياً إسبانياً مؤخراً، في العملية التي شنـّتها إسرائيل لاغتيال كوادر حزب الله.   ورغم وجود اتفاقية لفصل القوات ، موقعة في العام 1974 بين إسرائيل وسوريا، فإن إسرائيل لم تتورع عن خرق هذه المعاهدة الدولية، والتنصل منها بشكل فاضح، مستغلة الأوضاع الأمنية التي تمر بها سوريا، جراء العدوان الأورو-أطلسي-التركي- الخليجي الواقع عليها، والذي سيدخل عامه الخامس بعد أسابيع قليلة.   وقد شبـّه السيد حسن نصر الله، في خطابه الأخير، بمناسبة تأبين شهداء القنيطرة، الوضع القائم اليوم في الجولان، بذاك الذي كان سائداً قبل 25 أيار/مايو في جنوب لبنان من العام 2000، مسمياً تلك الجماعات حرفياً بـ”جيش لحد السوري في الجولان”، إشارة إلى جيش لحد الجنوبي الذي حظي، هو الآخر، برعاية ودعم إسرائيل، وعمل كأداة لها، وشكـّل طوق حماية أمني لشمال إسرائيل. وإن كان السيد حسن نصر الله يلمـّح إلى ذاك التشابه في وضع القوتين جيش لحد والنصرة، فإنه، ولا بد، يشير وبشكل غير مباشر من جهة أخرى، إلى النهاية المهينة والمذلـّة والبائسة لجيش لحد، حيث يعمل اليوم الجنرال أنطوان لحد ذو النياشين والأوسمة المذهبة الإسرائيلية السابقة التي رصـّـعت صدره، كنادل “غارسون” في مطعم لبيع الحمـّص والفلافل في اسرائيل كما يقال، فيما تبعثر جيشه المنهار في أربع رياح الأرض، والإيحاء بالتالي بمستقبل مماثل ولا يختلف كثيراً لـ”جيش لحد السوري” الجديد، أو (ثوار سوريا)، بحيث لا يكون مستقبل الجولاني بأفضل من مستقبل الجنرال الجنوبي، وهذا إذا خدمته الحظوط  وبافتراض  أن يستمر الإسرائيليون في عشق أطباق الحمـّص والتهام شطائر الفلافل.   كما أن ميراث اللعب بورقة الإرهاب قد لا يحمل هو الآخر أية رسائل طيبة، أو فألاً جيداً للسيد نتنياهو، الذي يطمئن ويعايد جرحاه “الثوريين” بشكل يومي. فورقة الإرهاب الدولي التي لعبها السعوديون عبر “المجاهدين العرب الأفغان”، أول ما ضربت بعد استراحة المحارب “الأفغاني” في قلب الرياض ذاتها بعمليات نوعية وقاسية في أيار 2003، وكانت الرياض الممول والراعي الرسمي لتنظيم قاعدة الجهاد، الذي تم طبخه كما هو معروف في مكتب تركي الفيصل، الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية، حيث خرج بن لادن من عنده آخر مرة من السعودية نهائياً، ودون أن يعود إليها أبداً. وكانت غزوتي نيويورك وواشنطن، ذروة انقلاب الجهاد الإرهابي على رعاته ومشغـّـليه في سبتمبر 2001، ناهيك عن تفجيرات مترو لندن في العام 2007، وتفجيرات إسبانيا أيضاً في ذات العام، وهذه الدول كانت من الحلفاء الأوثق لواشنطن في استثمار ألعاب “البلاي ستيشن” الجهادية التي سرعان ما تصبح لعباً واقعاً أدمى رعاته ومشغليه، أيضاً في بروكسل، وأوتاوا، وسيدني، مؤخراً.   غير أن الجرح الفرنسي الطري والساخن في شارلي إيبدو يظهر مدى التزام تلك الجماعات “الثورية” بإرثها الانقلابي، وارتدادهم على رعاتهم ومشغـّليهم، والكل يعي اليوم، كيف تحولت فرنسا مونتيسكيو وفولتير وجان جاك روسو، إلى “قاعدة” وأكبر حاضن ومصدّر ومعبر  لـ”ثوار سوريا”، (مرتزقة الإرهاب الدولي) من داعش، وأحرار الشام، وجيش حر، ونصرة، حيث مدح فابيوس هذه الأخيرة قائلاً: “إن النصرة تؤدي عملاً جيداً”. هذه النصرة ذاتها  تنام اليوم وتغفو في حضن نتنياهو وترفرف أعلامها على حدوده، ويرى الجميع كيف يستقوي نتنياهو بها، ويسخـّرها لضرب قواعد ومقرات وثكنات الجيش السوري ويستثمرها في حروب الإرهاب التي يقودها ضد سوريا، هذه المرة، وذلك هدياً على سنـّة سابقيه ريغان، وبوش، وتوني بلير، ووو….. وآخرهم ليس أخيرهم فرانسوا أولاند.

المصدر : نضال نعيسة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة