(كل الخيارات لردع انتهاكات «إسرائيل» بالأقصى مفتوحة بما فيها استدعاء السفراء)..تصريح بنبرة عالية أطلقه وزير الأوقاف في مملكة شرقي نهر الأردن، رداً منه على ما يرتكبه الكيان الصهيوني من انتهاكات بحق المسجد الأقصى وقيامه بإغلاقه للمرة الأولى منذ عام 1967. تصريح ربما سيجعل الكيان الصهيوني يعيد حساباته وسيخلط الأوراق في المنطقة، تحديدا أنه عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني فإن المسؤولين العرب بالكاد يهددون باستدعاء السفراء(وليس بسحبهم طبعاً)، لكن عندما يتعلق الأمر بسورية فإن التهديدات قد تصل لدرجة احتلال دمشق من «نشامى الجيش الأردني».

صدق «جون كيري» عندما حذر في نهاية العام الماضي الكيان الصهيوني من أنه قد يواجه انتفاضة فلسطينية ثالثة وعُزلة دولية أكبر إذا فشلت محادثات السلام.

إنه شبح الانتفاضة التي لا يخافها الكيان الصهيوني فحسب، لكن يخافها كل من انخرط أساسا في النهج التسووي المنعزل منذ أوسلو، حتى إعلان «التسوويين» جميعا اتحادهم في الحرب ضد محور المقاومة.

شبح الانتفاضة يخافه كذلك الأمر من امتطى ذريعة القضية الفلسطينية للولوج نحو شعبية ما في المنطقة، لأنه ببساطة لا يرغب بوجود أي حدث حاليا يشوش عليه تسويق الحرب على سورية وتقسيمها. وهنا لا نعلم هل سنسمع وعداً أردوغانياً بحتمية الصلاة في الأقصى في العيد القادم، أم إنه فيما يبدو منشغل تماما بمواساة فرع العدالة والتنمية في تونس بالهزيمة التي تعرض لها في الانتخابات البرلمانية؟

لم يكن «رجب طيب أردوغان» وطغمته الحاكمة يتوقعون سقوط حليف صاعد لهم في المنطقة، وهي «حركة النهضة» الإخوانية في تونس كما حدث مع حليفهم مرسي. «حركة النهضة التونسية» لم تتمكن كما كانوا يُمنون النفس بالسيطرة على الانتخابات، هو سقوط جديد للفكر الأردوغاني بما يمثل وبما له من منظرين في المنطقة. لكن في المقابل لا يبدو أننا يجب أن نبالغ في التفاؤل إزاء ما جرى في تونس، ليس لعدم الثقة بالقوى «غير الدينية» المنتصرة، لكن لثقتنا الكاملة بأن الفكر المتطرف بات يعرف جيدا كيف يتعامل مع اللحظات الحاسمة.

قد تكون «حركة النهضة» رأت أن من مصلحتها الآن الانكفاء قليلاً، فدورها التخريبي في إرسال الإرهابيين إلى سورية بات واضحا. نفت الحركة بشدة الاتهامات التي كانت توجه لها بهذا الخصوص، لكن هذا النفي لا يتوافق مع ما ذكرته صحيفة «تانيت برس» الالكترونية التونسية في أيار الماضي عن تورط أحد قياديي حركة النهضة بتجنيد الشباب التونسي للقتال ضمن المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية. كذلك الأمر إنه في الوقت الذي كانت فيه تونس زمن بن علي تستقبل المهرجانات الفنية والأحداث المهمة، بات الآن استقبال شيخ الفتنة القرضاوي في المطار حدثا استثنائيا، هذا دون الخوض في الوضع الأمني والاقتصادي المتدهور أساسا، فلماذا ستتحمل حركة النهضة كل هذه المتاعب وتكون في الواجهة؟ كذلك الأمر أدركت النهضة أن الوضع في المنطقة لم يعد يساعد الحركات المتأسلمة، تحديدا بعد ارتفاع حدة الحنق على كل ما هو (ديني - سياسي)، فقد ينجح هذا المشروع آنيا في التقوقع كل في دولته، لكن من الصعب جدا خلق تحالفات تجعل المشروع الإسلامي يتمدد على مذهب الخلافة.

هو ذاته ما حدث مع العدالة والتنمية في تركيا، هذه الطغمة نجحت عبر أكاذيبها بجذب أكثر من ثلثي الشعب التركي نحو الحالة المتطرفة التي يمثلونها، لكنهم في النهاية بدؤوا على المستوى الإقليمي يكشفون أوراقهم الواحدة تلو الأخرى. لا يبدو العدالة والتنمية بعيداً عما يجري الآن من أعمال إرهابية في مصر، تحديدا أن اللمسات الإجرامية في التفجير الأخير الذي سقط فيه ثلاثون شهيدا من الجيش المصري هي ذات اللمسات التي كانت تضرب في سورية، وما يجمع الجيشين أنهما يشكلان عقبة أمام المشروع الأردوغاني في المنطقة وتهديداته لهما كانت علنية. ليس خافيا على أحد موقف العدالة والتنمية والمشيخة الحاكمة في قطر من إسقاط حكم الإخوان، ولا يبدو أن مصر ستكون بمنأى عن الثأر الذي يطمحون إليه دون إغفال ما قد تشكله مصر (إنْ استعادت مكانتها زمن عبد الناصر) من خطر على طموحاتهم.

كذلك الأمر وقع رئيس الوزراء «أحمد داوود أوغلو» في مطب المصطلحات، ما اضطره للقول صراحة - رغم نفيه المتكرر للتدخل بمستقبل سورية - إنه لن يشارك في تحالف ما لم يكن هدفه قتال القوات الحكومية. مر التصريح «الغبي» لأوغلو مرور الكرام كالعادة، فإن كان يعترف أن في سورية «قوات حكومية» فكيف له أن يحاربها؟ ألا يصبح الأمر بشكل رسمي تسويقاً لاعتداء على دولة ذات سيادة، وهو يخالف الشرعية الدولية التي يصدح قادة العدالة والتنمية ليل نهار بكذبة الالتزام بها. كل من تابع اللقاء أدرك بوضوح أن هناك شيئا اسمه «فوبيا الأسد» لدى هذه القيادة المتطرفة، تحديداً أن جزءاً لا يُستهان به من الحديث كان مخصصا للهجوم على شخص الأسد حصرا، وتسويق مساواة ما سماها أوغلو جرائم الأسد بجرائم داعش، مع العلم أن الأسد في كل خطاباته بالكاد يمر بسطر على القيادة التركية.

هذا في السابق، لكن ماذا لو قرر الرئيس الأسد في هذه المرحلة الخروج بخطاب للشعب السوري، ماذا يمكن أن يكون في جعبته، تحديداً أن خطاباً كهذا بات ربما -حاجة ملحة- فالمحللون يتداولون الأفكار ويعيدون حياكتها، والمعلومات تكاد تنذر بحرب عالمية إن كان في «عين العرب» أو «الجنوب السوري»، فماذا يخبئ هذا الصمت السوري «المهيب»؟

كان غريباً تزامن حديث الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» -غير المفهوم- عن أهمية مدينة حلب في الحرب على داعش، مع حديث المبعوث الأممي «ستيفان دي مستورا» عما سماه مصطلح «تجميد مناطق النزاع» واقتراحه أن تكون حلب هي المرشح الأول للبدء بهذه الفكرة. حتى «الملا ميشيل كيلو» أدلى بدلوه بهذا الخصوص عندما اعتبر أن حلب لن تسقط لأن هناك قرارا دوليا بمنع سقوطها. بالتأكيد لم تشرح لنا المعارضة السورية ماذا قصد بوجود قرار دولي بمنع سقوط حلب، هل هي تلبية للحلم الأردوغاني القديم الجديد بفرض النفوذ على موصل العراق وحلب سورية، لما لهاتين المدينتين من أهمية كبرى تقتحمان العمق التركي اقتصادياً واجتماعياً؟! أم إن سقوط المدينة (من مفهوم المعارضة باعتبار أن المدينة أساساً لم يستول عليها الإرهابيون) تعني نهاية «ستالينغراد الشمال» على الطريقة الجنبلاطية كما ستسقط ستالينغراد الغوطة «دوما».

وحده الجيش العربي السوري يمتلك الجواب عن هذا الأمر، وخاصة أن الغرب بات ربما يفكر بوجهة الجيش العربي السوري ما بعد حلب لأنه أدرك أن المدينة باتت شبه معزولة. ماذا لو اتجه الجيش شرقاً وشمالاً، تحديداً باتجاه المناطق التي يسعى فيها الغرب لوضع حجر زاوية لفكرة من سيستلم المناطق التي يتم طرد داعش منها، وذلك بنقل 200 عنصر ممن يسمونهم الجيش الحر والذين هم بنظر الأميركيين بالتأكيد «معارضة معتدلة»! وهم ليسوا أكثر من واجهة لما يُراد لـ«عين العرب» مستقبلاً.

من ناحية ثانية يبدو أن «دي مستورا» لا يحمل أي أفق حل، وتبدو محاولته لخلق حالة من التلاعب بالمصطلحات من مناطق عازلة إلى مناطق «مجمدة النزاع»، أشبه بسعي بعض عناصر الفريق الاقتصادي في الحكومة السورية للتلاعب بالألفاظ لتبرير الفشل الذريع في تأمين حاجيات المواطن، كإطلاق مصطلح «ترشيد الدعم» ومؤخرا «عقلنة الدعم» حتى بتنا نظن أن الدعم كان «مجنونا»، فما الذي ننتظره؟

لا يجب أن يمر تصريح وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» عن الحاجة لخلق قوة «تعيد الأسد للمفاوضات» مرور الكرام، كذلك الأمر لايبدو أن تصريح وزير الدفاع الأميركي «تشاك هاغل» وحديثه أن الغارات على داعش «تخدم الأسد» من باب المصادفة، فهل هي نوع من تبرير التعاون «العلني» مستقبلا؟

يدرك الأميركيون جيدا أن الأسد لا يعترف بنصف الانتصار ولا يريد انتصاراً منقوصاً لأن الثمن كان غالياً جداً، ويدركون تماماً أنه بات لديه الكثير ليقوله تحديداً إن المواطن السوري منذ فترة ليست بقصيرة لا يثق إلا بما يقوله الأسد.

تبدو الأحداث في السنوات الماضية تحديدا قيام طيور الظلام وخفافيش الليل بالتحليق فوق سورية، هي أشبه بالأسطورة الإغريقية التي تتحدث عن «طيور الهاربز» التي لها رأس إنسان، كانت تأتي من «تركيا» لتحلق فوق العجوز «فينوس» لتمنع عنه المأكل وحتى الشراب. لم يستطع «فينوس» مقاومتها لأنه كان فاقدا للبصر وبدأت حالته الصحية تتدهور، حتى خرج من بين الرماد المقاتل «كاسون» الذي تمكن من وضع حد لظلم هذه الطيور للعجوز «فينوس».. فمتى سيطل علينا «كاسون» ليشرح لنا كيف أنقذ «فينوس»؟

  • فريق ماسة
  • 2014-11-01
  • 11016
  • من الأرشيف

الحرب على سورية: بعد توالي سقوط الإسلام السياسي، ماذا لو تحدث الأسد؟

 (كل الخيارات لردع انتهاكات «إسرائيل» بالأقصى مفتوحة بما فيها استدعاء السفراء)..تصريح بنبرة عالية أطلقه وزير الأوقاف في مملكة شرقي نهر الأردن، رداً منه على ما يرتكبه الكيان الصهيوني من انتهاكات بحق المسجد الأقصى وقيامه بإغلاقه للمرة الأولى منذ عام 1967. تصريح ربما سيجعل الكيان الصهيوني يعيد حساباته وسيخلط الأوراق في المنطقة، تحديدا أنه عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني فإن المسؤولين العرب بالكاد يهددون باستدعاء السفراء(وليس بسحبهم طبعاً)، لكن عندما يتعلق الأمر بسورية فإن التهديدات قد تصل لدرجة احتلال دمشق من «نشامى الجيش الأردني». صدق «جون كيري» عندما حذر في نهاية العام الماضي الكيان الصهيوني من أنه قد يواجه انتفاضة فلسطينية ثالثة وعُزلة دولية أكبر إذا فشلت محادثات السلام. إنه شبح الانتفاضة التي لا يخافها الكيان الصهيوني فحسب، لكن يخافها كل من انخرط أساسا في النهج التسووي المنعزل منذ أوسلو، حتى إعلان «التسوويين» جميعا اتحادهم في الحرب ضد محور المقاومة. شبح الانتفاضة يخافه كذلك الأمر من امتطى ذريعة القضية الفلسطينية للولوج نحو شعبية ما في المنطقة، لأنه ببساطة لا يرغب بوجود أي حدث حاليا يشوش عليه تسويق الحرب على سورية وتقسيمها. وهنا لا نعلم هل سنسمع وعداً أردوغانياً بحتمية الصلاة في الأقصى في العيد القادم، أم إنه فيما يبدو منشغل تماما بمواساة فرع العدالة والتنمية في تونس بالهزيمة التي تعرض لها في الانتخابات البرلمانية؟ لم يكن «رجب طيب أردوغان» وطغمته الحاكمة يتوقعون سقوط حليف صاعد لهم في المنطقة، وهي «حركة النهضة» الإخوانية في تونس كما حدث مع حليفهم مرسي. «حركة النهضة التونسية» لم تتمكن كما كانوا يُمنون النفس بالسيطرة على الانتخابات، هو سقوط جديد للفكر الأردوغاني بما يمثل وبما له من منظرين في المنطقة. لكن في المقابل لا يبدو أننا يجب أن نبالغ في التفاؤل إزاء ما جرى في تونس، ليس لعدم الثقة بالقوى «غير الدينية» المنتصرة، لكن لثقتنا الكاملة بأن الفكر المتطرف بات يعرف جيدا كيف يتعامل مع اللحظات الحاسمة. قد تكون «حركة النهضة» رأت أن من مصلحتها الآن الانكفاء قليلاً، فدورها التخريبي في إرسال الإرهابيين إلى سورية بات واضحا. نفت الحركة بشدة الاتهامات التي كانت توجه لها بهذا الخصوص، لكن هذا النفي لا يتوافق مع ما ذكرته صحيفة «تانيت برس» الالكترونية التونسية في أيار الماضي عن تورط أحد قياديي حركة النهضة بتجنيد الشباب التونسي للقتال ضمن المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية. كذلك الأمر إنه في الوقت الذي كانت فيه تونس زمن بن علي تستقبل المهرجانات الفنية والأحداث المهمة، بات الآن استقبال شيخ الفتنة القرضاوي في المطار حدثا استثنائيا، هذا دون الخوض في الوضع الأمني والاقتصادي المتدهور أساسا، فلماذا ستتحمل حركة النهضة كل هذه المتاعب وتكون في الواجهة؟ كذلك الأمر أدركت النهضة أن الوضع في المنطقة لم يعد يساعد الحركات المتأسلمة، تحديدا بعد ارتفاع حدة الحنق على كل ما هو (ديني - سياسي)، فقد ينجح هذا المشروع آنيا في التقوقع كل في دولته، لكن من الصعب جدا خلق تحالفات تجعل المشروع الإسلامي يتمدد على مذهب الخلافة. هو ذاته ما حدث مع العدالة والتنمية في تركيا، هذه الطغمة نجحت عبر أكاذيبها بجذب أكثر من ثلثي الشعب التركي نحو الحالة المتطرفة التي يمثلونها، لكنهم في النهاية بدؤوا على المستوى الإقليمي يكشفون أوراقهم الواحدة تلو الأخرى. لا يبدو العدالة والتنمية بعيداً عما يجري الآن من أعمال إرهابية في مصر، تحديدا أن اللمسات الإجرامية في التفجير الأخير الذي سقط فيه ثلاثون شهيدا من الجيش المصري هي ذات اللمسات التي كانت تضرب في سورية، وما يجمع الجيشين أنهما يشكلان عقبة أمام المشروع الأردوغاني في المنطقة وتهديداته لهما كانت علنية. ليس خافيا على أحد موقف العدالة والتنمية والمشيخة الحاكمة في قطر من إسقاط حكم الإخوان، ولا يبدو أن مصر ستكون بمنأى عن الثأر الذي يطمحون إليه دون إغفال ما قد تشكله مصر (إنْ استعادت مكانتها زمن عبد الناصر) من خطر على طموحاتهم. كذلك الأمر وقع رئيس الوزراء «أحمد داوود أوغلو» في مطب المصطلحات، ما اضطره للقول صراحة - رغم نفيه المتكرر للتدخل بمستقبل سورية - إنه لن يشارك في تحالف ما لم يكن هدفه قتال القوات الحكومية. مر التصريح «الغبي» لأوغلو مرور الكرام كالعادة، فإن كان يعترف أن في سورية «قوات حكومية» فكيف له أن يحاربها؟ ألا يصبح الأمر بشكل رسمي تسويقاً لاعتداء على دولة ذات سيادة، وهو يخالف الشرعية الدولية التي يصدح قادة العدالة والتنمية ليل نهار بكذبة الالتزام بها. كل من تابع اللقاء أدرك بوضوح أن هناك شيئا اسمه «فوبيا الأسد» لدى هذه القيادة المتطرفة، تحديداً أن جزءاً لا يُستهان به من الحديث كان مخصصا للهجوم على شخص الأسد حصرا، وتسويق مساواة ما سماها أوغلو جرائم الأسد بجرائم داعش، مع العلم أن الأسد في كل خطاباته بالكاد يمر بسطر على القيادة التركية. هذا في السابق، لكن ماذا لو قرر الرئيس الأسد في هذه المرحلة الخروج بخطاب للشعب السوري، ماذا يمكن أن يكون في جعبته، تحديداً أن خطاباً كهذا بات ربما -حاجة ملحة- فالمحللون يتداولون الأفكار ويعيدون حياكتها، والمعلومات تكاد تنذر بحرب عالمية إن كان في «عين العرب» أو «الجنوب السوري»، فماذا يخبئ هذا الصمت السوري «المهيب»؟ كان غريباً تزامن حديث الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» -غير المفهوم- عن أهمية مدينة حلب في الحرب على داعش، مع حديث المبعوث الأممي «ستيفان دي مستورا» عما سماه مصطلح «تجميد مناطق النزاع» واقتراحه أن تكون حلب هي المرشح الأول للبدء بهذه الفكرة. حتى «الملا ميشيل كيلو» أدلى بدلوه بهذا الخصوص عندما اعتبر أن حلب لن تسقط لأن هناك قرارا دوليا بمنع سقوطها. بالتأكيد لم تشرح لنا المعارضة السورية ماذا قصد بوجود قرار دولي بمنع سقوط حلب، هل هي تلبية للحلم الأردوغاني القديم الجديد بفرض النفوذ على موصل العراق وحلب سورية، لما لهاتين المدينتين من أهمية كبرى تقتحمان العمق التركي اقتصادياً واجتماعياً؟! أم إن سقوط المدينة (من مفهوم المعارضة باعتبار أن المدينة أساساً لم يستول عليها الإرهابيون) تعني نهاية «ستالينغراد الشمال» على الطريقة الجنبلاطية كما ستسقط ستالينغراد الغوطة «دوما». وحده الجيش العربي السوري يمتلك الجواب عن هذا الأمر، وخاصة أن الغرب بات ربما يفكر بوجهة الجيش العربي السوري ما بعد حلب لأنه أدرك أن المدينة باتت شبه معزولة. ماذا لو اتجه الجيش شرقاً وشمالاً، تحديداً باتجاه المناطق التي يسعى فيها الغرب لوضع حجر زاوية لفكرة من سيستلم المناطق التي يتم طرد داعش منها، وذلك بنقل 200 عنصر ممن يسمونهم الجيش الحر والذين هم بنظر الأميركيين بالتأكيد «معارضة معتدلة»! وهم ليسوا أكثر من واجهة لما يُراد لـ«عين العرب» مستقبلاً. من ناحية ثانية يبدو أن «دي مستورا» لا يحمل أي أفق حل، وتبدو محاولته لخلق حالة من التلاعب بالمصطلحات من مناطق عازلة إلى مناطق «مجمدة النزاع»، أشبه بسعي بعض عناصر الفريق الاقتصادي في الحكومة السورية للتلاعب بالألفاظ لتبرير الفشل الذريع في تأمين حاجيات المواطن، كإطلاق مصطلح «ترشيد الدعم» ومؤخرا «عقلنة الدعم» حتى بتنا نظن أن الدعم كان «مجنونا»، فما الذي ننتظره؟ لا يجب أن يمر تصريح وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» عن الحاجة لخلق قوة «تعيد الأسد للمفاوضات» مرور الكرام، كذلك الأمر لايبدو أن تصريح وزير الدفاع الأميركي «تشاك هاغل» وحديثه أن الغارات على داعش «تخدم الأسد» من باب المصادفة، فهل هي نوع من تبرير التعاون «العلني» مستقبلا؟ يدرك الأميركيون جيدا أن الأسد لا يعترف بنصف الانتصار ولا يريد انتصاراً منقوصاً لأن الثمن كان غالياً جداً، ويدركون تماماً أنه بات لديه الكثير ليقوله تحديداً إن المواطن السوري منذ فترة ليست بقصيرة لا يثق إلا بما يقوله الأسد. تبدو الأحداث في السنوات الماضية تحديدا قيام طيور الظلام وخفافيش الليل بالتحليق فوق سورية، هي أشبه بالأسطورة الإغريقية التي تتحدث عن «طيور الهاربز» التي لها رأس إنسان، كانت تأتي من «تركيا» لتحلق فوق العجوز «فينوس» لتمنع عنه المأكل وحتى الشراب. لم يستطع «فينوس» مقاومتها لأنه كان فاقدا للبصر وبدأت حالته الصحية تتدهور، حتى خرج من بين الرماد المقاتل «كاسون» الذي تمكن من وضع حد لظلم هذه الطيور للعجوز «فينوس».. فمتى سيطل علينا «كاسون» ليشرح لنا كيف أنقذ «فينوس»؟

المصدر : الوطن/ فراس عزيز ديب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة