حالما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، سارع رئيس الجمهورية المؤقت، المرشح للانتخابات الرئاسية، المنصف المرزوقي، إلى توجيه طلب رسمي لخصمه في الانتخابات الباجي قائد السبسي، مرشح حزب "نداء تونس" الفائز بأغلبية المقاعد في التشريعية، بتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك بناء على الفصل 89 من الدستور، متجاهلا توافقات الحوار الوطني التي حرمته من هذه المهمة.

خلال الساعات الأولى التي تلت إعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، ومع تيقن "نداء تونس" من فوزه بـ 86 مقعداً في البرلمان، هرولت قياداته المنتشية بانتصارها نحو هيئة الحوار الوطني، لتطلب تجميع الأطراف وتوحيد الكلمة بشأن استبعاد المرزوقي من مهمة دعوة مرشح الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد لتشكيل الحكومة خلال شهر. واستغلت قيادات "النداء" في ذلك، الجدل القانوني القائم حول الفصل المذكور لتحصل على قرار توافقي بين الحاضرين في الحوار الوطني طبقاً لما أرادته.

وينص الفصل 89 من الدستور على أنه "في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة".

في المقابل، يؤكد قياديو "نداء تونس" على أن الفصل المذكور يعني رئيس الجمهورية المنتخب لا الرئيس المؤقت الحالي. وقال خميس قسيلة، وهو القيادي في الحزب، إن "رئيس الجمهورية التي ستُفرزه الانتخابات هو الشخص الوحيد المخول له تكليف حزب نداء تونس بتشكيل الحكومة المقبلة التي يُنتظر ان تتولى رسمياً مهماتها، بأقصى تقدير، خلال شهر شباط 2015".

الرأي ذاته أكده لـ"الأخبار" الخبير القانوني، أمين محفوظ، الذي أبرز أنه لا يحق لرئيس الجمهورية المؤقت أن يكلف حزب "نداء تونس" بتشكيل الحكومة، وأنه غير مؤهل دستورياً للقيام بهذه الخطوة، وأن الرئيس المنتخب هو الذي يكلف الحزب صاحب الأغلبية المنتخبة، وبالتالي فإن ما أقدم عليه المرزوقي يعد مخالفاً للدستور.

ولا يعتبر هذا الرأي محل إجماع، إذ اعتبر خبير القانون الدستوري، قيس سعيد، في حديث إلى "الأخبار"، أن المرزوقي "يمارس إحدى صلاحياته التي يكفلها له الدستور وأن الانتخابات التي يتحدث عنها الفصل هي الانتخابات التشريعية وحدها لأن الفصل يتحدث عن الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد ولا يتحدث عن الانتخابات الرئاسية ولا يمكن تأويله دون العودة إلى محتوى مادة الفصل 148 في باب الأحكام الانتقالية الذي ينص على أن الفصول المتعلقة بالحكومة يتم تطبيقها بداية من يوم الإعلان عن النتائج النهائية لأول انتخابات تشريعية"، مضيفاً إنه "قد تم يوم الجمعة 21 تشرين الأول الإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعدما استوفت المحكمة الإدارية النظر في كل الطعون وبتها".

عموماً، يجمع جل المتدخلين، بصرف النظر عن أن خطوة المرزوقي كانت تحت سقف الدستور أو لا، على أن هذه تمثل "أزمة سياسية تحت عباءة الدستور"، تزيد الوضع الحالي تشنجاً وتوتراً، وخاصة بعدما أجمع الفرقاء السياسيون في الحوار الوطني على تأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد انتخاب الرئيس التونسي.

ويعلم المنصف المرزوقي أن عملية تشكيل الحكومة تتطلب وقتاً طويلاً ومشاورات ماراتونية بين الأحزاب الفائزة بالانتخابات، وقد تمتد لفترة طويلة إذا ما تم التوجه نحو تكوين حكومة وحدة وطنية تشترك فيها أطياف سياسية وحتى أطراف اجتماعية، على غرار المنظمات الراعية للحوار الوطني. ويضاف إلى ذلك أن الحزب الفائز بالانتخابات لا يزال منهمكاً في الانتخابات الرئاسية ولم يتفرغ بعد لاختيار الشخصية التي سيكلفها بتشكيل الحكومة، الأمر الذي يعني أن هدف المرزوقي سياسي، ويتمثل بمحاولة إرباك الخصم ووضعه تحت ضغط الآجال الدستورية وتشتيت انتباهه المنصب على الانتخابات الرئاسية.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-23
  • 5571
  • من الأرشيف

المرزوقي يخلق أزمة سياسية برداء دستوري

حالما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، سارع رئيس الجمهورية المؤقت، المرشح للانتخابات الرئاسية، المنصف المرزوقي، إلى توجيه طلب رسمي لخصمه في الانتخابات الباجي قائد السبسي، مرشح حزب "نداء تونس" الفائز بأغلبية المقاعد في التشريعية، بتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك بناء على الفصل 89 من الدستور، متجاهلا توافقات الحوار الوطني التي حرمته من هذه المهمة. خلال الساعات الأولى التي تلت إعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، ومع تيقن "نداء تونس" من فوزه بـ 86 مقعداً في البرلمان، هرولت قياداته المنتشية بانتصارها نحو هيئة الحوار الوطني، لتطلب تجميع الأطراف وتوحيد الكلمة بشأن استبعاد المرزوقي من مهمة دعوة مرشح الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد لتشكيل الحكومة خلال شهر. واستغلت قيادات "النداء" في ذلك، الجدل القانوني القائم حول الفصل المذكور لتحصل على قرار توافقي بين الحاضرين في الحوار الوطني طبقاً لما أرادته. وينص الفصل 89 من الدستور على أنه "في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة". في المقابل، يؤكد قياديو "نداء تونس" على أن الفصل المذكور يعني رئيس الجمهورية المنتخب لا الرئيس المؤقت الحالي. وقال خميس قسيلة، وهو القيادي في الحزب، إن "رئيس الجمهورية التي ستُفرزه الانتخابات هو الشخص الوحيد المخول له تكليف حزب نداء تونس بتشكيل الحكومة المقبلة التي يُنتظر ان تتولى رسمياً مهماتها، بأقصى تقدير، خلال شهر شباط 2015". الرأي ذاته أكده لـ"الأخبار" الخبير القانوني، أمين محفوظ، الذي أبرز أنه لا يحق لرئيس الجمهورية المؤقت أن يكلف حزب "نداء تونس" بتشكيل الحكومة، وأنه غير مؤهل دستورياً للقيام بهذه الخطوة، وأن الرئيس المنتخب هو الذي يكلف الحزب صاحب الأغلبية المنتخبة، وبالتالي فإن ما أقدم عليه المرزوقي يعد مخالفاً للدستور. ولا يعتبر هذا الرأي محل إجماع، إذ اعتبر خبير القانون الدستوري، قيس سعيد، في حديث إلى "الأخبار"، أن المرزوقي "يمارس إحدى صلاحياته التي يكفلها له الدستور وأن الانتخابات التي يتحدث عنها الفصل هي الانتخابات التشريعية وحدها لأن الفصل يتحدث عن الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد ولا يتحدث عن الانتخابات الرئاسية ولا يمكن تأويله دون العودة إلى محتوى مادة الفصل 148 في باب الأحكام الانتقالية الذي ينص على أن الفصول المتعلقة بالحكومة يتم تطبيقها بداية من يوم الإعلان عن النتائج النهائية لأول انتخابات تشريعية"، مضيفاً إنه "قد تم يوم الجمعة 21 تشرين الأول الإعلان عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعدما استوفت المحكمة الإدارية النظر في كل الطعون وبتها". عموماً، يجمع جل المتدخلين، بصرف النظر عن أن خطوة المرزوقي كانت تحت سقف الدستور أو لا، على أن هذه تمثل "أزمة سياسية تحت عباءة الدستور"، تزيد الوضع الحالي تشنجاً وتوتراً، وخاصة بعدما أجمع الفرقاء السياسيون في الحوار الوطني على تأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد انتخاب الرئيس التونسي. ويعلم المنصف المرزوقي أن عملية تشكيل الحكومة تتطلب وقتاً طويلاً ومشاورات ماراتونية بين الأحزاب الفائزة بالانتخابات، وقد تمتد لفترة طويلة إذا ما تم التوجه نحو تكوين حكومة وحدة وطنية تشترك فيها أطياف سياسية وحتى أطراف اجتماعية، على غرار المنظمات الراعية للحوار الوطني. ويضاف إلى ذلك أن الحزب الفائز بالانتخابات لا يزال منهمكاً في الانتخابات الرئاسية ولم يتفرغ بعد لاختيار الشخصية التي سيكلفها بتشكيل الحكومة، الأمر الذي يعني أن هدف المرزوقي سياسي، ويتمثل بمحاولة إرباك الخصم ووضعه تحت ضغط الآجال الدستورية وتشتيت انتباهه المنصب على الانتخابات الرئاسية.

المصدر : الأخبار/ أمينة الزياني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة