أي عبور تركي للحدود السورية سوف ينتج منه أزمات لا يمكن إصلاحها، هذا التصريح صدر عن الناطق باسم الخارجية الإيرانية تعليقاً على قرار البرلمان التركي بالسماح للحكومة بإرسال قوات تركية إلى سورية.

هذا الكلام الإيراني العنيف وغير المسبوق بحق دولة كبيرة وجارة مثل تركيا، يظهر كم أصبحت الأمور في المنطقة قابلة للتفجير أكثر وأكثر. فالإيرانيون يعون لعبة أردوغان الحالية ولذلك قرروا التحرك وأنذروا أنهم جادون بتنفيذ تحذيراتهم.

في طهران يقولون إن خطة أردوغان تنقسم حالياً إلى ثلاثة أجزاء:

أ- يعلم أردوغان أن الضربات الجوية الأميركية ضد «داعش» لن تحسم المعركة وأميركا بحاجة إلى جنود على الأرض، وليس هناك غير الجيش التركي قادراً على تنفيذ هذه المهمة لدعم الاستراتيجية الأميركية ضد «داعش»، وهنا وضع أردوغان شرطه المسبق إسقاط النظام السوري لكن واشنطن تجاهلته.

ب- أعاد أردوغان التذكير بالخطة التركية القديمة بإقامة منطق عازلة في الشمال السوري، ووضع المنطقة العازلة شرطاً للتدخل في كوباني وإخراج «داعش» منها، أيضاً هنا كان رد واشنطن التجاهل.

ج- خلال هذا الأخذ والرد والرفض التركي التدخل في كوباني بدا أن المدينة توشك على السقوط بيد «داعش»، وهذا يضعف مكانة حزب العمال الكردستاني عدو تركيا الأول.

هنا يمكن القول إن تركيا تدعم «داعش» في شكل سري لسحق الأكراد في شمال سورية، وفي نفس الوقت تعرض على واشنطن المساعدة في حربها ضد «داعش»، بشرط قبول واشنطن بأطماع تركيا في الأراضي السورية الذي يمهد لتقسيم المنطقة.

في هذه الحفلة من الشروط التركية كم يملك أوباما من الوقت لاستيعاب شروط أردوغان، هنا يبدو في موضوع منطقة الحظر الجوي أن وزارة الدفاع الأميركية ترفض هذا الأمر على رغم أن هناك آراء معتبرة في واشنطن تؤيد المنطقة العازلة في شمال سورية.

في هذا السياق تشير معلومات في باريس إلى أن زيارة الأمين العام للحلف الأطلسي إلى أنقرة قبل ثلاثة أيام في نفس الوقت الذي وصل فيه إلى تركيا المسؤول الأميركي عن الملف السوري جون الين أتت لبحث موضوع المنطقة العازلة وإمكانية التغطي بموضوع الدفاع عن تركيا العضو في الأطلسي.

في النقطة الأخيرة يقدر أردوغان أن أي تحرك للجيش التركي في سورية تحت غطاء حلف شمال الأطلسي، سيمنع روسيا وإيران من القيام بأي عمل لمواجهة هذا الهجوم.

طهران التي فهمت المراد التركي صرحت عبر الناطق باسم الخارجية، أنها مستعدة للتدخل العسكري في كوباني في حال طلبت الحكومة السورية ذلك، بمعنى آخر نزعت إيران من أردوغان حجة التدخل في سورية بغطاء أطلسي وهذا ما أثار غضب المعارضة التركية ضد أردوغان، لأن حصول الأكراد على انتصار في كوباني بمساعدة إيرانية سوف يقلب المعادلة الكردية كلياً في تركيا.

يبقى أن الانتظار سمة الموقف حتى انجلاء غبار معركة كوباني ومعرفة توجه «داعش» الجديد الذي يقال إنه باتجاه بادية دير الزور المؤدية إلى حمص حيث يتواجد حزب الله.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-10-13
  • 11897
  • من الأرشيف

قراءة في التحذير الإيراني لتركيا من التدخل العسكري في الشمال السوري

أي عبور تركي للحدود السورية سوف ينتج منه أزمات لا يمكن إصلاحها، هذا التصريح صدر عن الناطق باسم الخارجية الإيرانية تعليقاً على قرار البرلمان التركي بالسماح للحكومة بإرسال قوات تركية إلى سورية. هذا الكلام الإيراني العنيف وغير المسبوق بحق دولة كبيرة وجارة مثل تركيا، يظهر كم أصبحت الأمور في المنطقة قابلة للتفجير أكثر وأكثر. فالإيرانيون يعون لعبة أردوغان الحالية ولذلك قرروا التحرك وأنذروا أنهم جادون بتنفيذ تحذيراتهم. في طهران يقولون إن خطة أردوغان تنقسم حالياً إلى ثلاثة أجزاء: أ- يعلم أردوغان أن الضربات الجوية الأميركية ضد «داعش» لن تحسم المعركة وأميركا بحاجة إلى جنود على الأرض، وليس هناك غير الجيش التركي قادراً على تنفيذ هذه المهمة لدعم الاستراتيجية الأميركية ضد «داعش»، وهنا وضع أردوغان شرطه المسبق إسقاط النظام السوري لكن واشنطن تجاهلته. ب- أعاد أردوغان التذكير بالخطة التركية القديمة بإقامة منطق عازلة في الشمال السوري، ووضع المنطقة العازلة شرطاً للتدخل في كوباني وإخراج «داعش» منها، أيضاً هنا كان رد واشنطن التجاهل. ج- خلال هذا الأخذ والرد والرفض التركي التدخل في كوباني بدا أن المدينة توشك على السقوط بيد «داعش»، وهذا يضعف مكانة حزب العمال الكردستاني عدو تركيا الأول. هنا يمكن القول إن تركيا تدعم «داعش» في شكل سري لسحق الأكراد في شمال سورية، وفي نفس الوقت تعرض على واشنطن المساعدة في حربها ضد «داعش»، بشرط قبول واشنطن بأطماع تركيا في الأراضي السورية الذي يمهد لتقسيم المنطقة. في هذه الحفلة من الشروط التركية كم يملك أوباما من الوقت لاستيعاب شروط أردوغان، هنا يبدو في موضوع منطقة الحظر الجوي أن وزارة الدفاع الأميركية ترفض هذا الأمر على رغم أن هناك آراء معتبرة في واشنطن تؤيد المنطقة العازلة في شمال سورية. في هذا السياق تشير معلومات في باريس إلى أن زيارة الأمين العام للحلف الأطلسي إلى أنقرة قبل ثلاثة أيام في نفس الوقت الذي وصل فيه إلى تركيا المسؤول الأميركي عن الملف السوري جون الين أتت لبحث موضوع المنطقة العازلة وإمكانية التغطي بموضوع الدفاع عن تركيا العضو في الأطلسي. في النقطة الأخيرة يقدر أردوغان أن أي تحرك للجيش التركي في سورية تحت غطاء حلف شمال الأطلسي، سيمنع روسيا وإيران من القيام بأي عمل لمواجهة هذا الهجوم. طهران التي فهمت المراد التركي صرحت عبر الناطق باسم الخارجية، أنها مستعدة للتدخل العسكري في كوباني في حال طلبت الحكومة السورية ذلك، بمعنى آخر نزعت إيران من أردوغان حجة التدخل في سورية بغطاء أطلسي وهذا ما أثار غضب المعارضة التركية ضد أردوغان، لأن حصول الأكراد على انتصار في كوباني بمساعدة إيرانية سوف يقلب المعادلة الكردية كلياً في تركيا. يبقى أن الانتظار سمة الموقف حتى انجلاء غبار معركة كوباني ومعرفة توجه «داعش» الجديد الذي يقال إنه باتجاه بادية دير الزور المؤدية إلى حمص حيث يتواجد حزب الله.  

المصدر : نضال حمادة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة