تدبّر الرئيس الأميركي باراك أوباما الأمر، وشرح أمام الأمم المتحدة والعالم قبل يومين، بشكل مسهب، كيفية انتقاله من «رجل السلام» إلى «رجل الحرب». طبعاً هو لم يكن ينوي الخوض في هذا التحوّل لو لم يُفرض عليه ذلك من قبل «داعش» وتوابعه. ولكن أليس هو نفسه «الرئيس المسالم» الذي انتهج طرقاً عدة منذ بداية رئاسته، ليكون «الرئيس الحربي»؟

في تقرير نشرته صحيفة «ذي اندبندنت» أول من أمس، أشارت إلى أن أوباما ضرب سبع دول خلال ست سنوات. هو ليس بحاجة للإعلان عن التحوّلات التي طرأت على سياسته إذاً. فالحائز جائزة «نوبل» للسلام في عام 2009، طالما استثمر في هذه الجائزة وغيرها من الألقاب التي تعبّر عن سلميته، ليضرب العراق وليبيا وأفغانستان وباكستان والصومال واليمن، وأخيراً سوريا.

«ذي اندبندنت»، التي لفتت إلى أن من الأسباب وراء انتخاب أوباما رئيساً كانت اعتراضه على الحرب على العراق، نقلت أيضاً عن «مكتب الصحافة الاستقصائية» البريطاني تقريراً يشير إلى أن الإدارة الأميركية خلال عهد باراك أوباما، شنّت خلال خمس سنوات أكثر من 390 هجمة بطائرات من دون طيار، في باكستان واليمن والصومال، موضحاً أن عدد هذه الضربات يصل إلى ثماني مرات أكثر من الهجمات التي شنّت خلال رئاسة جورج بوش.

ولكن رغم هذا التقرير، رأى البعض أن تحوّل أوباما الرسمي إلى «رجل حرب»، شهده العالم خلال الخطاب أمام الأمم المتحدة، حيث «قدّم حالة حرب»، بحسب الكاتب دانا ميلبانك في صحيفة «ذي واشنطن بوست»، الذي اعتبر أن الشخص الذي تحدث أمام الأمم المتحدة منذ يومين، ليس نفسه الذي تحدث في القاهرة منذ خمسة أعوام، عن عهد جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.

وقال الكاتب الأميركي إن «أوباما ظهر في خطابه الأخير على أنه أكثر تطلباً من العالم الإسلامي، وأقل اعتذاراً عن دور أميركا، خلال إلقائه محاضرة على القادة المسلمين، من أجل قتال الإرهابيين بطريقة أكثر جدية».

وأشار الكاتب إلى أن الرئيس الذي تحدث في عام 2009 عن الوضع غير المحمتل الذي يواجهه الفلسطينيون، داعياً حينها إلى وقف الاستيطان الإسرائيلي، كان سهلاًً أكثر على إسرائيل في خطاب الأربعاء، حين قال إنه «تم استخدام الصراع كوسيلة لإلهاء الناس عن المشاكل في بلدانهم، إلى أن تدهورت الأوضاع ووصلت إلى ما وصلت إليه».

ولم يكتف ميليبانك بذلك، بل أشار إلى أن أوباما كان صارماً في تعاليمه التي أملاها على العالم الإسلامي، بتصريحه بأن «الوقت المناسب قد حان بالنسبة إلى العالم، وخصوصاً المجتمعات الإسلامية، لترفض بشكل صريح وقوي ومستمر إيديولوجيات مجموعات مثل القاعدة وداعش».

حتى إن الرئيس أعطى العالم فرضاً منزلياً، وفق ميليبان، «من خلال إصداره التعليمات للمجتمعين (في جلسة الأمم المتحدة) بتقديم تقرير، في العام المقبل، بشأن الخطوات الملموسة التي اتخذت في مواجهة الإيديولوجيات المتطرفة».

جيفري غولدبرغ تشارك مع ميليبانك في المقارنة بين الخطاب الجديد والقديم، ولكنه آثر أيضاً انتقاد باراك أوباما، مستخدماً جورج دبليو بوش. ففي مقال في مجلة «ذي أتلانتك»، أشار هذا الأخير إلى أن خطاب أوباما أمام الأمم المتحدة ذكّره بالولاية الثانية للرئيس الأميركي السابق. وقال غولدبرغ إن «أوباما استخدم عبارة الشر»، مضيفاً: «أتذكرون ما هي المشاكل التي خلقها بوش لنفسه عندما استخدم عبارة مماثلة؟».

أما كولوم لينش، فقد رأى في سياق مقال في مجلة «فورين بوليسي»، أن أوباما أعاد فرض القيادة الأميركية للشرق الأوسط، بعد سنوات على تراجعها، وذلك من خلال دعوته العالم إلى الانضمام للقوات الأميركية في حربها ضد «الشر» المتجسد في «الدولة الإسلامية» وغيرها من المجموعات المتطرفة.

ولكن لينش اعتبر في مقابل ذلك، أن خطاب أوباما الأخير «تناقض بشكل صارخ مع خطاب العام الماضي، والذي سلّط الضوء من خلاله على حدود القوة الأميركية في التأثير على الأحداث في الشرق الأوسط».

  • فريق ماسة
  • 2014-09-25
  • 12024
  • من الأرشيف

أوباما «المسالم» تحوّل رسمياً إلى «حربيّ»

تدبّر الرئيس الأميركي باراك أوباما الأمر، وشرح أمام الأمم المتحدة والعالم قبل يومين، بشكل مسهب، كيفية انتقاله من «رجل السلام» إلى «رجل الحرب». طبعاً هو لم يكن ينوي الخوض في هذا التحوّل لو لم يُفرض عليه ذلك من قبل «داعش» وتوابعه. ولكن أليس هو نفسه «الرئيس المسالم» الذي انتهج طرقاً عدة منذ بداية رئاسته، ليكون «الرئيس الحربي»؟ في تقرير نشرته صحيفة «ذي اندبندنت» أول من أمس، أشارت إلى أن أوباما ضرب سبع دول خلال ست سنوات. هو ليس بحاجة للإعلان عن التحوّلات التي طرأت على سياسته إذاً. فالحائز جائزة «نوبل» للسلام في عام 2009، طالما استثمر في هذه الجائزة وغيرها من الألقاب التي تعبّر عن سلميته، ليضرب العراق وليبيا وأفغانستان وباكستان والصومال واليمن، وأخيراً سوريا. «ذي اندبندنت»، التي لفتت إلى أن من الأسباب وراء انتخاب أوباما رئيساً كانت اعتراضه على الحرب على العراق، نقلت أيضاً عن «مكتب الصحافة الاستقصائية» البريطاني تقريراً يشير إلى أن الإدارة الأميركية خلال عهد باراك أوباما، شنّت خلال خمس سنوات أكثر من 390 هجمة بطائرات من دون طيار، في باكستان واليمن والصومال، موضحاً أن عدد هذه الضربات يصل إلى ثماني مرات أكثر من الهجمات التي شنّت خلال رئاسة جورج بوش. ولكن رغم هذا التقرير، رأى البعض أن تحوّل أوباما الرسمي إلى «رجل حرب»، شهده العالم خلال الخطاب أمام الأمم المتحدة، حيث «قدّم حالة حرب»، بحسب الكاتب دانا ميلبانك في صحيفة «ذي واشنطن بوست»، الذي اعتبر أن الشخص الذي تحدث أمام الأمم المتحدة منذ يومين، ليس نفسه الذي تحدث في القاهرة منذ خمسة أعوام، عن عهد جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي. وقال الكاتب الأميركي إن «أوباما ظهر في خطابه الأخير على أنه أكثر تطلباً من العالم الإسلامي، وأقل اعتذاراً عن دور أميركا، خلال إلقائه محاضرة على القادة المسلمين، من أجل قتال الإرهابيين بطريقة أكثر جدية». وأشار الكاتب إلى أن الرئيس الذي تحدث في عام 2009 عن الوضع غير المحمتل الذي يواجهه الفلسطينيون، داعياً حينها إلى وقف الاستيطان الإسرائيلي، كان سهلاًً أكثر على إسرائيل في خطاب الأربعاء، حين قال إنه «تم استخدام الصراع كوسيلة لإلهاء الناس عن المشاكل في بلدانهم، إلى أن تدهورت الأوضاع ووصلت إلى ما وصلت إليه». ولم يكتف ميليبانك بذلك، بل أشار إلى أن أوباما كان صارماً في تعاليمه التي أملاها على العالم الإسلامي، بتصريحه بأن «الوقت المناسب قد حان بالنسبة إلى العالم، وخصوصاً المجتمعات الإسلامية، لترفض بشكل صريح وقوي ومستمر إيديولوجيات مجموعات مثل القاعدة وداعش». حتى إن الرئيس أعطى العالم فرضاً منزلياً، وفق ميليبان، «من خلال إصداره التعليمات للمجتمعين (في جلسة الأمم المتحدة) بتقديم تقرير، في العام المقبل، بشأن الخطوات الملموسة التي اتخذت في مواجهة الإيديولوجيات المتطرفة». جيفري غولدبرغ تشارك مع ميليبانك في المقارنة بين الخطاب الجديد والقديم، ولكنه آثر أيضاً انتقاد باراك أوباما، مستخدماً جورج دبليو بوش. ففي مقال في مجلة «ذي أتلانتك»، أشار هذا الأخير إلى أن خطاب أوباما أمام الأمم المتحدة ذكّره بالولاية الثانية للرئيس الأميركي السابق. وقال غولدبرغ إن «أوباما استخدم عبارة الشر»، مضيفاً: «أتذكرون ما هي المشاكل التي خلقها بوش لنفسه عندما استخدم عبارة مماثلة؟». أما كولوم لينش، فقد رأى في سياق مقال في مجلة «فورين بوليسي»، أن أوباما أعاد فرض القيادة الأميركية للشرق الأوسط، بعد سنوات على تراجعها، وذلك من خلال دعوته العالم إلى الانضمام للقوات الأميركية في حربها ضد «الشر» المتجسد في «الدولة الإسلامية» وغيرها من المجموعات المتطرفة. ولكن لينش اعتبر في مقابل ذلك، أن خطاب أوباما الأخير «تناقض بشكل صارخ مع خطاب العام الماضي، والذي سلّط الضوء من خلاله على حدود القوة الأميركية في التأثير على الأحداث في الشرق الأوسط».

المصدر : الأخبار /نادين شلق


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة