من المفترض ان يعود السيد وليد المعلم والوفد المرافق له اليوم الخميس الى دمشق من الزيارة التي قام بها الى موسكو بعد انقطاع دام ثلاثة سنوات تقريبا، وكان لافتا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل السيد المعلم فور وصوله، على غير العادة، مما يؤكد متانة العلاقات اولا، واهمية الرسائل التي يحملها وزير الخارجية السوري للقيادة الروسية.

المعلومات التي تسربت شحيحة للغاية، لان جميع اللقاءات كانت مغلقة، ولكن وكالة الانباء الروسية الرسمية افادت بأن الوفد السوري طلب تسريع تسليم بلاده صواريخ روسية من طراز “اس 300″ المتعددة المهام والمتطورة جدا على صعيد التصدي للطائرات الحربية، ولم تنقل الوكالة اي تفاصيل عن الرد الروسي على هذا الطلب، واكتفت بالقول ان السيد المعلم وصف اللقاءات بأنها “بناءة جدا”.

وربما يفيد التذكير ان الرئيس الروسي بوتين لم يستقبل الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي زار موسكو قبل وصول السيد المعلم، الامر الذي دفعه، اي الامير السعودي، الى المغادرة “حردا” ودون المشاركة في المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان مقررا ان يعقده مع نظيره الروسي.

استقبال الرئيس الروسي للوفد السوري فور وصوله وامتناعه عن استقبال وزير الخارجية السعودي يعكس موقفا روسيا متشددا تجاه السياسة السعودية الداعمة للجماعات المسلحة في سورية اولا، وغضبا تجاه اغراق السعودية لاسواق النفط العالمية بأكثر من مليون برميل يوميا تقريبا، مما ادى الى انخفاض اسعار النفط بحوالي 30 بالمئة وتكبد روسيا خسائر بحدود 100 مليار دولار على الاقل، ونصف هذا الرقم بالنسبة الى ايران، فالسلطات السعودية ترفض رفضا مطلقا اي تخفيض لانتاج اوبك (30 مليون برميل يوميا) من اجل زيادة الاسعار او الحفاظ عليها في حدود مئة دولار للبرميل.

هناك سؤالان مهمان يطرحان نفسيهما، الاول حول الدوافع السياسية لزيارة السيد المعلم، والثاني عن اسباب طرح مسألة التعجيل بتسليم صواريخ “اس 300″ في هذا التوقيت بالذات؟

الاجابة على السؤال الاول تبدو اكثر سهولة اذا ما ربطنا زيارة السيد المعلم بزيارة وفد من المعارضة السورية المستقلة بقيادة الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السابق، في اطار مبادرة روسية مصرية لاستئناف المفاوضات للتوصل الى حل سلمي للازمة السورية واعراب الشيخ الخطيب عن استعداده للتفاوض مع النظام للوصول الى هذا الحل وحقن دماء الشعب السوري.

مضافا الى ذلك ان زيارة السيد المعلم ومباحثاته في موسكو جاءت بعد زيارة المبعوث الدولي دي ميستورا لدمشق وطرحه مبادرة لتجميد القتال في مدينة حلب تمهيدا لايصال المساعدات الانسانية وهي المبادرة التي رحبت بها الرئاسة السورية ووعدت بدراستها ولا بد ان وزير الخارجية السوري اراد ان يتشاور مع حليفه الروسي حول جميع هذه الملفات ونقل وجهة نظره بالتالي الى قيادته في دمشق.

اما السؤال الثاني المتعلق بالتعجيل بحصول دمشق على صواريخ “اس 300″ فإن صعوبة الاجابة عليه تكمن في كونه موضوعا حساسا يظل اي شيء يتعلق به محصور بالاطارات السرية، ولكن توقيت هذا الطلب ربما يوحي بقلق القيادة السورية من احتمال مهاجمة الطائرات الحربية الامريكية التي تقوم بطلعات عديدة يوميا في الاجواء السورية تحت عنوان قصف مواقع “الدولة الاسلامية” لاهداف سورية ايضا، عسكرية بالدرجة الاولى، في ظل الحديث المتصاعد حول حدوث تغيير في الاستراتيجية الامريكية تجاه سورية ونظامها، واستقالة تشاك هيغل وزير الدفاع الامريكي الذي كان يطالب باسقاط النظام السوري اولا ثم الانتقال الى “الدولة الاسلامية” او محاربة الاثنين معا.

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يلتقي مع العديد من السياسيين الجمهوريين في الكونغرس حول مسألة التركيز على اسقاط النظام السوري، واكد انه لم يتوصل الى اتفاق مع جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الذي زار انقرة قبل اسبوع حول السماح للامريكان في استخدام قاعدة انجرليك التركية الجوية، وتدخل تركيا في الحرب البرية والجوية ضد “الدولة الاسلامية” لان الادارة الامريكية لم تقبل بشروطه الثلاثة، وهي اقامة مناطق عازلة واخرى لحظر الطيران، وتدريب مكثف للمعارضة السورية المعتدلة وتسليحها بأسلحة نوعية.

واذا صحت التقارير التي تقول بأن ادارة اوباما قد تعيد ترتيب اولوياتها في سورية استجابة لضغوط الكونغرس وتركيا ودول عربية مثل السعودية وقطر، وتبدأ في استهداف النظام السوري، فإن طلب هذا النوع من الصواريخ الروسية المتطورة “اس 300″ يظل حتميا للتصدي لطائرات التحالف الامريكي اذا ما قررت توسيع دائرة قصفها.

الزيارة السابقة للسيد المعلم الى موسكو قبل ثلاث سنوات ادت الى نزع فتيل التوتر الذي بلغ ذروته عندما قررت واشنطن ارسال حاملات طائراتها الى قبالة السواحل السورية تحت ذريعة استخدام النظام للاسلحة الكيماوية، واصرت على تنازله عن هذه الاسلحة كشرط للتخلي عن اي ضربة عسكرية، وحمل السيد المعلم معه الى موسكو استعدادا بالقبول بهذا الشرط.

ترى ما هي الازمة التي لا نعرفها، وذهب السيد المعلم الى موسكو هذه المرة لنزع فتيلها؟

ليتنا نعرف الاجابة، ولهذا نفضل الانتظار حتى تتضح الامور، ولا نعتقد اننا سننتظر طويلا.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-26
  • 12062
  • من الأرشيف

لماذا استقبل الرئيس بوتين المعلم ولم يستقبل الأمير فيصل؟!..ولماذا العودة لطلب صواريخ "اس300"

من المفترض ان يعود السيد وليد المعلم والوفد المرافق له اليوم الخميس الى دمشق من الزيارة التي قام بها الى موسكو بعد انقطاع دام ثلاثة سنوات تقريبا، وكان لافتا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل السيد المعلم فور وصوله، على غير العادة، مما يؤكد متانة العلاقات اولا، واهمية الرسائل التي يحملها وزير الخارجية السوري للقيادة الروسية. المعلومات التي تسربت شحيحة للغاية، لان جميع اللقاءات كانت مغلقة، ولكن وكالة الانباء الروسية الرسمية افادت بأن الوفد السوري طلب تسريع تسليم بلاده صواريخ روسية من طراز “اس 300″ المتعددة المهام والمتطورة جدا على صعيد التصدي للطائرات الحربية، ولم تنقل الوكالة اي تفاصيل عن الرد الروسي على هذا الطلب، واكتفت بالقول ان السيد المعلم وصف اللقاءات بأنها “بناءة جدا”. وربما يفيد التذكير ان الرئيس الروسي بوتين لم يستقبل الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي زار موسكو قبل وصول السيد المعلم، الامر الذي دفعه، اي الامير السعودي، الى المغادرة “حردا” ودون المشاركة في المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان مقررا ان يعقده مع نظيره الروسي. استقبال الرئيس الروسي للوفد السوري فور وصوله وامتناعه عن استقبال وزير الخارجية السعودي يعكس موقفا روسيا متشددا تجاه السياسة السعودية الداعمة للجماعات المسلحة في سورية اولا، وغضبا تجاه اغراق السعودية لاسواق النفط العالمية بأكثر من مليون برميل يوميا تقريبا، مما ادى الى انخفاض اسعار النفط بحوالي 30 بالمئة وتكبد روسيا خسائر بحدود 100 مليار دولار على الاقل، ونصف هذا الرقم بالنسبة الى ايران، فالسلطات السعودية ترفض رفضا مطلقا اي تخفيض لانتاج اوبك (30 مليون برميل يوميا) من اجل زيادة الاسعار او الحفاظ عليها في حدود مئة دولار للبرميل. هناك سؤالان مهمان يطرحان نفسيهما، الاول حول الدوافع السياسية لزيارة السيد المعلم، والثاني عن اسباب طرح مسألة التعجيل بتسليم صواريخ “اس 300″ في هذا التوقيت بالذات؟ الاجابة على السؤال الاول تبدو اكثر سهولة اذا ما ربطنا زيارة السيد المعلم بزيارة وفد من المعارضة السورية المستقلة بقيادة الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السابق، في اطار مبادرة روسية مصرية لاستئناف المفاوضات للتوصل الى حل سلمي للازمة السورية واعراب الشيخ الخطيب عن استعداده للتفاوض مع النظام للوصول الى هذا الحل وحقن دماء الشعب السوري. مضافا الى ذلك ان زيارة السيد المعلم ومباحثاته في موسكو جاءت بعد زيارة المبعوث الدولي دي ميستورا لدمشق وطرحه مبادرة لتجميد القتال في مدينة حلب تمهيدا لايصال المساعدات الانسانية وهي المبادرة التي رحبت بها الرئاسة السورية ووعدت بدراستها ولا بد ان وزير الخارجية السوري اراد ان يتشاور مع حليفه الروسي حول جميع هذه الملفات ونقل وجهة نظره بالتالي الى قيادته في دمشق. اما السؤال الثاني المتعلق بالتعجيل بحصول دمشق على صواريخ “اس 300″ فإن صعوبة الاجابة عليه تكمن في كونه موضوعا حساسا يظل اي شيء يتعلق به محصور بالاطارات السرية، ولكن توقيت هذا الطلب ربما يوحي بقلق القيادة السورية من احتمال مهاجمة الطائرات الحربية الامريكية التي تقوم بطلعات عديدة يوميا في الاجواء السورية تحت عنوان قصف مواقع “الدولة الاسلامية” لاهداف سورية ايضا، عسكرية بالدرجة الاولى، في ظل الحديث المتصاعد حول حدوث تغيير في الاستراتيجية الامريكية تجاه سورية ونظامها، واستقالة تشاك هيغل وزير الدفاع الامريكي الذي كان يطالب باسقاط النظام السوري اولا ثم الانتقال الى “الدولة الاسلامية” او محاربة الاثنين معا. الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يلتقي مع العديد من السياسيين الجمهوريين في الكونغرس حول مسألة التركيز على اسقاط النظام السوري، واكد انه لم يتوصل الى اتفاق مع جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الذي زار انقرة قبل اسبوع حول السماح للامريكان في استخدام قاعدة انجرليك التركية الجوية، وتدخل تركيا في الحرب البرية والجوية ضد “الدولة الاسلامية” لان الادارة الامريكية لم تقبل بشروطه الثلاثة، وهي اقامة مناطق عازلة واخرى لحظر الطيران، وتدريب مكثف للمعارضة السورية المعتدلة وتسليحها بأسلحة نوعية. واذا صحت التقارير التي تقول بأن ادارة اوباما قد تعيد ترتيب اولوياتها في سورية استجابة لضغوط الكونغرس وتركيا ودول عربية مثل السعودية وقطر، وتبدأ في استهداف النظام السوري، فإن طلب هذا النوع من الصواريخ الروسية المتطورة “اس 300″ يظل حتميا للتصدي لطائرات التحالف الامريكي اذا ما قررت توسيع دائرة قصفها. الزيارة السابقة للسيد المعلم الى موسكو قبل ثلاث سنوات ادت الى نزع فتيل التوتر الذي بلغ ذروته عندما قررت واشنطن ارسال حاملات طائراتها الى قبالة السواحل السورية تحت ذريعة استخدام النظام للاسلحة الكيماوية، واصرت على تنازله عن هذه الاسلحة كشرط للتخلي عن اي ضربة عسكرية، وحمل السيد المعلم معه الى موسكو استعدادا بالقبول بهذا الشرط. ترى ما هي الازمة التي لا نعرفها، وذهب السيد المعلم الى موسكو هذه المرة لنزع فتيلها؟ ليتنا نعرف الاجابة، ولهذا نفضل الانتظار حتى تتضح الامور، ولا نعتقد اننا سننتظر طويلا.

المصدر : راي اليوم/ عبد الباري عطوان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة