مواطنٌ كانت تعامله حكومات المُبرَأ، على أنه مستهلكٌ عبثيٌ للأوكسجين، يقول إنّ مبارك حين وصل بمكانةٍ لمصر تنافس أمريكا إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، قرّرت التخلص منه، هذه عقلية لا تختلف عن عقلية من يقيم تحليلاته منعدمة الأوكسجين، على قاعدة أنّ مملكة آل سعود تستشعر الخطر الإيراني أولاً، والاتفاق الإيراني الأمريكي ثانياً، لذلك فإنّ السعودية تتحرك باتجاه إحتواء هذين الخطرين، رغم تعارض هذا الحراك مع سياسة حليفتها الولايات المتحدة، فالأول ينعم بالجهل والثاني يشقى بالنفط، وكلاهما للعقل حاجب، ولا أعرف صاحب فكرة الإلحاح دوماً على مسامع ونظر القراء والمشاهدين، بأنّ السعودية تستشعر، تتفكر، تحاول، تسعى، تفعل ولا تفعل، وكأنها كيان معنويٌ مكتمل الأركان يرقى لمصاف دول، مع أنّ المومياءات علمياً رغم أنها محنطة لكنها قابلة للتفسخ والعطب في كل حين، والعطب قد ضرب كل أطنابها حالياً إيذاناً باقتراب عهد التفسخ، والأشد عبثيةً، فكرة أنّ السعودية تحمل لواء قومية عربية مظلومة، مقابل قومية فارسية متغولة وأخرى تركية متأخونة، رغم أنّ السعودية لا تعرف عن القومية العربية سوى أنّ عبدالناصر كافر بإجماع العلماء.

يبدو أنّ المفاهيم العامة عن الدولة العاقلة آخذة بالتغيُر تدريجياً، فحين نقول عقل الدولة مثلاً، فنحن نقصد مؤسساتها، فإن كانت مؤسساتها متمتعة بكل المقاييس المعتمدة علمياً، نقول تلك دولة عاقلة، فكيف بكيانٍ بلا مؤسساتٍ أصلاً، اللهم مؤسسة دماغ الملك وفي حاشيتها مؤسسة الهيئة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وأسمى تجلياتها شريعة منع المرأة من قيادة السيارة، فيما يخرج علينا أحدهم ليقول إنّ السعودية تبذل قصارى جهدها في محاولة حماية عروبتنا من الترك والفرس، وهذا الأحدهم- وهو كناية عن شاربي النفط- حتماً يحاول الإنتحار على الأقل مرة في العام حين تصادفه مرآة فيرى نفسه، رغم ذلك سأصدقه، ولكن هناك طرق أخرى لحماية عروبتنا غير الاستعانة بالديانة اليهودية، وهم ليسوا قومية على أي حال، وغير تدمير قلب العروبة في سوريا، وغير الخضوع للولايات المتحدة كالمناجيس المناكيد، وغير تحطيم مصر باستتباعها ودفعها لمعاداة نفسها وجيرانها وعمقها، وغير تسمين وحوش التكفير وقارضات التفكير، وغير إفراغ الجامعة العربية حتى من عروبتها اللهم اسم أمينها العام والغاطس، فهذا لا يدل عن عقلٍ أو تعقل، كما قال سعود الفيصل إبان العدوان على غزة عام 2008 إنّ النفط ليس سلاحاً إنما سلعة، ثم عاد اليوم ليصبح سلاحاً في الضغط على روسيا ومحاربة إيران، ففي أيهما كان كاذباً، في كلاهما لم يكن صادقاً ولم يكن كاذباً إيضاً، إنما كان وما زال بلا عقلٍ فقط.

والحقيقة أنّ منطقة النفوذ السعودية الوحيدة هي كرامة ورقاب الهنود والبنغال والأفغان، الذين يفدون إليها بحثاً عن لقمة العيش، هذا إذا استثنينا حسينيات البحرين طبعاً، التي تدمرها وتسحقها، وأما ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي، والذي لا يعدو كونه مجلس قبائل، تفوق عليه حداثةً بآلاف المرات حلف الفضول زمن الجاهلية، وهذا الشح لا يخولها الدفاع عن عروبة لا تؤمن بها أصلاً، هذا إذا سلمنا جدلاً بأنّ أسس الصراع هي قومية بين عربٍ وتركٍ وفرس، وهي ليست كذلك قطعاً، فبعيداً عن أسس الصراع الجذرية والحصرية، فإنّ السعودية تصارع للاحتفاظ بسيدها "الولايات المتحدة"، عبر تلبية كل رغبات ابنته المدللة (إسرائيل)، فالسيد الأمريكي يقنع عبيده بأنّ تلك الرغبات هي مدخل استعباده الوحيد لهم، ثم يوحي لهم بالطرق الأمثل لإرضائها، هكذا الأمور ببساطة دونما تعقيدٍ وتحليلٍ واستنباطٍ وقياس، فدماغ الملك وهو مؤسسة العقل الوحيدة، باعتبار وجوده، هو سليل مؤسسة دماغ المؤسس، الذي ربط مصير عائلته وعرشه باتباع الأوامر وتلبية الرغبات، وأقسم الأيمان المغلظة على عدم المخالفة.

نحن مقبلون على مرحلة التحالف الفج بين بيادق وقواد الجامعة العربية و(إسرائيل)، وللمفارقة فهو قائمٌ منذ القدم، ولكنه الآن أصبح بشكلٍ علني، وأصبح كذلك غير مستهجن في ظل إختراعات مؤسسة الدماغ تلك، فهي تخترع الأعداء ثم تصرخ نجدةً لمحاربتهم، وقد نكون على شفا حربٍ غير مستهجنة، يركب فيها طيارٌ صهيوني، طيارة منقوش عليها الشهادتان، "سعودية"، ليقصف في سوريا أو بيروت أو غزة أو طهران، وقد يمتطي أمير سعودي صاروخ توماهوك ينزل في دمشق، فهم ساسة إبل يعتقدون بإلزام مسك الخطام لذلك سيمتطيه، والحديث عن الحرب ليس لأني غير مسالم، بل لأنّ التسويات تتناقض مع متطلبات المرحلة، فلا وجود لتسوياتٍ مع أعداء وجود، إنما التسويات تتمّ بين أعداء نفوذٍ ومصالح، ونحن اليوم أبعد ما نكون عن صراع النفوذ والمصالح، وإن ألبسوه هذا القناع، فنحن وبني صهيون وآل سعود في صراع وجود، فإن زالا فالتسويات بين جميع الأطراف ستبدو أقل من الحاجة لجلسة قهوة

 

  • فريق ماسة
  • 2014-12-06
  • 10756
  • من الأرشيف

السعودية تحمي عروبتنا من الترك والفرس

مواطنٌ كانت تعامله حكومات المُبرَأ، على أنه مستهلكٌ عبثيٌ للأوكسجين، يقول إنّ مبارك حين وصل بمكانةٍ لمصر تنافس أمريكا إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، قرّرت التخلص منه، هذه عقلية لا تختلف عن عقلية من يقيم تحليلاته منعدمة الأوكسجين، على قاعدة أنّ مملكة آل سعود تستشعر الخطر الإيراني أولاً، والاتفاق الإيراني الأمريكي ثانياً، لذلك فإنّ السعودية تتحرك باتجاه إحتواء هذين الخطرين، رغم تعارض هذا الحراك مع سياسة حليفتها الولايات المتحدة، فالأول ينعم بالجهل والثاني يشقى بالنفط، وكلاهما للعقل حاجب، ولا أعرف صاحب فكرة الإلحاح دوماً على مسامع ونظر القراء والمشاهدين، بأنّ السعودية تستشعر، تتفكر، تحاول، تسعى، تفعل ولا تفعل، وكأنها كيان معنويٌ مكتمل الأركان يرقى لمصاف دول، مع أنّ المومياءات علمياً رغم أنها محنطة لكنها قابلة للتفسخ والعطب في كل حين، والعطب قد ضرب كل أطنابها حالياً إيذاناً باقتراب عهد التفسخ، والأشد عبثيةً، فكرة أنّ السعودية تحمل لواء قومية عربية مظلومة، مقابل قومية فارسية متغولة وأخرى تركية متأخونة، رغم أنّ السعودية لا تعرف عن القومية العربية سوى أنّ عبدالناصر كافر بإجماع العلماء. يبدو أنّ المفاهيم العامة عن الدولة العاقلة آخذة بالتغيُر تدريجياً، فحين نقول عقل الدولة مثلاً، فنحن نقصد مؤسساتها، فإن كانت مؤسساتها متمتعة بكل المقاييس المعتمدة علمياً، نقول تلك دولة عاقلة، فكيف بكيانٍ بلا مؤسساتٍ أصلاً، اللهم مؤسسة دماغ الملك وفي حاشيتها مؤسسة الهيئة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وأسمى تجلياتها شريعة منع المرأة من قيادة السيارة، فيما يخرج علينا أحدهم ليقول إنّ السعودية تبذل قصارى جهدها في محاولة حماية عروبتنا من الترك والفرس، وهذا الأحدهم- وهو كناية عن شاربي النفط- حتماً يحاول الإنتحار على الأقل مرة في العام حين تصادفه مرآة فيرى نفسه، رغم ذلك سأصدقه، ولكن هناك طرق أخرى لحماية عروبتنا غير الاستعانة بالديانة اليهودية، وهم ليسوا قومية على أي حال، وغير تدمير قلب العروبة في سوريا، وغير الخضوع للولايات المتحدة كالمناجيس المناكيد، وغير تحطيم مصر باستتباعها ودفعها لمعاداة نفسها وجيرانها وعمقها، وغير تسمين وحوش التكفير وقارضات التفكير، وغير إفراغ الجامعة العربية حتى من عروبتها اللهم اسم أمينها العام والغاطس، فهذا لا يدل عن عقلٍ أو تعقل، كما قال سعود الفيصل إبان العدوان على غزة عام 2008 إنّ النفط ليس سلاحاً إنما سلعة، ثم عاد اليوم ليصبح سلاحاً في الضغط على روسيا ومحاربة إيران، ففي أيهما كان كاذباً، في كلاهما لم يكن صادقاً ولم يكن كاذباً إيضاً، إنما كان وما زال بلا عقلٍ فقط. والحقيقة أنّ منطقة النفوذ السعودية الوحيدة هي كرامة ورقاب الهنود والبنغال والأفغان، الذين يفدون إليها بحثاً عن لقمة العيش، هذا إذا استثنينا حسينيات البحرين طبعاً، التي تدمرها وتسحقها، وأما ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي، والذي لا يعدو كونه مجلس قبائل، تفوق عليه حداثةً بآلاف المرات حلف الفضول زمن الجاهلية، وهذا الشح لا يخولها الدفاع عن عروبة لا تؤمن بها أصلاً، هذا إذا سلمنا جدلاً بأنّ أسس الصراع هي قومية بين عربٍ وتركٍ وفرس، وهي ليست كذلك قطعاً، فبعيداً عن أسس الصراع الجذرية والحصرية، فإنّ السعودية تصارع للاحتفاظ بسيدها "الولايات المتحدة"، عبر تلبية كل رغبات ابنته المدللة (إسرائيل)، فالسيد الأمريكي يقنع عبيده بأنّ تلك الرغبات هي مدخل استعباده الوحيد لهم، ثم يوحي لهم بالطرق الأمثل لإرضائها، هكذا الأمور ببساطة دونما تعقيدٍ وتحليلٍ واستنباطٍ وقياس، فدماغ الملك وهو مؤسسة العقل الوحيدة، باعتبار وجوده، هو سليل مؤسسة دماغ المؤسس، الذي ربط مصير عائلته وعرشه باتباع الأوامر وتلبية الرغبات، وأقسم الأيمان المغلظة على عدم المخالفة. نحن مقبلون على مرحلة التحالف الفج بين بيادق وقواد الجامعة العربية و(إسرائيل)، وللمفارقة فهو قائمٌ منذ القدم، ولكنه الآن أصبح بشكلٍ علني، وأصبح كذلك غير مستهجن في ظل إختراعات مؤسسة الدماغ تلك، فهي تخترع الأعداء ثم تصرخ نجدةً لمحاربتهم، وقد نكون على شفا حربٍ غير مستهجنة، يركب فيها طيارٌ صهيوني، طيارة منقوش عليها الشهادتان، "سعودية"، ليقصف في سوريا أو بيروت أو غزة أو طهران، وقد يمتطي أمير سعودي صاروخ توماهوك ينزل في دمشق، فهم ساسة إبل يعتقدون بإلزام مسك الخطام لذلك سيمتطيه، والحديث عن الحرب ليس لأني غير مسالم، بل لأنّ التسويات تتناقض مع متطلبات المرحلة، فلا وجود لتسوياتٍ مع أعداء وجود، إنما التسويات تتمّ بين أعداء نفوذٍ ومصالح، ونحن اليوم أبعد ما نكون عن صراع النفوذ والمصالح، وإن ألبسوه هذا القناع، فنحن وبني صهيون وآل سعود في صراع وجود، فإن زالا فالتسويات بين جميع الأطراف ستبدو أقل من الحاجة لجلسة قهوة  

المصدر : إيهاب زكي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة