تتصرّف الدبلوماسيّة الفرنسيّة وكذلك الدبلوماسيّة التركيّة في هذه الأيام بكثير من الهيستيريا التي لا يمكن إخفاءها. كيف لا، والفشل الصارخ هو العنوان الرئيسي لكل ما قام به هولاند وأردوغان من محاولات وما بذلاه من جهود لتنفيذ مخططاتهما ضد سورية الصامدة في وجه الإرهاب والعدوان والضغوط.

 إنّ ما يسعى إليه البلدان، فرنّسا وتركيّا، طبعاً عبر حكومات ناصبتا العداء لبعضهما طيلة سنوات ليست بالقليلة، يفضح جوهر مواقف البلدين التي سقطت في هوّة سحيقة من الممارسات اللا أخلاقيّة والاتجار بالقيم التي آمن بها الشعب الفرنّسي في الحريّة والمساواة والأخوّة منذ عام 1789 على يد حكومات بدأتْ بمخالفة هذه القيم في فرنّسا منذ حوالى عشر سنوات، وتلك القيم التي رسّخها الشعب التركي منذ انتهاء الحرب العالميّة الأولى خالفتها وخانتها حكومات حزب العدالة والتنمية في شكل صارخ ويتناقض مع تطور العلاقات بين الشعبين السوري والتركي.

 ومما يدل على النفاق المتأصل في السياستين والسياسيين الأتراك والفرنسيين هو أنه بالأمس، وليس بعيداً من الآن، كانتْ فرنسا تقود الحملة لمنع دخول تركيّا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي وتتهم تركيا بارتكاب المجازر ضد الشعب الأرمني وتُطالب تركيا بدفع ثمن ممارساتها. وتجتمع الجمعيّة الوطنيّة الفرنسيّة لتتخذ قرارات، تدعمها الحكومة الفرنسيّة، تُدين جرائم تركيّا وتطالبها بالاعتذار ودفع التعويضات. ووصل الحد بالسياسة الفرنسيّة إلى القول إنَّ الشعب التركي ليس جزءاً من الحضارة الأوروبيّة ببعديها الديني والاجتماعي. أمّا رد الحكومة التركيّة على ذلك فلم يكن أقل عنفاً وغضباً وكل من عايش الفعل الفرنّسي ورد الفعل التركي ما زال يذكر تفاقم الموقف والحملات الإعلاميّة العنيفة المتبادلة.

 لم يخرج البلدان حتّى الآن من العاصفة التي هزّتْ العلاقة بينهما بدليل أنّنا لم نسمع بمواقف تدل على حدوث تغيير تجاه المسائل التي أدّتْ إلى ذلك. وهذا يقودنا إلى استنتاج منطقي وهو أن العامل الذي تغير هو ارتداد البلدين إلى موقف انتهازي ومغرق في النفاق والحقد الأسود يتصل في شكل مباشر بموقف رئيسي البلدين إزاء الحرب الإرهابيّة التي تدعمها وتقودها كلٍ من فرنسا وتركيا على سورية.

 لا يمكن للسوريين، الذين وحدتهم حرب الإرهاب عليهم، إلاَّ أن يسجّلوا للتاريخ أنَّ الإرهابيين الذين دعمهم النظام التركي انطلاقاً من أبعاد إيديولوجية دينيّة وعرقيّة وطائفيّة، إنما انطلق بدعم وتسليح وتمويل وإيواء تركي. ويكذّب أردوغان وتابعه أحمد داود أوغلو عندما يدّعيان أنَّهما قدّما النصائح للقيادة السوريّة حول ضرورة إجراء إصلاحات سياسيّة واجتماعيّة كي تتجاوز الصعوبات التي افترضا وجودها قبل عام 2011، لأنَّهما كانا عمليّاً يقدّمان النصح لتسليم سورية للمتطرّفين من الإخوان المسلمين وغيرهم من الإرهابيين. وما يدل على صحّة ما نذهب إليه هو أنَّ سورية واجهتْ الإخوان المسلمين في منتصف السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. وقد شهدتْ سورية آنذاك النوع ذاته من الإرهاب والقتل والاغتيالات والدمار، إلاَّ أنَّ تركيّا في شكل خاص، لم تستقبل آنذاك لاجئاً سوريّاً واحداً على حد معرفتنا، وذلك لأنَّ الحكومات التركيّة في ذلك الوقت لم تكن تتدخّل في الشؤون الداخليّة لسورية أو غيرها من دول الجوار، ولأنَّ الحكومات التركيّة آنذاك لم تدعم الإخوان المسلمين، ولأنَّ الحكومات التركيّة آنذاك لم تقم ببناء خيمة واحدة قبل بدء الأزمة السوريّة لاستقبال هؤلاء المجرمين وضحاياهم من اللاجئين الأبرياء. أمّا حكومة أردوغان فهي التي تواطأتْ مع الاستخبارات الأميركيّة والإسرائيليّة لتصنيع ما يقوم البعض بتسميته الآن «الربيع العربي»، لإيصال الإخوان المسلمين ومن يقف معهم إلى كراسي السلطة في الدول العربيّة تمهيداً لإقامة خلافة أردوغان العثمانيّة.

 أمّا السياسة الفرنسيّة التي تلهث لإيجاد موطئ قدم استعماري لها في الوطن العربي وخارجه ولو كان ذلك من خلال التحالف مع أنظمة تتناقض مع مبادئ ادعتْ فرنّسا السياسيّة إقناع العالم بها وهي احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطيّة والحكم الرشيد وميثاق الأمم المتحدة، فإنّها انفضحتْ من خلال فقدان البوصلة والتورّط في الفساد وشراء الانتخابات بأموال الدول الخليجيّة والمتمولين في قطر وليبيا وأشخاص ودول أخرى معروفة. ولم يستحِ الساسة الفرنّسيون من تسليح أنظمة ما زالتْ تعيش في القرون الوسطى ولا تنتمي بأنظمتها السياسيّة إلى عصرنا، ولا تسمح للمرأة بقيادة السيارة، وأصبح هدف كل الساسة الفرنسيّين توقيع صفقات أسلحة تفوح منها رائحة الفساد في الجيوب الفرنسيّة والسعوديّة. وفي الوقت الذي يطالب الشعب الفرنّسي بمزيد من الأمن في شوارعه ومحطات قطاراته، فإنّنا نرى رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة ووزير خارجيته يعمّقان من تحالفهما الخسيس مع الدول التي تدعم الإرهاب في سورية، بل إنّهما تعززان علاقاتهما المباشرة مع المجموعات الإرهابيّة المسلّحة التي تقتل السوريين. ولم يعد هذا المسار السياسي الفرنسي خفيّاً على من يريد متابعة التحرّك الذي تقوم به الرئاسة الفرنسيّة ودبلوماسيتها، التي تتخبّط في سياسة تتسم بالتضليل المنهجي على حساب المبادئ. وقد قام كتّاب فرنسيون مثل مالبرونو وبيشون بتعرية الكثير من ممارسات السلطة الفرنسيّة ضد سورية في كتابيهما اللذين نُشرا مؤخّراً.

 فجأة تحط طائرة أردوغان في باريس ويجري الرئيسان الفاشلان محادثات يعلنان إثرها من دون خجل أنّهما متفقان في مواقفهما ضد سورية، وأنّه يحق لتركيّا انتهاك السيادة السوريّة وإعلان مناطق عازلة ومناطق حظر طيران. ويقوم هولاند، وبلده كما نذكر عضو دائم في مجلس الأمن، بدعم الرئيس التركي الذي يؤكّد أنَّه ليس لتركيّا مشكلة مع «داعش» وأنَّها بسبب ذلك قامت بالسماح لإرهابيي «داعش» بالعبور إلى سورية من خلال الأراضي التركيّة، وتواطؤ تركيّا مع «داعش» من خلال منعها أهلنا السوريين الذين لجأوا إليها للعودة إلى أرضهم لمقاتلة «داعش». ويتفق هولاند وأردوغان، من جديد على أنَّ المهمّة الأساسيّة ليستْ محاربة إرهابيي «داعش»، بل الاستمرار في محاربة الدولة السوريّة وتفتيتها. هذا ما تسعى إليه تركيّا، وهو نفسه ما سعتْ إليه فرنّسا طيلة السنوات الأربع الماضية من خلال سياسات متهورة لا شيء فيها من السياسة وغير مسؤولة، سياسة غادرة تعتمد في تنفيذها على متطرّفين ومتشددين وتكفيريين، تسميهم، للتعتيم على حقيقة طبيعتهم الإرهابيّة، بالمعتدلين، وتقدّم لهم الأسلحة والمعداتْ الخطيرة وغير الخطيرة. وتتصرّف فرنّسا في هذا المجال وكأنّها ليستْ بلداً دائم العضوية في مجلس الأمن وأنّها لم تسمع إطلاقاً بقراري مجلس الأمن 2170 و2178.

 إلاَّ أنَّه لا يمكن لهولاند وأردوغان حجب نور الشمس. فلقد قام فابيوس بفضح حقيقة ما تداوله هذان في اجتماعهما في باريس وكَتَبَ بتاريخ الثالث من تشرين الثاني مقاله سيء الذكر الذي تباكى فيه على حلب حيث دعا عمليّاً إلى إنقاذ الإرهابيين الذين دمّروا حلب وأحرقوها من القبضة التي يعمل الجيش العربي السوري إحكامها على حلب لدحر الإرهابيين وإنقاذ أهلنا الشرفاء في حلب من مخالب الإرهاب.

 لقد أُصيبَ أردوغان وهولاند بالهيستيريا والدوار إزاء اقتراب سقوط إرهابييهم في حلب وانفضاح الدور الذي قام به هؤلاء من جرائم أدّتْ إلى دخول الإرهابيين إلى المدينة التي يعمل الجيش العربي السوري على إخراجهم منها. إنَّ الادعاء الكاذب حول محبّة هؤلاء لحلب ودموع التماسيح التي يذرفونها ليست على حلب، بل على إرهابييهم الذين يطاردهم أهل حلب وجيشهم الباسل، الجيش العربي السوري، لتحرير حلب من دنسهم.

 ومرّة أخرى، إنَّ من قتلَ حلب وحرقها ويحاول تدمير معالمها هم إرهابيو هولاند وأردوغان، وأنَّ حلب وسكانها الأبطال هم الذين دافعوا عن مدينتهم في وجه الإرهاب وهم الذين لم يقبلوا إلاَّ بجيشهم الوطني. وعندما أجبرتهم العصابات الإرهابيّة على مغادرة بيوتهم غادروها بمئات الآلاف إلى المناطق التي قام بتأمينها والحفاظ عليها الجيش العربي السوري، ونتحدّى أن يثبت فابيوس ورئيسه عكس ذلك. وللحقيقة والتاريخ نؤكّد أنَّ الجيش العربي السوري لم يبادر إطلاقاً إلى مهاجمة قرى ومدن الوطن، بل إنَّ إرهابيي هولاند وأردوغان هم الذين كانوا يبدأون الهجوم، وبعد ذلك يبادر جيش سورية للدفاع عن مواطنيه وأرضه ليبعد القتل وسفك الدماء عنهم، وليس كما فعل انكشاريو أردوغان وقتلة هولاند وفابيوس وساركوزي.

 إنَّ من يريد استمرار سيطرة «داعش» وأخواتها على مدينة حلب، إنما يقف مع الإرهاب والقتلة وقطّاع الطرق، وهذا هو الموقع الذي اختاره النظام التركي وحلفاؤه الفرنسيّون. أمّا الجيش العربي السوري فهو حامي الوطن والمحافظ على وحدة شعبه وأرضه. ومن يريد إنهاء إرهاب داعش واستبدادها بأهلنا الحلبيين فإنَّه لا يوجد أمامه إلاًّ خيار واحد وحيد فقط هو دعم الجيش العربي السوري الذي سينتصر في حلب ولاحقاً في الرقّة وعين العرب وإدلب وحمص وحماة ودير الزور والقنيطرة ودرعا وباقي أنحاء سورية.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-07
  • 9466
  • من الأرشيف

سقوط الإرهاب ..سقوط الدبلوماسية الفرنسية ـ التركية ..بقلم د. فيصل المقداد

تتصرّف الدبلوماسيّة الفرنسيّة وكذلك الدبلوماسيّة التركيّة في هذه الأيام بكثير من الهيستيريا التي لا يمكن إخفاءها. كيف لا، والفشل الصارخ هو العنوان الرئيسي لكل ما قام به هولاند وأردوغان من محاولات وما بذلاه من جهود لتنفيذ مخططاتهما ضد سورية الصامدة في وجه الإرهاب والعدوان والضغوط.  إنّ ما يسعى إليه البلدان، فرنّسا وتركيّا، طبعاً عبر حكومات ناصبتا العداء لبعضهما طيلة سنوات ليست بالقليلة، يفضح جوهر مواقف البلدين التي سقطت في هوّة سحيقة من الممارسات اللا أخلاقيّة والاتجار بالقيم التي آمن بها الشعب الفرنّسي في الحريّة والمساواة والأخوّة منذ عام 1789 على يد حكومات بدأتْ بمخالفة هذه القيم في فرنّسا منذ حوالى عشر سنوات، وتلك القيم التي رسّخها الشعب التركي منذ انتهاء الحرب العالميّة الأولى خالفتها وخانتها حكومات حزب العدالة والتنمية في شكل صارخ ويتناقض مع تطور العلاقات بين الشعبين السوري والتركي.  ومما يدل على النفاق المتأصل في السياستين والسياسيين الأتراك والفرنسيين هو أنه بالأمس، وليس بعيداً من الآن، كانتْ فرنسا تقود الحملة لمنع دخول تركيّا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي وتتهم تركيا بارتكاب المجازر ضد الشعب الأرمني وتُطالب تركيا بدفع ثمن ممارساتها. وتجتمع الجمعيّة الوطنيّة الفرنسيّة لتتخذ قرارات، تدعمها الحكومة الفرنسيّة، تُدين جرائم تركيّا وتطالبها بالاعتذار ودفع التعويضات. ووصل الحد بالسياسة الفرنسيّة إلى القول إنَّ الشعب التركي ليس جزءاً من الحضارة الأوروبيّة ببعديها الديني والاجتماعي. أمّا رد الحكومة التركيّة على ذلك فلم يكن أقل عنفاً وغضباً وكل من عايش الفعل الفرنّسي ورد الفعل التركي ما زال يذكر تفاقم الموقف والحملات الإعلاميّة العنيفة المتبادلة.  لم يخرج البلدان حتّى الآن من العاصفة التي هزّتْ العلاقة بينهما بدليل أنّنا لم نسمع بمواقف تدل على حدوث تغيير تجاه المسائل التي أدّتْ إلى ذلك. وهذا يقودنا إلى استنتاج منطقي وهو أن العامل الذي تغير هو ارتداد البلدين إلى موقف انتهازي ومغرق في النفاق والحقد الأسود يتصل في شكل مباشر بموقف رئيسي البلدين إزاء الحرب الإرهابيّة التي تدعمها وتقودها كلٍ من فرنسا وتركيا على سورية.  لا يمكن للسوريين، الذين وحدتهم حرب الإرهاب عليهم، إلاَّ أن يسجّلوا للتاريخ أنَّ الإرهابيين الذين دعمهم النظام التركي انطلاقاً من أبعاد إيديولوجية دينيّة وعرقيّة وطائفيّة، إنما انطلق بدعم وتسليح وتمويل وإيواء تركي. ويكذّب أردوغان وتابعه أحمد داود أوغلو عندما يدّعيان أنَّهما قدّما النصائح للقيادة السوريّة حول ضرورة إجراء إصلاحات سياسيّة واجتماعيّة كي تتجاوز الصعوبات التي افترضا وجودها قبل عام 2011، لأنَّهما كانا عمليّاً يقدّمان النصح لتسليم سورية للمتطرّفين من الإخوان المسلمين وغيرهم من الإرهابيين. وما يدل على صحّة ما نذهب إليه هو أنَّ سورية واجهتْ الإخوان المسلمين في منتصف السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. وقد شهدتْ سورية آنذاك النوع ذاته من الإرهاب والقتل والاغتيالات والدمار، إلاَّ أنَّ تركيّا في شكل خاص، لم تستقبل آنذاك لاجئاً سوريّاً واحداً على حد معرفتنا، وذلك لأنَّ الحكومات التركيّة في ذلك الوقت لم تكن تتدخّل في الشؤون الداخليّة لسورية أو غيرها من دول الجوار، ولأنَّ الحكومات التركيّة آنذاك لم تدعم الإخوان المسلمين، ولأنَّ الحكومات التركيّة آنذاك لم تقم ببناء خيمة واحدة قبل بدء الأزمة السوريّة لاستقبال هؤلاء المجرمين وضحاياهم من اللاجئين الأبرياء. أمّا حكومة أردوغان فهي التي تواطأتْ مع الاستخبارات الأميركيّة والإسرائيليّة لتصنيع ما يقوم البعض بتسميته الآن «الربيع العربي»، لإيصال الإخوان المسلمين ومن يقف معهم إلى كراسي السلطة في الدول العربيّة تمهيداً لإقامة خلافة أردوغان العثمانيّة.  أمّا السياسة الفرنسيّة التي تلهث لإيجاد موطئ قدم استعماري لها في الوطن العربي وخارجه ولو كان ذلك من خلال التحالف مع أنظمة تتناقض مع مبادئ ادعتْ فرنّسا السياسيّة إقناع العالم بها وهي احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطيّة والحكم الرشيد وميثاق الأمم المتحدة، فإنّها انفضحتْ من خلال فقدان البوصلة والتورّط في الفساد وشراء الانتخابات بأموال الدول الخليجيّة والمتمولين في قطر وليبيا وأشخاص ودول أخرى معروفة. ولم يستحِ الساسة الفرنّسيون من تسليح أنظمة ما زالتْ تعيش في القرون الوسطى ولا تنتمي بأنظمتها السياسيّة إلى عصرنا، ولا تسمح للمرأة بقيادة السيارة، وأصبح هدف كل الساسة الفرنسيّين توقيع صفقات أسلحة تفوح منها رائحة الفساد في الجيوب الفرنسيّة والسعوديّة. وفي الوقت الذي يطالب الشعب الفرنّسي بمزيد من الأمن في شوارعه ومحطات قطاراته، فإنّنا نرى رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة ووزير خارجيته يعمّقان من تحالفهما الخسيس مع الدول التي تدعم الإرهاب في سورية، بل إنّهما تعززان علاقاتهما المباشرة مع المجموعات الإرهابيّة المسلّحة التي تقتل السوريين. ولم يعد هذا المسار السياسي الفرنسي خفيّاً على من يريد متابعة التحرّك الذي تقوم به الرئاسة الفرنسيّة ودبلوماسيتها، التي تتخبّط في سياسة تتسم بالتضليل المنهجي على حساب المبادئ. وقد قام كتّاب فرنسيون مثل مالبرونو وبيشون بتعرية الكثير من ممارسات السلطة الفرنسيّة ضد سورية في كتابيهما اللذين نُشرا مؤخّراً.  فجأة تحط طائرة أردوغان في باريس ويجري الرئيسان الفاشلان محادثات يعلنان إثرها من دون خجل أنّهما متفقان في مواقفهما ضد سورية، وأنّه يحق لتركيّا انتهاك السيادة السوريّة وإعلان مناطق عازلة ومناطق حظر طيران. ويقوم هولاند، وبلده كما نذكر عضو دائم في مجلس الأمن، بدعم الرئيس التركي الذي يؤكّد أنَّه ليس لتركيّا مشكلة مع «داعش» وأنَّها بسبب ذلك قامت بالسماح لإرهابيي «داعش» بالعبور إلى سورية من خلال الأراضي التركيّة، وتواطؤ تركيّا مع «داعش» من خلال منعها أهلنا السوريين الذين لجأوا إليها للعودة إلى أرضهم لمقاتلة «داعش». ويتفق هولاند وأردوغان، من جديد على أنَّ المهمّة الأساسيّة ليستْ محاربة إرهابيي «داعش»، بل الاستمرار في محاربة الدولة السوريّة وتفتيتها. هذا ما تسعى إليه تركيّا، وهو نفسه ما سعتْ إليه فرنّسا طيلة السنوات الأربع الماضية من خلال سياسات متهورة لا شيء فيها من السياسة وغير مسؤولة، سياسة غادرة تعتمد في تنفيذها على متطرّفين ومتشددين وتكفيريين، تسميهم، للتعتيم على حقيقة طبيعتهم الإرهابيّة، بالمعتدلين، وتقدّم لهم الأسلحة والمعداتْ الخطيرة وغير الخطيرة. وتتصرّف فرنّسا في هذا المجال وكأنّها ليستْ بلداً دائم العضوية في مجلس الأمن وأنّها لم تسمع إطلاقاً بقراري مجلس الأمن 2170 و2178.  إلاَّ أنَّه لا يمكن لهولاند وأردوغان حجب نور الشمس. فلقد قام فابيوس بفضح حقيقة ما تداوله هذان في اجتماعهما في باريس وكَتَبَ بتاريخ الثالث من تشرين الثاني مقاله سيء الذكر الذي تباكى فيه على حلب حيث دعا عمليّاً إلى إنقاذ الإرهابيين الذين دمّروا حلب وأحرقوها من القبضة التي يعمل الجيش العربي السوري إحكامها على حلب لدحر الإرهابيين وإنقاذ أهلنا الشرفاء في حلب من مخالب الإرهاب.  لقد أُصيبَ أردوغان وهولاند بالهيستيريا والدوار إزاء اقتراب سقوط إرهابييهم في حلب وانفضاح الدور الذي قام به هؤلاء من جرائم أدّتْ إلى دخول الإرهابيين إلى المدينة التي يعمل الجيش العربي السوري على إخراجهم منها. إنَّ الادعاء الكاذب حول محبّة هؤلاء لحلب ودموع التماسيح التي يذرفونها ليست على حلب، بل على إرهابييهم الذين يطاردهم أهل حلب وجيشهم الباسل، الجيش العربي السوري، لتحرير حلب من دنسهم.  ومرّة أخرى، إنَّ من قتلَ حلب وحرقها ويحاول تدمير معالمها هم إرهابيو هولاند وأردوغان، وأنَّ حلب وسكانها الأبطال هم الذين دافعوا عن مدينتهم في وجه الإرهاب وهم الذين لم يقبلوا إلاَّ بجيشهم الوطني. وعندما أجبرتهم العصابات الإرهابيّة على مغادرة بيوتهم غادروها بمئات الآلاف إلى المناطق التي قام بتأمينها والحفاظ عليها الجيش العربي السوري، ونتحدّى أن يثبت فابيوس ورئيسه عكس ذلك. وللحقيقة والتاريخ نؤكّد أنَّ الجيش العربي السوري لم يبادر إطلاقاً إلى مهاجمة قرى ومدن الوطن، بل إنَّ إرهابيي هولاند وأردوغان هم الذين كانوا يبدأون الهجوم، وبعد ذلك يبادر جيش سورية للدفاع عن مواطنيه وأرضه ليبعد القتل وسفك الدماء عنهم، وليس كما فعل انكشاريو أردوغان وقتلة هولاند وفابيوس وساركوزي.  إنَّ من يريد استمرار سيطرة «داعش» وأخواتها على مدينة حلب، إنما يقف مع الإرهاب والقتلة وقطّاع الطرق، وهذا هو الموقع الذي اختاره النظام التركي وحلفاؤه الفرنسيّون. أمّا الجيش العربي السوري فهو حامي الوطن والمحافظ على وحدة شعبه وأرضه. ومن يريد إنهاء إرهاب داعش واستبدادها بأهلنا الحلبيين فإنَّه لا يوجد أمامه إلاًّ خيار واحد وحيد فقط هو دعم الجيش العربي السوري الذي سينتصر في حلب ولاحقاً في الرقّة وعين العرب وإدلب وحمص وحماة ودير الزور والقنيطرة ودرعا وباقي أنحاء سورية.

المصدر : الماسة السورية/ البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة