منذ الاسابيع الاولى لاندلاع ما اسمي في سورية «ثورة» وتشكل ما اسمي «معارضة» كان واضحا ان الواقع يعاكس الاعلان إذ لا ثورة ولا ثواراً، والامر يفتقر الى المعارضة التي تنسجم او تتفق مع القواعد الدستورية لتوصيف المعارضات، وبهذا انقسمت النظرة الى المشهد المتشكل في اتجاهين:

اتجاه تقوده سورية ومعها حلفاؤها، يصف الامور بمسمياتها ويقول ان سورية تتعرض لعدوان خارجي ذو اهداف بعيدة المدى تتعلق بأصل وجودها وموقعها ودورها في المنطقة، وان الذين ينفذون العدوان هم بعض من السوريين ومعهم الكثير من العرب وغير العرب وتقودهم اميركا التي تطمح من عدوانها لتحقيق اهداف المشروع الصهيواميركي، وتعويض اخفاقاتها في ارساء النظام العالمي الاحادي القطبية، وان من تشغلهم في الميدان ليسوا الا عصابات اجرامية مسلحة تمارس الارهاب بأدق تفاصيله وأبشع صوره، إرهاب يهدف الى تدمير كل شيء معنوي وفكري او مادي وتراثي حيث يمكن ان تصل يدهم اليه على مساحة الارض السورية.‏

واتجاه تقوده اميركا ومعها من الاتباع ما حشدت لمشروعها لتؤمن نجاحه وهو اتجاه تلفيقي تزويري، يقلب الامور ويسمي الاشياء بعكس حقائقها، ويعتبر القتلة المجرمين ثوارا، ويرى في الحركة الارهابية الـتي راحـــــت تتفشى‏

على مساحة الارض السورية ثورة تستهدف اقامة دولة «الكرامة» و«العدالة» و«الديمقراطية»، وهي شعارات فضحتها واسقطتها طبيعة القوى التي تمد هؤلاء بالسلاح والمال والعقيدة والفكر، وخاصة انها دول لا عهد لها ولا ادراك عندها لشيء من الشعارات التي يرفعها من تدعمهم وتسميهم ثوارا.‏

بعد اربع واربعين شهرا من المواجهة، صمدت خلالها سورية وسجلت في مواجهة العدوان انجارات ميدانية مؤكدة في مقابل وحشية واجرام ارتكبته العصابات المسلحة المسماة معارضة، بعد هذا اضطر من يريد ان يفهم او من يود ان يرى الحقيقة، اضطر الى الاقرار لسورية بالصدق في القول والتوصيف وإن في سورية ارهاب وليس ثورة، وان كل ما تم تلفيقه انما هو كذب ورياء افتضح الآن أمره، وجاءت رئيسة الارجنتين ومن على منبر الامم المتحدة لتؤكد ذلك بموقف مشهود رائع قرعت فيه ما تسميه اميركا مجتمعاً دولياً بعد ان كشفت نفاقه وتزويره للحقائق.‏

جاء الاقرار الدولي الآن ليشكل نوعا من الانتصار لمنطق سورية وتوصيفها للواقع،انتصار يتكامل مع انجازاتها الميدانية فسورية قالت ان ما يجري على ارضها في مواجهة الشعب والدولة كلها انما هو اعمال ارهابية، وتصدت لها ومنعتها من تحقيق اهدافها في الكثير من الساحات، اما اميركا ومن معها ممن تصفهم بالحلفاء والتابعين، فقد افتضح نفاقهم في التوصيف واضطروا للمجاهرة بالاقرار بذلك وصادق مجلس الامن على الاقرار كما تقررت المواجهة له.‏

 

مع هذا الاقرار والقرار الاميركي بالمواجهة، كان المنطق بكل فروعه ووجوهه، يفرض ان تتراجع اميركا عن عدوانها على سورية اذا ارادت اثبات مصداقيتها، وان تتوجه للتنسيق معها في محاربة هذا الارهاب الذي تقول بخطره عليها وعلى العالم، لكن السلوك الاميركي جاء مغايرا للمنطق، حيث انها في الوقت الذي قررت فيه مواجهة ارهاب «داعش « و»النصرة «، قررت ان تنتج ارهابيين جدداً للحلول مكان هؤلاء، في عملية استبدال ارهابي حددت اميركا لها مهلة اقلها ثلاث سنوات.‏

و هنا ورغم ان اميركا وقبل البدء بعملياتها العسكرية ضد داعش على الارض السورية، قامت بما يسمى في العلم العسكري والاستراتيجي بالتنسيق السلبي مع سورية، وهو التنسيق الذي يقضي بالابلاغ المسبق عن اي نشاط عسكري في الميدان لمنع المواجهة وتآكل القدرات بين الاطراف، بخلاف التنسيق الايجابي الذي يتجه الى توزيع المهام بين القوى المعنية بما يشكل تكاملا للطاقات والقدرات ويسرع تحقيق الاهداف المنشودة من العملية،.‏

رغم ان هذا التنسيق السلبي الذي يؤول من قبل علماء القانون ويفسر بانه اعتراف بالسلطة الشرعية القائمة في سورية ويؤكد احترام السيادة الوطنية بما يسقط عنه نوعا ما صفة العدوان، الا ان الامر يبقى وفقا للقانون الدولي عملا غير مشروع لانه لم يحصل بناء لطلب الدولة صاحبة السيادة، ولا بناء لقرار من مجلس الامن، وخاصة انه ترافق مع سلوكيات اميركية تؤكد نية اميركية اكيدة في العدوان على سورية والتدخل بشؤونها خلافا لقواعد القانون الدولي، واوضح الامثلة مؤخرا على ذلك ما قررت اميركا القيام به من دعم للعصابات الارهابية بالملايين من الدولارات (500) تخصصها لتدريب وتسليح من اسمتهم «معارضة معتدلة « بما يشكل اصرارا على ما قامت به منذ بدء العدوان، ثم انها امتنعت عن الانتظام تحت سقف القانون الدولي واحجمت عن العمل تحت علم الامم المتحدة لمحاربة الارهاب الذي اقرت به، واتجهت الى تشكيل تحالف دولي يعمل بقيادتها على حد ما جاء في قول وزير خارجيتها جون كيري، من « ان العالم يعمل تحت القيادة الاميركية لمحاربة الارهاب « وطبعا لا يشمل هذا التحالف الا تابعاً او عميلاً لاميركا وفقا لاختيارها.‏

ان السلوك الاميركي المتقدم الذكر يؤكد الارتياب باميركا وبمواقفها، وهذا ما حمل حلفاء سورية على رفضه بعد التحذير منه، داعين الى العودة الى مجلس الامن ليكون العمل منسجما مع ميثاق الامم المتحدة اولا، وليبعد الشبهات ويسقط الظنون بوجود اهداف مضمرة يحتفظ بها خلف العمليات العسكرية التي تشنها اميركا ضد داعش في العراق وسورية،و يشكل هذا الرفض تكاملا بين سورية وحلفائها التكامل بين التكتيك والاستراتيجيا، فسورية التي من مصلحتها العملانية الميدانية الآنية ان ترى نار الصانع الاميركي تحرق بعض المنتج الذي صنعه « داعش « وتضعف قدراته بما يسهل عمل قواتها لتحقيق الهدف الاستراتيجي الاساسي تطهير البلاد من الارهاب، لا يمكن ان تدافع عن داعش، وتستمر بالتمسك بسيادتها على كل شبر من اراضيها غابت «داعش « ام وجدت في المناطق التي افسدت امنها بعيدا عن سلطة الدولة، ولهذا وصف وزير خارجيتها وليد المعلم العمل الاميركي بحاله الراهن بانه «عمل غير مشروع» ، في تطابق مع مواقف ايران وروسيا.‏

و انطلاقا من هذا المشهد المعقد وبعد القرارات التي اعتمدها مجلس الامن لمواجهة الارهاب في سورية والعراق ان لجهة توصيفه وتسمية عصاباته (القرار 2170) او لجهة منع تنقل الارهابيين ودعمهم (القرار 2178)، وفي غياب آلية عمل تمكن من الوصول الى تحقيق اهداف القرارين اللذين اعتمدا تحت الفصل السابع بشكل ملزم لكل الاعضاء،، نرى وجوب الاضاءة او التركيز على معالم المسار المجدي لاجتثاث الارهاب من المنطقة وخاصة من العراق وسورية مع التمسك بالثوابت التي يمليها العلم العسكري من جهة، وتفرضها قواعد القانون الدولي من جهة اخرى واهمها:‏

1) ان العمل العسكري المجدي في مواجهة الارهاب هو العمل التام، اي العمل المقترن بالنار والحركة في الميدان، اما الاعتماد على النار فقط فانه عمل ناقص لا يؤدي الى النتيجة المرجوة الا اذا كانت الاهداف الحقيقية غير الاهداف المعلنة، بما يعني نية بالتدمير الممنهج بعيدا عن التأثير الفعلي على الجهة المستهدفة علانية. اي باختصار ان العمل المدفعي من الارض او البحر او الجو غير كاف ابدا لتدمير الارهاب، بل يستلزم الامر قوات برية كفوءة تعمل مع النار وبعدها لتحقيق الهدف.‏

2) ان القوات البرية الوحيدة المؤهلة للعمل في سورية ضد الارهاب هي الجيش العربي السوري ومن معه من قوات رديفة وحليفة، وان البقاء بعيدا عن التنسيق مع هذه القوى يعني ابتعادا عن تحقيق الاهداف المعلنة من العمل الناري. اما الوعود الاميركية بتدريب 5000 مسلح خلال سنة، ثم القول بالحاجة الى 15000 من اجل اتمام العملية فهذا يعني تسويف ومماطلة واطالة للعمليات تخفي وراءها ايضا ما يثير الريبة ويزرع الشكوك، وخاصة ان اميركا تمتهن الغدر والانقلاب وفقا لما تراه لمصلحتها.‏

على ضوء ذلك، ورغم ان سورية لا يمكن ان تتخذ ولم تتخذ اي موقف يشكل دفاعا عن داعش والنصرة الارهابيتين وهذا امر طبيعي وخاصة بعد ابلاغها بالقصف الاميركي قبل حصوله، في سياق ما ذكرناه من التنسيق السلبي، ورغم معرفتها بان الكثير من الاهداف العسكرية والاستراتيجية لداعش والنصرة لم تمس حتى الان من قبل التحالف، وخاصة منظومة القيادة والسيطرة لديها، كما ومراكز الثقل الناري واللوجستي وان الكثير من الضربات جاءت بعيدا عن ذلك وبشكل غير مبرر، فانها تدرك ان المرحلة الان هي من الدقة والحساسية ما يفرض الحذر والانتباه الشديد لاي سلوك وموقف من اجل المحافظة على المصالح الخمسة التالية مجتمعة:‏

أ‌. المصلحة في كشف نيات التحالف الدولي الاميركي المعلن ضد الارهاب لتجنب الافخاخ التي ينصبها والاستعداد لاجهاضه، خاصة.‏

ب‌. المصلحة في تلقي داعش ضربات عسكرية تؤلمها، بما يسهل عمل القوات العربية السورية ضدها وفقا لجدول الاولويات المعتمد.‏

ت‌. المصلحة في حفظ البنية المتماسكة لحلفاء سورية الاقليميين والدوليين في محور المقاومة والبريكس.‏

ث‌. المصلحة في استمرار الجيش العربي السوري في تحقيق الانجازات الميدانية التراكمية واستثمارها كما واستثمار ما يحصل في الميدان ضد الارهاب.‏

ج. المصلحة بالاستمرار بعدم الموافقة على وجود اي اجنبي في الارض او الجو او المياه السورية، وتمسك سورية بسيادتها ووحدة اقليمها، والرفض الكلي لما اعلنه بان كي مون حول المناطق التي تحرر من داعش.‏

ومع الطمأنينة للقدرة على تحقيق المصالح الثلاث الاخيرة فإن من الاهمية بمكان النظر للاولى والثانية معا حتى لا تتمكن اميركا من تحقيق اهدافها من العدوان عبر التحالف الدولي الذي رأيناه بمثابة حلقة من حلقاته.‏

 

  • فريق ماسة
  • 2014-09-28
  • 8802
  • من الأرشيف

كيف يُوَاجَه الاستثمار الأميركي في الإرهاب على سورية؟

منذ الاسابيع الاولى لاندلاع ما اسمي في سورية «ثورة» وتشكل ما اسمي «معارضة» كان واضحا ان الواقع يعاكس الاعلان إذ لا ثورة ولا ثواراً، والامر يفتقر الى المعارضة التي تنسجم او تتفق مع القواعد الدستورية لتوصيف المعارضات، وبهذا انقسمت النظرة الى المشهد المتشكل في اتجاهين: اتجاه تقوده سورية ومعها حلفاؤها، يصف الامور بمسمياتها ويقول ان سورية تتعرض لعدوان خارجي ذو اهداف بعيدة المدى تتعلق بأصل وجودها وموقعها ودورها في المنطقة، وان الذين ينفذون العدوان هم بعض من السوريين ومعهم الكثير من العرب وغير العرب وتقودهم اميركا التي تطمح من عدوانها لتحقيق اهداف المشروع الصهيواميركي، وتعويض اخفاقاتها في ارساء النظام العالمي الاحادي القطبية، وان من تشغلهم في الميدان ليسوا الا عصابات اجرامية مسلحة تمارس الارهاب بأدق تفاصيله وأبشع صوره، إرهاب يهدف الى تدمير كل شيء معنوي وفكري او مادي وتراثي حيث يمكن ان تصل يدهم اليه على مساحة الارض السورية.‏ واتجاه تقوده اميركا ومعها من الاتباع ما حشدت لمشروعها لتؤمن نجاحه وهو اتجاه تلفيقي تزويري، يقلب الامور ويسمي الاشياء بعكس حقائقها، ويعتبر القتلة المجرمين ثوارا، ويرى في الحركة الارهابية الـتي راحـــــت تتفشى‏ على مساحة الارض السورية ثورة تستهدف اقامة دولة «الكرامة» و«العدالة» و«الديمقراطية»، وهي شعارات فضحتها واسقطتها طبيعة القوى التي تمد هؤلاء بالسلاح والمال والعقيدة والفكر، وخاصة انها دول لا عهد لها ولا ادراك عندها لشيء من الشعارات التي يرفعها من تدعمهم وتسميهم ثوارا.‏ بعد اربع واربعين شهرا من المواجهة، صمدت خلالها سورية وسجلت في مواجهة العدوان انجارات ميدانية مؤكدة في مقابل وحشية واجرام ارتكبته العصابات المسلحة المسماة معارضة، بعد هذا اضطر من يريد ان يفهم او من يود ان يرى الحقيقة، اضطر الى الاقرار لسورية بالصدق في القول والتوصيف وإن في سورية ارهاب وليس ثورة، وان كل ما تم تلفيقه انما هو كذب ورياء افتضح الآن أمره، وجاءت رئيسة الارجنتين ومن على منبر الامم المتحدة لتؤكد ذلك بموقف مشهود رائع قرعت فيه ما تسميه اميركا مجتمعاً دولياً بعد ان كشفت نفاقه وتزويره للحقائق.‏ جاء الاقرار الدولي الآن ليشكل نوعا من الانتصار لمنطق سورية وتوصيفها للواقع،انتصار يتكامل مع انجازاتها الميدانية فسورية قالت ان ما يجري على ارضها في مواجهة الشعب والدولة كلها انما هو اعمال ارهابية، وتصدت لها ومنعتها من تحقيق اهدافها في الكثير من الساحات، اما اميركا ومن معها ممن تصفهم بالحلفاء والتابعين، فقد افتضح نفاقهم في التوصيف واضطروا للمجاهرة بالاقرار بذلك وصادق مجلس الامن على الاقرار كما تقررت المواجهة له.‏   مع هذا الاقرار والقرار الاميركي بالمواجهة، كان المنطق بكل فروعه ووجوهه، يفرض ان تتراجع اميركا عن عدوانها على سورية اذا ارادت اثبات مصداقيتها، وان تتوجه للتنسيق معها في محاربة هذا الارهاب الذي تقول بخطره عليها وعلى العالم، لكن السلوك الاميركي جاء مغايرا للمنطق، حيث انها في الوقت الذي قررت فيه مواجهة ارهاب «داعش « و»النصرة «، قررت ان تنتج ارهابيين جدداً للحلول مكان هؤلاء، في عملية استبدال ارهابي حددت اميركا لها مهلة اقلها ثلاث سنوات.‏ و هنا ورغم ان اميركا وقبل البدء بعملياتها العسكرية ضد داعش على الارض السورية، قامت بما يسمى في العلم العسكري والاستراتيجي بالتنسيق السلبي مع سورية، وهو التنسيق الذي يقضي بالابلاغ المسبق عن اي نشاط عسكري في الميدان لمنع المواجهة وتآكل القدرات بين الاطراف، بخلاف التنسيق الايجابي الذي يتجه الى توزيع المهام بين القوى المعنية بما يشكل تكاملا للطاقات والقدرات ويسرع تحقيق الاهداف المنشودة من العملية،.‏ رغم ان هذا التنسيق السلبي الذي يؤول من قبل علماء القانون ويفسر بانه اعتراف بالسلطة الشرعية القائمة في سورية ويؤكد احترام السيادة الوطنية بما يسقط عنه نوعا ما صفة العدوان، الا ان الامر يبقى وفقا للقانون الدولي عملا غير مشروع لانه لم يحصل بناء لطلب الدولة صاحبة السيادة، ولا بناء لقرار من مجلس الامن، وخاصة انه ترافق مع سلوكيات اميركية تؤكد نية اميركية اكيدة في العدوان على سورية والتدخل بشؤونها خلافا لقواعد القانون الدولي، واوضح الامثلة مؤخرا على ذلك ما قررت اميركا القيام به من دعم للعصابات الارهابية بالملايين من الدولارات (500) تخصصها لتدريب وتسليح من اسمتهم «معارضة معتدلة « بما يشكل اصرارا على ما قامت به منذ بدء العدوان، ثم انها امتنعت عن الانتظام تحت سقف القانون الدولي واحجمت عن العمل تحت علم الامم المتحدة لمحاربة الارهاب الذي اقرت به، واتجهت الى تشكيل تحالف دولي يعمل بقيادتها على حد ما جاء في قول وزير خارجيتها جون كيري، من « ان العالم يعمل تحت القيادة الاميركية لمحاربة الارهاب « وطبعا لا يشمل هذا التحالف الا تابعاً او عميلاً لاميركا وفقا لاختيارها.‏ ان السلوك الاميركي المتقدم الذكر يؤكد الارتياب باميركا وبمواقفها، وهذا ما حمل حلفاء سورية على رفضه بعد التحذير منه، داعين الى العودة الى مجلس الامن ليكون العمل منسجما مع ميثاق الامم المتحدة اولا، وليبعد الشبهات ويسقط الظنون بوجود اهداف مضمرة يحتفظ بها خلف العمليات العسكرية التي تشنها اميركا ضد داعش في العراق وسورية،و يشكل هذا الرفض تكاملا بين سورية وحلفائها التكامل بين التكتيك والاستراتيجيا، فسورية التي من مصلحتها العملانية الميدانية الآنية ان ترى نار الصانع الاميركي تحرق بعض المنتج الذي صنعه « داعش « وتضعف قدراته بما يسهل عمل قواتها لتحقيق الهدف الاستراتيجي الاساسي تطهير البلاد من الارهاب، لا يمكن ان تدافع عن داعش، وتستمر بالتمسك بسيادتها على كل شبر من اراضيها غابت «داعش « ام وجدت في المناطق التي افسدت امنها بعيدا عن سلطة الدولة، ولهذا وصف وزير خارجيتها وليد المعلم العمل الاميركي بحاله الراهن بانه «عمل غير مشروع» ، في تطابق مع مواقف ايران وروسيا.‏ و انطلاقا من هذا المشهد المعقد وبعد القرارات التي اعتمدها مجلس الامن لمواجهة الارهاب في سورية والعراق ان لجهة توصيفه وتسمية عصاباته (القرار 2170) او لجهة منع تنقل الارهابيين ودعمهم (القرار 2178)، وفي غياب آلية عمل تمكن من الوصول الى تحقيق اهداف القرارين اللذين اعتمدا تحت الفصل السابع بشكل ملزم لكل الاعضاء،، نرى وجوب الاضاءة او التركيز على معالم المسار المجدي لاجتثاث الارهاب من المنطقة وخاصة من العراق وسورية مع التمسك بالثوابت التي يمليها العلم العسكري من جهة، وتفرضها قواعد القانون الدولي من جهة اخرى واهمها:‏ 1) ان العمل العسكري المجدي في مواجهة الارهاب هو العمل التام، اي العمل المقترن بالنار والحركة في الميدان، اما الاعتماد على النار فقط فانه عمل ناقص لا يؤدي الى النتيجة المرجوة الا اذا كانت الاهداف الحقيقية غير الاهداف المعلنة، بما يعني نية بالتدمير الممنهج بعيدا عن التأثير الفعلي على الجهة المستهدفة علانية. اي باختصار ان العمل المدفعي من الارض او البحر او الجو غير كاف ابدا لتدمير الارهاب، بل يستلزم الامر قوات برية كفوءة تعمل مع النار وبعدها لتحقيق الهدف.‏ 2) ان القوات البرية الوحيدة المؤهلة للعمل في سورية ضد الارهاب هي الجيش العربي السوري ومن معه من قوات رديفة وحليفة، وان البقاء بعيدا عن التنسيق مع هذه القوى يعني ابتعادا عن تحقيق الاهداف المعلنة من العمل الناري. اما الوعود الاميركية بتدريب 5000 مسلح خلال سنة، ثم القول بالحاجة الى 15000 من اجل اتمام العملية فهذا يعني تسويف ومماطلة واطالة للعمليات تخفي وراءها ايضا ما يثير الريبة ويزرع الشكوك، وخاصة ان اميركا تمتهن الغدر والانقلاب وفقا لما تراه لمصلحتها.‏ على ضوء ذلك، ورغم ان سورية لا يمكن ان تتخذ ولم تتخذ اي موقف يشكل دفاعا عن داعش والنصرة الارهابيتين وهذا امر طبيعي وخاصة بعد ابلاغها بالقصف الاميركي قبل حصوله، في سياق ما ذكرناه من التنسيق السلبي، ورغم معرفتها بان الكثير من الاهداف العسكرية والاستراتيجية لداعش والنصرة لم تمس حتى الان من قبل التحالف، وخاصة منظومة القيادة والسيطرة لديها، كما ومراكز الثقل الناري واللوجستي وان الكثير من الضربات جاءت بعيدا عن ذلك وبشكل غير مبرر، فانها تدرك ان المرحلة الان هي من الدقة والحساسية ما يفرض الحذر والانتباه الشديد لاي سلوك وموقف من اجل المحافظة على المصالح الخمسة التالية مجتمعة:‏ أ‌. المصلحة في كشف نيات التحالف الدولي الاميركي المعلن ضد الارهاب لتجنب الافخاخ التي ينصبها والاستعداد لاجهاضه، خاصة.‏ ب‌. المصلحة في تلقي داعش ضربات عسكرية تؤلمها، بما يسهل عمل القوات العربية السورية ضدها وفقا لجدول الاولويات المعتمد.‏ ت‌. المصلحة في حفظ البنية المتماسكة لحلفاء سورية الاقليميين والدوليين في محور المقاومة والبريكس.‏ ث‌. المصلحة في استمرار الجيش العربي السوري في تحقيق الانجازات الميدانية التراكمية واستثمارها كما واستثمار ما يحصل في الميدان ضد الارهاب.‏ ج. المصلحة بالاستمرار بعدم الموافقة على وجود اي اجنبي في الارض او الجو او المياه السورية، وتمسك سورية بسيادتها ووحدة اقليمها، والرفض الكلي لما اعلنه بان كي مون حول المناطق التي تحرر من داعش.‏ ومع الطمأنينة للقدرة على تحقيق المصالح الثلاث الاخيرة فإن من الاهمية بمكان النظر للاولى والثانية معا حتى لا تتمكن اميركا من تحقيق اهدافها من العدوان عبر التحالف الدولي الذي رأيناه بمثابة حلقة من حلقاته.‏  

المصدر : الثورة /د. أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة