يتساءل الكاتب السياسي (بابيه ايسكوبار) المحلل الاستراتيجي في مجلة (آسيا تايمز) الإلكترونية: هل ستتمكن روسيا والصين ومعهما ألمانيا في تشكيل تحالف تجاري استراتيجي لمنافسة الولايات المتحدة وقد أصبحت عجوزاً أمام دول صاعدة مثل هذه الدول الثلاث؟

وهذا التساؤل يدور أيضاً في رأس الإدارة الأميركية التي تعرف أن دولاً أوروبية وآسيوية لا ترغب باستمرار هيمنتها على العالم وحرمان بقية الدول من القدرة على التحرر من ضغوطها وخصوصاً ألمانيا وهذا ما يجعل المعركة مكشوفة للاعبين الأساسيين فيها. ولذلك يرى (ايسكوبار) أن انضمام الهند وإيران إلى دول (منظمة شانغهاي للتعاون) بقيادة بكين وموسكو سيحقق إنجازاً كبيراً واستراتيجياً إذا أصبحت ألمانيا جزءاً من تحالف تجاري مع بكين وموسكو. ويلاحظ الكثيرون في الوقت نفسه أن الوضع الجيوسياسي للساحة (الايرو آسيوية) تطرأ عليه تغيرات لن يقبل أصحابها القطبية الواحدة العظمى للولايات المتحدة بعد أن فرضت نظاماً عالمياً غير متوازن من ناحية مصالح اللاعبين الكبار في الساحة الدولية.

وكان الكثيرون يلاحظون أن روسيا يهمها من نواحٍ إستراتيجية إيجاد علاقات تجارية وتكنولوجية وسياسية متقدمة معها وقد حاول بوتين الرئيس الروسي وما يزال العمل على فتح بوابة (دول البريكس) الخمس وتحويلهم إلى ست دول بانضمام ألمانيا إلى هذا التحالف السياسي وهذا ما يؤكده (ايسكوبار). وكان من الملاحظ أن الصين وروسيا معاً فتحا كل المجالات للتجارة والأعمال مع ألمانيا في السنوات الخمس الماضية ولو لم تسارع الولايات المتحدة بافتعال أزمة أوكرانيا مع روسيا وأزمة داعش في الشرق الأوسط وإشغال أوروبا وألمانيا بالذات في تداعيات هاتين الأزمتين لازدادت صلات التقارب والمصالح المشتركة بين روسيا والصين من جهة وألمانيا من الجهة الأخرى.

ويلاحظ (ايسكوبار) أن إستراتيجية الصين اتجهت نحو تشكيل شبكة متداخلة في خمس مناطق أساسية هي: 1- روسيا (الجسر الأساسي بين آسيا وأوروبا)، 2- ودول آسيا الوسطى مع دول جنوب غرب آسيا (بدور رئيس لإيران وسورية والعراق)، 3- القوقاز، 4- وشرق أوروبا بما فيها روسيا البيضاء ومولدافيا، 5- الهند وباكستان وأفغانستان (طريق الحرير الموسع) ولاشك أن الصفقة الروسية- الصينية بقيمة (400) مليار دولار لتزويد الصين بالغاز الروسي هي صفقة العصر التي تجعل التحالف الاستراتيجي الروسي الصيني من أهم قواعد النظام العالمي المناهض لنظام القطب الواحد الأميركي ومن أهم عوامل الاستقطاب لدول كثيرة تجد مصالحها مناقضة للمصالح الأميركية، وهذا ما تدركه الإدارة الأميركية وتعمل على مجابهته عن طريق خلق (جدار حديدي) حول أوروبا وحول دول كثيرة من آسيا بهدف محاصرة روسيا والصين ومنع التمدد الروسي الصيني.

ويشير (ايسكوبار) إلى وجود دول مثل إيطاليا وهنغاريا تميل إلى روسيا وإذا ما حسمت ألمانيا موقفها فسوف تنقسم أوروبا بطريقة تقلل النفوذ الأميركي فيها وخصوصاً إذا حققت روسيا حلاً لأوكرانيا يشبه حل (فينلاندا) المتاخمة لحدود روسيا وهو حل لا يسمح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف الأطلسي ويحافظ على استقلالية أو حكم ذاتي للمناطق التي تعيش فيها أغلبية روسية.

وهذا الصراع المكشوف في عصر الاتصالات والمعلومات ونتائجه أصبحت إيران وسورية والعراق جزءاً بارزاً فيه يعزز قدرة سورية وإيران بشكل خاص على حماية استقلالهما والانتصار على المخططات الأميركية التي تستهدفهما فقد أصبحت سورية وإيران وحلفاؤهما في المنطقة من أهم مفاتيح استقرار الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا والصين ودول البريكس وأصبحت المحافظة على قدراتهما العسكرية وتعزيزها جزءاً من الاستراتيجية الروسية الصينية الشاملة لهذه المنطقة. فالعالم أصبح في مرحلة حرب باردة دفعة واحدة دون مقدمات ومراحل في أعقاب التطورات التي وقعت في الشرق الأوسط بشكل خاص.

والتحولات المحتملة لن تسمح للولايات المتحدة بتحقيق خطتها ضد حلفاء روسيا والصين.

  • فريق ماسة
  • 2014-10-12
  • 12327
  • من الأرشيف

التحولات الدولية الصينية الروسية وتعزيزها للقدرات السورية

يتساءل الكاتب السياسي (بابيه ايسكوبار) المحلل الاستراتيجي في مجلة (آسيا تايمز) الإلكترونية: هل ستتمكن روسيا والصين ومعهما ألمانيا في تشكيل تحالف تجاري استراتيجي لمنافسة الولايات المتحدة وقد أصبحت عجوزاً أمام دول صاعدة مثل هذه الدول الثلاث؟ وهذا التساؤل يدور أيضاً في رأس الإدارة الأميركية التي تعرف أن دولاً أوروبية وآسيوية لا ترغب باستمرار هيمنتها على العالم وحرمان بقية الدول من القدرة على التحرر من ضغوطها وخصوصاً ألمانيا وهذا ما يجعل المعركة مكشوفة للاعبين الأساسيين فيها. ولذلك يرى (ايسكوبار) أن انضمام الهند وإيران إلى دول (منظمة شانغهاي للتعاون) بقيادة بكين وموسكو سيحقق إنجازاً كبيراً واستراتيجياً إذا أصبحت ألمانيا جزءاً من تحالف تجاري مع بكين وموسكو. ويلاحظ الكثيرون في الوقت نفسه أن الوضع الجيوسياسي للساحة (الايرو آسيوية) تطرأ عليه تغيرات لن يقبل أصحابها القطبية الواحدة العظمى للولايات المتحدة بعد أن فرضت نظاماً عالمياً غير متوازن من ناحية مصالح اللاعبين الكبار في الساحة الدولية. وكان الكثيرون يلاحظون أن روسيا يهمها من نواحٍ إستراتيجية إيجاد علاقات تجارية وتكنولوجية وسياسية متقدمة معها وقد حاول بوتين الرئيس الروسي وما يزال العمل على فتح بوابة (دول البريكس) الخمس وتحويلهم إلى ست دول بانضمام ألمانيا إلى هذا التحالف السياسي وهذا ما يؤكده (ايسكوبار). وكان من الملاحظ أن الصين وروسيا معاً فتحا كل المجالات للتجارة والأعمال مع ألمانيا في السنوات الخمس الماضية ولو لم تسارع الولايات المتحدة بافتعال أزمة أوكرانيا مع روسيا وأزمة داعش في الشرق الأوسط وإشغال أوروبا وألمانيا بالذات في تداعيات هاتين الأزمتين لازدادت صلات التقارب والمصالح المشتركة بين روسيا والصين من جهة وألمانيا من الجهة الأخرى. ويلاحظ (ايسكوبار) أن إستراتيجية الصين اتجهت نحو تشكيل شبكة متداخلة في خمس مناطق أساسية هي: 1- روسيا (الجسر الأساسي بين آسيا وأوروبا)، 2- ودول آسيا الوسطى مع دول جنوب غرب آسيا (بدور رئيس لإيران وسورية والعراق)، 3- القوقاز، 4- وشرق أوروبا بما فيها روسيا البيضاء ومولدافيا، 5- الهند وباكستان وأفغانستان (طريق الحرير الموسع) ولاشك أن الصفقة الروسية- الصينية بقيمة (400) مليار دولار لتزويد الصين بالغاز الروسي هي صفقة العصر التي تجعل التحالف الاستراتيجي الروسي الصيني من أهم قواعد النظام العالمي المناهض لنظام القطب الواحد الأميركي ومن أهم عوامل الاستقطاب لدول كثيرة تجد مصالحها مناقضة للمصالح الأميركية، وهذا ما تدركه الإدارة الأميركية وتعمل على مجابهته عن طريق خلق (جدار حديدي) حول أوروبا وحول دول كثيرة من آسيا بهدف محاصرة روسيا والصين ومنع التمدد الروسي الصيني. ويشير (ايسكوبار) إلى وجود دول مثل إيطاليا وهنغاريا تميل إلى روسيا وإذا ما حسمت ألمانيا موقفها فسوف تنقسم أوروبا بطريقة تقلل النفوذ الأميركي فيها وخصوصاً إذا حققت روسيا حلاً لأوكرانيا يشبه حل (فينلاندا) المتاخمة لحدود روسيا وهو حل لا يسمح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف الأطلسي ويحافظ على استقلالية أو حكم ذاتي للمناطق التي تعيش فيها أغلبية روسية. وهذا الصراع المكشوف في عصر الاتصالات والمعلومات ونتائجه أصبحت إيران وسورية والعراق جزءاً بارزاً فيه يعزز قدرة سورية وإيران بشكل خاص على حماية استقلالهما والانتصار على المخططات الأميركية التي تستهدفهما فقد أصبحت سورية وإيران وحلفاؤهما في المنطقة من أهم مفاتيح استقرار الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا والصين ودول البريكس وأصبحت المحافظة على قدراتهما العسكرية وتعزيزها جزءاً من الاستراتيجية الروسية الصينية الشاملة لهذه المنطقة. فالعالم أصبح في مرحلة حرب باردة دفعة واحدة دون مقدمات ومراحل في أعقاب التطورات التي وقعت في الشرق الأوسط بشكل خاص. والتحولات المحتملة لن تسمح للولايات المتحدة بتحقيق خطتها ضد حلفاء روسيا والصين.

المصدر : الوطن / تحسين الحلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة