لم ينتظر منتصرو الحروب الكبرى نهاية الحرب واستسلام آخر جندي معاد لوضع خططهم لما بعد فكل الخطط والخرائط كانت توضع بعيد انتصاف الحروب.

 وما يجري في موسكو وواشنطن منذ أسابيع قليلة يعكس حرارة المسألة السورية على الساحة الدولية، متزامناً مع ما يجري على الأرض السورية.

 وَمِما أثار استهزاء موسكو إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تعليق تسليم سفينة «ميسترال» الحاملة للحوامات لموسكو واهماً العالم ومواطنيه أنه بذلك هدد أمن روسيا الاتحادية وحلفائها على  حين هو ضربة جديدة للاقتصاد الفرنسي وفشل لاستقلالية الدبلوماسية الفرنسية.

ويعكس التحرك الروسي الهادئ اطمئنان موسكو لانتصار وجهة نظرها منذ البداية حول الأسباب الحقيقية للازمة السورية وطرق الخروج منها، وهو ما كان وزير خارجيتها يقوله منذ البداية كما كان يقول به معظم المشاركين في صناعة قرار الكرملين.

وموسكو باتت جاهزة لاستقبال صكوك استسلام الغرب وإعادة رسم خرائط المرحلة المقبلة ليس في الشرق الأوسط فحسب بل أيضاً في الداخل الأوروبي. وبعضها سيكون خرائط طريق جديدة لكل الأزمات أما الآخر فهو خرائط جيوبوليتيكية أكثر إيلاماً للعنجهية الغربية من خريطة اتفاقية يالطا في عهد ستالين، كما قال مرجع روسي في مجالسه قبل استقبال وفد الدبلوماسية السورية.

أما واشنطن فتبدو الهزيمة أليمة وواضحة باستقالة وزير دفاعها في خضم المعركة وفي النصف الأخير من ولاية بارك أوباما.

والمستفاد من هذه الاستقالة هي أنها نتاج واضح لإعادة صياغة صقور الصهيونية للخطط ما بعد الهزيمة وينتظر مقربون من وزير الخارجية الأميركية أن يفتح الأخير جعبته فور موافقة الكونغرس على تعيين خلفه. كما تعكس الاستقالة حالة الانقسام والإرباك داخل الإدارة الأميركية وما يسمى الـestablishments التي تحكم الولايات المتحدة.

الظاهرة نفسها تتمظهر في مملكة آل سعود وآل ثاني ولا تخفي وجهها في فرنسا على صعيد السلطة الحالية وعلى صعيد حزب ساركوزي، الذي خطط لجعل الشرق الأوسط وإفريقيا بؤر أزمات فيشهد انقساماً حاداً بين صقوره.

كل ذلك في ظل وحدة الموقف في الكرملين ومؤسسات روسيا الاتحادية وشخصياتها السياسية والاقتصادية والتفاهم الذي قل نظيره بين الكرملين وحلفائه في العالم.

هذا الأمر شبيه بواقع السلطة في سورية وفي أعمدتها الأساسية الدبلوماسية والدفاعية والاقتصادية كذلك الأمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي اعتقد المتخصصون الغربيون أنها تعاني أزمة داخلية قد تقوضها بعد الانتخابات الرئاسية، ليتبين لهم عقم هذا التحليل وأن الصراع المشروع على السلطة لم ولن يتحول إلى تقويض أمة مهما احتدت وتيرته. وبقيت إيران موحدة في خطوط سياستها الرئيسية حول القضايا الأساسية في الإقليم والعالم وتعززت تحالفاتها الدولية.

في هذه الأجواء العامة استقبلت موسكو وزير خارجية سورية والوفد المرافق للبحث في المرحلة المقبلة للمسألة السورية كمسألة مفصلية في الإقليم وفي العالم الذي سيشهد تغييراً جذرياً في العام القادم، حسب أجندة الكرملين وساحته الحمراء، كما ستشهد المسألة السورية تغيراً جذرياً حسب أجندة قصر المهاجرين في دمشق وساحة الأمويين.

فمنذ بداية المسألة السورية على شكل أزمة حكم كان ثمة توافق واضح في وجهات النظر بين دمشق وموسكو أدى إلى صمود سورية، رغم التضحيات وإلى انتصار روسيا وعودتها محركاً أساسياً في صياغة العالم من جديد.

والحديث عن أن زيارة رئيس الدبلوماسية السورية إلى موسكو يأتي في إطار المشاورات بين موسكو و(أطراف النزاع) في سورية يبدو عقيماً ومضحكاً. فهذه اللقاءات تدخل ضمن إطار صياغة مستقبل المنطقة ولقاء منتصرين اثنين على عدو واحد متعدد الرؤوس.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-26
  • 8554
  • من الأرشيف

لقاء المنتصرين الجدد.. أي عالم....

لم ينتظر منتصرو الحروب الكبرى نهاية الحرب واستسلام آخر جندي معاد لوضع خططهم لما بعد فكل الخطط والخرائط كانت توضع بعيد انتصاف الحروب.  وما يجري في موسكو وواشنطن منذ أسابيع قليلة يعكس حرارة المسألة السورية على الساحة الدولية، متزامناً مع ما يجري على الأرض السورية.  وَمِما أثار استهزاء موسكو إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تعليق تسليم سفينة «ميسترال» الحاملة للحوامات لموسكو واهماً العالم ومواطنيه أنه بذلك هدد أمن روسيا الاتحادية وحلفائها على  حين هو ضربة جديدة للاقتصاد الفرنسي وفشل لاستقلالية الدبلوماسية الفرنسية. ويعكس التحرك الروسي الهادئ اطمئنان موسكو لانتصار وجهة نظرها منذ البداية حول الأسباب الحقيقية للازمة السورية وطرق الخروج منها، وهو ما كان وزير خارجيتها يقوله منذ البداية كما كان يقول به معظم المشاركين في صناعة قرار الكرملين. وموسكو باتت جاهزة لاستقبال صكوك استسلام الغرب وإعادة رسم خرائط المرحلة المقبلة ليس في الشرق الأوسط فحسب بل أيضاً في الداخل الأوروبي. وبعضها سيكون خرائط طريق جديدة لكل الأزمات أما الآخر فهو خرائط جيوبوليتيكية أكثر إيلاماً للعنجهية الغربية من خريطة اتفاقية يالطا في عهد ستالين، كما قال مرجع روسي في مجالسه قبل استقبال وفد الدبلوماسية السورية. أما واشنطن فتبدو الهزيمة أليمة وواضحة باستقالة وزير دفاعها في خضم المعركة وفي النصف الأخير من ولاية بارك أوباما. والمستفاد من هذه الاستقالة هي أنها نتاج واضح لإعادة صياغة صقور الصهيونية للخطط ما بعد الهزيمة وينتظر مقربون من وزير الخارجية الأميركية أن يفتح الأخير جعبته فور موافقة الكونغرس على تعيين خلفه. كما تعكس الاستقالة حالة الانقسام والإرباك داخل الإدارة الأميركية وما يسمى الـestablishments التي تحكم الولايات المتحدة. الظاهرة نفسها تتمظهر في مملكة آل سعود وآل ثاني ولا تخفي وجهها في فرنسا على صعيد السلطة الحالية وعلى صعيد حزب ساركوزي، الذي خطط لجعل الشرق الأوسط وإفريقيا بؤر أزمات فيشهد انقساماً حاداً بين صقوره. كل ذلك في ظل وحدة الموقف في الكرملين ومؤسسات روسيا الاتحادية وشخصياتها السياسية والاقتصادية والتفاهم الذي قل نظيره بين الكرملين وحلفائه في العالم. هذا الأمر شبيه بواقع السلطة في سورية وفي أعمدتها الأساسية الدبلوماسية والدفاعية والاقتصادية كذلك الأمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي اعتقد المتخصصون الغربيون أنها تعاني أزمة داخلية قد تقوضها بعد الانتخابات الرئاسية، ليتبين لهم عقم هذا التحليل وأن الصراع المشروع على السلطة لم ولن يتحول إلى تقويض أمة مهما احتدت وتيرته. وبقيت إيران موحدة في خطوط سياستها الرئيسية حول القضايا الأساسية في الإقليم والعالم وتعززت تحالفاتها الدولية. في هذه الأجواء العامة استقبلت موسكو وزير خارجية سورية والوفد المرافق للبحث في المرحلة المقبلة للمسألة السورية كمسألة مفصلية في الإقليم وفي العالم الذي سيشهد تغييراً جذرياً في العام القادم، حسب أجندة الكرملين وساحته الحمراء، كما ستشهد المسألة السورية تغيراً جذرياً حسب أجندة قصر المهاجرين في دمشق وساحة الأمويين. فمنذ بداية المسألة السورية على شكل أزمة حكم كان ثمة توافق واضح في وجهات النظر بين دمشق وموسكو أدى إلى صمود سورية، رغم التضحيات وإلى انتصار روسيا وعودتها محركاً أساسياً في صياغة العالم من جديد. والحديث عن أن زيارة رئيس الدبلوماسية السورية إلى موسكو يأتي في إطار المشاورات بين موسكو و(أطراف النزاع) في سورية يبدو عقيماً ومضحكاً. فهذه اللقاءات تدخل ضمن إطار صياغة مستقبل المنطقة ولقاء منتصرين اثنين على عدو واحد متعدد الرؤوس.

المصدر : الوطن/ عيسى الايوبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة