أثار تصريح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن احتمال تقديم بلاده مساعدة عسكرية للتحالف الدولي تساؤلات عن طبيعة هذه المساعدة، إذ ان مثل هذا التصريح يتناقض مع مواقف سابقة تقصر المساعدة التركية على تقاسم معلومات استخباراتية وبعض المساعدات الإنسانية.

وتعكس الصحف الموالية لـ«حزب العدالة والتنمية» جوانب من هذه المواقف التركية الجديدة. إذ ان الولايات المتحدة لا تزال تضغط على أنقرة لتكون جزءا من التحالف الدولي - العربي الذي تغيب عنه تركيا.

وذكرت صحيفة «يني شفق» ان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يريد فتح قاعدة «انجيرليك» أمام قوات التحالف لاستخدامها لشن غارات على سوريا والعراق.

ويبدو من خلال ما هو متداول أن تركيا لا تزال تضع نصب عينيها هدفا أساسيا، وهو أن تنتهي كل هذه التحركات إلى إسقاط النظام السوري.

ومبتدأ هذا السيناريو، بإقامة منطقة عازلة، تسميها تركيا «منطقة آمنة»، تضم شريطا طويلا من الحدود مع سوريا أساساً ونسبياً مع العراق، يضمن أولا منع تدفق اللاجئين السوريين إلى الداخل التركي، وثانيا وهذا هو الأهم تطبيق حظر جوي فوقها على الطائرات الحربية السورية، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل القدرة النارية الجوية السورية التي تلعب دورا مهما في ضرب المسلحين في المناطق الحدودية مع تركيا. أما في المرحلة الثانية فتدعو تركيا إلى الانتقال إلى عمليات برية تنتهي إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

وتنقل صحيفة «ميللييت» عن وزير الخارجية التركي الجديد مولود تشاووش اوغلو انه «ما دام الأسد في السلطة فإن القصف الجوي السوري سيتواصل، وسيبقى معطلا لقدرات الجيش السوري الحر»، كما انه يسهل تمركز تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» في مناطق المعارضة التي يسيطر عليها «الجيش الحر» وخصوم «داعش».

وتذكر «يني شفق» انه «في حال الموافقة من جانب الأمم المتحدة على منطقة آمنة، واحتمالات الموافقة كبيرة بنظر أنقرة، فإن تركيا مستعدة للانضمام إلى التحالف، عبر المشاركة بقوات برية تهدف لحماية المنطقة العازلة المنوي إنشاؤها»، من دون الإفصاح عما إذا كانت هذه القوات ستعبر إلى الداخل السوري أم أنها ستمارس مهماتها من خلف الحدود. وحينها يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم قاعدة «انجيرليك» في غاراتها على سوريا والعراق.

وفي إطار الاستعداد لكل الاحتمالات، فإن تركيا أرسلت تعزيزات برية إلى الحدود مع سوريا، حيث رابطت على امتداد قسم كبير منها دبابات عند نقطة الصفر الحدودية. وقام قائد القوات البرية خلوصي آقار بنفسه باستطلاع المنطقة عند المنطقة المقابلة لبلدة عين العرب (كوباني) الكردية، التي تشهد مواجهات محتدمة بين مقاتلي «داعش» والمقاتلين الأكراد.

ومع ذلك فإن خبراء يحذرون أنقرة من أن إقامة مثل هذه المنطقة العازلة قد تستعيد تجربة إقامة منطقة حظر الطيران في شمال العراق في التسعينيات، وتشكيل «قوة المطرقة» من عدة دول، ومركزها في «سينوب» في جنوب شرق تركيا، والتي عملت على حماية هذه المنطقة وساهمت بطريقة غير مباشرة في تقوية «حزب العمال الكردستاني» هناك، وانتهت إلى تعزيز النزعة الانفصالية لأكراد العراق، ومن ثم الذهاب إلى استقلال شبه كامل. وحينها سترتد جهود تركيا لإقامة منطقة مشابهة داخل سوريا عليها، وتصبح أمام كردستان جديدة في سوريا.

  • فريق ماسة
  • 2014-09-25
  • 7263
  • من الأرشيف

تركيا: إطاحة الأسد شرط للانضمام إلى «التحالف»

أثار تصريح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن احتمال تقديم بلاده مساعدة عسكرية للتحالف الدولي تساؤلات عن طبيعة هذه المساعدة، إذ ان مثل هذا التصريح يتناقض مع مواقف سابقة تقصر المساعدة التركية على تقاسم معلومات استخباراتية وبعض المساعدات الإنسانية. وتعكس الصحف الموالية لـ«حزب العدالة والتنمية» جوانب من هذه المواقف التركية الجديدة. إذ ان الولايات المتحدة لا تزال تضغط على أنقرة لتكون جزءا من التحالف الدولي - العربي الذي تغيب عنه تركيا. وذكرت صحيفة «يني شفق» ان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يريد فتح قاعدة «انجيرليك» أمام قوات التحالف لاستخدامها لشن غارات على سوريا والعراق. ويبدو من خلال ما هو متداول أن تركيا لا تزال تضع نصب عينيها هدفا أساسيا، وهو أن تنتهي كل هذه التحركات إلى إسقاط النظام السوري. ومبتدأ هذا السيناريو، بإقامة منطقة عازلة، تسميها تركيا «منطقة آمنة»، تضم شريطا طويلا من الحدود مع سوريا أساساً ونسبياً مع العراق، يضمن أولا منع تدفق اللاجئين السوريين إلى الداخل التركي، وثانيا وهذا هو الأهم تطبيق حظر جوي فوقها على الطائرات الحربية السورية، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل القدرة النارية الجوية السورية التي تلعب دورا مهما في ضرب المسلحين في المناطق الحدودية مع تركيا. أما في المرحلة الثانية فتدعو تركيا إلى الانتقال إلى عمليات برية تنتهي إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وتنقل صحيفة «ميللييت» عن وزير الخارجية التركي الجديد مولود تشاووش اوغلو انه «ما دام الأسد في السلطة فإن القصف الجوي السوري سيتواصل، وسيبقى معطلا لقدرات الجيش السوري الحر»، كما انه يسهل تمركز تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» في مناطق المعارضة التي يسيطر عليها «الجيش الحر» وخصوم «داعش». وتذكر «يني شفق» انه «في حال الموافقة من جانب الأمم المتحدة على منطقة آمنة، واحتمالات الموافقة كبيرة بنظر أنقرة، فإن تركيا مستعدة للانضمام إلى التحالف، عبر المشاركة بقوات برية تهدف لحماية المنطقة العازلة المنوي إنشاؤها»، من دون الإفصاح عما إذا كانت هذه القوات ستعبر إلى الداخل السوري أم أنها ستمارس مهماتها من خلف الحدود. وحينها يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم قاعدة «انجيرليك» في غاراتها على سوريا والعراق. وفي إطار الاستعداد لكل الاحتمالات، فإن تركيا أرسلت تعزيزات برية إلى الحدود مع سوريا، حيث رابطت على امتداد قسم كبير منها دبابات عند نقطة الصفر الحدودية. وقام قائد القوات البرية خلوصي آقار بنفسه باستطلاع المنطقة عند المنطقة المقابلة لبلدة عين العرب (كوباني) الكردية، التي تشهد مواجهات محتدمة بين مقاتلي «داعش» والمقاتلين الأكراد. ومع ذلك فإن خبراء يحذرون أنقرة من أن إقامة مثل هذه المنطقة العازلة قد تستعيد تجربة إقامة منطقة حظر الطيران في شمال العراق في التسعينيات، وتشكيل «قوة المطرقة» من عدة دول، ومركزها في «سينوب» في جنوب شرق تركيا، والتي عملت على حماية هذه المنطقة وساهمت بطريقة غير مباشرة في تقوية «حزب العمال الكردستاني» هناك، وانتهت إلى تعزيز النزعة الانفصالية لأكراد العراق، ومن ثم الذهاب إلى استقلال شبه كامل. وحينها سترتد جهود تركيا لإقامة منطقة مشابهة داخل سوريا عليها، وتصبح أمام كردستان جديدة في سوريا.

المصدر : السفير / محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة