دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كان لافتا جدا امتعاض دول الخليج من استخدامها كوسيلة فقط لتنفيذ مخططات امريكا والغرب ولعل أصدق ما كتب عن هذا الأمر مقال في صحيفة شؤون خليجية وقد اقتبسنا المقال ليتعرف قراء موقع الماسة السورية على الفاتورة التي يدفعها الخليج لسيده الامريكي:
اختلاف كبير بين التحالف الدولي الحالي لضرب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وبين التحالف الدولي الذي سبق تشكيله لإخراج الرئيس العراقي "صدام حسين" من الكويت. فعلى الرغم من أن التحالف الحالي يضم عددا كبيرا من الدول (40 دولة) تمثل ضعف عدد الدول المشاركة في التحالف السابق، إلا أنها عاجزة حتى الآن عن تحقيق أي تقدم على الأرض، بالرغم من التكلفة المادية الباهظة التي يتكلفها التحالف جراء العمليات العسكرية التي يقوم بها، إذ قدر وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيجل" التكلفة المحتملة لتلك الحرب بـ 500 مليار دولار، وهي تكلفة مبدئية قد تزيد عن ذلك بكثير، خاصة وأن أمد الحرب قد يطول، وأن القضاء على التنظيم لن يحدث ما لم يتم التدخل بريا، وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي.
وهذه التكلفة قد تتحمل فاتورتها الدول الخليجية بحسب ما يتم تداوله، أما الولايات المتحدة الأمريكية فستتكلف بحسب خبراء عسكريين أمريكيين ما بين 15 إلى 20 مليار دولار سنويا.
فقد أوضح خبراء عسكريون أن كلفة الطلعة الواحدة لطائرة F16 تتراوح ما بين 22 إلى 30 ألف دولار للساعة الواحدة، وكل قنبلة تسقطها كُلفتها 20 ألف دولار، فإذا أقلعت طائرة F16 أمريكية من قاعدة أنجبريك الجوية في تركيا وطارت ساعتين إلى أربيل في العراق وأسقطت بنجاح قذائفها على هدف، فإن ذلك يكلف الولايات المتحدة ما بين 84 ألف إلى 104 ألف دولار.
بينما يصل سعر الصاروخ الواحد (توماهوك) لـ 600 ألف دولار، ويرتفع إلى أكثر من مليوني دولار حسب نوعه واستخدامه.
وهناك القنابل الذكية, التي يصل وزن الواحدة منها إلى ألفي باوند, وتكلف 30 ألف دولار.
أما تكلفة كل طلعة من طلعات طائرات "بي 2", فتصل إلى عشرة آلاف دولار لكل ساعة، أما في حال خسارة طائرة واحدة من طائرات "إف 35", فإنها تكلف الولايات المتحدة بين 50 مليونا إلى 100 مليون دولار.
وأفاد أحد التقارير العسكرية بأن الحكومة الأمريكية قد تنفق في هذه الحرب 200 مليون دولار أسبوعيا، وكلما طال أمدها كلما ارتفعت نسبة التكاليف.
ولذلك يرجح الخبراء أن تتحمل دول الخليج الجزء الأكبر من تمويل تكلفة الضربة العسكرية ضد داعش، فهذه الضربة سيكون لها تداعيات وتطورات إقليمية ستتحكم بمسارها، خصوصاً وأنها قد تخضع لتحقيق أهداف جديدة، منها مساعدة دول التحالف في التخلص من مخزون الأسلحة المتراكم لديها، والتي أوشكت على أن تفقد صلاحيتها، خاصة وأن التطورات التكنولوجية تجعلها عديمة الجدوى، مما يدفعها للبحث عن أسواق جديدة لاستهلاكها فيها، وفي نفس الوقت تحقيق الاستراتيجية الأمريكية الجديدة الخاصة بالشرق الأوسط، والتي تستهدف تقسيم وتفتيت المنطقة، بحيث تصبح إسرائيل هي القوى العظمي عسكريا وجغرافيا في المنطقة.
ومع استمرار الأزمات المالية العالمية وتداعياتها في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، تبرز أهمية دول مجلس التعاون الخليجي في المساهمة بتمويل جزء كبير من نفقات الضربة العسكرية ضد داعش.
وكما سبق وأشرنا فإن الإنفاق العسكري الكبير على العمليات العسكرية لن يحقق النتائج المرجوة، فحسب روجر بويز فإن الغارات الجوية تنجح في بدايتها لأنها تضرب أهدافا محددة، لكن داعش سيجعل الحياة صعبة للتحالف الأمريكي، حيث سيتكيف مع الضربات، أي سيتفرق ويعيد تشكيل نفسه أو الاختفاء بين المدنيين.
ويعتقد أن هزيمة داعش لن تتم من الجو، بل ميدانيا ووجها لوجه، ولا أحد يقترح هنا إرسال قوات برية، لكن ما يثير الغرابة هو أن أعدى أعداء داعش هم أعداء ألداء للغرب: إيران وحزب الله وحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) والنظام السوري، وعليه فإن الرابح الأكبر من الحرب ستكون ايران والنظام السوري، باعتبار أنهما الجهتان القادرتان على القضاء على التنظيم بريا والاستيلاء على المناطق التي ينسحب منها.
يؤكد ذلك روبرت فيسك في صحيفة «الإندبندنت» بقوله: إنه في اللحظة التي تحركت فيها الولايات المتحدة ووسعت حملتها ضد داعش لتشمل سوريا، حصل بشار الأسد على دعم عسكري وسياسي أكثر من أي قائد آخر، فبانفجار القنابل في مناطق شمال وشرق سوريا يمكن للأسد الاعتماد الآن على دعم روسيا والصين وإيران وأمريكا، وحزب الله والأردن ودول الخليج الثرية للحفاظ على نظامه.
وأشار الكاتب إلى أن الأسد يمكنه الجلوس في بيته في دمشق ليفكر كيف تقوم أقوى دولة في العالم، التي حاولت ضربه العام الماضي باستهداف أعدائه.
ويضيف فريديريك بيشون الكاتب والمحلل السياسي "لوكالة فرانس برس" أنه بالنسبة إلى بشار الأسد، فإن وضعه ممتاز من الناحية السياسية والجيوسياسية؛ لأن واشنطن ولندن ستجدان نفسيهما في الخط نفسه إلى جانب دمشق.
فتردد الغرب في دعم المعارضة السورية بالسلاح وتماسك جيش الأسد والدعم الثابت الذي يتلقاه من إيران وروسيا مكنه من البقاء، رغم خسارته لمساحة تزيد على خمسين في المائة من البلاد باتت تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
ويقول الباحث المتخصص في شئون الحركات "الإرهابية" "رومان كالييه": إن السيطرة على الموصل ستعزز من نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية وستجعل من الصعوبة على التحالف الدولي التخلص منه.
ويعتبر الباحث في معهد بروكينغز الدوحة "تشارلز ليستر" أن ذلك لن يغير من المعادلة في سوريا إلا أن النظام السوري سيخرج أكثر قوة.
ويرى ليستر أن المعضلة في مواجهة "الدولة الإسلامية" في سوريا تتمثل في خشية الكونغرس الأمريكي وإدارة أوباما وأطراف إقليمية، من أن ضرب "الدولة الإسلامية" ربما يقوي نظام الأسد ويعطيه الاستمرارية، فالولايات المتحدة ليس أمامها سوى خيارين: الأول الاتفاق مع نظام الأسد بعدم التعرض للطيران الأمريكي، بضرب معاقل "الدولة الإسلامية" دون وجود تحالفات أو اتفاقيات سياسية مع الأسد، وهذا ما رفضته دمشق، واعتبرته انتهاكا لسيادة أراضيها، ويأتي هذا الموقف متوافقا مع الموقف الروسي والإيراني الداعم للأسد.
أما الخيار الثاني فيتمثل في إيجاد حل سياسي في سوريا بالاشتراك مع نظام بشار الأسد، وفي الحالتين يكون النظام السوري في موقف قوي.
ويتضح من ذلك أن أية ضربات جوية من قبل الولايات المتحدة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا من شأنها أن تخدم سياسة مواجهة هذا التنظيم وإضعافه، ويخدم النظام السوري أيضا حتى في حالة عدم وجود اتفاق ما بينه وبين واشنطن، لكن الأسد يحاول استثمار الفرصة بتعزيز مكانته السياسية أكثر.
وبذلك يكون تحمل دول الخليج فاتورة التحالف الدولي ليس من أجل القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولكن من أجل القضاء على المعارضة السورية وإعطاء قبلة الحياة لنظام بشار الأسد، الذي نجح حتى الآن في السيطرة على الأماكن التي انسحب منها تنظيم "داعش".
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة