تتعدد جبهات الحرب متنقلة من بلد لآخر، ومن موقع إلى آخر ضمن البلد الواحد، هذا ما تشهده عدة أقطار عربية... الفوضى على أشدها، والفوضى هي بداية التفتيت وبوابته، والتفتيت هذه المرة ليس جغرافياً وحسب، بل طائفي وديني وعرقي وقبلي.

 

هذه المرة، خرج إلى الساحة «الجوكر» تنظيم داعش، خرج كما يخرج «المارد» من القمقم بناء على أمر عمليات أميركي بعد أن تبين لواشنطن أن خريطة الفوضى تعاني من مأزق نظراً لعجزها عن حسم الموقف كما تريد رغم ما قدمته من أسلحة مدفوعة الثمن من السعودية وقطر، ورغم ما تمتلكه من أجهزة استخبارات ووسائل إعلام وعملاء مأجورين وبيادق وكتبة وسفلة وممثلي طوائف ومذاهب يأتمرون بأمرها.

 

خرج «الجوكر» داعش لاستخدامه في التحكم بالأحداث والتطورات وتوجيهها ما يؤدي إلى خلط الأوراق، وإرسال رسائل إلى جميع الأطراف تحت لافتة أن الإرهاب قادم، وأن  هناك طوائف مهددة، وأن الولايات المتحدة هي الوحيدة المؤهلة لمحاربة هذا الإرهاب، وبالتالي فعلى الجميع طرق بابها واللجوء إليها كمنقذ وحيد من الإرهاب.

يعود «بايدن» نائب الرئيس الأميركي إلى العراق مهدداً بطريقته الخاصة «إما خريطتي أو خريطة داعش» وبالمناسبة، هذه الخريطة تتضمن تقسيم العراق إلى ثلاث دول، قدمها إلى الكونغرس الذي اتخذ قراراً بالموافقة عليها ولكنه قرار غير ملزم!. بعد «بايدن»، يأتي وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» بأسلوبه ومواقفه الرمادية الملتبسة... ألا يشير كل هذا إلى أن صاحب الحل والربط في مسألة «داعش» وممارساتها هو الولايات المتحدة وليس الخليفة المُنصّب مؤخراً.. بمعنى أن واشنطن هي الخليفة الحقيقي للدولة التي أعلنتها «داعش» مؤخراً.

إذاً؛ يمكن القول: إن الإمبراطورية الإعلامية الأميركية والغربية ووسائل الإعلام التركية والخليجية -وبالتحديد منها الوسائل السعودية والقطرية- استطاعت النجاح في التشويه والتضليل عبر إخفاء اللاعب الأساسي في الملعب الإقليمي وهو «أميركا» وإظهار «داعش» أنها هي اللاعب الرئيسي فيما يجري من أحداث، فإذا كانت هناك أزمة في المنطقة فسببها «داعش»، وإذا كان هناك عدو إرهابي حسب الزعم الأميركي فهو داعش فقط!!

قبل سنوات خلت، تساءلت مراكز الأبحاث الأميركية «لماذا العالم يكرهوننا؟»، بالطبع هذا السؤال هو لمجرد التضليل والتمويه من حيث طبيعته وزمان طرحه، ولكنه يكشف في الوقت نفسه عن حقيقة أصبحت واضحة، وهي أن الانخراط الأميركي المباشر في الصراعات العالمية أصبح مُكلفاً، ولم يُعد يعطي أُكله، وبالتالي، لا بد من إيجاد بديل له أو وكيل يقوم بالمهمة نفسها، ويحقق الأهداف ذاتها التي كانت أميركا تحاول تحقيقها من خلال الحروب العسكرية المباشرة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن صناعة ورعاية وتدريب وتسليح تيار تكفيري طائفي، ضرورة وأداة لاستمرار طوائف أخرى إلى ساحة الصراع وأن «فزّاعة» طائفية من هذا النوع، كفيلة بإعلان استنفارٍ طائفي وعرقي وقبلي من الجميع، بالطبع هذا يترافق مع قيام الإعلام المأجور والعميل بدور شحن وتوتير الأجواء.

ضمن هذا السياق يمكن تحديد دور ووظيفة «داعش» أنها أداة ميدانية لإثارة الفوضى، واستدراج الآخرين إلى التسلح والتخندق بما يقود الجميع إلى ساحة المعركة من يريد ومن لا يريد رغماً عنه».

إذاً هذه الطريقة التهويلية التي قدمت بها وسائل الإعلام الغربية والعربية السائرة في ركابها ما جرى في العراق مؤخراً، وما أوحت به من عجز الجيش العراقي عن مواجهة داعش، وأن ثورة شعبية قامت في العراق؛ هذه الطريقة تؤكد فكرة استخدام داعش كفزّاعة لتخويف الجميع بها، وسوقهم إلى الارتماء في الحضن الأميركي.. والذي يجعل من داعش أداة «فاشية»، بامتياز، هو أنها ليست دولة لتُسأل عن أعمالها وجرائمها، ولا هي جماعة محلية متوطّنة في بلد محدد لمواجهتها بالطرق المعروفة، بل هي أداة مُتنقلة تستخدمها الولايات المتحدة في المناطق الحرجة، إضافةً إلى أن حروب داعش تؤمن لها موارد مالية من خلال ثمن الأسلحة الذي تدفعه السعودية وقطر.

الخلاصة: إن كل محاولة للفصل بين داعش والحركات التكفيرية الأخرى من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية، أو تجاهل لدور واشنطن في رعاية ودعم هذه الجماعات يشكّل انخراطاً في المشروع الأميركي.

إضافة إلى ذلك، ذكرت عدة مصادر إعلامية منها موقع «وند»، وصحيفة «دير شبيغل» الألمانية و«الغارديان البريطانية» أن الولايات المتحدة وكذلك تركيا، تدرّبان إرهابيي داعش في معسكرات سرية في الأردن في مدينة (الصفاوي) الأردنية وفي قاعدة «إنجيرليك» الجوية قرب (أضنا) في تركيا.

  • فريق ماسة
  • 2014-07-21
  • 12595
  • من الأرشيف

داعش.. «الجوكر» في لعبة شطرنج؟

تتعدد جبهات الحرب متنقلة من بلد لآخر، ومن موقع إلى آخر ضمن البلد الواحد، هذا ما تشهده عدة أقطار عربية... الفوضى على أشدها، والفوضى هي بداية التفتيت وبوابته، والتفتيت هذه المرة ليس جغرافياً وحسب، بل طائفي وديني وعرقي وقبلي.   هذه المرة، خرج إلى الساحة «الجوكر» تنظيم داعش، خرج كما يخرج «المارد» من القمقم بناء على أمر عمليات أميركي بعد أن تبين لواشنطن أن خريطة الفوضى تعاني من مأزق نظراً لعجزها عن حسم الموقف كما تريد رغم ما قدمته من أسلحة مدفوعة الثمن من السعودية وقطر، ورغم ما تمتلكه من أجهزة استخبارات ووسائل إعلام وعملاء مأجورين وبيادق وكتبة وسفلة وممثلي طوائف ومذاهب يأتمرون بأمرها.   خرج «الجوكر» داعش لاستخدامه في التحكم بالأحداث والتطورات وتوجيهها ما يؤدي إلى خلط الأوراق، وإرسال رسائل إلى جميع الأطراف تحت لافتة أن الإرهاب قادم، وأن  هناك طوائف مهددة، وأن الولايات المتحدة هي الوحيدة المؤهلة لمحاربة هذا الإرهاب، وبالتالي فعلى الجميع طرق بابها واللجوء إليها كمنقذ وحيد من الإرهاب. يعود «بايدن» نائب الرئيس الأميركي إلى العراق مهدداً بطريقته الخاصة «إما خريطتي أو خريطة داعش» وبالمناسبة، هذه الخريطة تتضمن تقسيم العراق إلى ثلاث دول، قدمها إلى الكونغرس الذي اتخذ قراراً بالموافقة عليها ولكنه قرار غير ملزم!. بعد «بايدن»، يأتي وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» بأسلوبه ومواقفه الرمادية الملتبسة... ألا يشير كل هذا إلى أن صاحب الحل والربط في مسألة «داعش» وممارساتها هو الولايات المتحدة وليس الخليفة المُنصّب مؤخراً.. بمعنى أن واشنطن هي الخليفة الحقيقي للدولة التي أعلنتها «داعش» مؤخراً. إذاً؛ يمكن القول: إن الإمبراطورية الإعلامية الأميركية والغربية ووسائل الإعلام التركية والخليجية -وبالتحديد منها الوسائل السعودية والقطرية- استطاعت النجاح في التشويه والتضليل عبر إخفاء اللاعب الأساسي في الملعب الإقليمي وهو «أميركا» وإظهار «داعش» أنها هي اللاعب الرئيسي فيما يجري من أحداث، فإذا كانت هناك أزمة في المنطقة فسببها «داعش»، وإذا كان هناك عدو إرهابي حسب الزعم الأميركي فهو داعش فقط!! قبل سنوات خلت، تساءلت مراكز الأبحاث الأميركية «لماذا العالم يكرهوننا؟»، بالطبع هذا السؤال هو لمجرد التضليل والتمويه من حيث طبيعته وزمان طرحه، ولكنه يكشف في الوقت نفسه عن حقيقة أصبحت واضحة، وهي أن الانخراط الأميركي المباشر في الصراعات العالمية أصبح مُكلفاً، ولم يُعد يعطي أُكله، وبالتالي، لا بد من إيجاد بديل له أو وكيل يقوم بالمهمة نفسها، ويحقق الأهداف ذاتها التي كانت أميركا تحاول تحقيقها من خلال الحروب العسكرية المباشرة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن صناعة ورعاية وتدريب وتسليح تيار تكفيري طائفي، ضرورة وأداة لاستمرار طوائف أخرى إلى ساحة الصراع وأن «فزّاعة» طائفية من هذا النوع، كفيلة بإعلان استنفارٍ طائفي وعرقي وقبلي من الجميع، بالطبع هذا يترافق مع قيام الإعلام المأجور والعميل بدور شحن وتوتير الأجواء. ضمن هذا السياق يمكن تحديد دور ووظيفة «داعش» أنها أداة ميدانية لإثارة الفوضى، واستدراج الآخرين إلى التسلح والتخندق بما يقود الجميع إلى ساحة المعركة من يريد ومن لا يريد رغماً عنه». إذاً هذه الطريقة التهويلية التي قدمت بها وسائل الإعلام الغربية والعربية السائرة في ركابها ما جرى في العراق مؤخراً، وما أوحت به من عجز الجيش العراقي عن مواجهة داعش، وأن ثورة شعبية قامت في العراق؛ هذه الطريقة تؤكد فكرة استخدام داعش كفزّاعة لتخويف الجميع بها، وسوقهم إلى الارتماء في الحضن الأميركي.. والذي يجعل من داعش أداة «فاشية»، بامتياز، هو أنها ليست دولة لتُسأل عن أعمالها وجرائمها، ولا هي جماعة محلية متوطّنة في بلد محدد لمواجهتها بالطرق المعروفة، بل هي أداة مُتنقلة تستخدمها الولايات المتحدة في المناطق الحرجة، إضافةً إلى أن حروب داعش تؤمن لها موارد مالية من خلال ثمن الأسلحة الذي تدفعه السعودية وقطر. الخلاصة: إن كل محاولة للفصل بين داعش والحركات التكفيرية الأخرى من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية، أو تجاهل لدور واشنطن في رعاية ودعم هذه الجماعات يشكّل انخراطاً في المشروع الأميركي. إضافة إلى ذلك، ذكرت عدة مصادر إعلامية منها موقع «وند»، وصحيفة «دير شبيغل» الألمانية و«الغارديان البريطانية» أن الولايات المتحدة وكذلك تركيا، تدرّبان إرهابيي داعش في معسكرات سرية في الأردن في مدينة (الصفاوي) الأردنية وفي قاعدة «إنجيرليك» الجوية قرب (أضنا) في تركيا.

المصدر : الوطن / صياح عزام


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة