دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
نكتب في موقف الجمعة هذا عن مفارقات معركة القلمون بعد زيارة ميدانية الى بعض المناطق هناك فضلا عن إطلالات على بعض النقاط والمزارع التي تعتبر معابر طبيعية يتم عبرها التنقل ليلا والتواصل بين السهل والجبل،وتعتبر هذه النقط معابر التقاء المهربين الذين ينشطون بقوة هذه الايام في المنطقة ، بعضهم يقول تحضيرا لموسم المازوت وبعضهم الاخر اكثر صراحة يعترف ان المازوت حجة وان المهرب يبيع ويشتري كل شيء وأول هذه الاشياء المبادئ حسب ما قال حرفيا احد العاملين في قطاع النقل في مهنة التهريب عبر هذه السلسلة.
ونحن في تقريرنا هذا لن نحدد ماهية النقاط والمعابر ولا مكانها، كما اننا سوف نوضح للقارئ بعض المفارقات التي يفرضها على واقع المعركة فصل الشتاء القارص في هذه المنطقة الجبلية، وسوف نوضح ما هي استراتيجيات المسلحين التي يتحدث عنها سكان سفوح تلك الجبال الذين يتواصلون مع مجاميع المسلحين عبر الهواتف والسكايب او عبر قنوات المهربين وبعض الذين يتسللون بشكل فردي ليلا من الجبال واليها سيرا على الاقدام.
لا تبدو منطقة جبال القلمون من أطراف سهل القاع المدخل الجغرافي للقصير وجوارها حتى حمص، وسلسلة الجبال منها وصولا الى جرود بريتال، على الحال الذي كانت عليه قبل أسبوع، فالمنطقة عادت بين ليلة وضحاها الى ساحة حرب طاحنة من الجهة الشرقية الجنوبية المتاخمة لجرود بريتال ويونين، وداخل الجرد المشترك بين هذه البلدات وبلدة عرسال.
وفيما تبدو المنطقة الشمالية الشرقية من جهة جرود راس بعلبك وصولا الى جرد القاع وسهلها المؤدي الى جوسية والقصير هادئة نسبيا ، فإن الجو الحقيقي ينذر بما هو أخطر مستقبلا خصوصا بعد الضربة التي تلقاها المسلحون في الجرود الواصلة بين عسال الورد وبريتال، رغم انهم حققوا اختراقات في بداية هجومهم المباغت على نقاط معزولة غير ان ردة الفعل كانت قوية لدرجة الهزيمة المؤلمة في خسارة تلة أم الخرج خلال ثلاث ساعات دون ان يتمكن من كان عليها من الحفاظ على هذه النقطة الاستراتيجية التي تشرف على كامل تلال وسهل عسال الورد.
يروي بعض المهربين الذي يتنقلون عبر وديان المنطقة وجبالها ان فكرة القتال للعودة الى القصير أصبحت من الماضي في استراتيجية المسلحين المنتشرين في جبال القلمون، على اقله في فصل الشتاء وحتى نهاية فصل الربيع، ويضيف الرجل الذي يقول انه يعرف المنطقة زاوية زاوية ومغارة مغارة، أن المسلحين ليسوا جسما واحد، وليسوا رأيا واحدا، كما ان بعض كبار السن من الذين كانوا وجهاء في القصير وريفها، ليسوا مع المواجهة العسكرية من الاساس، ويتحدثون همسا عن ضرورة فتح باب للتواصل مع الدولة السورية لحل هذه المشكلة من اساسها.
رجل آخر من جماعة المهربين يطابق قول صاحبه ، ويضيف ان استراتيجية ( فراس البيطارـ وابو مالك ) كما سماها هي البقاء في جبال القلمون خلال فصل الشتاء وعدم النزول الى السهل حتى لا يكونوا مصيدة سهلة للجيش السوري وحلفائه، فالجبال تؤمن الغطاء الجعرافي بتضاريسها بينما السهل المكشوف من جهة القاع وجوسية سوف يقضي على المسلحين في حال حاولوا الاقتراب منه او التفكير في العودة اليه، ويقول الرجل ان المفارقة هنا التي فرضتها طبيعة القلمون تكمن في تخلي مسلحي القلمون مؤقتا عن فكرة العودة الى القصير بفعل انكشافهم وعدم وجودهم في مناطق الحضر من قرى وبلدات المنطقة التي خسروها في الحرب، وهذه بداية النهاية لهم يقول الرجل، فالفكرة بأساسها بدأت تزول من نفوسهم ومع الوقت سوف تضعف الذاكرة مع قساوة الحرب وتبدل منطق الاستراتيجيات بفعل السعي للبقاء على قيد الحياة وهذا يشكل الهاجس الاول والأخير للمسلحين.
ولكن هل يعني هذا انهم لن يحاولوا شن هجمات على القرى والبلدات؟
سوف يهاجمون ليس للبقاء داخلها ولكن لمحاولة اخذ رهائن وارتكاب مجازر لارهاب الناس، يقول احدهم، هم يعرفون انهم لن يستطيعوا البقاء في اية بلدة يدخلونها لكنهم سوف يحاولون جهدهم ان يدخلوا الى منطقة سكنية بفعل المفاجأة ويأخذوا رهائن، وسياسة اخذ الرهائن هي هدفهم الكبير في هذا الوقت، كما انهم سوف يقومون بعمليات اعدام وقتل سريعة قبل خروجهم بهدف ارهاب الناس وإرباك الطرف الاخر ، ومحالة جذب المقاتلين الى صفوفهم بفعل الظهور الاعلامي، هم يريدون ان يكونوا ابطال المعارضة في الحرب السورية، بعد الهزائم التي منيت بها المعارضة وبعد صعود نجم داعش وسيطرتها على مناطق واسعة في سوريا.
موسم المازوت اقترب يقول مهرب مزدوج الجنسية، والاستعدادات بين المهربين على طرفي الحدود تجري للبدء به، هناك صعوبة كبرى هذا العام لكن ضرورات البقاء تفرض غض النظر فالناس اوضاعها سيئة اقتصاديا وهي ان لم تعمل في التهريب سوف تلجأ الى العنف، كثرت حوادث السرقة بقوة السلاح خلال الفترة الماضية، في السهل الممتد من القاع حتى سهل راس بعلبك والفاكهة، مخابرات الجيش اللبناني تشن عمليات مداهمة ليلية في مخيمات اللاجئين المكتظة والمنتشرة بشكل عشوائي كما يقول القيمون على المخيمات من مندوبي جمعيات تمولها (الامم) حسب تسمية احد المهربين، مضيفا نحن الذين نجوب هذه المنطقة طولا وعرضا ونعرف خباياها نقول بكل ثقة ان لا شيء عشوائي وان اختيار اماكن نصب المخيمات تم على تخوم المعابر والمنافذ الطبيعية بين السهل والجبل، وان هذه المخيمات في بعض نقاطها أصبحت منطقة تواصل مع الجبال، هذا التواصل الذي فقده المسلحون قبل عام ونصف عاد اليهم عبر مخيمات (الامم) يختم الرجل كلامه.
المصدر :
نضال حمادة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة