دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
(بدأت جبهة النصرة عملية إعادة التموضع عسكرياً نحو جنوب دمشق، توازياً مع توسيع “جيش الإسلام” لرقعة سيطرته في الغوطة الشرقية للعاصمة، خصوصاً بعد ان قضم “جيش الأمة” في دوما التي بات يُسيطر عليها بشكلٍ كامل.
جميع المصادر في دمشق تشير إلى تموضع مضاد – متبادل بين “النصرة” و “جيش الإسلام” في محيط العاصمة، إعادة التموضع من جهة “النصرة” تأتي بعد إستشعارها الخطر القادم من “جيش الإسلام” الذي تعاظمت قوته حتى باتت القوة العسكرية المعارضة الاولى في محيط العاصمة، ما سيترتب عليها تغيراً في الوقائع الميدانية في صف المعارضة.
وبعد ايامٍ على توسّع “زهران علوش” في دوما، آثرت “جبهة النصرة” فعل الأمر ذاته عبر إختيار التوقيت المناسب لانسحابها من بلدة “بيت سحم” الواقعة على خط الفصل بين غوطتي دمشق، وتمدّدها نحو بلدات جنوب العاصمة التي باتت القلعة المفترضة لـ “النصرة” التي ستكون بقعتها الرسمية في مواجهة التوسع “العلوشي” في الغوطة.
وعلمت “الحدث نيوز” من مصادر إعلامية موثوقة في دمشق، ان “إنسحاب النصرة لغاية الساعة لم يتم من بيت سحم سوى ورقياً، حيث لم يصدر أي تأكيد من لجنة المصالحة المشرفة على عملية المفاوضات في البلدة”. ويأتي قرار الإنسحاب الذي أعلن من الجامع الكبير في البلدة أول من أمس الثلاثاء، بعد إعتصامٍ وعصيانٍ مدني من أهالي “بيت سحم” مستمر منذ 12 يوماً، حيث قام الاهالي بالاعتصام في الجامع الكبير طلباً بخروج “النصرة”. الأمر هذا لم يكن المحرّك الأساسي لقرار إنسحاب “الجبهة” من البلدة، بل ان لتمدّد علوش في “دوما” سبباً اساسياً في قرارها العودة إلى القواعد وتعزيزها جنوبي العاصمة لتكون على تماسٍ مباشر مع “دولة علوش” الغير معلنة.
وعلى ما يبدو، فإن “النصرة” إستشعرت خطر قدوم “علوش” ووضعه لها ثالثاً على قائمة مجموعته الهادفة لانهاء الجماعات المسلحة التي تُشكل خطراً على وجوده، فبعد الإنتهاء من “الدولة الإسلامية” ومن ثم “جيش الأمة” الموالي للاخيرة في الغوطة، يتجه الرجل على ما يبدو إلى “جبهة النصرة” لكي ينهي وجودها ليتسيّد المنطقة معلناً إمارته الشبيهة بإمارة “داعش”، لكن بوجهٍ معتدل كما يزعم.
التطورات الميدانية المستحدثة في الغوطة، مكّنت أكثر من العلاقة الجيدة أصلاً بين “داعش” و “النصرة” جنوبي العاصمة، فعلى الرغم من إقتتال الطرفين في نواحٍ عدة من البلاد، إلى أنهما متعاونان في جنوب دمشق كما منطقة القلمون، حيث ان بلدة “الحجر الأسود” التي أعلنت فيها “داعش” إمارة إسلامية يقودها “أبو صيّاح فرّامة”، تحظى بوجود جيد من قبل “النصرة” وهي على وفاقٍ لا بل تعاونٍ إلى حدٍ ما مع “داعش” هناك، سيما وأنها من أمّن لها الطريق يوم غزوة “جيش الإسلام” ومحاولة تمدّده وطرد لـ “داعش” من الجنوب الدمشي، حيث وقفت “النصرة” يومها على طرفي نقيض مؤمّنه عبور عناصر “داعش” إلى الحجر الأسود من يلدا لا بل حمايتهم فيها.
وعلى ما يبدو، فإن إستشعار الخطر من “النصرة”، ربما يدفعها للتحالف عسكرياً مع “داعش” جنوب دمشق عبر “تحالف مصالح”، لمواجهة “علوش” وتأسيس حالة عسكرية يمكن ان تدافع بها عن منطقتها. وتشير مصادر متقاطعة لـ “الحدث نيوز”، عن بروز خلافاتٍ حادة بين “النصرة” و “جيش الإسلام” في الغوطة الشرقية بالفترة الماضية لكنها مضبوطة ولم تخرج إلى السطح، خصوصاً بعد قرار الأولى حماية “داعش” من “علوش” في جنوب دمشق، وما ترتب على ذلك من أمورٍ في الميدان، ايضاً، تشير المعلومات المستقاة عن مصادر تهتم بمراقبة نشاط التنظيمات الجهادية، ان التنسيق الميداني بين النصرة – علوش شبه مقطوع منذ مدة، ولا يوجد عمليات مشتركة بينهما، كما كلٍ منهما يحافظ على محاوره العسكرية وجبهاته دون إشراك الاخر، ما يظهر حجم الشرخ بينهما.
على صعيد محاور الغوطة الشرقية، فإن “النصرة” تتمتع بوجودٍ في العديد من قرى الغوطة، لكنها تخشى من مكر “علوش” وإنقضاضه على المحاور التي تُسيطر عليها في ليلةً ما كما حصل مع “جيش الأمة”، وعليه، فإنها تُهيء الأرضية في جنوب دمشق لتكون الإسناد لها في حال حصول اي تطوّر دراماتيكي غير مضمون.
إذاً، فالغوطة الشرقية اليوم باتت بين ثلاث محاور. محور يقوده “زهران علوش” ويعتبر خليجياً – عربياً “معتدلاً”، ومحور ثانٍ تقوده “النصرة – داعش” ويعتبر متطرفاً، ويمكن تسميته محور “القاعدة”، ومحور ثالث يقوده الجيش السوري والحلفاء، خصوصاً مع بروز ما يسمى “جيش الوفاء” او “لواء اليرموك” الذي يُحضّر لتنفيذ عمليات عسكرية في المنطقة. وعلى ما يبدو، فإن الغوطة قادمة على مواجهة ثلاثة ساخنة بين الاطراف المتناقضة.
المصدر :
الماسة السورية / الحدث نيوز
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة