دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يواصل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» هجومه على مطار دير الزور العسكري لليوم الخامس على التوالي.
وبينما تحاول حامية المطار، وبعض القطع العسكرية المحيطة به صد الهجوم، تتصاعد المخاوف من أن يلاقي المطار نفس مصير مطار الطبقة بريف الرقة، خاصة في ظل التعقيدات الميدانية التي تحيط به.
وتشير آخر المعطيات إلى أن مقاتــلي التنــظيم التكفيري تمكــنوا أمس، من تحقــيق تقدم في محيط المطار، حيث بسطوا سيــطرتهم على حويجة المريعية وقريــة الجــفرة التي تعتبر خط الدفاع الخارجــي الأخــير عن المطار، كي تصبح المسافة التي تفصلهم عن أسوار المطار أقل من 500 متر، وهو ما يعني بحسب التجارب السابقة أن المطار قد يشــهد نفــس الســيناريو الذي طالما نفذه مقاتلو «داعش»، وهو إرسال العربــات المفخخة لإحداث ثــغرات في أسوار المطار لتســتخدمها وحدات «الانغماسيين» التابعة له في اقتحــامه ونقــل المعركــة إلى داخله.
ولم يكن الهجوم على مطار دير الزور العسكري مفاجئاً، لأنه كان على قائمة أهداف «الدولة الإسلامية» منذ سقوط مطار الطبقة في آب الماضي، والذي يعتبر جناحه الثاني في تشكيل اللواء 24 دفاع جوي.
وكان واضحاً أن خطة «داعش» تقضي بإنهاء أي تواجد للجيش السوري في مناطق سيطرته في كل من الرقة ودير الزور. وقد سعى الجيش السوري إلى استباق هجوم «داعش» المتوقع من خلال القيام بهجوم استباقي استهدف منطقة حويجة صكر في تشرين الثاني الماضي، والتي كان من شأن سيطرته عليها، ليس تأمين مطار دير الزور العسكري وإبعاد الخطر عنه وحسب، بل كذلك قلب السحر على الساحر، وتضييق الخناق على الأحياء التي يسيطر عليها «الدولة الإسلامية» داخل مدينة دير الزور، لا سيما بعد نجاح الجيش السوري في تفجير جسر السياسية الذي كان يعتبر المدخل البري الوحيد إلى تلك الأحياء. وزادت هذه التطورات من احتمال الهجوم على المطار، لأنه بات ضرورياً للتنظيم التكفيري قبل أن يقع في براثن الحصار.
وهذا ما حدث مساء الثلاثاء الماضي عندما أطلق مقاتلو التنظيم ما أسموها «غزوة تحرير ولاية الخير» أي دير الزور، وهاجموا المطار العسكري من عدة محاور، بعد تمهيد ناري كثيف وقصف بالمدفعية والدبابات، وذلك بالتزامن مع هجومهم على بعض أحياء المدينة التي تتمركز فيها قوات الجيش السوري، منفذين ضدها بعض العمليات الانتحارية. واندلعت بين الطرفين معارك عنيفة على أكثر من محور، وسط تعقيدات ميدانية تركت نتيجة المعارك مفتوحة على كل الاحتمالات، خاصة تلك المعركة الدائرة في محيط المطار.
وتتعلق هذه التعقيدات بنقاط القوة والضعف التي يحوزها كل طرف. فمن جهة يعتبر مطار دير الزور العسكري أشد تحصيناً من مطار الطبقة، والأهم أنه ليس معزولاً، بل تحيط به بعض القطع العسكرية التي تشكل طوق حماية له في حال الهجوم عليه، لا سيما من ناحية الغرب، مثل «اللواء 137 ميكا» و«الفوج 119 دفاع جوي» و«لواء التأمين».
كما تمكن الجيش السوري من زيادة تحــصين المطار عبر سيطرته على حويجـــة المريعــية، قبل أن تســقط في الهجوم الأخــير بيد «الدولة الإســلامية». كما كان يؤمّــن المطار من الناحية الشمالية الشرقية عبر السيطرة على قرية الجفرة الموالية، وكذلك من خــلال سيطرته على محيط بلدة عياش، حيث توجد مستودعات ضخمة من الأسلحة شمال غرب دير الزور.
بالمقابل، حرص «الدولة الإسلامية»، بعد هيمنته على ريف دير الزور في أعقاب طرد «جبهة النصرة» وحلفائها منه في حزيران الماضي، على إبقاء الكتائب التي بايعته، أو لم تشترك في قتاله في أماكن تمركزها حول المطار. ولم يكتف بذلك، بل تمكن من تحقيق التقدم في بعض النقاط المحيطة بالمطار، مثل سيطرته على حقل التيم النفطي القريب منه من جهة الجنوب، بالإضافة إلى سيطرته على مدينة الخريطة في ريف دير الزور الغربي.
ويشير هذا التداخل في السيطرة على المناطق المحيطة بالمطار إلى أن المعركة الدائرة حالياً مفتوحة على احتمالات كثيرة، ومن غير المستبعد أن تشهد تطورات مفاجئة قد لا تكون محسوبة من أحد الطرفين.
وتعتبر معركة مطار دير الزور ذات أهمية إستراتيجية كبيرة، تتجاوز تداعياتها حدود المحافظة لتمتد إلى مدينة تدمر، ومنها إلى محافظة حمص لا سيما الريف الشمالي والريف الشرقي منها.
المصدر :
السفير/ عبد الله علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة