على إيقاع الانتظارات التي تشغل العالم في مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، كانت مساعي الحلّ السياسي في سورية تسجل تقدماً ملحوظاً، بالتفاهمات التي بدا أنها بدأت تقيم جسر ثقة للمرة الأولى بين الدولة السورية والمبعوث الدولي المكلف بهذه المهمة.

نجح ستيفان دي ميستورا حيث فشل كوفي أنان بمعزل عن نواياه الطيبة التي ظهرت لاحقاً، وحيث فشل الأخضر الإبراهيمي بنواياه الخبيثة، فالأولوية صارت الوضوح بالقول إنّ الرئيس بشار الأسد هو الشريك الرئيسي في الحلّ السياسي، وأنّ العنوان للحلّ هو حشد الطاقات للحرب على الإرهاب.

كلّ شيء يسير بطريقة مختلفة، فالذي تغيّر ليس المبعوث فقط، بل كلّ ظروف الحرب على سورية، حيث فشلت الرهانات على سقوط الدولة وجيشها، وانهيار صمود شعبها واقتصادها، لا الأساطيل نجحت بإرهابها، ولا الإرهاب نجح بتهجير شعبها، ولا العقوبات نجحت بتجويعها، بقيت الدولة السورية واقفة على قدميها، وفاجأت العالم بقدرتها على الانتقال للهجوم، وتحقيق الانتصارات.

كل شيء تغيّر، ففلسطين تنهض، إيران تحسم مكانتها، السعودية محاصرة من داخلها ومن خاصرتها اليمنية، تركيا معزولة، حزب الله حليف سورية الأول يتحوّل إلى قوة إقليمية، يدفع نائب وزير الخارجية الروسي للقول، إنّ موسكو ستقيم حواراً مع حزب الله للتعاون في ضمان الاستقرار الإقليمي.

لم يتبقّ لأنقرة والرياض، سوى اللطم والنواح، وإطلاق أصوات صفارات الإنذار، على ألسنة المعارضة التي يستأجرونها للنيل من الدولة السورية، لتبدأ حفلة الشتائم لدي ميستورا على فضائيات مستأجرة ومملوكة أيضاً.

فجأة تنقل مصادر إعلامية في واشنطن عن دي ميستورا قوله إنه يعمل تحت مظلة تفاهم موسكو وواشنطن، سواء لتسوية عنوانها التسليم برئاسة الأسد أو لجهة تسوية عنوانها مكافحة الإرهاب.

يسقط بيد المتربّصين وتفشل خططهم، فيبدو أنّ كلّ شيء صار خارج تمنياتهم، وأنّ ما كتب قد كتب، وإلا فالجيش السوري سيكتب على طريقته.

في ظل نهوض حلف المقاومة بكلّ قواه، رفع العماد ميشال عون التحدّي الرئاسي إلى مستوى التقدم بمبادرة حلّ عنوانها، تعالوا إلى الجلسة النيابية المقبلة لانتخاب رئيس شرط أن لا تكون هناك خدع، يتعهّد رؤساء الكتل بحصر التنافس بين ميشال عون وسمير جعجع وليفز من يكسب الأصوات والكلّ يشارك حضوراً وتصويتاً كما يرى.

في الأثناء، دخلت السعودية بقوة على خط خربطة الوضع اللبناني بإعلانها الحرب على حزب الله، في وقت تتكثف الاتصالات لترطيب الأجواء وبدء الحوار بين الحزب وتيار المستقبل بعد أن أبدى الطرفان وعلى أعلى المستويات رغبتهما المشتركة في ذلك.

فقد طالب مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي مجلس الأمن خلال جلسة خاصة بموضوع الإرهاب عقدها مساء أمس، «بوضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية»، مؤكداً أن «الرياض ماضية في مواجهة الإرهاب على كافة الأصعدة».

ويأتي هذا الإعلان الخطير ليبرز الدور السعودي بعرقلة أي جهود للوحدة الوطنية الداخلية، مع طرح تساؤلات عن موقف تيار المستقبل وحلفائه في 14 آذار عموماً الذين يمتثلون لأوامر الرياض وتوجهاتها السياسية، من هذا التطور وعلى أي قاعدة سيتم التعاطي مع حزب الله في المرحلة المقبلة ولا سيما داخل الحكومة.

ولن يتأخر هذا الاختبار حيث يلتئم مجلس الوزراء اليوم في جلسة عادية، أبرز مواضيعها من خارج جدول الأعمال الهبة الإيرانية، على ما أكد وزير الاتصالات بطرس حرب لـ «البناء»، مشيراً إلى أن لبنان سيلتزم قرار المنظمات الدولية في شأن قبول الهبة أو عدمه».

وكانت أجواء تفاؤلية خيمت على عين التينة أمس بإمكان حصول حلحلة في ملف الاستحقاق الرئاسي وانطلاق الحوار. وفي هذا الصدد أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنه يعوّل على وصول المفاوضات في الملف النووي الإيراني بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول الست إلى اتفاق ينعكس إيجاباً على الملفات على الوضع اللبناني ولاسيما على صعيد الاستحقاق الرئاسي.

كما يعوّل بري على انطلاق الحوار بين حزب الله و تيار «المستقبل» والذي سيبحث في الملفات الداخلية وأبرزها الانتخابات الرئاسية أيضاً، مشيراً إلى دور لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي يشجع الحوار بين الضاحية وبيت الوسط ويدفع بالأمور إلى هذا الاتجاه». وشدد على أنه «سيبقى وجنبلاط يلاحقان هذا الموضوع بهدف وضعه على السكة الصحيحة». وإذ أكد لزواره «أن هناك معطيات أخرى لن يفصح عنها إلا عندما تحين ساعتها»، قال بري: إنه «ينتظر اقتراح جدول أعمال من تيار المستقبل بخصوص الحوار مع حزب الله».

وأكد بري»أن هناك ثلاث مظلات لحماية لبنان هي الوحدة الداخلية التي يجب المحافظة عليها ودور الجيش وما يقوم به لحماية حدود المجتمع، ودور المقاومة في حماية حدود الوطن، ما يعني وفق زواره التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة».

وكان بري أرجأ جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلى العاشر من كانون الأول المقبل، بسبب عدم اكتمال جلسة أمس.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-19
  • 9275
  • من الأرشيف

دي ميستورا بالتنسيق بين واشنطن وموسكو لحلّ تحت رئاسة الأسد ..وأنقرة والرياض تفتحان النار...

على إيقاع الانتظارات التي تشغل العالم في مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، كانت مساعي الحلّ السياسي في سورية تسجل تقدماً ملحوظاً، بالتفاهمات التي بدا أنها بدأت تقيم جسر ثقة للمرة الأولى بين الدولة السورية والمبعوث الدولي المكلف بهذه المهمة. نجح ستيفان دي ميستورا حيث فشل كوفي أنان بمعزل عن نواياه الطيبة التي ظهرت لاحقاً، وحيث فشل الأخضر الإبراهيمي بنواياه الخبيثة، فالأولوية صارت الوضوح بالقول إنّ الرئيس بشار الأسد هو الشريك الرئيسي في الحلّ السياسي، وأنّ العنوان للحلّ هو حشد الطاقات للحرب على الإرهاب. كلّ شيء يسير بطريقة مختلفة، فالذي تغيّر ليس المبعوث فقط، بل كلّ ظروف الحرب على سورية، حيث فشلت الرهانات على سقوط الدولة وجيشها، وانهيار صمود شعبها واقتصادها، لا الأساطيل نجحت بإرهابها، ولا الإرهاب نجح بتهجير شعبها، ولا العقوبات نجحت بتجويعها، بقيت الدولة السورية واقفة على قدميها، وفاجأت العالم بقدرتها على الانتقال للهجوم، وتحقيق الانتصارات. كل شيء تغيّر، ففلسطين تنهض، إيران تحسم مكانتها، السعودية محاصرة من داخلها ومن خاصرتها اليمنية، تركيا معزولة، حزب الله حليف سورية الأول يتحوّل إلى قوة إقليمية، يدفع نائب وزير الخارجية الروسي للقول، إنّ موسكو ستقيم حواراً مع حزب الله للتعاون في ضمان الاستقرار الإقليمي. لم يتبقّ لأنقرة والرياض، سوى اللطم والنواح، وإطلاق أصوات صفارات الإنذار، على ألسنة المعارضة التي يستأجرونها للنيل من الدولة السورية، لتبدأ حفلة الشتائم لدي ميستورا على فضائيات مستأجرة ومملوكة أيضاً. فجأة تنقل مصادر إعلامية في واشنطن عن دي ميستورا قوله إنه يعمل تحت مظلة تفاهم موسكو وواشنطن، سواء لتسوية عنوانها التسليم برئاسة الأسد أو لجهة تسوية عنوانها مكافحة الإرهاب. يسقط بيد المتربّصين وتفشل خططهم، فيبدو أنّ كلّ شيء صار خارج تمنياتهم، وأنّ ما كتب قد كتب، وإلا فالجيش السوري سيكتب على طريقته. في ظل نهوض حلف المقاومة بكلّ قواه، رفع العماد ميشال عون التحدّي الرئاسي إلى مستوى التقدم بمبادرة حلّ عنوانها، تعالوا إلى الجلسة النيابية المقبلة لانتخاب رئيس شرط أن لا تكون هناك خدع، يتعهّد رؤساء الكتل بحصر التنافس بين ميشال عون وسمير جعجع وليفز من يكسب الأصوات والكلّ يشارك حضوراً وتصويتاً كما يرى. في الأثناء، دخلت السعودية بقوة على خط خربطة الوضع اللبناني بإعلانها الحرب على حزب الله، في وقت تتكثف الاتصالات لترطيب الأجواء وبدء الحوار بين الحزب وتيار المستقبل بعد أن أبدى الطرفان وعلى أعلى المستويات رغبتهما المشتركة في ذلك. فقد طالب مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي مجلس الأمن خلال جلسة خاصة بموضوع الإرهاب عقدها مساء أمس، «بوضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية»، مؤكداً أن «الرياض ماضية في مواجهة الإرهاب على كافة الأصعدة». ويأتي هذا الإعلان الخطير ليبرز الدور السعودي بعرقلة أي جهود للوحدة الوطنية الداخلية، مع طرح تساؤلات عن موقف تيار المستقبل وحلفائه في 14 آذار عموماً الذين يمتثلون لأوامر الرياض وتوجهاتها السياسية، من هذا التطور وعلى أي قاعدة سيتم التعاطي مع حزب الله في المرحلة المقبلة ولا سيما داخل الحكومة. ولن يتأخر هذا الاختبار حيث يلتئم مجلس الوزراء اليوم في جلسة عادية، أبرز مواضيعها من خارج جدول الأعمال الهبة الإيرانية، على ما أكد وزير الاتصالات بطرس حرب لـ «البناء»، مشيراً إلى أن لبنان سيلتزم قرار المنظمات الدولية في شأن قبول الهبة أو عدمه». وكانت أجواء تفاؤلية خيمت على عين التينة أمس بإمكان حصول حلحلة في ملف الاستحقاق الرئاسي وانطلاق الحوار. وفي هذا الصدد أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنه يعوّل على وصول المفاوضات في الملف النووي الإيراني بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول الست إلى اتفاق ينعكس إيجاباً على الملفات على الوضع اللبناني ولاسيما على صعيد الاستحقاق الرئاسي. كما يعوّل بري على انطلاق الحوار بين حزب الله و تيار «المستقبل» والذي سيبحث في الملفات الداخلية وأبرزها الانتخابات الرئاسية أيضاً، مشيراً إلى دور لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي يشجع الحوار بين الضاحية وبيت الوسط ويدفع بالأمور إلى هذا الاتجاه». وشدد على أنه «سيبقى وجنبلاط يلاحقان هذا الموضوع بهدف وضعه على السكة الصحيحة». وإذ أكد لزواره «أن هناك معطيات أخرى لن يفصح عنها إلا عندما تحين ساعتها»، قال بري: إنه «ينتظر اقتراح جدول أعمال من تيار المستقبل بخصوص الحوار مع حزب الله». وأكد بري»أن هناك ثلاث مظلات لحماية لبنان هي الوحدة الداخلية التي يجب المحافظة عليها ودور الجيش وما يقوم به لحماية حدود المجتمع، ودور المقاومة في حماية حدود الوطن، ما يعني وفق زواره التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة». وكان بري أرجأ جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلى العاشر من كانون الأول المقبل، بسبب عدم اكتمال جلسة أمس.

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة